المجموع : 10
سَرَى البَرْقُ واللّيلُ يُدْني خُطاهْ
سَرَى البَرْقُ واللّيلُ يُدْني خُطاهْ / فَباتَ على الأيْنِ يَلْوي مَطاهْ
ولاحَ كَما يَقْتَذي طائِرٌ / ولم يَسْتَطِعْ منْ كَلالٍ سُراهْ
فَمالَ على ساعِدَيْهِ الغُرَيْبُ / بخَدّيهِ حتى ونَى مِرْفَقاهْ
وحَنَّ إِلى عَذَباتِ اللِّوى / ووادي الحِمى وإِلى مُنحَناهْ
وهَلْ يَسْتَنيمُ إِلى سَلْوَةٍ / أخو شَجَنٍ أجْهَضَتْهُ نَواهْ
فَشامَ بأَرْوَنْدَ ذاكَ الوَميضَ / وأينَ سَناهُ بنَجْدٍ سَناهْ
ومنْ دونِهِ أمَدٌ نازِحٌ / إذا أَمَّهُ الطَّرْفُ أوهَى قُواهْ
فهل مِنْ مُعينٍ على نأْيِهِ / بنَظْرَةِ صَقْرٍ رأى ما ابْتَغاهْ
وطارَ على إثْرِهِ فامْتَطى / سَراةَ نَهارٍ صَقيلٍ ضُحاهْ
فَها هُوَ يَذْكُرُ مِلْءَ الفُؤادِ / زَماناً مَضى وشَباباً نَضاهْ
ومُرْتَبَعاً بالحِمى والنّعي / مُ يُلْقي بِحاشِيَتَيْهِ عَصاهْ
هُنالِكَ رَبْعٌ تَشيمُ الأسُو / دُ فيهِ لَواحِظَها عَنْ مَهاهْ
ويخْتالُ في ظِلِّهِ المُعْتَفونَ / وتندىً على زائِريهِ رُباهْ
فهَلْ أرَيَنَّ بعَيْني المَطِيَّ / يهُزُّ الذَّميلُ إليهِ طُلاهْ
ويَسْتَرْجِعُ القَلْبُ أفْاحَهُ / بهِ ويُصافِحُ جَفْني كَراهْ
أمِثْلي ولا مِثْلَ لي في الوَرى / ولا لأُميَّةَ حاشا عُلاهْ
تُفَوِّقُني نَكَباتُ الزّمانِ / عُفافَةَ ما أسْأَرَتْهُ الشِّفاهْ
وفي مِدْرَعي ماجِدٌ لا يَحومُ / على نُغَبٍ كَدِراتٍ صَداهْ
ويَطْوي الضُّلوعَ على غُلَّةٍ / إذا درَّعَتْهُ الهَوانَ المِياهْ
ولا يتَهَيَّبُ أمْراً تشُدُّ / عَواقِبُهُ بالمَنايا عُراهْ
وإنْ تَقْتَسِمْ مُضَرٌ ما بَنَتْ / هُ منْ مَجْدِها يتفَرَّعْ ذُراهْ
ولي هِمّةٌ بمَناطِ النُّجومِ / وفَضْلٌ تَوَشَّحَ دَهْري حُلاهْ
وسَطْوَةُ ذي لَبِدٍ في العَري / نِ مَنْضوحَةٍ بنَجيعٍ سُطاهْ
يُحَدِّدُ ظُفْراً يَمُجُّ المَنونَ / إذا ساوَرَ القِرْنَ أدْمى شَباهْ
ويوقِدُ لَحْظاً يكادُ الكَمِيُّ / يَقْبِسُ واللّيلُ داجٍ لَظاهْ
سَلي يا بْنَةَ القَومِ عمّنْ تَضُمُّ / دِرْعي وبُرْديَ عمّا حَواهْ
ففي تِلْكَ أصْحَرُ يَغْشَى المَكَرَّ / وفي ذاك أسحَمُ واهٍ كُلاهْ
