المجموع : 13
أيا زهرةً من حبيبةِ قلبي
أيا زهرةً من حبيبةِ قلبي / أريجُكِ فاحَ فنفّس كربي
حسَدتُك لما جنَتكِ ضحىً / أنامِلُ كادت تطير بِلُبّي
تنشَّقتُ مِنكِ ومنها شذا / فرقَّق شِعري ولطّفَ حبّي
فأنتِ العزيزةُ من أجلِها / ومن أجلِ ذكرٍ هُنالِكَ عذب
فهل تشعرينَ شُعوري وهل / ترينَ النّسيمَ تحيّةَ ركب
وَهل وطنٌ تأسفين عليه / وهل أنتِ ما بين حبٍّ وحربِ
غريباً صَبوتُ وصبّاً بَكيتُ / لِهدرةِ موجٍ وحنة سربِ
نَعم أنتِ ذابلةٌ وأنا / أذوبُ لتذكار أهلي وصَحبي
كلانا يَحنُّ إلى أرضِه / وعيشٍ مضى بين عذبٍ ورَطبِ
فؤادي تعوَّدَ نَشقَ الصَّبا / فكيف تلذُّ له ريحُ غرْبِ
وضعتُكِ في الماءِ صُبحاً كما / وضعتُ هوى مَن جَنَتكِ بقلبي
ولا بدَّ من ذَبلَةٍ فَلَكم / رأيتُ ذبولاً بزَهرِ وعشبِ
وإن يَفنَ مثلكِ قلبي فَهل / يَرى الزهرَ فوق عظامي وتربي
أصاحِبَ لا تعذليه سلام
أصاحِبَ لا تعذليه سلام / على زَفَراتِك عِند الحمام
بَكيتَ غريباً فأبكَيتَني / فروحي وروحُك إلفا حمام
دموعُكَ سالت لذكر العراق / فسالت دموعي لذكرى الشآم
وكم شاعرٍ مُستهامٍ بَكى / على طَللي مَنزِلِ وغرام
وعاشَ على أملٍ خُلَّبٍ / وما ظَفرت نفسُهُ بمرام
إذا مابنينا قصورَ الرّجاء / رأينا خَرائبَها والحطام
شَقينا كلانا فمتَّ وكدتُ / أموتُ فجسمي براه السقام
ومرَّ شبابي سَريعاً ولم / يَزُر طيفُ سعدٍ ولو في المنام
سعينا لخيرِ الأمورِ بلا / مكافأةٍ حيث فازَ اللئام
فوا أسفاه كذاكَ ولِدنا / لِنَشقى وما في الثُّغورِ ابتِسام
فمِثلُكَ خضتُ بحاراً وجبتُ / قفاراً وشبتُ لِفرطِ اهتمام
فذوّبتُ قلبي وعَيني جَوى / ونفسي مطامِعُها كالضرام
ولم أجنِ إلا الندامةَ مما / غَرَستُ وهذا نصيبُ الكرام
تَغرَّدتُ بينَ الورى بُلبُلاً / فضاعَ الصَّفيرُ وضاق المُقام
وشِعرُكَ شقَّ حِجابَ العصور / وذِكرُكَ فيهِ كريَّا الخزام
فَرَدَّدَهُ الخافقانِ فكان / لروحِكَ بعد المماتِ انتِقام
وذابت عليهِ حَشايَ لأني / بشِعرِ الشّعورِ شديدُ الهيام
وأيُّ حشىً لا تذوبُ على / قوافيكَ وهي دَوامي السِّهام
فنفسُكَ سالت كنفسِ الهَزار / على نغمِ الشَّوقِ والاغتمام
وللحزنِ والحبِّ أعذَبُ صوتٍ / وأرفَعُ شعرٍ وأقوى كلام
وإيمانُ قلبكَ في الشعرِ لاح / يُعزِّيكَ حُسناً وراءَ لِثام
وليس لِقَلبي الجموحِ عزاءٌ / ولليأسِ والشكّ فيهِ اصطِدام
فكم في القنوطِ لهُ صَيحةً / صَداها تكرَّر تحتَ الظَّلام
