القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : إِبْراهيم ناجِي الكل
المجموع : 10
طلبت الكتابة يا جنتي
طلبت الكتابة يا جنتي / وماذا تريدين أن أكتبا
وما في الجوانح خاف عليك / وقلبك يعلم ما غيبا
سأكتب أنك أنت الربيع / وأنك أنضر ما في الربى
وأنك أنت الجمال الفريد / وفجر الشباب وحلم الصبا
أهلل باسمك عند الصباح / وأطوي على ذكرك المغربا
يا ويلتا من عمري الباقي / هذا سواد تحت أحداقي
هذا بياض الشيب واعجبي / من مغرب في زِي إشراق
ويلي على كأسٍ معربدة / وعلى دم في الكأس مهراق
وعلى سراب خادع وعلى / متألق اللمحات براق
طاف الزمان به على نفر / مالوا بهاماتٍ وأعناق
صرعوا وأنت تظنهم سكروا / مات الندامى أيها الساقي
يا دهر لم أشك الكلال ولا / ملكت خطوب الدهر إرهاقي
عذبت أيامي بعفتها / وقتلتها بصفاء أخلاقي
يا كم غرست وكم سقيت وكم / نضرت من زهر وأوراق
ما حيلتي والأرض مجدبة / سيان إقلالي وإغداقي
أين الذين رفعت فانحدروا / وبنيتهم بنيان خلاق
إن الوفاء بضاعة كسدَت / ومآل صاحبها لإملاق
إن كنت لم أغنم فقد ظفروا / مني بمغفرتي وإشفاقي
لكنني والجرح يُلهب لي / حسي ويكوي كَي إحراق
هيهات أنسى أنهم عبثوا / ووفيتُ لم أعبث بميثاقي
أجر غربتي أيها العائد
أجر غربتي أيها العائد / فقد ملّني الداء والعائد
أجر غربتي فبلادي الهموم / وليل بطيء الخطى راكد
تقاسمني في نواك الديار / وأنتَ لي الوطن الواحد
محياك داري ومنك نهاري / إذا ضمك الصدر والساعد
أجر شفتي من عذاب الظما / أما أذن الله أن ترحما
أتمعن في الهجر حتى ترانا / بكينا دما واحترقنا فما
ولي رمق صنته كي أراك / فاشفق على رمقي ريثما
إذا طلب الحب برهانه / من الموت لبَّيت كي تعلما
لياليّ مرت هباء عقيما / فهل تنوالى البواقي سدى
أسائل جرحي عمن جناه / وأرنو فاستخبر العوَّدا
فما اطلعوا اليوم بالبشريات / ولا عللوا بالتلاقي غدا
فلما تنكر حتى المحب / تلفت أسألُ عنك العدا
سلام على غائب عن عيوني / حملت حطامي إلى داره
وقلت لقلبي تمهل بنا / وخبئ شقاءك أو داره
تناسَ الأسى ها هنا أو يقال / حملت الظلام لأنواره
أتغدو إلى عتبات النعيم / بلفح الجحيم وإعصاره
غرامك لي معبدٌ طاهرٌ
غرامك لي معبدٌ طاهرٌ / دعائمه شُيِّدت من ولوعي
تعهدتُ محرابه بالوفاء / وأوقدتُ فيه الهوى من شموعي
جوانبه من دموعيَ قامت / وأضلعه بُنيت من ضلوعي
ومن ذا رأى هيكلاً في الوجود / يُقام على عمدٍ من دموع
سألتك يا صخرة الملتقى
سألتك يا صخرة الملتقى / متى يجمع الدهر ما فرَّقا
فيا صخرةً جمعت مهجتين / أفاءا إلى حسنها المنتقى
إذا الدهر لَجَّ بأقداره / أجَداً على ظهرها الموثقا
قرأنا عَلَيكِ كتاب الحياةِ / وفضَّ الهوى سرها المغلقا
نرى الشمس ذائبة في العباب / وننتظر البدر في المرتقى
إذا نشر الغرب أثوابه / وأطلق في النفس ما أطلقا
نقول هل الشمس قد خضبته / وخلَّت به دمها المهرقا
