المجموع : 3
ثنائي عَلَيْكَ ونُعماكَ فينا
ثنائي عَلَيْكَ ونُعماكَ فينا / كواكِبُ تشرقُ للعالَميِنا
تَلأْلأَ بالجودِ مِمَّا يَليكَ / عَلَيْهِمْ وبالحمد مِمَّا يَلِينا
جواهِرُ فصَّلْتَها فِي سُلُوكٍ / ملأْنَ الصدورَ ورُقْنَ العيونا
مُبَرِّزَةُ السَّبْقِ فِي الأَوَّلِينا / ومأْثُورَةُ الذِّكْرِ في الآخِرينا
كَسبْقِكَ فِي كلِّ علياءَ حَتَّى / أَضَرَّ غبارُكَ بالسابقِينا
فيا بُعْدَ مَسْرَاكَ للمُدْلِجِينا / ويا قُرْبَ مأْوَاكَ للرائِحينا
فحقّاً إِلَيْكَ رحلْنا المهاري / تُقاسِمُنا جهدَ مَا قَدْ لَقِينا
أَهِلَّةَ سَفْرٍ وقَفْرٍ قَطَعْنا / إِلَيْكَ الشهورَ بِهَا والسِّنِينا
نُلاقِي السُّيوفَ إذا مَا فَزِعْنا / ونُسْقى الحتوفَ إذَا مَا ظمِينا
فطوراً نرى العَيْشَ ظَنّاً كَذُوباً / وطوراً نرى الموت حَقّاً يَقِينا
وحقاً إِلَيْكَ رَكِبْنا الرياحَ / مطايا رحلنا عليها السَّفينا
كَأَنَّ عَلَى لُجَجِ البحرِ منها / هوادِجَ تخفُقُ بالظَّاعِنينا
وللهِ من أُمَّهاتٍ حَنَيْنَ / علينا الظهور وجُبْنَ البطونا
تقودُ المنايا بِهَا حَيْثُ شاءَتْ / وتثني كلاكِلَها حَيْثُ شِينا
خطوباً تباذَلْنَ منَّا نفوساً / جَلَبْنَ لَكَ الحمدَ غَضّاً مَصُونا
فغادَرْنَ أَوْطانَنا عافِياتٍ / وجئْنَ إِلَيْكَ بِنا مُعْتَفِينا
دياراً تسُحُّ عَلَيْها الدُّموعَ / وَفِيهَا قُتِلْنا وَفِيهَا سُبِينا
وَفِيهَا صدقْنا إِلَيْكَ الرَّجاءَ / وهُنَّ يُرَجِّمْنَ فينا الظُّنونا
أَهِمْنا بِغُرْبَتِنا أَم هُدينا / ومُتْنا بكُرْبَتِنا أَم حَيِينا
فإِن يعجَبِ الدهرُ أَنَّا صَبَرْنا / فأَعجَب من ذاكَ أَنَّا بَقِينا
فهَلْ بُلِّغَتْ عن ركابٍ أَجَرْتَ / بأَنْ قَدْ سَعِدْنَ بما قَدْ شقِينا
وأَنَّى انتحَيْنا إِلَيْكَ المَطِيَّ / كما قصفَ العاصِفاتُ الغصونا
دأَبْنَ كجِدِّكَ حزماً وعزماً / وعُدْنَ كَحِلمِكَ عطْفاً ولِينا
وأَنَّكَ حيَّيْتَها بالحياةِ / وأَمَّنتها فِي ذَرَاكَ المنونا
وأَوطَأْتَها البِرَّ حَتَّى سكَنَّ / وسَقَّيْتَها الجودَ حَتَّى رَوِينا
فأَرضَيْتَ رَبَّكَ فِي ابْنِ السَّبيلِ / وَفِي العائِلِينَ من المسلمينا
وأَحيَيْتَ فِي الأَرضِ فَضْلاً وعدلاً / وعطفاً وعُرفاً ودُنيا ودِينا
ودائِعُ للهِ فِي الرَّوْضِ ضاعَتْ / وكُنتَ عليها القويَّ الأَمينا
فوَفَّاكَ عنَّا الجزاءَ الجزيلَ / ولقَّاكَ مِنَّا الثناءَ الثمينا