وأشعارُنا لغةٌ بَيننا / ولكنَّها عجمةٌ للأنام
فما لغةُ العربِ مَسموعةٌ / من القومِ والأكثرونَ نيام
ضرائرُها كدنَ يَقتُلنَها / وكدنا نقولُ عليها السلام
وما عربيَّةُ هذا الزمانِ / كتِلكَ التي ربيَت في الخيام
تُحمِّسَ جَيشاً وتُنشِدُ شِعراً / وتَعلو الجوادَ وتَجلو الحُسام
وأفضلُ من هؤلاءِ البنينَ / عظامُ الجدودِ الغزاة العظام
فأين الإباءُ وأينَ السخاءُ / وأينَ الوفاءُ وأينَ الذِّمام
على فقدنا بالرجاءِ نَعيشُ / لعلَّ نجوماً وراءَ الغَمام
إذاً فلنُغَنِّ وننسَ الهمومَ / فإنَّ الحياةَ غداً لانصِرام
ألا تذكُرينَ ضياءَ القمرْ
ألا تذكُرينَ ضياءَ القمرْ / يُريني على شَفَتيكِ الدُّرَرْ
وزهراً تُحيِّيكِ أنفاسُهُ / وطلّاً عليهِ كدمعي انتَثر
وَهينَمَةً من نسيم الصَّبا / وماءً كشِعري جَرى وهدر
وشَكوى نُلطِّفُها بالدّموع / ونجوى تُرينا أدقَّ الصور
وبين الفؤادَينِ أحدوثةٌ / منعَّمةٌ كرنين الوَتر
ومن لحظاتِكِ يَبدو الشُّعاعُ / ومن لحظاتي يَطيرُ الشَّرَر
فقلتِ رُوَيدَكَ إنَّ جمالي / تَقِيهِ الملائكُ شرَّ البشر
فلم تكُ إِلا عبادةَ وجهٍ / يردُّ الشفاه ويُغري النَّظر
وعقدَ يدٍ بيدٍ رَخصةٍ / يفوزُ بتَقبيلها مَن صَبر
فيا حبذا عهدُ حبٍّ مَضى / ويا حبَّذا منهُ طيبُ الذكَر
ويا حبّذا سمَرٌ قد أسالَ / شعورَ الفؤادِ ونورَ البَصر
ويا حبذا الكفرُ إن كان في / عبادةِ حُسنِكِ قلبي كفَر
ويا حبذا تحتَ جنحِ الظّلامِ / وقوفٌ إِلى أن يلوحَ السحَر
هنالِكَ كنّا نخافُ الرّقيبَ / فنحسبُ همساً حفيفَ الشّجَر
لكِ اللهُ ما أجزعَ العاشقينَ / وأبسَلهم في ركوبِ الخَطَر
لأجلِ الغرامِ أحبُّوا الهلاكَ / فهل ينفعُ العاشقينَ الحذر
فلو كان ليلٌ بدونِ صباحٍ / لعاشوا وكلُّ الحياة سمَر
بما في ليالي الهوى من أرقْ
بما في ليالي الهوى من أرقْ / وما في ليالي النَّوى من قَلقْ
هَبي مُغرماً نفَساً سارياً / على شفَتَيكِ بعرفِ الحبق
كما حملت نفحاتُ الصَّبا / إليكِ من الرَّوضِ عطراً عبق
وقد بلَّلَ الزّهرَ دمعُ النَّدى / وورَّدَ خدَّ السماءِ الشَّفق
أفضتِ على العينِ نورَ الهوى / فلذَّ البكاءُ لها والأرق
وشاقَ جمالُكِ قلبي الذي / كَسَقطِ الفراشةِ فيهِ احتَرَق
قِفي نقضِ تحتَ الدّجى لذَّةً / فهذا الشّبابُ كطيفٍ طرَق
فما أنتِ أوّلُ معشوقةٍ / وما أنا أولُ صبٍّ عَشق
فكم سرقت من شذاكِ الصَّبا / وكم سرقت من سناكِ الحدَق