أُجَرِّرُ أذيالَها كالغَديرِ / إذا ما النّسيمُ اعْتَراهُ زَهاهْ
وقائِمُ سَيْفي بمِسْكٍ يَفوحُ / وتَرْشَحُ منْ عَلَقٍ شَفْرَتاهْ
وتَحتيَ أدْهَمُ رَحْبُ اللَّبانِ / حَبيكٌ قَراهُ سَليمٌ شَظاهْ
كَسا الفَجْرُ منْ نُورِهِ صَفْحَتَيْ / هِ واللّيلُ ألبَسَهُ منْ دُجاهْ
سَيعْلَمُ دَهْرٌ عَدا طَوْرَهُ / على أيِّ خِرْقٍ جَنى ما جَناهْ
وأيَّ غُلامٍ سَما نَحْوَهُ / ولَم يَسأَلِ المَجْدَ عنْ مُنْتَماهْ
أغَرّ عَزائِمُهُ منْ ظُبا / أُعِرْنَ التألُّقَ مِنْ مُجْتَلاهْ
وليسَ برِعْديدَةٍ في الخُطوبِ / ولا خَفِقٍ في الرّزايا حَشاهْ
أتَخْشى الضَّراغِمُ ذُؤْبانَهُ / وتَشْكو الصُّقورُ إليهِ قَطاهْ
ولولا تَنَمُّرُهُ للكِرامِ / لمَا فارَقَتْ أخْمَصَيْهِ الجِباهْ
وعن كَثَبٍ يتَقَرّى بَنيهِ / بِما يَعْقِدُ العِزُّ فيهِ حُباهْ
فيَسْقي صَوارِمَهُ مِنْهُمُ / عَبيطَ دَمٍ ويُرَوّي قَناهْ
ومن يَنْحَسِرْ عنهُ ظِلُّ الغِنى / ففي المَشْرَفيّاتِ مالٌ وجَاهْ
فَما للذّليلِ يُسامُ الأذى / ويَخْشى الرّدى لا وَقاهُ الإلهْ
كَتَمْنا الهَوى وكَفَفْنا الحَنينا
كَتَمْنا الهَوى وكَفَفْنا الحَنينا / فلَمْ يَلْقَ ذُو صَبوَةٍ ما لقِينا
وأنْتُمْ تَبُثّونَ سِرَّ الغَرا / مِ طَوْراً شِمالاً وطَوْراً يَمينا
ولما تَنادَيْتُمُ بالرّحي / لِ لَمْ يَتْرُكِ الدّمْعُ سِراً مَصونا
وكيف نُحاوِلُ كِتْمانَهُ / وقد أخْضَلَ العَبَراتُ الجُفونا
أَمِنْتُمْ على السِّرِّ مِنا القُلوبَ / فهَلاّ اتّهَمْتُم عليهِ العُيونا
وممّا أذاعَتْهُ يومَ العُذَيْبِ / مَهارى بسِرْبِ عَذارى حُدِينا
أوانِسُ أبرَزَهُنَّ النّوى / فلاحَتْ بُدوراً وماسَتْ غُصونا
ومدّتْ إلينا منَ الخِدْرِ غِيداً / وأغْضَتْ على النّظَرِ الشَّزْرِ عِينا
أحِنُّ إلَيها ومِنْ دُونِها / تَعُدُّ الرّكائِبُ بِيناً فَبينا
وأيْنَ العِراقُ منَ الأخشَبَيْنِ / وإنْ أعْمَلَ الصَّبُّ طَرْفاً شَفونا
بعَيْشِكُما أيُّها الحادِيانِ / قِفا وعلى ما أعاني أَعِينا
فإنّ المَطايا رأَتْ بالعَقيقِ / مَعاهِدَ منْ آلِ سُعْدى بَلينا
فأحْداقُهُنَّ تَرُشُّ الدّموعَ / وأنْفاسُهُنَّ تَقُدُّ الوَضينا
