أقِلّا فشأنُكما غيرُ شاني
أقِلّا فشأنُكما غيرُ شاني / ولَستُ بطَوْعكما فاِتركاني
ولا تجشما عَذْلَ من لا يُصيخ / فما تُعدِلاني بأنْ تَعذُلاني
غرامي يغير ذوات الخدود / ووجدي بغير وِصالِ الغَواني
ولِي شُغُلٌ عن هوى الغانياتِ / وَما الحبُّ إلّا فَراغُ الجَنانِ
ومن أجلِ وَسْواسِ هذا الغرامِ / أقام العزيزُ بدار الهَوانِ
ولولا الهوى ما رأيتَ الشّجا / عَ يَقنِصُ في حومةٍ للجبانِ
ولِي عِوَضٌ بوجوهِ الصّوا / بِ مُشرقةً عن وجوه الحِسانِ
فأغنى من البِيض بِيضُ الضّراب / وأغنى من السُّمرِ سُمْرُ الطّعانِ
دعاني إليهِ فلَبَّيْتُهُ / مليكُ الورى والعُلا والزّمانِ
دعاني ولولا ولائي الصّريح / لدولتِهِ وَجْدُها ما دعاني
أَتَتْهُ ولم يأتها رِيبةً / يَغارُ على مثلها الفَرقدانِ
وكنتُ أراها له بالظُّنونِ / فقد صرتُ أُبصرها بالعيانِ
فدونَكَها دولةً لا تَبيدُ / كما لا يبيدُ لنا النَّيِّرانِ
بَناها لَك اللَّهُ في شامِخٍ / بعيدِ الرِّعانِ رفيعِ القِنانِ
فقد علم المُلكُ ثمّ الملو / كُ أنّك أوْلاهمُ بالرِّهانِ
وأنّك أضرَبُهُمْ بالحُسامِ / وأنّك أطعنُهمْ بالسِّنانِ
وأنّك أبذَلُهمْ للبدُورِ / وأملاهُمُ في قِرىً للجِفانِ
وأنّك سِلْماً وحرباً أحقُّ / بظهر السّرير وظهرِ الحِصانِ
وأنّك في خَشِناتِ الخطو / بِ أبعدُهُمْ عن محلِّ اللِّيانِ
فللّهِ دَرُّك يوم اِلتَوَتْ / عليك الخطوبُ اِلتِواءَ المثاني
وَقَد ذَهَبوا عَن طَريقِ الصّوابِ / وأنتَ عليه وما ثَمَّ ثانِ
دعوك إليها دعاءَ الرَّكوبِ / سُرَى اللّيل للقمرِ الأَضحَيانِ
وقالوا هَلُمَّ إلى خُطَّرٍ / تُقَعقِعُ بالشَّرّ لا بالشِّنانِ
عشيّةَ لاكوا ثِمارَ النُّكولِ / وذاقوا جَنى عجزهمْ والتّواني
ولاحتْ شواهدُ مشنوءَةٍ / ودلّ على النّارِ لونُ الدُّخانِ
وأشعرنا الحزمُ قبلَ اللّقاءِ / بيومٍ يسيل ردىً أرْدَنانِ
وأنتَ على ظَهر مجدولةٍ / من الشّدِّ والطّرْدِ جَدْلَ العِنانِ
كأنَّ الّذي فَوقها راكبٌ / قَرَا يَذْبُلٍ أوْ سَراتَيْ أبانِ
إلى أن حذبتَ صِعابَ الرّقابِ / وشُمَّ المخاطمِ جَذْبَ العِرانِ
وغيرُك يندم في فائتٍ / وليس له غيرُ عضِّ البَنانِ
وغرّهُمُ منك طولُ الأناةِ / وكم غرَّ في السَّرْعِ من بُعْدِ دانِ
فلا تستغرّوا بإطراقةٍ / تهابُ كإطْراقةِ الأُفعوانِ
ولا تحسبوا حِلْمَهُ دَيْدَناً / فكم نزع الحِلْمَ إصرارُ جانِ
وإنّك في معشرٍ شأنُهمْ / إذا شهدوا معركاً خيرُ شانِ
لهمْ رُمَمٌ كلّما رُجِّلَتْ / فبالسّائل العَصْبِ لا بالدِّهانِ
وأيْمانُهمْ خُلقتْ في الهِياجِ / لضربٍ يقطُّ الطُّلى أو طِعانِ
يحلُّون في كلّ مرهوبةٍ / محلَّ الغِرارِ الحُسامِ اليماني
وإنْ أنتَ طاعَنْتَ أغنَوْك في ال / قناةِ وقد حضروا عن سِنانِ
فيا رُكنَ أدياننا والجمالُ / لِملَّتنا في نأىً أو تَدانِ
أَبوك الّذي سامني مَدحَه / وما زلتُ عنه طويلَ الحِرانِ
إلى أنْ ثناني إليه الوِدا / دُ منه وكرّمني فَاِشتراني
وما زال يجذبني باليدي / نِ حتّى عطفتُ إليهِ عِناني
ولمّا رَقاني ولم أعيهِ / وأعيَيْتُ مِنْ قبله مَنْ رَقاني
فسيّرتُ فيه من الصّائباتِ / دِراكاً نحورَ العدا والمعاني
وأطربتُهُ بغناءِ المَديحِ / فأغنيتُهُ عن غِناءِ القِيانِ
فخذْ منّيَ اليومَ ما شئتَ مِنْ / صنيعِ الضّمير ونسجِ اللّسانِ
كلاماً يغور إليه البليدُ / وينقلُهُ مُسرعاً كلُّ وانِ
شَموساً يُبرِّحُ بالهاتفين / ولمّا هَتَفْتُ به ما عصاني
غنيّاً بصنعتِه لم يَطُفْ / بلفظِ فلانٍ ومعنى فلانِ
فلو رامه الأفقُ ما ناله / ولولاك كفواً له ما عداني
ولي خدمةٌ سلفتْ في الزّمان / صدعتُ بها غرّةً في زماني
ولمّا رأتْنِيَ منك اللِّحاظُ / حَمَتْني هنالك منك اليدانِ
وأُسكِنْتُ عندك ظلّاً أقول / كفانِيَ ما نلتُ منه كفاني
وما زلتُ مذْ ذاك تحنوا على / ودادك في الصّدرِ منِّي الحواني
يَهابُ مراسِيَ مَن رامني / ويُخطئني خِيفةً من رماني
ولولا دفاعُك عنّي لَما / تغَيَّبَ عن رَيْبِ دهري مكاني
ولا كنتُ ممّنْ يرى سيّئاً / بغيري ومقلتُهُ لا تراني
ولمْ لا أتِيهُ وأنت الّذي / تَنَخّلَنِي خِبرةً واِصطفاني
ولمّا اِنتَسبتُ إلى عزّهِ / حَميتُ الّذي كان قِدْماً حماني
فلا زِلْتَ من تَبِعاتِ الخُطوبِ / ومن كلّ طارقةٍ في أمانِ
وأصبحتَ مصطبحاً ما تَبيت / تُرامقُهُ من مُنىً أو تراني
ولا فارقَتْكَ ضُروبُ السّرورِ / ولا صارمَتْك فنونُ التَّهاني