المجموع : 33
إلهي تقضَّى شَبابي وَعُمري
إلهي تقضَّى شَبابي وَعُمري / بِذَنب وَعَيبٍ وَجُرم ووزر
قطعت الليالي غروراً وَلَهواً / فَعادَت خَيالاً فَيا لَيت شعري
أَرى المَوت يُدني بَعيد الحَياة / وَيَطوي مكرّاً لِأَسباب نَشري
أَراني غَريباً طَريقي طَويلٌ / مهولٌ وَزادي قَليل وَأَجري
وَقدما اجتليت المَنايا أَمان / وَذُقت الغُرور كَمسموم خمر
تَقضّى صفاها فَلم يَبقَ إِلا / أَليم المَعاصي وَقَد عَزّ عُذري
إلهي أَخاف النكال الشَديد / وَأَخشى جَحيماً لعلمي بصبري
وَأَنتَ الرَحيم وَأَنتَ الرؤف / وَأَنتَ الغَني وُجودك ذُخري
وَقَد كانَ مني الَّذي كان جَهلاً / وَقَد جئت أَرجو وَأَسلمت أَمري
تغربت في الأَرض حَتّى
تغربت في الأَرض حَتّى / رَأَيت لسيري قرارا
وعايشت فيه رِجالاً / بخمر الأَماني سكارى
فَلو طلعت عليهم / لَوليت مِنهُم فَرارا
تبدّى الصَفاءُ وَطاب الأَريجْ
تبدّى الصَفاءُ وَطاب الأَريجْ / وَغَنى الحمام وَراقَت مُروجْ
تَأمّل خَليلي لصفو السَماء / وَحسن الجِنان البَهيّ البَهيج
سَماء تَسير بِها الزُهر سَيراً / كدوٍّ تَهادى عَلَيهِ الحدوج
كَأَن الدَراري سَفينٌ تَهادى / كَأن الظَلام بحار تَموج
كَأَن المجرّة سَيف صَقيل / نَضاه الغُروب لحرب الزُنوج
كَأَن الثريا عَلى نهرها / نَدامى تَنادوا براح مَزيج
تبدّت سِوى الشَمس زُهر النُجوم / كَجَيش الخديو يَصون البُروج
مَليك وَكُل الرَعايا عَبيد / ذُكاءٌ وَكُل البَرايا بُروج
حبى العَدل حَتّى غَدا الظُلم مَيتاً / تقيم التَهاني عَلَيهِ الضَجيج
أَنام العُيون بِمهد الأَماني / وَعمّ العُموم بِفَيض نَجيج
لَياليه خالٌ بخد الزَمان / وَأَيامه الغرّ خضرُ الفجوج
فَيا كم تَأنّّى إِلى أَن تهنّى / بِما قَد تمنى زَمانٌ لَجوج
وَطاف البِلاد لخير العباد / فَعاد وَسُوق المَعالي تَروج
فَلا زالَ بَدراً يُنير اللَيالي / وَشَمس النَهارِ بعدل بَليج
فَيا مصر تيهي عَلى كُل مَصر / بعز العَزيز الرَحيب الرتوج
لَقَد سارَ غَيثاً فَأَروى محولا / وَأَروى قُلوباً شجاها الأَجيج
وَعاد فَقال الهَنا أَرّخوا / قُدوم الخديوي سَرور بَهيج
معالي الرِجال إِليكِ البشارهْ
معالي الرِجال إِليكِ البشارهْ / رجال المعالي ولاة الإِدارهْ
فهذي الأَماني وفت بالتهاني / وحلو التداني أَزال المراره
فقرّت عُيون بما أَبصرته / وَقرّت قُلوب على استطاره
وَفرّق شمل الطغاة البغاة / فجمَّع شمل كرام النظاره
وَعزز أنس الديار اعتزازٌ / فشرّف داراً وَأَعلى مناره
فَبشراك يا مصر بالنصر سودي / بيمن المعالي وحسن الحضاره
فَتوفيق مَولاك بالفتح وافى / حماه المعزز ووالى انتصاره
وَزان الرياسة حرّ شَريفٌ / جَليل السجايا أَصيل الإِماره