وبوَّأَنا منك جنَّاتِ عطْفٍ / جزاكَ بِهَا جَنَّةَ الفائِزِينا
حدائقُ من غَرْسِ يمناكَ وَقْفاً / عَلَى الرائِحينَ أَوِ الطَّارِقِينا
كفيلٌ بأَثْمارِها كلَّ حينٍ / غيوثُ سمائِكَ حِيناً فَحِينا
وأَزْهَرُها منكَ للناظرينا / وأَبهَرُها عنكَ للسَّامعينا
نُفَجِّرُها نَهَراً حَيْثُ كنَّا / ونأْكلها رَغَداً حَيْثُ شِينا
ذرَا جنَّةٍ كَتَبَ اللهُ فِيهَا / لِمَنْ شَرَّدَ الخوفُ حظَّاً مُبِينا
وزادَتْ بِعَدْلِكَ أُكْلاً وظِلّاً / فزادَتْ عَلَى أَمَلِ الآمِلينا
رأَيْتَ لنا موضِعَ الحقِّ فِيهَا / بما قَدْ أَرَتْكَ المقادِيرُ فِينا
فنادى نَدَاكَ بِهَا نَحْوَها / سلامٌ لكُمْ فادْخُلُوا آمنينا
لكُمْ ذمَّةُ اللهِ فِي صدقِ عَهْدِي / فلا خائِفِينَ ولا مُخْرَجِينا
فظلَّتْ تُنَفِّسُ عن رُوحِها / غريباً سليباً ونِضْواً حزينا
وتُبْرِدُ من حَرِّ نار السيوفِ / ونارِ الهواجِرِ مَا قَدْ صَلِينا
فنَسْلى بِهَا عن ديارٍ نَأَيْنَ / ونَغْنى بِهَا عن مَغانٍ غَنينا
وبُلْغَةُ عيشٍ لمن قَدْ سَتَرْتَ / ضعافَ البناتِ وشُعْثَ البَنِينا
نُعَلِّلُهمْ بِجَنى روضِها / إذَا أَوْحَشَتْهُمْ عطاياكَ حِينا
ونشفِي بِهَا بَثَّ مَا قَدْ أَصَبْنا / ونأْسُو بِهَا جُرْحَ مَا قَدْ رُزِينا
وفخراً لنا منكَ سارَتْ بِهِ / رِكابُ التِّهامِينَ والمُنْجدِينا
وبُشْرَى أَخْلَّ بِهَا الشاكرونَ / إِلَى من فُجِعْنا من الأَقْرَبِينا
فما راعَنا غيرُ قولِ الخبيرِ / يُذَكِّرُنا أُسْوَةَ المؤْتَسِينا
بآدَمَ إِذ أَخرجَتْهُ الغُوا / ةُ من جَنَّةِ الخلدِ مُسْتَظْهِرينا
ببَغيِ حَسودٍ لَهُ طالِبٍ / كما قَدْ لَقينا من الحاسِدِينا
فها نَحْنُ أَقْعَدُ هَذَا الأَنامِ / بِمِيرَاثِها مِثْلَها عن أَبينا
وهاتِيكَ جَنَّتُنا والتي / حَبانا بِهَا سيِّدُ المنعمينا
وأَبْيَنُ آياتِنا أَنَّنا / حلَلْنا لديهِ المكانَ المكينا
ومن شَكَّ فِي حظِّنا من رِضاهُ / فَتِلْكَ لنا أَعْدَلُ الشاهدينا
قِفوا فاسْمَعُوا هَدَّةَ الأَرْضِ رَجْلاً / ورَكْباً إِلَى نُصْبِها يُوفِضُونَا
وداعي الزِّيادَةِ فِيهَا سميعٌ / مُصِيخٌ إِلَى أَلْسُنِ الزائدِينا
يُجَمْجِمُ فِيهِمْ بأَنْ قَدْ سَخِطْتَ / علينا وأَنَّا من المُبْعَدِينا
لِيَجْلُوَ أَستارَكَ الخُضْرَ عنَّا / ويمحُوَ آثارَكَ الغُرَّ فِينا
وَقَدْ أَسْمَعَ الصُّمَّ فِيهَا مُنادٍ / يؤذِّنُ حَيّ عَلَى الشامِتِينا
فمن هاتِفٍ زائدٍ بالأُلوفِ / لِبَغْيٍ أَراهُ احتقارَ المِئِينا