أم الغرب كالقلب دامي الجراح / له طلبةٌ عزّ أن تلحقا
فيا صورة في نواحي السحاب / رأينا بها همَّنا المغرِقا
لنا الله مِن صورَةٍ في الضمير / يرَاهَا الفتى كلما أطرقا
يرى صورة الجُرح طيَّ الفؤاد / ما زال ملتهباً محرقا
ويأبَى الوَفاء عَليه اندمالا / ويأبَى التَّذَكُّر أن يشفقا
ويا صَخرَةَ العهد أبتُ إليكِ / وقد مزّق الشَّمل ما مزقا
أريك مشيب الفؤاد الشهيد / والشيب ما كلَّل المفرِقا
شكا أسره في حبال الهوى / وود على الله أن يُعتقا
فلمّا قضى الحظ فك الأسير / حنَّ إلى أسره مطلقا
لِمَن هاته الفتنة النادرة
لِمَن هاته الفتنة النادرة / وما هاته الأعينُ الساحره
وما ذلك المرَحُ القدسيّ / وما هاته الضحكة الطاهره
تطوف مطاف الحنان العميم / وتسقط كالنعمة الوافره
وتمتدُّ مثل امتداد العباب / وترجع كالموجة الساخره
وتنقش أصداءها في القلوب / وتبقى مدى العمر في الذاكره
فيا رِقَّةً سُكِبَت في النفوس / كما تُسكبُ الخمرةُ القاهره
نسينا بك العالَم الدنيويَّ / وأسمعتِنَا نَغَمَ الآخره
ويا ربةً من نواحي الألمبِ / أطلّت على مهَجٍ شاعره
حنينا الرؤوس لمجد الجمالِ / ولُذنا بعرشكِ يا آسره
مثَّلتِ هذي الحياة / وصوّرت أدوارَها الزاخره
وحمَّلت روحَك أثقالها / وروحك كالريشة الطائره
وكلّفت قلبكِ خوض الجحيم / وقلبك كالجنة الناضره
دفعت به في اللظى كالخليل / وعدتِ مباركة ظافره
رجعتِ من النار ياقوتةً / مطهّرةً حرَّةً باهره
إن كرّمتكِ البلادُ / ودانت لمعبودةٍ قادره
فوالله ما فهمتك العقولُ / ولا قدرت قدرِك القاهره
فللشعر عينٌ يراكِ بها / بغير عيون الورى الناظره
يرى لك حُسنَ الشعاع الجميل / أغار على الظلمة الغامره
فجلَّلَ بالسحر هذي الدُّنى / وصيَّرها جنة زاهره
فنوَّر أكواخها الباليات / وهلَّل في دورها العامره
رسولٌ يجوس خلال الديار / وينزل كالرحمة الزائره
بعين قد اغرورقت بالدموع / لها مُقلةُ الغيمةِ الماطره
يطوف على الناس إنسانها / ومهجته للورى غافره
أجل يعلم الحبُّ أني لظاهُ
أجل يعلم الحبُّ أني لظاهُ / وتدري الفراشة أنّي اللهب
وأني بدوتُ لها في الظلام / فرفّت بأجنحةٍ تضطرب
وبين ذراعيَّ سرُّ الحياة / وفي ناظريَّ بريقُ الشُّهُب
دنت خطوة ثم عادت إلى / مجاهِلها من خفيّ الحجُب
وشتّان بين السنا والظلام / لعابدةٍ للسنا عن كثب
وفي صدرها لهفة للعناق / وفي قلبها جنةُ المغترب
يلوح لها شبحٌ للعذاب / ويبدو لها الأبد المقترب
كأن اللظى قدحٌ من سلافٍ / لها فوقه وثباتُ الحبب
فراشة روحي تعالي وثُوباً / ستلقين قلباً إليكِ يثب
إذا ما امتزجنا احترقنا معاً / ونلنا الخلود بهذا العطَب
كلانا عليل فلا تجزعي
كلانا عليل فلا تجزعي / ودمعك تسبقه أدمعي
وإن كان بين ضلوعك نار / فنار الصبابة في أضلعي
وإن كان نجم هنائك غاب / فنجم هنائيَ لم يطلع
صديقي سعفانُ ألفَ سلام
صديقي سعفانُ ألفَ سلام / ولا زلتَ صاحبيَ المرتقب