لئن قلتِ في خَصرنا رقَّةٌ / فقلبي وشِعري ولفظي أرَق
وإن قلتِ في ساقِنا دِقَّةٌ / فرأيي وفِكري وذوقي أدَق
جبينُكِ نسرينةٌ أزهَرت / عَليها النّدى وعليهِ العَرَق
وقدُّكِ أغصانُ تفّاحةٍ / أحاطَ بها زَهرُها والوَرَق
وَشعرُكِ سَربٌ يحومُ على / ترائبَ مُزدانةٍ بالحَلق
وخدُّكِ فَلقَةُ رمّانةٍ / ومثلَ السوارِ فؤادي خَفَق
سأذكرُ يا هندُ من حبِّنا / وداعَ الصّباحِ وشوقَ الغَسَق
وأفدي جمالاً هداني إلى / عفافِ غرامٍ وقوَّةِ حَق
فتاتي الصغيرةُ تهوى النقارا
فتاتي الصغيرةُ تهوى النقارا / وقلبي زَقا وإليها استطارا
تعشَّقتُها بنتَ خمسٍ وعشرٍ / توقَّد في عَينها الحبُّ نارا
وفي وَجهها قطراتُ جمالٍ / على كلِّ قلبٍ تصيرُ شرارا
إذا لحَظتها العيونُ أرَتها / من الوردِ في خدِّها جلّنارا
تُزقزقُ عصفورةً وتطيرُ / فراشةَ رَوضٍ تحبُّ اخضِرارا
ويبرزُ من ثوبها ساقُها / دقيقاً فأهوى الثيابَ القِصارا
وفي وَجهها الزهراتُ تقولُ / لرامِقها ما أعزَّ الثمارا
وفي مِعصَميها سوارانِ صيغا / لأسري ففي الأسرِ أهوى السِّوارا
وفي جيدها عَقدُ درّ ثمينٍ / إذا برزت في الظلامِ أنارا
لها أُمها صنعتهُ وفيهِ / صليبٌ حَمى الطهرَ ليلَ نهارا
خفوقٌ على صدرِها كفؤادي / إذا التفتت فأرَتني الشِّفارا
مشت فرأتني بها لاحقاً / فخافت وهمّت ترومُ استتارا
فقلتُ فَديتُكِ لا تنفُري / ولو كنتُ منكِ أحبُّ النفارا
فقالت بصوت رخيم كذا / أتيت ولم تخش لوماً وعارا
فقلتُ لحسنِكِ جئتُ أُصلّي / وأفدي العفافَ وأحمي العَذارى
خِمارُكِ فيهِ لقلبي خمرْ
خِمارُكِ فيهِ لقلبي خمرْ / وتحتَ دُجاهُ يلوحُ الفَلقْ
له شبةٌ من شعاعِ القمرْ / وتلكَ الخيوطُ تفكُّ الحلق
من العينِ قلبي إليكِ خرجْ / وعينُكِ تَهتُكُ أستارَهُ
وهذا الحريرُ وهذا الأرجْ / يزينانِ للصبِّ أوطارَه
أعاقِبةُ الصَّبرِ منكِ الفرجْ / وقد أنفدَ المطلُ أعذارَه
خِماركِ فيهِ الغرام اختمرْ / ومرّ النسيمُ عليهِ مَلق
إلامَ تصونينَ أشهى الثمرْ / ورمَّانُ صَدركِ هذا انفَلق
تردّينَ كفّي عن قَطفِهِ / وفي ظلِّهِ للفؤادِ مقيل
سآخذُ قدَّكِ من عَطفِهِ / ولو قَدَّ صَدري حسامٌ صقيل
وشاحُكِ يشتاقُ سيفَ عمرْ / فللعينِ والقلبِ منه قَلق
بأمرِ الجمالِ فتاكِ ائتَمَرْ / وقلبي لِقَلبكِ رَبِّي خلق
تَنَفَّستِ الظبيةُ النافِرهْ
تَنَفَّستِ الظبيةُ النافِرهْ / وأنفاسُها هبَّةٌ عاطِرهْ
وبالعَرقِ الخدُّ سوسانةٌ / عليها دموعُ النَّدى قاطِره