ويَحْكي السّرابُ إذا ما زَها / ظَعائِنَها البَحْرَ يزْهو السّفينا
ولابُدَّ مِنْ زَفْرَةٍ تَستَطي / رُ مِنْ أرحُلِ الرّازِحاتِ العُهونا
سُقِينَ الحَيا الجَوْدَ مِنْ أيْنُقٍ / أطَعْنَ الهَوى وعَصَيْنَ البُرينا
أرَبْعَ البَخيلَةِ ماذا دَهاكَ / وما للحِمى خاشِعاً مُسْتَكينا
فأينَ الخِيامُ التي ظُلِّلَتْ / بسُمْرٍ أُلاحِظُ فيها المَنُونا
وقد ساءَني أن أرى دارَها / تَصوغُ الحمائِمُ فيها لُحونا
لَئِنْ ضَنّتِ السُّحُبُ الغادِياتُ / فلَسْتُ بدَمْعي عليها ضَنينا
كأنّ الشّآبيبَ مِنْ صَوْبِهِ / مَواهِبُ خَيْرِ بَني الحَبْرِ فينا
أغَرُّ لأعظَمِهِمْ هامَةً / وأوْضَحِهِمْ في قُرَيْشٍ جَبينا
إذا ما انْتَمى عَمَتِ الأبْطَحَيْنِ / مآثِرُهُ وامْتَطَيْنَ الحَجونا
وتِلْكَ البَنيّةُ مُذْ أُسِّسَتْ / أبَتْ غَيرَ عَبدِ مَنافٍ قَطينا
بِها رَكَزوا السُّمْرَ فوقَ العُلا / وشَدّوا بِها الصّاهِلاتِ الصُّفونا
وشنّوا على وَلَدَيْ يَعْرُبٍ / غِواراً يُضَرِّمُ حَرْباً زَبُونا
وحَلَّ بَنو هاشِمٍ بالبِطاحِ / مَحَلَّ الضّراغِمِ تَحْمي العَرينا
أيَبْغي العِدا شَأْوَهُمْ والرِّياحُ / إذا ما ابْتَدَرْنَ إليهِ وَجينا
أبى اللهُ أنْ تَقْبَلَ المَكْرُما / تُ عِرْضاً هَزيلاً ومالاً سَمينا
وعندي للمُقْتَدي أنْعُمٌ / أمِنْتُ بهِنَّ الزّمانَ الخَؤونا
وإني وإنْ ضَعْضَعَتْني الخُطوبُ / لأَنْفُضُ عنْ فَضْلِ بُرْدَيَّ هُونا
وقدْ عَلمَتْ خِندِفٌ أنّني / أكونُ بنَيْلِ المَعالي قَمينا
وللضّيْفِ حَقٌّ وعَمْرو العُلا / يَعُدُّ الحقوقَ عليهِ دُيونا
ولمّا اقْشَعرَّتْ بطاحُ الحِجازِ / كَفى قَومَهُ أزْمَةَ المَحلِ حينا
وفاضَتْ لدَيْهِ دِماءُ العِشارِ / على شُعَلِ النّارِ للطّارِقينا
وأنتَ ابْنُهُ والوَرى يَمتَرو / نَ مِنْ راحَتَيْكَ الغَمامَ الهَتونا
فلا زِلْتَ مُلْتَحِفاً بالعُلا / تُقَضّي الشّهورَ وتَنْضو السّنينا
أتَرْوى وقد صَدَحَ الجُنْدُبُ
أتَرْوى وقد صَدَحَ الجُنْدُبُ / غَرائِبُ أخْطأَها المَشْرَبُ
تَمُدُّ إِلى الماءِ أعْناقَها / وهُنَّ إذا ورَدَتْ تُضْرَبُ
