المجموع : 6
تَذَكَّرَ مِن طَيبَة أَربُعا
تَذَكَّرَ مِن طَيبَة أَربُعا / فَأَذرى البُكا أَربَعاً أَربَعا
دَعاني فَأَبطَأت شَوقي لَها / وَكانَ بِوُدِّيَ أَن أُسرِعا
وَلَولا قُيودي مِن النائِبات / لَكُنتُ لَها عَبدَها الطَيِّعا
فَيا بَرقُ بِاللَّهِ إِن جِئتَها / وَطُفتَ بِها مَربَعاً مَربَعا
فَدونَكَ فَاِسجُد عَلى تُربِها / وَيَمِّم بِها المَنزِلَ الأَرفَعا
وَبَلِّغ سَلامي رَسولَ الهُدى / مُحَمَّداً السَيِّدَ الأَروَعا
وَقُل يا أَعَزَّ الوَرى بائِسٌ / رَجاكَ لِدينٍ وَدُنيا مَعا
فَكُن شافِعاً فيهِما لِلإِله / بِأَن يَمنحَهُ الأَصلَحَ الأَنفَعا
وَإِنّي لَأَعلَمُهُ حاضِراً / يَراني وَأَدعو لَهُ مُسمِعا
وَلَكِنَّهُ الشَمسُ شَمسُ الهَدى / وَطَيبَةُ أَضحَت لَهُ مَطلَعا
سَما فَوقَ هامِ السَماءِ الرَسولُ
سَما فَوقَ هامِ السَماءِ الرَسولُ / دَنا فَتَدَلّى فَتَمَّ الوصولُ
فَعولَن فَعولُن فَعولُن فَعولُ / تَقارَبَ حَيثُ نَأى جِبرئيلُ
تذكّرَ مِن طيبةٍ أربُعا
تذكّرَ مِن طيبةٍ أربُعا / فَأَذرى البُكى أربعاً أربعا
دَعاني فأبطأتُ شوقي لها / وَكانَ بودّي أن أُسرعا
وَلَولا قُيودي من النائبات / لكنتُ لَها عبدَها الطيّعا
فَيا برقُ باللَّه إن جئتَها / وَطفتَ بها مَربعاً مربعا
فَدونكَ فاِسجد على تُربها / وَيمّم بها المنزلَ الأرفعا
وَبلّغ سَلامي رسولَ الهُدى / محمّداً السيّدَ الأروَعا
وَقُل يا أعزّ الورى بائسٌ / رَجاك لدينٍ ودُنيا معا
فَكُن شافعاً فيهما للإلَ / هِ بأن يَمنحه الأصلحَ الأنفعا
وَإنّي لأعلمهُ حاضراً / يَراني وأدعو لهُ مُسمعا
وَلكنّه الشمسُ شمسُ الهدى / وَطيبةُ أَضحت له مَطلعا
مُنيَتي طيبة لا أَبغي سواها
مُنيَتي طيبة لا أَبغي سواها / فَبِها الحسنُ لِعمري قد تَناهى
كيفَ أَنساها وأَسلو حبّها / بَعدما قَد خالَط الروحَ هواها
لا أُطيلُ الشرح أقصى مُنيتي / أَن أَراها وأُرى تحت ثراها
لَو تأمّلنا بحقٍّ أَرضها / لَرأيناها جِباهاً وشفاها
فاقتِ الدنيا سناءً وسناً / بحبيبِ اللَّه خيرِ الخلق طهَ
صاحب المعراجِ سرّ اللَّه في / خلقهِ أعلى الورى قدراً وجاها
خَصّه اللَّه بأعلى رتبةٍ / خفضَ الخلقَ جميعاً فعلاها
قَد رَوى عن ذاتِ مولاهُ الهدى / وَبلا كيفٍ ولا كمّ رآها
رِحلةٌ نالَ بها كلّ المنى / وبهِ الأفلاكُ قَد نالت مناها
قدرةُ الرحمنِ لا حدّ لها / مُنتهى كلّ كمالٍ مُبتداها
سَما فوقَ هامِ السماءِ الرسول
سَما فوقَ هامِ السماءِ الرسول / دَنا فتدلّى فكان القبولُ
فَعولن فَعولن فَعولن فعولُ / تقاربَ حيثُ نأَى جبرئيلُ
إِلامَ وحتّام هذا المقام
إِلامَ وحتّام هذا المقام / فَقُم واِرخ لليَعمُلاتِ الزِمام
وَسِر نحوَ طيبةَ دارِ الكرام / فَفيها المُشفّعُ خيرُ الأنام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
إِليها بنصٍّ تشدُّ الرِحال / وَفيها تحطُّ الذنوبُ الثِقال
وَمِنها تنالُ الأماني الغَوال / وَضيفُ النبيِّ بِها لا يُضام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
فَخلِّ المَطايا لَدَيها تَجول / تَجوبُ إِليها الحزونَ السُهول
فَما ثمَّ إلّا الرِضا والقَبول / لَدى أكرمِ الخلقِ راعي الذِمام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
