ثنَتْ عنك يومَ الرحيلِ العِنانا
ثنَتْ عنك يومَ الرحيلِ العِنانا / وبانَتْ وفي إثرِها الصبرُ بانا
ولمّا استقلتْ ضُحىً بالمَطيّ / أبانَ لك البينُ ما قد أبانا
لعَمْري لئنْ رحلَ الظاعنونَ / لقد أودَعوني الهَوى والهَوانا
ولما اعتنقنا بكتْ لؤلؤاً / وأمطرتُ من مقلتيّ جُمانا
وكنتُ كتمْتُ الهَوى فاغتدت / بهِ دمعُ عيني لها تَرْجُمانا
عَفا اللهُ عمنْ ذللتُ فعزّ / وصلتُ فصدّ وفَيْتُ فَخانا
وجاد رسومَ ديارِ اللِوى / سحابٌ يُحيلُ رُباها حَنانا
ديارٌ قطعتُ حبالَ الهُمومِ / بها ووصلتُ الظباءَ الحِسانا
ورُبّ فلاةٍ تعسّفتُها / على متْنها الليلُ ألقى الجِرانا
فما صدَّ ذلك عزمي بها / ولا راعَ ذلك مني الجَنانا
وقلتُ لهوجاء زيافةٍ / تُقطّعُ أطوادَها والرُعانا
أقلّي أنينَكِ يا هذه / فما صعُبَ الخطْبُ إلا وهانا
وجِدّي الى من إليه المطيُّ / تروحُ خِماصاً وتغدو بِطانا
الى حافظِ الدينِ والمُرتجى / لدفعِ المُلمِّ إذا ما اعترانا
تيقنتُ أني إذا جئتُه / أخذتُ من الحادثاتِ الأمانا
وإن أظلمَ الخطبُ جلّى حِجاهُ / عوارضَ أشكالِه فاسْتَبانا
إذا جئتُه مستفيداً أفادَ / وإن جئتُه مستعيناً أعانا
لأصبِحَ في السادةِ الأكرمين / أعزّ جُواراً وأعلى مكانا
وأوضحَهُم في العُلا منهَجاً / وأفصحهُم في مقالٍ لِسانا
وأوسعَهم للندى نادياً / وأرفَهَهُم في ذُرى المجدِ شانا
فيا ناقلَ الجودِ عن حاتمٍ / سَماعاً تحدّثْ بهذا عِيانا
هنيئاً مريئاً بصومِ أتاكَ / يُقبّلُ من راحتيكَ البَنانا
وخُذْها قصائدَ قد زيّنَتْ / بذكرِ صفاتِكَ فيها الزمانا
حدائقُ لو نفحَتْ ريحَها / على عجلٍ يابسَ الصخرِ لانا