كأنّ السّماءَ لَها مَنْهَلٌ / عليهِ منَ الحَبَبِ الكَوْكَبُ
فليسَ إِلى نَيْلِها مَطْمَحٌ / ولا لِكَواكِبها مَطْلَبُ
ويَطْوينَ والرّوْضُ في حُلّةٍ / يجُرُّ رَفارِفَها الأزْيَبُ
وما العُشْبُ إلا القَنا تَرْتوي / دَماً منْ أنابيبِها يُسْكَبُ
فلا رِعْيَ عِندي حتى يُباحَ / بأطْرافِها البَلَدُ المُعْشِبُ
رُوَيْدَكِ يا ناقُ كمْ تَذْكُرينَ / مُناخاً بهِ اسْتَأْسَدَ الثّعْلَبُ
يَهونُ الكَميُّ بأرْجائِهِ / ويَقْلَقُ في غِمدِهِ المِقْضَبُ
ولَوْ كَفْكَفَ الدّهْرُ منْ غَرْبِهِ / طَغى في أزِمّتِهِ المُصْحِبُ
ولمْ يَنْتَجِعْ عَذَباتِ اللِّوى / إذا لاحَ بارِقُها الخُلَّبُ
يَرودُ بتَيْماءِ حُوَّ التِّلاعِ / وقدْ خانَها الزّمنُ الأشْهَبُ
وأصْحَرْنَ عنْ أدَمٍ يَفْشَعِرُّ / كَما هُنِئَ الجَمَلُ الأجْرَبُ
فما لي أَحِلُّ رُباً لا يَشُدُّ / عِقالَ المَطيِّ بِها الأرْكُبُ
وما بيَ عنْ غايَةٍ نَبْوَةٌ / وإنْ خَذَلَتْ رُمْحيَ الأكْعُبُ
فإنّ يَدي دَرِبَتْ بالظُّبا / وساعِدُها بالقَنا أدْرَبُ
وعِندي منَ الخَيْلِ ذو مَيْعَةٍ / يَطوفُ بقُبّتِنا مُقْرَبُ
وتَذْخَرُ سَلْمى ضَريبَ اللِّقاحِ / لهُ وولائِدُها تَسْغَبُ
وأُلْحِفُهُ البُرْدَ في شَتْوَةٍ / تَغُضّ الهَريرَ لَها الأكْلُبُ
أغَرُّ يَلوحُ على صَفْحَتَيْهِ الصّبا / حُ وسائِرُهُ الغَيْهَبُ
إذا مَدَّ منْ نَبَراتِ الصّهيلِ / ثَنى مِسْمَعَيْهِ لهُ المُعْرِبُ
وإنْ فزِعَ الحيُّ منْ غالِبٍ / تدثَّرَهُ أسَدٌ أغْلَبُ
يجُرُّ الدِّلاصَ غَداةَ الوَغى / كما اعْتَنّ في مَشيِهِ الأنْكَبُ
ولوْ كُنتُ أبْغي بنَفْسي العُلا / لأفْضى إليّ بِها المَذْهَبُ
فكيْفَ أُداني الخُطا دونَها / ويَجْذِبُ ضَبْعي إلَيها الأبُ
ولي مَعْقِلٌ بفِناءِ الوزيرِ / يَروحُ إِلى فَيئِهِ المُعْزِبُ
ويخْجَلُ منْ راحَتَيْهِ الغَمامُ / إذا دَرَّ نائِلُهُ الصَّيِّبُ
أتى في السّماحَةِ ما لَمْ يَدَعْ / لأهْلِ الندىً سِيَراً تُعْجِبُ
فأوّلُ أفعالِهِمْ آخِرٌ / وبِكْرُ مَكارِمهمْ ثَيِّبُ
وأفْضى إِلى أمَدٍ لوْ جَرَتْ / إليهِ الصَّبا طَفِقَتْ تَلْغَبُ
