المجموع : 5
تبسم كالبرق لما ائتلق
تبسم كالبرق لما ائتلق / رشاً خاتل القلب حتى اعتلق
ولاح لنا مرسلاً شعره / فكان الضياء وكان الغسق
كأن سنا نوره صارم / أصيب الصباح به فانفلق
فما حاك من شعره مطرفاً / من الليل إلا وفيه انخرق
بدا والثريا بأفق السماح / كعنقود فاكهة في طبق
فاخجل بدر السما وجهه / فذا الطل راشح ذاك العرق
وحن سهيل إلى وجنتيه / فها هو في الأفق رهن القلق
يجور النطاق على خصره / فها هو منذعر المتنطق
بخديه روض زها زهره / لما قد سقته القلوب العلق
أقام به خاله حارسا / يذود عن الزهر سرح الحدق
فصنه بهذين هب أنه / صلى نار خديك حتى احترق
فقد ماج ماء الصبا فيهما / ألم تخش أن يعتريه الغرق
رشا خمر السكر من صدغه / هما علماني عطف النسق
فبت ومن ريقه خمرتي / ولم أحتس كاس ساقٍ دهق
إذ الزق طير أفراخه / كؤوساً بكف الندامى تزق
ولم أسأم الراح لكنني / تركت الرقيق بأخذ الأرق
سقى بقعة الكرخ من ملعب / ملث القطار مديم الغدق
سكوب يحاكي بتسكابه / غروب السواقي إذا ما اندفق
فلي عندها لا درت عذلي / فتاة تضيء ضياء الفلق
على أنها لم تنلني سوى / شهي المقبل والمعتنق
وكنا رضيعي لبان الهوى / لنا كل ما راق منه ورق
ومذ جاء حق الحجى بالمشيب / وكان الصبا باطلاً قد زهق
لوت حدها والهوى عاكف / وذلك باق بقاء الرمق
ومذ فلق الشيب قد حف بي / تلت قل أعوذ برب الفلق
وتجفو إذا أدكرت من أبي / حروب قريضة والمصطلق
وتطلب عندي قديم الذحول / فتدرك بي وتر من قد سبق
ألا قاتل اللَه ورد الخدود / فكيف استرق وكيف استرق
رمتني ولم أتخذ جوشنا / وهل حدق تتقي بالحلق
فقد أجتني الورد من وجنة / تكاد إذا قبلت تمتحق
وقد أرد الماء محمرة / مذانبه سيط فيها العلق
واملك بالعنف حافاته / إذا لم يرد منهلاً من رفق
وقد أركب العيس زيافة / تشق القفاز وتطوي الشقق
فإن المطايا عشقن السرى / فهن يعانقنه العنق
كم اعتسفت بي ديمومة / إذا اصطبحت لم تجد مغتبق
سباسب لم تند غدرانها / وأشجارها حت عنها الورق
تخال النجوم حباب المياه / فترنو إليها سواهي الحدق
ولو وجدت مصعداً لارتوت / على بعدها من دماء الشفق
إذا نزلت منزلاً قوضت / ومنها به سمة تمتشق
تنوش القشاعم من جلدها / بقية ما بالهجير احترق
لقد أكلت لحمها الهاجرات / فللنسر من عظمها ما اعترق
فقل للمطايا إلا أنما / يطيب الكرى بعد مر الأرق
إلى كاظم الغيظ وجهتها / ليصفو لها الوردُ بعد الرنق
فتى لم يزل ربعه للملا / محط الرحال ومأوى الفرق
يسوق الركاب شذى ذكره / ولولا شذى ذكره لم تسق
عظيم الجدود كريم الجدود / أمام الفريق أمان الفرق
منيع الجوار منيع الذمار / رفيق النجار رفيع الرتق
يطيش ابن قيس لدى حلمه / ويحصر قس إذا ما نطق
فللروض من بشره زهره / وللغيث من جوده مندفق
وللورد من خلقه نفحة / وفي أذفر المسك منها عبق
وللريح من خيله مركض / وللبرق من سيفه مؤتلق
يؤم الوغى طاميا جيشه / إذا ما اللواء عليه خفق