هُنالكَ تحمدُ غبَّ السُرى / هُناكَ تَرى النيِّر الأكبرا
هُناكَ تشاهدُ خيرَ الورى / وَمنهُ تفوزُ بنيلِ المَرام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
أجلُّ الوسائلِ عند المليك / مُحالٌ مع اللَّه ندٌّ شريك
توسّل بهِ للرِضا يَرتضيك / وَلَو كنتَ أسخطتهُ بالأثام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
نبيُّ الهُدى نخبةُ المُرسلين / مبيدُ العِدا رحمةُ العالمين
رَسولُ الإلهِ المُطاعُ الأمين / خُلاصةُ أولادِ سامٍ وحام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
تفرّعَ عَن كلّ أصلٍ أصيل / وَكانَ خُلاصةَ جيلٍ فجيل
فَليسَ لهُ شبهٌ أَو مثيل / وَما فوقهُ غيرُ ربِّ الأنام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
دَعاهُ تَعالى لِأسنى تلاق / وَأَرسلَ جِبريلهُ وَالبُراق
فَشاهدهُ بأجلِّ اِشتياق / فَقالَ له اِركَب وأَرخِ الزِمام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
فَسارَ عليهِ إِلى إيليا / فَصلّى هنالكَ بِالأنبياء
وَمِنها إِلى فوقِ أعلى سما / وَمِنها إلى غايةٍ لا ترام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
وَجازَ عَلى سِدرة المُنتهى / وَعَن سيرهِ جبرئيلُ اِنتهى
وَزجّوه في النورِ حتّى اِنتهى / إِلى رؤيةِ الحقِّ بعدَ الكلام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
وَقَد فازَ ثمَّ بفرضِ الصلاة / وَحازَ مِن اللَّه خيرَ الصلات
وَنالَ القِرى مِن جميعِ الجِهات / وَلا بدعَ والمكرمُ ربّ الكرام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
بهِ عالمُ العلوِ قد شُرّفوا / وَآدمُ أَهلاً به يهتفُ
وَإدريسُ هارونُهم يوسفُ / وَموسى وَعيسى ويحيى اِبرَهام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
وَقَد أَتى مثواهُ في ليلَته / هُبوطهُ قَد زادَ في رِفعَته
وَنالَ ما قَد نالَ في سَفرته / وَطابَ لهُ بعدَ ذاك المُقام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
وَمِن بعدِ شهرٍ أتى نصرهُ / برعبٍ مَتى جاءَهم ذكرهُ
حُروبٌ بِها قَد علا قدرهُ / بِدونِ قتالٍ ودون قَتام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
وَحلَّ لهُ بالوَغا المغنمُ / وَكانَ على غيرهِ يحرمُ
وَما زالَ ربّي له يكرمُ / بحلِّ حلالٍ وحظرِ حَرام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
وَأَكرمهُ بخيارِ الرِجال / وَخيرِ النساءِ وخيرِ المَوال
فَكلّهمُ أهلُ خيرِ الخِصال / وَكلٌّ لَدى قومهِ في السَنام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
وَما زالَ أصحابهُ في اِزدياد / وَقَد فتحَ اللّهُ بابَ الجِهاد
وَذلَّ الضلالُ وعزّ الرشاد / وَزادَ الضيا حينَ نقصِ الظلام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
وَأكرِم بِصدّيقهِ الأكبرِ / وَعُثمان والفاتحِ الأشهرِ
عليٌّ أبو الحسنينِ السَري / أَخوهُ الكريمُ وكلٌّ كرام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
وكلُّ صَحابتهِ كالنجوم / لِقَومٍ هدىً ولقَومٍ رُجوم
بِهِم دينهُ في البرايا يَدوم / وَقام بِهم غالباً منذُ قام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
