رَدَدْتُ الملامَ على العاذلينْ
رَدَدْتُ الملامَ على العاذلينْ / وَحَقّقْتُ شَكّهُمُ باليقينْ
وقلتُ سيغفرُ ربّ العبادِ / ذنوباً تُعَدّ على المذنبين
فكلّلْتُ رَوْضَ الشّبابِ الأنيق / بروضٍ نضيرٍ وماءٍ معين
وراحٍ ترى نارَها في المزاجِ / تصوغُ من الماءِ صُغْرَى البُرين
لياليَ تمرح في دُهْمِها / مراحَ السّوابق بالموجفين
وداجيَةً خلتُها كَحّلَتْ / بِكُحْلِ الدّجى أعْيُنَ النَّاظرين
طما بحرها فركبتُ الكؤوس / إلى ساحل البحرِ منها سفين
وتحْسَبُ ظلمةَ أحشائها / تُجن من النور عنّا جنين
كَأنّ نُجومَ دياجيرها / أقاحي رياضٍ على الأفقِ غين
كأنّ لها أسداً مخرجاً / لعينيك جبهته من عرين
وحمراءَ تنشرُ ريّا العبير / وفي طَيّهِ فَرَحٌ للحزين
معتَّقَةٌ شُقّ عنها الثّرَى / وحيّ السرور بها في دفين
تَرَبّتْ مع الشمس في عمرها / مُنَقَّلَةً في حُجورِ السّنين
ركضتُ بها الليلَ في نشوةٍ / أصَلّي لها بسجودِ الجبين
هناك ظفرتُ بلا ريبةٍ / بصيديَ حوراء من سرْبِ عين
تَنَفّسْتُ في نحرِ كافورَةٍ / تضمّخُ بالطيبِ في كلّ حين
وقَبّلْتُ خداً تَرَى ورده / نضيراً يشق عن الياسمين
ولما وَشَتْ بِحِمامِ الدّجَى / حمائمُ يَنْدُبْنَهُ بالرّنين
تَحَيّرْتُ والصّبّ ذو حيرةٍ / إلى أن حسبت شمالي اليمين
وخاضَ بيَ الحزْنُ بحرَ الدّموع / فأرخصْتُ درّ المآقي الثمين
وقد عجبَ الليلُ من مُغْرَمٍ / بكى من تَبَسّمِ صُبْحٍ مُبين