ومن كاشِحٍ كاشِرٍ قَدْ أَرَتْهُ / أَمانِيهِ مَا ظَنَّ أَنْ لن يكونا
بذي حُرْمَةٍ منكَ أَلْبَسْتَهُ / كرامَةَ أَضيافِكَ المُكْرَمينا
ومن حَلَّ سِتْرَكَ فِي أَهْلِ بيتٍ / بحبلِ وفائِكَ مستمسكِينا
فيا مشهداً سامَني تَحْتَ ظِلِّ / كَ خسفاً وخِزْياً وذلّاً وهُونا
بكُلِّ مُفِيضٍ عَلَيَّ القِداحَ / لِيَقْسِمَ لَحْمِيَ فِي الآكلينا
وكلِّ مُبيحٍ حماكَ العزيزَ / علينا لعاديَة المعتدينا
فَمَدُّوا حبالَهُمُ طامعينَ / وأَلْقَوْا عِصِيَّهُمُ واثِقِينا
لِتَهْنَئْ سلامتُكَ المسلمينا
لِتَهْنَئْ سلامتُكَ المسلمينا / وتَفْدِكَ أَنْفُسُهُمْ أَجمعينا
فقد صَدَّقَ اللهُ مَا يرغبونا / وَقَدْ حقَّقَ الله مَا يأْمَلُونا
غَزَوْتَ فأُعطِيت نَصْراً عزيزاً / وصُلْتَ فَوُفِّيتَ فتحاً مُبينا
بسيفٍ ضربتَ بِهِ فِي الإِلَهِ / فأَعْزَزْتَ ملكاً ودُنيا ودِينا
وبَلْدَةِ شِرْكٍ تَيَمَّمْتَها / فغادَرْتَها آيَةَ السَّائِلِينا
ودائِعُ مجدٍ تَقَلَّدْتَها / فكُنتَ عليها القوِيَّ الأَمينا
نهضتَ فأَرْضَيْتَ مِنَّا النفوسَ / وأُبْتَ فأَقْرَرْتَ مِنَّا العُيُونا
فما خَيَّبَ اللهُ فيكَ الرجاءَ / وَلا كذَّبَ الله فيك الظُّنونا
فأُبقِيتَ حِصناً منيعاً رفيعاً / ودُمْتَ كريماً عزيزاً مَكينا
هَرَبْنا إِليكمْ فآوَيْتُمُونَا
هَرَبْنا إِليكمْ فآوَيْتُمُونَا / وخفْنا الحُتُوفَ فأَمَّنْتُمُونا
وشَرَّدَنا السَّيْفُ من أَرْضِنا / سِراعاً إِلَيْكمْ فَآسَيْتُمُونا
وهَوَّنَ أَقْدارَنا الإِغْتِرابُ / عَلَى كُلِّ خَلْقٍ فأَكْرَمْتُمُونا
وأَوْحَشَنا الدَّهْرُ فِي كُلِّ بَرٍّ / وَفِي كل بحرٍ فأَنَّسْتُمونَا
وكم قَدْ دَعَوْنا قريبَ الدِّيارِ / وأَنتُمْ عَلَى البُعْدِ لَبَّيْتُمونا
وقابَلْتُمُ دُونَنا المُعتَدِينَ / ونحنُ بأَسوارِكُمْ عائِذُونا
ولاقَيْتُمُ البيضَ والسُّمْرَ عَنَّا / ونحنُ بِعَقْوَتِكُمْ آمِنُونا
فأَسْرَيْتُمُ الليلَ حِفْظاً لنا / ونحنُ عَلَى فُرْشِكُمْ نائِمُونا
وبالأَمسِ وَدَّعتُمونا كِراماً / وأُبْتُمْ إِلَيْها فَبَشَّرْتُمونا
بأَفْرَحِ بُشْرَى تَسُرُّ النُّفوسَ / وأَعْظَمِ فَضْلٍ يُقِرُّ العُيونا
بأَنَّا نَعودُ لأَوطانِنا / وَقَدْ كَانَ يُحسَبُ أَلّا يَكونا
فجازَاكمُ اللهُ عن سَتْرِنا / بأَفْضَلِ مَا جُوزِيَ المُحْسِنُونا
وآواكُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ / مُقارَضَةً حِينَ آوَيْتُمونَا