مدىً هزَّ من دونِهِ رُمْحَهُ السِّما / كُ وإبْرَتَهُ العَقْرَبُ
وكيفَ يُساجَلُ في سؤدَدٍ / حَواشيهِ منْ عَلَقٍ تُخْضَبُ
وأدْنى عَطاياهُ مَلْبونَةٌ / تُباري أعِنّتَها شُزَّبُ
وصُهْبٌ ينُمُّ بأعْراقِها / إذا ما ابْتَذَلْنَ الخُطا أرْحَبُ
وغِيدٌ منَ التُّرْكِ مَكْحولةٌ / عُيوناً يُقلِّبُها الرَّبْرَبُ
وأنّى يُساميهِ ذو مَحْتِدٍ / مَضارِبُ أعْراقِهِ تُؤشَبُ
كأنّ مُحيّاهُ وَقْبُ الصَّفا / تَغشّى جَوانِبَهُ الطُّحْلُبُ
ولو شاءَ غادَرَ أشْلاءَهُ / يُحيّي الضِّباعَ بِها الأذْؤُبُ
لَشَدَّ بكَ المُلْكُ أطْنابَهُ / وكادَتْ دَعائمُهُ تُسْلَبُ
وعزَّ بكَ الشّرْقُ حتى لوى / إليكَ أخادِعَهُ المَغْرِبُ
تَفُلُّ برأيِكِ حدَّ الحُسامِ / إذا اعْتَكَرَ الرّهَجُ الأصْهَبُ
وتملأُ بالخَيْلِ عُرْضَ الفضا / ءِ حتى يئنَّ لها السّبْسَبُ
نِظامُ العُلا مُدَّ منْ شَوْطِها / نَوىً بالمُخِبّينَ لا تُصْقِبُ
ولولاكَ ما روَّعَتْ صاحبَيَّ / للبَيْنِ أغْرِبَةٌ تَنْعَبُ
ولا سانِحٌ هزَّ منْ رَوْقِهِ / سَليماً ولا بارِحٌ أعْضَبُ
فكيفَ الإيابُ ومنْ دونِهِ / مَوارِدُ غُدرانُها تَنْضَبُ
ومنْ عَجَبٍ أنّني في ذَراكَ / على الدّهْرِ منْ حَنَقٍ أغْضَبُ
فأنتَ الزّمانُ وأحْوالُنا / إليكَ إذا رَزَحَتْ تُنْسَبُ
هيَ العيسُ مُبْتَذِراتُ الخُطا
هيَ العيسُ مُبْتَذِراتُ الخُطا / نَوافِخُ منْ مَرَحٍ في البُرى
أتَجْزَعُ للبَيْنِ أم تَرْعَوي / إِلى جَلَدٍ أسْأَرَتْهُ النّوى
ولمْ يَتْرُكِ البَيْنُ لي عَبْرَةً / ولكنها عَلَقٌ يُمْتَرى
فصَبْراً على عُدَواءِ الدِّيارِ / وإنْ أضْرَمَتْ بُرَحاءَ الجَوى
وفي مَنْشِطِ الرِّمْثِ عُذْريّةٌ / أبَتْ قُضُبُ الهِنْدِ أنْ تُجْتَلى
إذا رُفِعَ السِّجْفُ عنها بَدَتْ / هِلالاً على غُصُنٍ في نَقا
رَمَتْني بألْحاظِها الفاتِراتِ / فعادَتْ سِهاماً وكانتْ ظُبا
وكَمْ بالجُنَيْنَةِ منْ شادِنٍ / يَصيدُ بعَيْنَيْهِ لَيْثَ الثّرى
طَرَقْتُ الخِيامَ على رِقْبَةٍ / طُروقَ الخَيالِ يخوضُ الدُّجى
وتَحْتيَ أدْهَمُ يُخْفي الصّهيلَ / كَما اسْتَرَقَ المَضرَحِيُّ الوَعَى
