المجموع : 10
أَعَزَّ اصطباري وأجرى دموعي
أَعَزَّ اصطباري وأجرى دموعي / وقوفي ضحى في بقاع البقيع
على عترة المصطفى الأقربين / وأمهمُ بنت طه الشفيع
همُ آمنوا الناس من كل خوفٍ / وهم أطعموا الناس من كل جوع
وهم روَّعوا الكفر في بأسهم / على أن فيهم أمان المروع
وقفت على رسمهم والدمو / عُ تسيل ونار الجوى في ضلوعي
وكان من الحزم حبس البكاء / لو أن هنالك صبري مطيعي
وهل يملك الصبر مَن مقلتاه / ترى مهبط الوحي عافي الربوع
وقَيِّمَهُ يمنع الزائرين / من لثم ذاك المقام المنيع
إذا همَّ زوَّاره بالدنوِّ / يذودونهم عنه ذود القطيع
وهذا مقام يذم الصبور / عليه ويحمد حال الجزوع
ويا ليت شعري ولا تبرح ال / ليالي تجيء بخطب فظيع
أكان إليهم أساء النبيُّ / فيجزونه بالفعال الشنيع
لئن كان في مكة صنعهم / بحجاجها نحو هذا الصنيع
فلست أرى الحج بالمستطا / عِ ولا واجد المال بالمستطيع
أرى عمري مؤذِناً بالذهابِ
أرى عمري مؤذِناً بالذهابِ / تَمُرُّ لياليه مَرَّ السحابِ
وتفجأني بيض أيامه / فتسلخ مني سواد الشباب
فمن لي إذا حان منّي الحمام / ولم أستطع منه دفعاً لما بي
ومن لي إذا قلَّبتني الأكفُّ / وجردني غاسلي من ثيابي
ومن لي إذا صرت فوق السري / رِ وشيل سريري فوق الرقاب
ومن لي إذا ما هجرت الديا / رَ واعتضت عنها بدار الخراب
ومن لي إذا آبَ أهل الودا / دِ عنِّي وقد يئسوا من إيابي
ومن لي إذا ما غشاني الظلا / مُ وأمسيت في وحشة واغتراب
ومن لي إذا منكرٌ جدَّ في / سؤالي فأذهلني عن جوابي
ومن لي إذا قام يوم النشو / رِ وقمت بلا حجةٍ للحساب
ومن لي إذا ناولوني الكتا / بَ ولم أدرِ ماذا أرى في كتابي
ومن لي إذا امتازت الفرقتا / نِ أهل النعيم وأهل العذاب
وكيف يعاملني ذو الجلال / فأعرف كيف يكون انقلابي
أباللطف وهو الغفور الرحيم / أم العدل وهو شديد العقاب
ويا ليت شعري إذا سامني / بذنبي وواخذني باكتسابي
فهل تحرق النار عيناً بكت / لرزء القتيل بسيف الضبابي
وهل تحرق النار رجلاً مشت / إلى حرمٍ منه سامي القباب
وهل تحرق النار قلباً أذيب / بلوعة نيران ذاك المصاب
لو ان دموعي استهلت دما
لو ان دموعي استهلت دما / لما أنصفت بالبكا مسلما
قتيل أذاب الصفا رزؤه / وأحزن تذكاره زمزما
وأورى الحجون بنار الشجون / وأبكى المقام واشجى الحمى
أتى أرض كوفان في دعوة / لها الأرض خاضعة والسما
فلبّوا دعاه وأمُّوا هداه / لينقذهم من غشاء العمى
وأعطوه منعهدهم ما يكاد / الى السهل يستدرج الأعصما
وما كان يحسب وهو الوفي / أن ينقضوا عهده المبرما
فديتك من مفرد أسلموه / لحكم الدعيِّ فما استسلما
والجأه غدرهم أن يحلَّ / في دار طوعة مستسلما
فمذ قحموا منه في دارها / عريناً أبى الليث أن يقحما
أبان لهم كيف يضرى الشجا / عُ ويشتدّ بأساً إذا أسلما
وكيف تهبُّ أسود الشرى / إذا رأت الوحش حول الحمى
وكيف تُفَرِّقُ شهبُ البزا / ةِ بغاثاً تطيف بها حوَّما
ولما رأوا بأسه لا يطاق / وماضيه لا يرتوي بالدما
أطلُّوا على شرفات السطو / حِ يرمونه الحطب المضرما
ولولا خديعتهم بالأمان / لما أوثقوا ذلك الضيغما
وكيف يحسُّ بمكر الأثيم / من ليس يقترف المأثما
لئن يُنسني الدهر كل الخطو / ب لم ينسني يومك الأيوما
أتوقف بين يدي فاجر / دعيٍّ إلى شرِّهم منتمي
ويشتم أسرتك الطاهرين / وقد كان أولى بأن يُشتَما
وتقتل صبراً ولا طالب / بثارك يسقيهم العلقما