فَقل لليالي الهَنا أَرّخي / فَحقّاً شَريف رَئيس الوزاره
يا لَودّي وَالَّذي أَمضى النَوى
يا لَودّي وَالَّذي أَمضى النَوى / بَينَنا رغماً عَن الحَزم الأَشدّْ
وَالَّذي أَبلى شؤون العين بال / مرسلات وَالفؤادَ بالكمدْ
ما وَجدتُ عَنكُم من بدل / وَسلوا القَلبَ ليدري ما وَجد
ما شربت الراحَ إِلّا مزجها / من غروب مالها إِن تجر مدّ
ما تسلت مهجتي عَن حُبكم / بحبيبٍ زانَهُ حُسنُ الغيد
لا وَلا عاينت بَدراً في سَما / مثلكم إِلا اِبتَدى شَوقي وَجدّ
لا وَلا ماست بِرَوضٍ أَغصُنٌ / تَزدَهي إِلا تخيل منكَ قَد
حَسبي اللَه عَلى هَذا النَوى / ما الَّذي أَبلغه هذا الأَمد
حَبيبي إِلى كَم تُداني الأَعادي
حَبيبي إِلى كَم تُداني الأَعادي / وَتُقصي مُحبّاً بِطُول البِعادِ
وَما الصَفوُ إِلا مدامٌ وَوَصلٌ / مدامٌ وَساقٍ نَديمٌ وَنادِ
لَدى رَوضِ أُنسٍ بسوم الزُهور / تَباكَت عَلَيهِ عُيونُ الغَوادي
سها الدَهرُ عَنهُ لرب الأَماني / وَقَد نامَ فيهِ عُيونُ العَوادي
وَتلك الغُصون بدت راقصاتٍ / وَهَذي الطُيور غَدَت كَالشَوادي
يَسبِّحنَ ربّاً عَظيماً براها / وَتُبدي الرَسيسَ رَسيسَ الفُؤاد
رَعى اللَهُ هَذا اللقا وَالتَداني / لنَنسى التَنائي وَيَحلو التَنادي
وَيَخطرَ هَذا القوامُ بتيهٍ / وَتَحكُمَ بيضٌ سَمت بِالسَواد
فَخلقٌ جَميلٌ وَخَلقٌ لَطيفٌ / وَنُطقٌ وَدودٌ وَقَلبٌ كَعادي
لَهُ اللَه من ذي دَلالٍ وَعجبٍ / بَغيُّ الغَرام قَضى في رشادي
وَحيَّى بِفيه وَما فيهِ خَمرٌ / فَأَسكر لُبّي بنيل المراد
وَلمّا تجلّى تَوسَّمتُ مِنهُ / جَمالاً كَبدرٍ إِلى الأنس هادي
فَبتنا بِلَيلٍ هنيءٍ وَأُنسٍ / وَبات العَذولُ حَليفَ السهاد
شُعورُك فَوق بَياض الجَبين
شُعورُك فَوق بَياض الجَبين / صَباحٌ وَلَيلٌ يُطوّلُ وَجدي
وَخالُك فَوق احمِرار الخُدود / خويدمُ يَحرسُ جَنّاتِ وَردِ
وَدلُّك يَقضي بذلِّ اعتزازي / وَتيهُكَ يَرضى انتهاكي وَجَهدي
فَباللَهِ قُل لي بِأَيةِ حُكمٍ / تُحرّمُ وُدِّي وَتَقصدُ صَدّي
تَركتَ فُؤادي مُعَنَّىً جَواداً / وَفي العَين أَجريتَ وَكّافَ جُودي
وَهَذا وِدادي وَهَذا اشتياقي / وَهَذا جَفاكَ بِإخلاف عَهدي
تَقلدْ حَبيبي بسيفِ النعسْ
تَقلدْ حَبيبي بسيفِ النعسْ / وَإلا اعتقل لي بهذا الميسْ
وَما شئتَ فَافعل بقلبٍ هَوى / فَما حبُّ صبٍّ لهذا ابتأس
وَلَكن تفضّل وَقل ما جَزا / فُؤادي إِذا كانَ طَرفي اختلس
بلحظٍ كحيلٍ وَقدٍّ رَشيقْ
بلحظٍ كحيلٍ وَقدٍّ رَشيقْ / فُؤادي طَعينٌ وَقَلبي رَشيقْ
رَقيقَ الكَلامِ رَقيقَ الفؤادِ / تَدارك رَقيقاً غَدا كَالرَقيقْ
وَجُد بالرحيق الشَهيِّ العَتيق / ليَشفي عضالي وَيُطفي حَريق
وَقرّب مَزاري وَقرّر قَراري / وَيَكفيك هَذا الجَفا يا صَديق