ستعجب من صورتي هذه / ألم تر أني اعتزلت الأدب
كرقة طبعك كالنسمة
كرقة طبعك كالنسمة / ومن شاطئ البحر ضَوحِيَّتي
أزف إليك جميلَ البيان / وأوجزُ حبيَ في لفظةِ
أحبكِ حُبَّين حب ابنتي / وحبي لما فيك من رِقة
سألتُك يا صخرةَ الملتقى
سألتُك يا صخرةَ الملتقى / متى يجمع الدهرُ ما فرَّقا
فيا كعبةً شهدت هائمَين / أفاءا إلى حسنها المنتقَى
إذا الدهرُ لَجَّ بأقداره / أخذنا على ظهرِهَا الموثقَا
أرقّ الهوى عندها مجهداً / وأنَّ النسيمُ بها مرهقَا
رَمى البحرُ نحوكِ أمواجَه / فعاندتِ تيارَه الأزرقَا
وصدت نواحيكِ هدارةً / كما أغضبت أسداً موثقاً
قرأنا عليكِ كتابَ الحياة / وفض الهوى سرَّهَا المغلقَا
نرى الشمسَ ذائبةً في المحيط / وننتظر البدرَ في المرتقَى
إذا نشر الغربُ أثوابَه / فأطلقَ في النفس ما أطلقَا
نقول هل الشمسُ قد خضبته / وخلَّت به دمَهَا المهرقَا
أم الغربُ كالقلب دامي الجراح / له طلبةٌ عزَّ أن تلحقَا
فيا مهجةً خلف هذا الغمام / بكت نضرةً وصباً رَيِّقَا
ويا صورة في نواحي السحاب / رأينا بها همَّنَا المغرقَا
لنا الله من صورةٍ في الضميرِ / يراها الفتى كلَّما أطرقَا
يرى صورةَ الجرح طيَّ الفؤا / دِ ما زال ملتهباً محرقَا
فيأبى الوفاءُ عليه اندمالا / ويأبى التذكُر أن يشفقَا
ويا صخرةَ العهدِ جاشَ العباب / ولاقاك محتدماً محنقَا
وجاورك القفر يعي الظنونَ / إذا الفكر في كنهِه حقَّقَا
أرى في العبابِ كفاحَ الحياة / وتيارها الجارفَ الأحمقَا
وألمح فيها عراكَ الرجال / إذا لاحَقَ الزورقُ الزورقَا
وكيف على رُحبِ هذا المجا / ل ننزلُها منزلاً ضيِّقَا
وقفتُ على اليمِّ أسألُ نفسي / بعيدَ الهواجسِ مستغرقَا
هل الله من قبلِ خلقِ الحياة / أراد على الموج أن تخلقَا
ومثَّلَ في القفر لغزَ الحِمام / لم نكتشف سره الأعمقَا
أرى في ابيضاضِ الرمالِ ال / مشيب والكفن الشاحب المقلقَا
أرى في السرابِ غرورَ النفو / سِ والأملَ الخائبَ المخفقَا
وقد جعل الله ذا الصخرَ بي / ن الحياةِ وبين البلى موبقَا
ومثَّلَ فيه عتوَّ الدهور / لن تستباح ولن تخلقَا
تريد الحياةُ لقاءَ المماتِ / ولا يأذن اللهُ بالملتقَى
ويا صخرةَ العهد أُبتُ إليكِ / وقد مَزَّقَ الشملَ ما مزقَا
أريكِ مشيبَ الفؤادِ الشهيدِ / والشيبُ ما كلَّلَ المفرقَا
شكا أسره في حبالِ الهوى / وودَّ على الله أن يُعتقَا
فلما قضى الحظُّ فكَّ الإِسار / حنَّ إلى أسره مطلقَا
لمن زيَّنَ الله هذي السماء / أو جمَّلَ الكونَ أو نسَّقَا
لمن يطلعُ الفحرُ في أفقها / فيبدو بها ضاحياً مونقَا
لمن مسَّ هذا النسيمُ الغمامَ / فرقرقَ منه الذي رقرقَا
إذا ذكرتهُ الحمائمُ أنَّ / وإن ضاحكته الربى صفَّقَا
أللطائرِ المفردِ الروحِ يمضي / يرودُ المواردَ عن مستقَى
وربّكَ ليس لهذا ولكن / لروحينِ في أفقٍ حلَّقَا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025