فَدوهُ بِأرواحِهم والبَنين / وَكانوا لهُ خيرَ حصنٍ حصين
وَما مِنهمُ غيرُ عدلٍ أمين / بِطهَ لهُم شرفٌ لا يرام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
يَروحُ ويَغدو بهِم للقتال / وَقَد لازَموه لزومَ الظلال
مُطيعينَ لا صَخبٌ لا جدال / لديهِ يُرى منهمُ لا خصام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
فَمَن مِثلُهم جاءَ في العالمين / سِوى الأنبياءِ سِوى المرسلين
لَقَد بلّغوا الناسَ شرعَ الأمين / وقَد أيّدوه بحدِّ الحسام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
فَقولوا لِمُبغضهم يا غبي / إِلى النارِ فاِذهَب بذا المذهبِ
أَلَم تدرِ أنّك حربُ النبي / بِرفضهمُ لا عليكَ السلام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
شَمائلهُ ما نسيمُ الصبا / بِألطفَ مِنها وزهرُ الربا
كَساهُ المحامدَ منذُ الصبا / وعرّاهُ مِن عارِ كلّ المذام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
لِيوسُفَ قَد كانَ شطرُ الجمال / وَطهَ حَواهُ بوجهِ الكَمال
فَليسَ لهُ في البرايا مِثال / وَلا سيّما عندَ كشفِ اللِثام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
مُحيّاه نورٌ وعينُ الضياء / بهِ الكونُ أشرقَ أرضٌ سماء
تَجمّعَ فيهِ جميعُ البهاء / فَما الشمسُ ما البدرُ بدر التمام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
حَوى صدرهُ العلمَ علمَ الورى / بِنسبتهِ نُقطةٌ لا تُرى
فَخلِّ غَماماً ودَع أبحرا / فَأينَ البحارُ وأينَ الغمام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
تَميّزَ فَرداً بحسنِ البيان / فَلا مثلَ ألفاظهِ والمَعان
لَقَد كانَ أفصحَ أهلِ الزمان / وأُعطي جَوامعَ خيرِ الكلام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
وَكانَ عَلى خيرِ خُلقٍ عَظيم / بِذلكَ أَثنى عليهِ العليم
وَأقسمَ سُبحانهُ في القديم / بِعمرٍ لهُ وهو أعلى اِحتِرام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
فَكَم جاهلٍ قَد أساءَ الأدَب / عَلى المُصطفى مِن جُفاةِ العَرب
فَأَكرمَ مثواهُ حتّى اِقترب / وَراحَ وَلَم يلقَ أَدنى مَلام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
جَوادٌ لوَ اِنّ جميعَ البحار / وَكلّ سَحابٍ بكلِّ دِيار
عَلى عددِ القطرِ مِنها نضار / أَتاهُ لأعطاهُ قبلَ المَنام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
فَلَو كانَ مُلكَ أبي القاسمِ / عطاءُ اِبن مامةَ مع حاتمِ
وَكلّ كَريمٍ بذا العالم / لأعطاهُ شَخصاً وخافَ الملام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
شَجاعَتهُ لا يفيها المَقال / وَدركُ الحَقيقةِ مِنها مُحال
تأمَّل حُنيناً وركبَ البِغال / وَإِقبالَه والوغا في ضِرام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
وَقَد هربَ الصحبُ إِذ أعجبوا / وَمِن قبلِها قطّ لم يَهربوا
فَناداهمُ عمّهُ الأنجبُ / فَعادوا سِراعاً لهُ كالنعام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
فَخاضوا غِمارَ الوَغى في بحار / وَقَد غَسلوا العارَ عارَ الفرار