أَرى الجسمَ أَمسى عَليلاً نَحيلا
أَرى الجسمَ أَمسى عَليلاً نَحيلا / وَأَصبَح صَبري قَليلاً بَخيلا
وَجفني رَسولاً وَقلبي مجيباً / وَحبُّك يَرضى افتضاحي سَبيلا
وَقَد كُنت خال وَقَد كانَ حالي / سِوى ما تَراه بِأُنسي كَفيلا
رَعى اللَه دَهراً تَقضّى بلومي / محباً كَئيباً وَصَبّاً ذَليلا
إِلى أَن دَهَتني صُروف اللَيالي / وَأَلفى الهَوى للفؤاد الوصولا
وَقَفنا لننظرْ لحُسنٍ بهيّْ
وَقَفنا لننظرْ لحُسنٍ بهيّْ / وَلَحظٍ كَحيلٍ وَقَدٍّ شهيّْ
وَوَجهٍ مُنيرٍ وَشَعرٍ رَسيلٍ / كبدرٍ مضيءٍ وَليلٍ دجيّ
وَثغرٍ أَنيقٍ كدرّ نَسيق / برمزٍ مريبٍ وَلثمٍ خفيّ
وَفي القَلب وَجدٌ وفي العَين سهدٌ / نُرَجّي وَصالَ الخَليل الخليّ
أَشارَت الينا ببعضِ السلام / وَقالت حَبيبي حَبيبي إِليّ
وَمالت فَملنا لضمٍّ ولثمٍ / وَحيّت فَأَحيت فيا قَلب حيّ
وَبتنا بليل وَلا كل لَيل / نَغيظ العذول وَنُرضي الحميّ
رَماني زَماني بحبِّ الملاحْ
رَماني زَماني بحبِّ الملاحْ / فلم يشك مني عُيوناً شحاحْ
تَقضّى الشَبابُ فملّت كعابٌ / وَعيف الشَرابُ الهنيّ المباح
وَكُنّا نَزِين الدُمَى وَالنَدامَى / بِإنصاف جدّ وَحلو المزاح
غَنمنا التصابي بمُردٍ حسانٍ / وَنلنا الغَواني ذوات الوشاح
وَكُنا نُرَجّي امتدادَ الليالي / فصرنا نُرجّي اقترابَ الصَباح
أَمن بعد خمس وَعشرين وَلّت / نُرجّي ارتياحاً وَنَلهو براح
فودّع غرورَ الهَوى وَالتَصابي / وَبلّغ وَداعي الوُجوهَ الصِباح
حلالي افتضاحي وَخلعُ العذارْ
حلالي افتضاحي وَخلعُ العذارْ / عَلى رَشفِ ظَلْمٍ وَلَثمِ العذارْ
وفي الخزِّ تهتزُّ أَغصانُ دلٍّ / تُحاكي ارتجاجَ وَشيحٍ وَغار
وَنَحنُ هَنِئنا بصفوِ التَداني / وَصَوتِ الأَغاني وَكَأسِ العُقار
فَساقٍ صبيحٌ بلَفظٍ وَلَحظٍ / يُثنِّي الحُمَيّا وَيُبدي المَسار
وَحبٌّ موافٍ وَدَهرٌ مصافٍ / وَإِقبالُ أُنسٍ وَقُربُ المَزار
وَعِينٌ كِحالُ العُيونِ سُكارى / صُحاةٌ عِزازٌ ذَواتُ انكسار
رَمانيَ مِنها غَريرٌ عَزيزٌ / لَهُ من طِباع الظِباءِ النَّفار
عَلى وَجنَتيهِ رِياضُ الجَمال / وَمِن فَوقَها ماءٌ مِنَ البشرِ جار
وَقامَ عَلَيها من الخالِ داعٍ / يُنادي القُلوبَ هلموا لنار
لذاكَ تَراني إِذا ما تَبدّى / أَرى جُلَّ ناري مِنَ الجُلَّنار
وَأَنَّى تَثنَّى فَحَدْقُ العُيونِ / صُروحٌ وَدَمعي جُمانُ النثار
وَيَزداد حالي عَلَيهِ اشتهارا / وَوَجديَ إِن مرّ في استتار
وَقَد كانَ سكري براحٍ فَثنَّى / بظَلْمٍ فما لي وَما للوقار
فَيا حبّذا جرُّ ذيلِ التصابي / وَأُنسِ الشَباب بدار وَجار
تمتّع بغنمِ اللقا وَانتهزه / فإنَّ ليالي التلاقي قِصار
دُموعي غِطائي وَوَجدي فِراشي