أشَمُّ المُعَذَّرِ ضافي السّبي / بِ عالي السَّراةِ سَليمُ الشّظى
كساهُ الدُّجى حُلّةً والصّباحُ / يَلوحُ بِجَبْهَتِهِ والشّوى
فأقْبَلَ نَحوي وأتْرابُهُ / حَوالَيْهِ كالخِشْفِ بَيْنَ المَها
وباتَ يُمَسِّحُ مَكْحولَةً / يُرَنِّقُ في ناظِرَيْها الكَرى
وجاذَبَني فَضَلاتِ العِنانِ / حِذاراً إِلى عَذَباتِ اللِّوى
وقُمْنا إِلى مُنْحَنى الوادِيَيْنِ / نَجُرُّ على أجْرَعَيْهِ الرِّدا
وبِتْنا نُكَفْكِفُ صَوْبَ الغَمامِ / بفَضْلِ الوِشاحِ تُحَيْتَ الغَضى
فَيا ما أُحَيْسِنَ ذاكَ العِناقَ / وقد مَسَّ ثِنْيَ نِجادي ندىً
يَفُضُّ القَلائِدَ منْ ضِيقِهِ / وتَلْفِظُ أطْواقَهُنَّ الطُّلى
وقالتْ سُلَيْمى لأتْرابِها / أتَعْرِفْنَ باللهِ هذا الفَتى
أغَرُّ نَمَتْهُ إِلى خِنْدِفٍ / شَمائِلُ تُخْلَقُ منها العُلا
إذا نَشَرَ الفَخْرُ أحْسابَهُ / تَبسّمَ عنهُنّ عِرْقُ الثّرى
أبا الغَمْرِ دَعوَةَ مَنْ أوْرَثَتْهُ / أميّةُ منْ مَجْدِها ما تَرى
إذا الخارجيُّ ثَوى بالحَضيضِ / سَمَوْتُ وأنتَ مَعي للذُّرا
فدَتْكَ الأعاريبُ منْ ماجِدٍ / قَريبِ النّوالِ بَعيدِ المَدى
ضَرَبَتْ على الأيْنِ صَدْرَ المَطيِّ / فقدَّ إليكَ أديمَ القِرى
فلَمْ أرَ أندى يَداً بالنّوا / لِ منكَ وأكْرَمَ مِنها لَظَى
خَلِيلَيَّ مَسَّ اَلمطايا لَغَبْ
خَلِيلَيَّ مَسَّ اَلمطايا لَغَبْ / وَأَلْوَى بِأَشْباحِهنَّ الدَّأَبْ
وَقَدْ نَصَلَتْ مِنْ حَواشِي الدُّجَى / تَمايَلُ أَعْناقُها مِنْ نَصَبْ
وَأَلْويَةُ الصُّبْحِ مُذْ فُصِمَتْ / عُرا اللَّيْلِ مُنْتَشِراتُ العَذَبْ
كَأَنَّ تَأَلُّقَهُ جَذْوَةٌ / تُناجِي الصَّبا بِلِسانِ اللَّهَبْ
فَلا يَسْلَمَنَّ لَها غَارِبٌ / وَلا مَنْسِمٌ بِالنَّجيعِ اخْتَضَبْ
وَلا تَنِيا في ابْتِغاءِ العُلا / فَكَمْ راحَةٍ تُجْتَنى مِنْ تَعَبْ
وَلا تَتْرُكاني لَقىً لِلْهُمومِ / بِحَيْثُ يُرى الرَّأْسُ تِلْوَ الذَّنَبْ
فَإنَّ على الله نَيْلَ الَّذي / سَعَيْنا لَهُ وَعَلَيْنا الطَّلَبْ
وَإنّي إذا أَنْكرَتْني البِلادُ / وَشِيبَ رِضَى أَهْلِها بِالغَضَبْ
لَكَالضَّيْغَمِ الوَرْدِ كاد الهَوانُ / يَدِبُّ إِلى غَابِهِ فَاغْتَرَبْ
