تَزاوَرن عن أذْرِعات يمينا
تَزاوَرن عن أذْرِعات يمينا / نواشزَ ليس يُطِعنَ البُرِينا
كَلِفنَ بنجدٍ كأَّن الرياضَ / أخذنَ لنجدٍ عليها يمينا
وأقسمن يحملنَ إلا نحيلا / إليه ويُبلغنَ إلا حزينا
ولما استمعن زفيرَ المشوق / ونوحَ الحمام تركنَ الحنينا
إذا جئتما بانة الواديين / فأرخوا النسوع وحُلّوا الوضينا
فثَمَّ علائقُ من أجلِهنَّ / مُلاءُ الضحى والدجى قد طُوينا
وقد أَنبأتْهم مياهُ الجفو / ن أنّ بقلبك داءً دفينا
لعلَّ تمائمَ ذاك الغزال / تُداوِى وَلوعا وتَشفِى جنونا
لقد شبَّ بينَى هذا الغرامُ / وما بين قومِك حَربا زَبونا
تُراهم يظنّون لما أغرتُ / بلحظى عليهنّ أ قد سُبينا
وماذا على مُسلِفٍ في الظبِاء / أُلطَّ به فتقاضَى الديونا
تلوم على شغَفى بالقدود / فهبْنَى وَرْقاءَ تهوَى الغصونا
سواءٌ نشيِدي بهنّ النسيب / وترجيعُها بينهنَّ اللُّحونا
أَلا لُحِىَ الحسنُ من باخلٍ / أبىَ أن يصاحبَ إلا ضنينا
وإنّ وَلوعى بأهل الحمى / يخيِّل لي كلَّ سِربٍ قَطينا
أينشُدُ رُعيانُهم أن أضلّوا / بعيرا ولا أنشُد الظاعنينا
وفي السِّربِ أَحوَى إذا ما استرابَ / بقَنَّاصِه أمَّ دارا شَطونا
ظِللتُ أكُرّ عليه الرُّقَى / وتأبَى عريكتُه أن تلينا
يصون محاسنَه بالصدو / دِ إذ ليس يلقَى عليها أمينا
ودون البراقعِ مكحولةٌ / تعلِّم طبعَ السهام القُيونا
وما كنتُ أعلم من قبله / نّ أن الأسنّة تُسَمى عيونا
صوارمُ تَنهَزُ فتقَ الجِراح / وما خُلقتْ للضِّراب الجفونا
نوَدُّ النحورَ ونهوىَ الثغورَ / ونعلمَ أنّا نحبُّ المنونا
أقِلْنى من الوُخَّد الراسما / تِ أكْفكِ من حيّهم أن يَبينا
ألسنَ اللواتى هَززن الحدُو / جَ هزًّا يُطاير عنها العُهونا
فكلُّ فنيقٍ ببطن العقيق / من الضُّمْر قد أخدَجَتْه جنينا
عدِمتُ فتىً عند نقع الصري / خ يُقعى على أسْكَتَيه بطينا
يعدُّ المفاخرَ والمكرما / تِ طرفا كحيلا ورأسا دهينا
فهل لكَ في بسط أيدى المط / ىِّ تَطوى المهامهَ بِيناً فبِينا
إذا ما صُبغَن بَورِس الهجي / ر حمرا تَجلَّيَن بالليل جُونا
فشبَّهنَ لُجَّ السَّرابِ البحورَ / وشبَّهنَّ السرابُ السفينا
وما تستطيلُ المدى أينُقٌ / بحمدِ جَمال الورى قد حُدينا
وجدنا لديه ربيعَ الثنا / ء غضًّا وماءَ المعالى مَعينا
تبوَّأ في المجد بُحبوحةً / على مثلها يكَمد الحاسدونا
ينادى النجاحُ بأبوابه / ألا نِعمْ ما قَرَع الطارقونا
وتحسبُ من بأسه والبها / ءِ مجلسَه فَلَكا أو عرينا
لكل مَبَزٍّ به سجدةٌ / تسابق فيه الشفاهُ الجبينا
مقامٌ تخَاذَلُ من هوله / خُطَى القوم حتى تراهم صُفُونا
طغتْ يدُه وعلَتْ في السما / حِ حتّى ذممنا السحابَ الهتونا
إذا ما ادّعت صوبَهُ المعصرا / تُ ردَّت عليهنّ غُبْر السنينا
أيحكى بوارقُها والقِطا / رُ للعين عسجدَه والرَّقينا
وما النارُ من ذَهب المجتدين / وما الماءُ من فِضَّة الراغبينا
أفي دِية البخلِ لمَّا أماتَ / يؤدّى الألوفَ ويُعطى المئينا