دُموعي غِطائي وَوَجدي فِراشي / فَمِن أَينَ تَرجو حَبيبي انتعاشي
أَبِيتُ اللَيالي تضجُّ النجومُ / وَأُصبحُ وَالصبحُ بالهمّ غاشي
وَكَم ذا أَنوحُ وَلم يُجدِ نَوحٌ / وَأَكتمُ وَالحالُ بالسرّ فاشي
أَهذي شؤونُ المحبين جَمعاً / وَإِلا خُصِصتُ بهذا التَلاشي
أَكفُّ النَسيمِ بدرِّ الرذاذ
أَكفُّ النَسيمِ بدرِّ الرذاذ / يُحيِّي صَباحاً أَزاهرَ وَردِ
أَم الكَأسُ جال عَلَيها حَبابٌ / فراقت لعيني وَطابَت لوردي
سَعى نَحوي يهوي بذياك ساقي / شَقيقيّ خدّ وَشيجيّ قَدِّ
عَزيز يَهون عَلَيهِ افتضاحي / وَفيهِ جحيمي وَجَنّاتُ خلدي
شَربنا وَغَنّى فَأَغنى عُيوني / بحسنٍ وَأغنى فؤادي بودّ
شربنا عَلى الخَدّ وَالظل ضافٍ / عَلى الماء صافٍ عَلى الزَهر يندي
وَنلنا الأَماني بكلِّ التَهاني / وَعاد الزَمان مجيباً لقصدي
فمَن مخبرٌ عاذلي بالذي / أَباح الحَبيبُ ووَفَّى بوعدي
وَكَأسٍ شَربنا عَلى رَوضةٍ
وَكَأسٍ شَربنا عَلى رَوضةٍ / مِن الخَمر تحكي مذابَ الوَرسْ
وَللورد خدٌّ بِهِ حمرةٌ / وَللغصنِ قَدٌّ زَهى بِالميس
يَقول النَسيمُ بلطف صِلوا / زَمان التَهاني وَحُبِّ الخلس
فَقُلت صدقتَ وَلا غرو ذا / فَإِنّ النَسيمَ زَكيّ النَفس
حَنيني لمصر وَسكانِها
حَنيني لمصر وَسكانِها / حَنين القماري لأوكانها
فَوجدي مديدٌ عَلى آلها / وَشَوقي طَويل لندمانها
ديارٌ بِها علّمتني الهَوى / عُيونٌ سَبَتني بِأَجفانها
فَكَم لي بها غادة رودة / يَهيج اشتياقي على شانها
وَكَم أَغيد حسنُه مفردٌ / يَردّ الغَواني بِأَحزانها
هلموا إليها بحكم الهَوى / وَحُكم الحُميّا وَإخوانها
كُلُّ شَيءٍ قَد مَضى أَحسنُه
كُلُّ شَيءٍ قَد مَضى أَحسنُه / وَالليالي ذهبت بالأطيبِ
وَزَمانٌ صار شيخاً هرماً / لَيسَ يَلهو مثل ما كانَ صبي
فَاِرتَضِ الأَيامَ في أَحكامِها / إِنّ من غالب يَوماً يُغلَبِ
ما بقي من لذة ما يُصطفَى / غَير شغل بفنون الأَدب
لذيذ المبادي غصيصُ الخواتي
لذيذ المبادي غصيصُ الخواتي / مِ ذكرُ الهَوى بَعد فَوتِ الشَبابِ
وَمرَأىً قَريبٌ وَنيلٌ بعيدٌ / وَفاءُ الحَبيبِ وَودُّ الصحابِ
وَلم أَر أَجرَى إِلى الدمع حُزناً / وَأَشجى إِلى القَلب بعد اكتئاب
من البعد حتّى تذل النُفوس / فَتعتاض بالقرب لثمَ الكتاب
رَحيل النُفوس بركب النَفَسْ
رَحيل النُفوس بركب النَفَسْ / رَحيل جلِيٌّ وَإِن لَم يُحَسْ
وَسفْنُ الأَماني وَإِن قَد جرت / ببحر المحال ستلقى اليبس
وَيَبدو لعين اليقين الخفا / من الدَهر وَالأَمر مهما التبس
وَتعلم أَنْ ما تَرى باطِلاً / إِذا ما انتبهت وَجيب الغلس
فَيا قائماً بِالهَوى آملاً / سِواك كَبيرٌ بيأس جلس
فَبادر إِلى الجدّ وَالهَزلَ دَع / فَإِنّ الزَمان سِواك افترس