وترمى الى الأرض من شاهق / ولم ترمِ أعداك شهبُ السما
فإن يحطموا منك ركن الحطيم / وهدُّوا من البيت ما استحكما
فلست سوى المسك يذكو شذاه / ويزداد طيباً إذا حطما
فإن تَخلُ كوفان مننادب / عليك يقيم لك المأتما
فإن ظبى الطالبيين قد / غدت لك بالطف تبكي دما
زها منهمُ النقع في أنجمٍ / أعادت صباح العدى مظلما
على كوفة الجند عرِّج وقف
على كوفة الجند عرِّج وقف / ويَمِّم بها المسجد الأعظما
وقف خاضعاً خاشعاً باكياً / وصلِّ وسلِّم وصل مسلما
كتبت ومن دهشة الاشتيا
كتبت ومن دهشة الاشتيا / قِ حرتُ فلم أدرِ ما أكتب
لأني أكابد ما لا يبين / عنه اليراع ولا يعرب
أكاد إذا عَنَّ تذكاركم / لسمعي أغصُّ بما أشرب
يقلبني الهمُّ فوق الفرا / ش كمن بات تلسعه العقرب
فلا أبعد الله عهدي بكم / فأقصى رجائي أن تقربوا
رسالة صب بعيد الوطن
رسالة صب بعيد الوطن / قليل العزاء كثير المحن
بتذكاره للياليكمُ / يكاد يجن إذا الليل جنّ
يُسِرُّ ويعلن أشواقكم / فطاب بكم سرُّه والعلن
ولما تملكتمُ من لذيذ / لقاكم هواي بأغلى ثمن
طلبت من الدهر لقياكم / فمنَّ قليلاً به ثم من
غزا مهجتي بصفاح اللحاظ
غزا مهجتي بصفاح اللحاظ / ولوع بظلمي لا يصفح
ولم أرَ من قبل أجفانه / جنوداً إذا انكسرت تفتح
بدا من محياه ضوء الشفق
بدا من محياه ضوء الشفق / وبرق الحيا من سناه ائتلق
غزال غزا باللحاظ القلوب / ومرَّ بها حبه فاعتلق
ذكت جذوة الحسن في خدّه / لذا عنبرُ الخال فيها احترق
عليه الجمال جرى جدولاً / طغى فعلاه حباب العرق
كأن خمائل روض الخدود / يسيل بها منه ماءٌ غدق
حمى وردها بسهام الجفون / فمن رام يقطف منها رُشِق
ودبَّت عقارب أصداغه / على الخد تحرس ورداً أنق
علاقة حب له في الفؤاد / تسعر في القلب منها حرق
يميس على نسقٍ قدُّه / فيعطفه الدلُّ عطف النسق
إذا أسدل الفرع فوق الجبي / نِ يريك ذكاء بداجي الغسق
ويرنو بمقلة ريم النقا / وما اللحظ إلا حسام ذلق
فلو نفث السحر من طرفه / لما زاد هاروت إلا رهق
يجيل النطاق على ناحل / كجسم المتيم لا بل أدق
كأن روادفه المثقلا / ت قوى الخصر حتى وهى واسترق
نفور حكى الريم في مقلة / وجيد يزين حليَّ العنق
أتاني مستتراً بالظلام / فنمَّ عليه شذاه العبق
لئن خرس الحجل في ساقه / ففي الخصر عقد النطاق نطق
فسلَّمَ ثم انثنى للوداع / فما خلت إلا خيالاً طرق
وراح وأقراطه في قلق / فعاد الفؤاد به ذا قلق
خفوق فؤادي يحكي الوشاح / على الكشح مهما تثنى خفق
كأن فلق الصبح من وجهه / فمذ كشف الفرع عنه انفلق
فلو شامه عاذلي في هواه / تلا قل أعوذ بربِّ الفلق
بروحي أفديه من شادن / لطيف التثني بديع الخلق
أدار علينا كؤوس المدام / وأسكرنا منه سحر الحدق
يشوب الطلى برضاب اللمى / ويجلو الكؤوس فيجلي الغسق
مشعشعة عتقت في الدنان / قديمة عصر وعهد سبق
تشابه وجنته والكؤوس / فلم يدر أصفاهما والأرق
فقم واصطبح في رياض السرور / بقرقف كاس الهنا واغتبق
ألست ترى الروض في بهجة / تبسم عن نوره المؤتلق
مطارفه فوَّفتها الغمام / فمن أحمر وبياض يقق
تضوع منه أريج العبير / وفاح شذاه لمن ينتشق
أبا الفضل يا من غدت في الورى
أبا الفضل يا من غدت في الورى / نوافح أخلاقه نافحه
وعدت بشيشة عطر ولا / أشمُّ لوعدك من رائحة
لعلّ اللقا يرتجى علَّه يرتجى
لعلّ اللقا يرتجى علَّه يرتجى / وللصبر نيل المنى ينتسب
ومن يتّق الله يجعل له مخرجا / ويرزقه من حيث لا يحتسب