فَشَيَّدْتُ مَجْداً رَسَا أَصْلهُ / أَمُتُّ إلَيْهِ بِأُمٍّ وَأَبْ
وَلَمْ أَنْظِمِ الشِّعْرَ عُجْباً بهِ / وَلَمْ أَمْتَدِحْ أَحَداً عَنْ أَرَبْ
ولا هَزَّني طَمَعٌ لِلْقَريضِ / ولكِنَّهُ تَرْجُمانُ الأَدَبْ
ولِلْفَخْرِ أُعْنى بِهِ لا الغِنَى / فَعَنْ كِسْرِ بَيْتيَ جِيبَ العَرَبْ
وَقَدْ عَلِمَ اللهُ والنَّاسِبُو / نَ أَنَّ لنا صَفْوَ هذا النَّسَبْ
وَإنّي وَإِنْ نَالَ مِنِّي الزَّمانُ / وَنَحْنُ كَذلك سُؤْرُ النُّوَبْ
لأَرْفَعُ عَنْ شَمَمٍ واضِحٍ / لِثامِي وَأَرْقَعُ وَهْيَ الحَسَبْ
وَلا أَسْتَكينُ لِذي ثَرْوَةٍ / إذا شَاءَ صَاغَ أَبَاً مِنْ ذَهَبْ
فَحَسْبي وَعِرْضي نَقِيُّ الأَدِيمِ / مِنَ المَالِ نَهْدُ القُصَيْرَى أَقَبّْ
وَأَبْيَضُ إنْ لاحَ خِلْتَ العَجا / جَ لَيْلاً بِذَيْلِ الصَّباحِ انْتَقَبْ
سَقى اللهُ مِنْ رَمْلَتَيْ عالِجٍ
سَقى اللهُ مِنْ رَمْلَتَيْ عالِجٍ / أَشَمَّ بِذَيْلِ الغَمامِ انْتَطَقْ
وَلَيْلاً أَحَمَّ الحَواشِي جَثا / على صَفْحَةِ الأرْض مِنْهُ غَسَقْ
وَعِنْدي أَغَنُّ أَظُنُّ الصَّباحَ / إِذا لاحَ مِنْ وَجْههِ مُسْتَرَقْ
وَلَمَّا رَأَيْنا رِداءَ الدُّجَى / لَقىً بِيَدِ الفَجْرِ عَنا يُشَقّ
جَرَتْ عَبْرَةٌ رَقْرَقَتْها النَّوى / على وَجْنَةٍ هِيَ مِنْها أَرَقّ
وَكُنْتُ إِذا زارَني مَوْهِناً / أَذُود الكَرى وأُناجِي الأرَقْ
وَيَقْصُرُ لَيْلِيَ حَتّى يَكا / دُ يَعْلَقُ ذَيْلَ الصَّباحِ الشَّفَقْ
عُلاً بِمَناطِ السُّها تَسْتنيرُ
عُلاً بِمَناطِ السُّها تَسْتنيرُ / كَما يَتَأَلَقُ وَهْناً صَبيرُ
وَمَجْدٌ رَفيعُ الذُّرا دُونَهُ / لِطالِبِ شَأْوِيَ طَرْفٌ حَسيرُ
وَلِلْخِلِّ مِنْ شِيَمِي رَوْضَةٌ / وفي راحَتي لِعُفاتِي غَديرُ
وَلا بُدَّ مِنْ وَقْعَةٍ تَرْتَمي / بِأَيْدٍ تَطيحُ وَهامٍ تَطيرُ
وَيَوْمُ الأَعادِي طَويلٌ بِها / وَعُمْرُ الرُّدَينِيّ فيها قَصيرُ
وَقَدْ أَمْكَنَتْ فُرَصٌ في الوَرَى / وَلكنْ مَكَرِّيَ فيها عَسيرُ
فَهُمْ ثَلَّهٌ غَابَ أَرْبابُها / وَنامَ الرِّعاءُ فَأَيْنَ المُغِيرُ