إلى نزهةٍ ذهبت بكرةً / فما أجملَ المعصرَ الباكره
ومرَّت على الزَّهرِ أترابُها / وبينَ الحقولِ غدَت طافره
وعادت وفي يَدِها طاقةٌ / وأخرى على صَدرِها ناضره
فكم قَطَفَت كفُّها زهرةً / وكانت لجارَتها ناثره
فؤادي كحقلٍ لها مسرحٌ / عليهِ وطلعتُها باهره
فتَجني عواطفَهُ ضمَّةً / وليست بما نثرَت شاعره
بروحي التي وَقفت واجلَهْ
بروحي التي وَقفت واجلَهْ / وفي وجنَتيها يذوبُ الحياء
فقالت أتيتُ لصنعِ حذاء / وعن رِجلِها كَشَفت خاجلَهْ
فقلتُ حنانيكِ لا تَسخري / فجاري هناكَ هو الجوَّهري
هنالِكَ جاري فِسيري إليهِ / لقد حيَّرَ الناسَ صنعُ يديه
أضنُّ بدقَّةِ هذي القدم / وليسَ أديمي على قدره
له الصبُّ ينزعُ من صدرهِ / حشاهُ ويَبكي بدمعِ ودَم
رَأيتُ الجواهرً في حِرزها / تُصانُ وتُحجَبُ في عزِّها
حذاؤكِ من ذهبٍ يُصنعُ / فرجلُكِ جوهرةٌ تَسطَعُ
أتضمدُ جرحاً وتمسحُ دمعا
أتضمدُ جرحاً وتمسحُ دمعا / وترجو من الدَّهر عوداً وجمعا
وتلكَ الحزينةُ فارقتَها / ولم يُجدِ طولُ اغترابكَ نفعا
فوا حَسرتي هل أعودُ وهل / أَرى لقيودي الثقيلةِ قَطعا
وأُمّي تُقبِّلُ خدِّي وشَعري / وتحنُو عليَّ وتذرفُ دَمعا
فأبكي ودمعي يسيلُ على / يديها وأنضرُ بالأصلِ فرعا
فكم شقيَت وشقيتُ وكلٌّ / يُكفكِفُ دَمعاً ويسترُ صدعا
فإن يكُ بعد الوداعِ سلامٌ / غَفَرتُ لدَهري الاساءَةَ سَبعا
ففي النأي أفقَدني كلَّ شيءٍ / وعادَ فعوَّضَ أُمّاً وربعا
ألا مَن لقلبٍ كثيرِ العِللْ
ألا مَن لقلبٍ كثيرِ العِللْ / كثيرِ الشعورِ كثيرِ الوَجَلْ
بماذا يُعالَجُ مَن داؤهُ / عياءٌ وإن طالَ داءٌ قتل
فما هو إلا إناءٌ كسيرٌ / وفيهِ العواطِفُ زَهرٌ ذَبَل
أقولُ وغيري يُحِبُّ الحياةَ / إلامَ الحياةُ إلامَ الأمل
سلامٌ عليكِ صباحَ مساء
سلامٌ عليكِ صباحَ مساء / فقد كنتِ من فُضلياتِ النساء
لقلبي وعينيَّ منكِ هُدَى / ورَسمُكِ منهُ لجرحي إساء
أرى المرءَ يُولَدُ للنعمةِ
أرى المرءَ يُولَدُ للنعمةِ / وبالجهلِ مجلبةُ الشَقوةِ
وما اللهُ والناسُ ظلّامُنا / ولكنَّها قلُّةُ الخبرة
فلا قلبَ إلا وفيهِ هوى / ولا رأسَ خالٍ من الحكمة
ولا دولةٌ لِذَوي فتنةٍ / ولا فطنةٌ لذوي بطنة
سَلوتُ بقَطعِ الأملْ
سَلوتُ بقَطعِ الأملْ / وجرحُ هَواكِ اندَمَلْ
فما فيكِ إلا الذي / يعافُ غدا أو يُمَلّ
وما أنتِ أهلٌ لأن / تذُوقي ألذَّ القُبَل
فلا كان ذاكَ الهوى / ولا كان هذا المَلل