بِزرقِ القَنا وببيضِ الشِفار / وَكانَ إماماً لهُم في الأمام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
فَصارَت هوازنُ أَشقى العِدا / بِقتلٍ وأسرٍ سَقوها الرَدى
وَساقوا السَبايا وعزَّ الفدا / فَنادوا سَلاماً فنادى سلام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
عَفا عنهمُ عفوَ مولىً كريم / بِذكراهُ عهدَ الرضاعِ القديم
وَقالَت له أختهُ يا حميم / تَذكَّر فِعالكَ قبلَ الفِطام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
فَقالَ لَها أَبشري بالنوال / وأَجلَسَها حيثُ عزّ المنال
وَخيّرَها فَصَبت لِلأهال / وجهّزَها فاِنثَنت لا تُضام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
لأقدامهِ الرملُ صخرٌ صقيل / وَصمُّ الصُخورِ كرملٍ مَهيل
علومَ الغيوبِ حباهُ الجَليل / وَكلّ الكمالِ وخير الكلام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
فَأَكرِم بخيرِ رسولٍ كريم / وَبِالمُؤمنين رؤوفٌ رحيم
عَلى أَنّه ربُّ خُلقٍ عظيم / فَيشفعُ لِلكلِّ يوم الزحام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
هوَ اليومُ يومُ العذابِ الأليم / يفرُّ الحميمُ بهِ مِن حميم
يودُّ اِنصِرافاً ولَو لِلجحيم / بهِ الخلقُ قبل حميدِ المَقام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
فَيَأتونَ والدَهم آدما / وَنوحاً ويأتونَ إبراهَما
وَموسى وعيسى فَكلٌّ رمى / عَليه غيرهِ ثمَّ خيرَ الأنام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
يُجيبُ نِداءَهمُ واحدا / يَخرُّ إِلى ربِّه ساجِدا
يكونُ لهُ شاكراً حامداً / محامدَ فَتحٍ تُحاكي المقام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
يُنادي مِنَ اللَّه قُم واِرفعِ / وَسَل ما تريدُ وقل يسمعِ
نُشفّعكَ في خلقِنا فاِشفعِ / فَيشفعُ في الكلِّ ذاك الهمام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
هنالكَ يظهرُ فضلُ الحبيب / يَراهُ البعيدُ يراهُ القريب
فَيندمُ إِذ ذاكَ غيرُ المجيب / يقولُ يا ليتهُ لي إِمام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
وَقَد خصّه اللَّه بالكوثرِ / أَجلّ المُنى أفضلِ الأنهرِ
يَصبُّ بِحوضٍ لهُ أكبرِ / عديدُ النجومِ لهُ خير جام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
كَمِسك شَذا مائه أذفر / وَأَذكى وأَحلى من السكّرِ
سَيَسقيهِ كلّاً سِوى المنكرِ / مُحالٌ على شارِبيه الأوام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
إِلَهي بجاهِ أَبي القاسمِ / نبيِّ الهُدى صفوة العالمِ
حَبيبكَ خيرِ بني آدمِ / وَسيّدِ مَن سدتهُ يا سلام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
أَنِلني رِضاكَ وحبّبه بي / وَسهّل إِلهي بهِ مَطلبي
وَشفّعه فيَّ وأمّي أبي / وَقَومي وصَحبيَ أهلَ الذمام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
وَمِن حوضهِ يا إِلهي اِسقنا / وَبالبعدِ عنهُ فَلا تُشقِنا
وَتحتَ لِواءٍ له رقّنا / لأعلى فَراديسِ دارِ السلام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /
وَحسّن بِفضلكَ أَحوالنا / وَبلّغ منَ الخيرِ آمالنا
وَأَنعِم بِختمكَ آجالنا / عَلى دينِ طهَ بحسن الختام
عَليهِ الصَلاةُ عليهِ السَلام /