سَرَى البَرْقُ واللّيلُ يُدْني خُطاهْ
سَرَى البَرْقُ واللّيلُ يُدْني خُطاهْ / فَباتَ على الأيْنِ يَلْوي مَطاهْ
ولاحَ كَما يَقْتَذي طائِرٌ / ولم يَسْتَطِعْ منْ كَلالٍ سُراهْ
فَمالَ على ساعِدَيْهِ الغُرَيْبُ / بخَدّيهِ حتى ونَى مِرْفَقاهْ
وحَنَّ إِلى عَذَباتِ اللِّوى / ووادي الحِمى وإِلى مُنحَناهْ
وهَلْ يَسْتَنيمُ إِلى سَلْوَةٍ / أخو شَجَنٍ أجْهَضَتْهُ نَواهْ
فَشامَ بأَرْوَنْدَ ذاكَ الوَميضَ / وأينَ سَناهُ بنَجْدٍ سَناهْ
ومنْ دونِهِ أمَدٌ نازِحٌ / إذا أَمَّهُ الطَّرْفُ أوهَى قُواهْ
فهل مِنْ مُعينٍ على نأْيِهِ / بنَظْرَةِ صَقْرٍ رأى ما ابْتَغاهْ
وطارَ على إثْرِهِ فامْتَطى / سَراةَ نَهارٍ صَقيلٍ ضُحاهْ
فَها هُوَ يَذْكُرُ مِلْءَ الفُؤادِ / زَماناً مَضى وشَباباً نَضاهْ
ومُرْتَبَعاً بالحِمى والنّعي / مُ يُلْقي بِحاشِيَتَيْهِ عَصاهْ
هُنالِكَ رَبْعٌ تَشيمُ الأسُو / دُ فيهِ لَواحِظَها عَنْ مَهاهْ
ويخْتالُ في ظِلِّهِ المُعْتَفونَ / وتندىً على زائِريهِ رُباهْ
فهَلْ أرَيَنَّ بعَيْني المَطِيَّ / يهُزُّ الذَّميلُ إليهِ طُلاهْ
ويَسْتَرْجِعُ القَلْبُ أفْاحَهُ / بهِ ويُصافِحُ جَفْني كَراهْ
أمِثْلي ولا مِثْلَ لي في الوَرى / ولا لأُميَّةَ حاشا عُلاهْ
تُفَوِّقُني نَكَباتُ الزّمانِ / عُفافَةَ ما أسْأَرَتْهُ الشِّفاهْ
وفي مِدْرَعي ماجِدٌ لا يَحومُ / على نُغَبٍ كَدِراتٍ صَداهْ
ويَطْوي الضُّلوعَ على غُلَّةٍ / إذا درَّعَتْهُ الهَوانَ المِياهْ
ولا يتَهَيَّبُ أمْراً تشُدُّ / عَواقِبُهُ بالمَنايا عُراهْ
وإنْ تَقْتَسِمْ مُضَرٌ ما بَنَتْ / هُ منْ مَجْدِها يتفَرَّعْ ذُراهْ
ولي هِمّةٌ بمَناطِ النُّجومِ / وفَضْلٌ تَوَشَّحَ دَهْري حُلاهْ
وسَطْوَةُ ذي لَبِدٍ في العَري / نِ مَنْضوحَةٍ بنَجيعٍ سُطاهْ
يُحَدِّدُ ظُفْراً يَمُجُّ المَنونَ / إذا ساوَرَ القِرْنَ أدْمى شَباهْ
ويوقِدُ لَحْظاً يكادُ الكَمِيُّ / يَقْبِسُ واللّيلُ داجٍ لَظاهْ
سَلي يا بْنَةَ القَومِ عمّنْ تَضُمُّ / دِرْعي وبُرْديَ عمّا حَواهْ
ففي تِلْكَ أصْحَرُ يَغْشَى المَكَرَّ / وفي ذاك أسحَمُ واهٍ كُلاهْ
أُجَرِّرُ أذيالَها كالغَديرِ / إذا ما النّسيمُ اعْتَراهُ زَهاهْ
وقائِمُ سَيْفي بمِسْكٍ يَفوحُ / وتَرْشَحُ منْ عَلَقٍ شَفْرَتاهْ
وتَحتيَ أدْهَمُ رَحْبُ اللَّبانِ / حَبيكٌ قَراهُ سَليمٌ شَظاهْ
كَسا الفَجْرُ منْ نُورِهِ صَفْحَتَيْ / هِ واللّيلُ ألبَسَهُ منْ دُجاهْ
سَيعْلَمُ دَهْرٌ عَدا طَوْرَهُ / على أيِّ خِرْقٍ جَنى ما جَناهْ
وأيَّ غُلامٍ سَما نَحْوَهُ / ولَم يَسأَلِ المَجْدَ عنْ مُنْتَماهْ
أغَرّ عَزائِمُهُ منْ ظُبا / أُعِرْنَ التألُّقَ مِنْ مُجْتَلاهْ
وليسَ برِعْديدَةٍ في الخُطوبِ / ولا خَفِقٍ في الرّزايا حَشاهْ
أتَخْشى الضَّراغِمُ ذُؤْبانَهُ / وتَشْكو الصُّقورُ إليهِ قَطاهْ
ولولا تَنَمُّرُهُ للكِرامِ / لمَا فارَقَتْ أخْمَصَيْهِ الجِباهْ
وعن كَثَبٍ يتَقَرّى بَنيهِ / بِما يَعْقِدُ العِزُّ فيهِ حُباهْ
فيَسْقي صَوارِمَهُ مِنْهُمُ / عَبيطَ دَمٍ ويُرَوّي قَناهْ
ومن يَنْحَسِرْ عنهُ ظِلُّ الغِنى / ففي المَشْرَفيّاتِ مالٌ وجَاهْ
فَما للذّليلِ يُسامُ الأذى / ويَخْشى الرّدى لا وَقاهُ الإلهْ