بما شئتَ يسخو ولولا الحيا / ءُ من مجده قسَّم المجدَ فينا
ويأبَى على سرَف الطالبي / نَ ألاّ يُصدِّق فيه الظنونا
ومن يستدلُّ على المكرمات / يُمِرّ من الشكر حبلا متينا
وما زال يَكذِبُ وعدُ المنى / إلى أن أقامت يداه ضمينا
وقد غَمزت عُودَه النائباتُ / فلم تجد الضارعَ المستكينا
وإن زعزعتْه فإن القنا / ةَ للطعن زعزعها الطاعنونا
سرى عزمه والكرى خمرة / يُدير زجاجتَها الهاجعونا
فبات على صهواتِ الخطو / ب أقنَى يقلِّب طَرْفا شَفونا
إذا ما ارتقى ظنُّه مرباً / من الغيب أوحَى إليه اليقينا
وأفوهَ طارده بالجدال / فخرّ بغير العوالى طعينا
وكم خُطّة أَفردتهُ الرجا / لُ فيها وولت شَعاعا عِضينا
أضاء بحِندسِها رأيُه / وكان له الله فيها مُعينا
ففي كلّ يومٍ يُوافى البشيرُ / بفتحٍ مبينٍ يُقرُّ العيونا
رَمى أهلَ بابلَ في سِحرهم / برقشاءَ تلقَفُ ما يأفِكونا
ألم تعلموا أنَّ في أفقهِ / سحائبَ أمطارُها الدارعونا
وفتيانَ صدقٍ تكون السهامُ / طليعتَهم والسيوفُ الكمينا
وجُرْدا إذا وَجِيَتْ بالبطا / ح أحذَى سنابكَهن الوَجينا
فيوما لنُعمَى تَلُسّ الغَميرَ / ويوما لبؤسَى تسُفُّ الدَّرينا
جرتْ سُنحُا بنواصى العراق / فأحجم عن زجرها العائفونا
وحكَّتْ على واسطٍ بَركْهَا / بيومٍ عسير أشابَ القرونا
تصبُّ على الفئةِ الناكثين / لعهدك سوطَ عذابٍ مُهينا
فتلك جماجمُهم في الصعي / د تتَّخِذ الطيرُ فيها وُكونا
مَرَى ابنُ فَسنجُسَ من خِلْفها / زُعافا وما كلُّ خِلْف لَبونا
فطار على قادماتِ الفِرار / جريضاً وكان فِرارا حَرونا
زجَتْه إليك أكفُّ القضاءِ / وتأتي بأقدامها الحائنونا
وفي دار بَكْرٍ لها رجفةٌ / أزالت صياصِيَها والحصونا
غداةَ زحمَت بها عامرا / تخوصُ قبائلَها والبُطونا
لها غُرَوٌ إن رآها العد / وّ لم ير أكفالَها والمتُونا
قضت من عُبَادَةَ أوطاَرها / وحكَّمت البيض حتى رضينا
وما تركت للموالى حِمى / ولا العقائل خِدرا مصونا
فتلك عقيلٌ عقيلُ الفِرا / ر تُحْرش بالدوّ ضبًّا مَكونا
جعلتَ من الخواف أفراسَها / كأقتادِها والفيافى سُجونا
ووافت بنو أسَدٍ كالأسود / تخُطُّ الرماح عليها عَرينا
فدع فُرصة الثأر ممطولةً / لذنبٍ أقرّ به المذنبونا
أليس طُليْحةُ من عِصيهم / أراغ النبوّة في الناس حينا
فلما نَمَى الدينَ أشبالُه / أناب وأطلقَ تلك الفنونا
ولاقت به الفُرسُ أمَّ اللُّهَي / م وأْدَ البناتِ وذبحَ البنينا
ولا بدَّ للشام من نطحة / تُحذِّر زمزمُ منها الحَجونا
وأخرَى لمصرَ تَخُطُّ الرّوا / ةُ في الرقِّ منها الحديثَ الشُّجونا
جعلتَ الخلافةَ في عصرنا / تُفاخر مأمونَها والأمينا
وجاهدتَ فيها جِهادَ امرىء / له جمعَ الله دينا ودِينا
إذا ما سلكتَ بها منهجا / وثبتَ الجبالَ وجُبت الحُزونا
بسطتَ لعَمرك كفَّ الزما / ن يُحصى الليالي ويُفنى القرونا
ولا برِحتْ ألسنُ المكرما / ت تُغْنِيك عن ألسن المادحينا
دعاءٌ إذا سمِعْته العُدا / ةُ قالت على الكره منها أمينا