كَتَمْنا الهَوى وكَفَفْنا الحَنينا
كَتَمْنا الهَوى وكَفَفْنا الحَنينا / فلَمْ يَلْقَ ذُو صَبوَةٍ ما لقِينا
وأنْتُمْ تَبُثّونَ سِرَّ الغَرا / مِ طَوْراً شِمالاً وطَوْراً يَمينا
ولما تَنادَيْتُمُ بالرّحي / لِ لَمْ يَتْرُكِ الدّمْعُ سِراً مَصونا
وكيف نُحاوِلُ كِتْمانَهُ / وقد أخْضَلَ العَبَراتُ الجُفونا
أَمِنْتُمْ على السِّرِّ مِنا القُلوبَ / فهَلاّ اتّهَمْتُم عليهِ العُيونا
وممّا أذاعَتْهُ يومَ العُذَيْبِ / مَهارى بسِرْبِ عَذارى حُدِينا
أوانِسُ أبرَزَهُنَّ النّوى / فلاحَتْ بُدوراً وماسَتْ غُصونا
ومدّتْ إلينا منَ الخِدْرِ غِيداً / وأغْضَتْ على النّظَرِ الشَّزْرِ عِينا
أحِنُّ إلَيها ومِنْ دُونِها / تَعُدُّ الرّكائِبُ بِيناً فَبينا
وأيْنَ العِراقُ منَ الأخشَبَيْنِ / وإنْ أعْمَلَ الصَّبُّ طَرْفاً شَفونا
بعَيْشِكُما أيُّها الحادِيانِ / قِفا وعلى ما أعاني أَعِينا
فإنّ المَطايا رأَتْ بالعَقيقِ / مَعاهِدَ منْ آلِ سُعْدى بَلينا
فأحْداقُهُنَّ تَرُشُّ الدّموعَ / وأنْفاسُهُنَّ تَقُدُّ الوَضينا
ويَحْكي السّرابُ إذا ما زَها / ظَعائِنَها البَحْرَ يزْهو السّفينا
ولابُدَّ مِنْ زَفْرَةٍ تَستَطي / رُ مِنْ أرحُلِ الرّازِحاتِ العُهونا
سُقِينَ الحَيا الجَوْدَ مِنْ أيْنُقٍ / أطَعْنَ الهَوى وعَصَيْنَ البُرينا
أرَبْعَ البَخيلَةِ ماذا دَهاكَ / وما للحِمى خاشِعاً مُسْتَكينا
فأينَ الخِيامُ التي ظُلِّلَتْ / بسُمْرٍ أُلاحِظُ فيها المَنُونا
وقد ساءَني أن أرى دارَها / تَصوغُ الحمائِمُ فيها لُحونا
لَئِنْ ضَنّتِ السُّحُبُ الغادِياتُ / فلَسْتُ بدَمْعي عليها ضَنينا
كأنّ الشّآبيبَ مِنْ صَوْبِهِ / مَواهِبُ خَيْرِ بَني الحَبْرِ فينا
أغَرُّ لأعظَمِهِمْ هامَةً / وأوْضَحِهِمْ في قُرَيْشٍ جَبينا
إذا ما انْتَمى عَمَتِ الأبْطَحَيْنِ / مآثِرُهُ وامْتَطَيْنَ الحَجونا
وتِلْكَ البَنيّةُ مُذْ أُسِّسَتْ / أبَتْ غَيرَ عَبدِ مَنافٍ قَطينا
بِها رَكَزوا السُّمْرَ فوقَ العُلا / وشَدّوا بِها الصّاهِلاتِ الصُّفونا
وشنّوا على وَلَدَيْ يَعْرُبٍ / غِواراً يُضَرِّمُ حَرْباً زَبُونا
وحَلَّ بَنو هاشِمٍ بالبِطاحِ / مَحَلَّ الضّراغِمِ تَحْمي العَرينا
أيَبْغي العِدا شَأْوَهُمْ والرِّياحُ / إذا ما ابْتَدَرْنَ إليهِ وَجينا
أبى اللهُ أنْ تَقْبَلَ المَكْرُما / تُ عِرْضاً هَزيلاً ومالاً سَمينا
وعندي للمُقْتَدي أنْعُمٌ / أمِنْتُ بهِنَّ الزّمانَ الخَؤونا
وإني وإنْ ضَعْضَعَتْني الخُطوبُ / لأَنْفُضُ عنْ فَضْلِ بُرْدَيَّ هُونا
وقدْ عَلمَتْ خِندِفٌ أنّني / أكونُ بنَيْلِ المَعالي قَمينا
وللضّيْفِ حَقٌّ وعَمْرو العُلا / يَعُدُّ الحقوقَ عليهِ دُيونا
ولمّا اقْشَعرَّتْ بطاحُ الحِجازِ / كَفى قَومَهُ أزْمَةَ المَحلِ حينا
وفاضَتْ لدَيْهِ دِماءُ العِشارِ / على شُعَلِ النّارِ للطّارِقينا
وأنتَ ابْنُهُ والوَرى يَمتَرو / نَ مِنْ راحَتَيْكَ الغَمامَ الهَتونا
فلا زِلْتَ مُلْتَحِفاً بالعُلا / تُقَضّي الشّهورَ وتَنْضو السّنينا