وَعدتُم وَأَخلَفتُمُ وَالفَتى
وَعدتُم وَأَخلَفتُمُ وَالفَتى / إِلى ما يَلينُ بِهِ مُنجَذِبْ
وَقَد كُنتُ أَكذِبُ في مَدحِكُم / فَجازَيتُمُ كَذِباً بالكَذِب
سَقى هَمَذانَ حَيا مُزنَةٍ
سَقى هَمَذانَ حَيا مُزنَةٍ / يُفيدُ الطَّلاقَة مِنها الزَمانْ
بِرَعدٍ كَما جَرجَرَ الأَرحَبيُّ / وَبَرقٍ كَما بَصبَصَ الأُفعوانْ
فَسَفحُ المُقَطَّمِ بِئسَ البَديلُ / نَبيهاً وَأَروَندُ نِعمَ المَكانْ
هيَ الجَنَّةُ المُشتَهى طِيبُها / وَلَكِنَّ فِردَوسَها ماوَشانْ
فَأَلواحُ أَمواهِها كالعَبيرِ / تُرى أَرضُها وَحَصاها الجُمانْ
سَرى البَرقُ وَالمُزنُ مُرخى العَزالي
سَرى البَرقُ وَالمُزنُ مُرخى العَزالي / فَأَبكَى صِحابي وَحَنَّتْ جِمالي
فَقُلتُ لَهُم مَوهِناً وَالدُّموعُ / تَسيلُ عَلى ظَلِفاتِ الرِّحالِ
أَتَبكونَ مِن جَزَعٍ وَالبُكاءُ / تُكَرِّمُ عَنهُ عَيونُ الرِّجالِ
بِأَيِّ دَواعي الهَوى تُطرَقونَ / فَقالوا بِهَذا البُريقِ المُلالي
وَبي مِثلُ ما بِهِم مِن أَسىً / وَلكنَّني بالأَسى لا أُبالي
أَأَستَنشِقُ الرِّيحَ عُلويَّةً / أَجَلْ وَبِكوفَنَ أَهلي وَما لي
وَجَدِّيَ مِن غالِبٍ في الذُّرا / وَمِن عامِرٍ وَهُمُ الحُمسُ خالي
فَأَكرِم بِمَن كانَ أَعمامُهُ / قُرَيشاً وَأَخوالُهُ مِن هِلالِ
وَتِلكَ بُيوتٌ بَناها الإِلَهُ / عَلى عُمُدٍ في نِزارٍ طِوالِ
أُدِلُّ بِها وَبِنَفسي أَرومُ / عُلاً تُجتَنى مِن صدورِ العَوالي
وَبِالمُنحَنى شَجَني وَالحِمى / إِلَيهِ نِزاعي وَعَنهُ سُؤالي
وَكَم رَشأٍ عاطِلٍ شاقَني / إِلى رَشأٍ في مَغانيه حالِ
وَقَد رَدَّ غَربيَ عَما أَرومُ / زَمانٌ تَضايَقَ فيهِ مَجالي
وَقَدَّمَ مِن أَهلِهِ عُصبَةً / لِئامَ الجُدودِ قِباحَ الفِعالِ
نَفَضتُ يدي منهُمُ إذ رأَيتُ / لَهُم أَيديَاً بخلَتْ بِالنَّوالِ
سَواسيَةٌ جارُهُم لا يَعِزْ / زُ حتَّى يُفارِقَهُم عَن تَقَالِ
سَيَسمو بِيَ المَجدُ حَتَّى تَنالَ / يَميني السُّها وَالثُّرَيّا شِمالي
وَتَفلي الصَوارِمُ مِن مَعشَرٍ / ذَوائِبَ تَهفو بِأَيدي الفَوالي
بِحَيثُ تُناجي جِباهُ الوَرى / مِنَ الأَرضِ ما صافَحَتهُ نِعالي