أرى الفضل في الخلق لكن به / تجمع ما في سواه افترق
وحاز المعالي جيمعاً فقل / له كل ما راق منها ورق
هزبر سعى في مراقي العلى / إذا الناس ثاغية في زلق
ومرت على الشح أيديهم / بأفئدة نضجت من حنق
زكام الورى سد آنافهم / فما للمعالي بها من عبق
ترى كل ذي لهجة شأنه / يزخرف من إفكه ما اختلق
وقد كان سوم العلى غاليا / فأرخصه أخذهم بالحمق
ويصبح لوسيم في درهم / ولو أمطروا عسجداً ما نفق
وإن أبصروا المال أبصرتهم / وقد ركبوا طبقاً عن طبق
وقد علموا أن أرزاقهم / يقسمها بينهم من رزق
ورب فتى رزقه عاكف / عليه أطل وفيه التصق
فقل لمجاريه قف واتئد / فحوز الرهان إلى من سبق
وكم أوفت البزل في حلبة / وما أدركت شأوهن الحقق
سلامٌ غدا وسلامٌ يروح
سلامٌ غدا وسلامٌ يروح / عليك وإن نال مني النزوح
بعثت الريح واليعملات / ومؤتلق البرق ما إن يلوح
فبرق يشب وعيس تخب / وريح تهب وطيب يفوح
وشوقي إليك بقلبي غدا / كروح لجسم وجسم لروح
فهاك متون الهوى جملة / أبت أن تفصلهن الشروح
لقد شط الركب من واسط
لقد شط الركب من واسط / فوا شوق نفسي إلى الشاحط
ألست على أخذ عهد الغرام / من قلب إلفك بالشارط
لقد كان هجرك شوك القتاد / فكيف استلان لدى الخارط
وأغيد إن يمتشط جعده / تعبق منه يد الماشط
أرى نوره شق ثوب الدجى / فأعيا على إبر الخائط
سخطت علي ولا ذنب لي / عليك رضا اللَه من ساخط
بسطت إليك يدا الوصال / فهلا رحمت يد الباسط
لقد كان نظمك نثر اللئال / سمحت بهن على اللاقط
إذا طالعتها الشمس وهي سوافر / يجلببها برد الكسوف حياؤها
وما بينها مسكية الطيب ثوبها / إذا لامس الأرض استطاب ثراؤها
مرنحة أعطافها فكأنما / يزر على خوط الأراك رداؤها
لها بين أفلاذ القلوب ملاعب / وإن ضمها في سفح نجد خباؤها
لقد أسرت يا للعشيرة مهجتي / وتلك التي لا يفتدي أسراؤها
فيا ربما خضنا لزورتها الدجى / على حين لم تشعر بنا رقباؤها
فجئنا إليها والظلام يلفنا / مخافة نمام فنم ضياؤها
عسى دارها تدنو فيألف مقلتي / كراها ويشفى بالتداني قذاؤها
وماضي الليالي كان لم يكن
وماضي الليالي كان لم يكن / ومقبلها مثل ما قد مضى
فلا تك منها على غرةٍ / فما هي إلا كبرق أضا
أهاجك وهناً سنا بارق
أهاجك وهناً سنا بارق / دوين ربى الجزع من بارق
أيا قاطعاً منه حبل الوداد / خفرت عهود فتى واثق
أبا قاسم أنت نعم الخليل / وإن حلت عن ودنا الصادق
جريت على حلبات العلوم / كمهر سليم الخطا سابق
جريت فأدركت أقصى المدى / وإنك ذو حسب باسق
فها أنت فيها تناهي صعوداً / فلا تبصر اليوم من لاحق
وما غاديات مراها النسيم / سحبن ضروعا على الشاهق
يحط جلاميده سيلها / بدمع كمدمعي الدافق
بأغزر من كفه وطفة / وكل بصوب حياها سقي
فلا رعت يا قرم هذا الزمان / بخطب مريع الفتى طارق
ولا خامر الحب منك الهموم / ودمت بعيش صفا رائق
أما والذي هو أرسى ثبير / لو دك باق على ما بقى