لَقَدْ جاوَزَتْ فِيكَ مِقْدارَها
لَقَدْ جاوَزَتْ فِيكَ مِقْدارَها / خُطُوبٌ قَضَتْ مِنْكَ أَوْطارَها
وَكَيْفَ تَرَقَّتْ إِلى مُهْجَةٍ / يَوَدُّ الرَّدى لَوْ غَدا جارَها
سَمَتْ هَمَّةُ الْخَطْبِ حَتّى إِلَيْكَ / لَقَدْ عَظَّمَ الدَّهْرُ أَخْطارَها
وَمَنْ ذا الَّذِي يَأْمَنُ النّائِباتِ / وَقَدْ أَنْشَبَتْ فِيكَ أَظْفارَها
سَماحُكَ أَثْكَلَها صَرْفَها / فَجاءَتْكَ طالِبَةً ثارَها
سَتَبْكِيكَ إِذا عُمِّرَتْ دَوْلَةٌ / دَعَتْكَ الْمَكارِمُ مُخْتارَها
فَمَنْ لِحِماها إِذا ما الْعَدُ / وُّ أَمَّتْ كَتائِبُهُ دارَها
وَمَنْ يَشْهَدُ الْحَرْبَ غَيْرُ الْجَبانِ / إِذا الْخَوْفُ غَيَّبَ أَنْصارَها
وَمَنْ يَجْعَلُ السَّيْفَ مِنْ دُونِها / حِجاباً يُمِيطُ بِهِ عارَها
وَمَنْ ذا يُكَثِّرُ حُسّادَها / وَمَنْ ذا يُقَلِّلُ أَنْظَارَها
وَمَنْ لِلأُمُورِ إِذا أُورِدَتْ / فَلَمْ يَمْلِكِ الْقَوْمُ إِصْدارَها
وَمَنْ ذا يُطِيلُ قِراعَ الْخُطُو / بِ حَتّى يُقَصِّرَ أَعْمارَها
سَقى اللهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَراكَ / حَياءَ السَّماءِ وَأَمْطارَها
تَوَلّى كَما أَقْلَعَتْ دِيمَةٌ / وَأَوْدَعَتِ الأَرْضَ آثارَها
مَضَتْ وَاقْتَضَتْ شُكْرَ آلائِها / نَسِيمَ الرِّياضِ وَنُوّارَها
خَلائِقُ إِنْ بانَ مِنْها الْعِيانُ / رَوَتْنا الصَّنائِعُ أَخْبارَها
أَرى كُلَّ يَوْمٍ مِنَ الْحادِثاتِ / لَنا وَقْعَةً نُصْطَلِي نارَها
فَيا لَيْتَ شِعْرِي وَما نَفْعُ لَيْتَ / مَتى تَضَعُ الْحَرْبُ أَوْزارَها
وَحَتّامَ ذِمّةُ هذِي الْجُسُو / مِ لا يَرْهَبُ الْمَوْتُ إِخْفارَها
تُفِيتُ الْمَقادِيرُ أَرْواحَها / وَتُبْلِي عَلَى الدَّهْرِ أَبْشارَها
هَرَبْنا بِأَنْفُسِنا وَالْقَضا / ءُ يَسْبِقُ بِالْمَشْي إِحْضارَها
وَما اعْتَرَفَتْ أَنْفُسٌ بِالْحِما / مِ لَوْ كانَ يَقْبَلُ إِنْكارَها
إِذا أَقبَلَتْ بِالْفَتَى عِيشَةٌ / تَوَقَّعَ بِالْمَوْتِ إِدْبارَها
وَكَيْفَ يُحاوِلُ صَفْوَ الْحَيا / ةِ مَنْ لَيْسَ يُمْنَحُ أَكْدَارَها
وَما عُمْرُ مَنْ أَدْرَكَتْهُ الْوَفا / ةُ إِلاّ كَمَرْحَلةٍ سارَها