القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : محمد مهدي الجواهري الكل
المجموع : 5
يقولون : ليلٌ علينا أناخ
يقولون : ليلٌ علينا أناخ / نهارٌ على الغربِ يُعشي العيونا
وأنَّا نسينا عناءَ القلوب / لأنَّا بهذى الدُّجى هادئونا
وأنْ ليس في الكون من رحمةٍ / يواسي بها معشراً آخرونا
فليتَ عيوناً سُهاداً درتْ / بأنا – كعادتنا – راقدونا
سألناكمُ عن مَثار السَّديم / فَعَنْ حُرَقِ الهمِّ لا تسألونا
فانَّ معاملَكمْ والبخار / وقلبي وزفرَتهُ مستوونا
أرى أُمماً هي والمالكين / متاعٌ أعدَّ لِمنْ يأكلونا
نظنَّهُمُ خُلقوا للغلاب / وأنَّا خُلِقْنا لأنْ يغلبونا
وعصرٌ تَناهضَ فيه الجمادُ / عجيبٌ به يجمُدُ النَّاهضونا
ألا هِزَّةً تستثيرُ الشّعوب / فقد يُدْرِكُ النَّهْزَةَ الثائرونا
ألا قبساً من شُعاعِ الكليم / تُعيدُ على الشَّرق يا" طُورَ سينا "
خليليَّ أين نبوغُ العراق / وأين ذوو حُكْمهِ النابغونا
أذاكَ الذَّي خَلَّفَ الذّاهبون / كهذا الذَّي ترك الوارثونا ؟
أغير َ المطامعِ لا تعرفون / وغيرَ الهياكلِ لا تعبدونا ؟
زفيفاً وقد حلَّقَ المعتلون / وزحفاً وقد أبْعَدَ الرّاكضونا ؟
ولسنا وقد أعجزتنا الحياة / عن الموتِ في نيلها عاجزينا
وإن أنسَ لآ أنس حول " الفرات " / مناظر تُصبي الحليمَ الرزينا
نسيماً يلاطف رِخوَ النمير / كما حرَّكَ الوَرَقَ اللاعبونا
وساكن جوٍ يعيدُ الأثير / كما الحبُّ شاء شجيّاً حزينا
ونوراً كسا سُدُفاتِ الأثير / جمالاً يردُّ التَّصابي جنونا
يدلُّك يا بدر هذا الجمالَ / على الخَلق لو انصفَ الشاكرونا
كفتنيْ الكرى واجباتُ المِحاق / فجئتُ تَماسَحُ مني الجفونا
تَجَلىَّ علينا إلهُ الشعور / سجوداً معي أيُّها الشاعرونا
على مَهَلٍ بعضَ هذا الخداع / فنُورك قد أوهمَ اللاقطينا
إذا ما اعتلى البدرُ خيطَ الرمال / تخيَّلها الطرفُ عِقْداً ثمينا
بامركَ تحريكُ درع الفضاء / وان رَجَمَ الخلق فيك الظنونا
سلامٌ على أنفُسٍ رفرفتْ / من الحبِّ هام بها المغرمونا
خليليَّ حتى وعورُ الجبال / تَهيجُ الصبَّابةَ لي والحنينا
ولي مضغةٌ بينَ عُوج الضلوع / تحاولُ أنْ تجعلَ الفَوْقَ دونا
فديتُ المُنى أنَّها رَوحةٌ / وروحٌ يعيشُ بها الشاعرونا
ولو لا قلوب تحس الاذى / لما عرف اللذة العاشقونا
رقاق ٌ ترى أنَّ مَيْل الغصون / إذا ما الصبا جالَ في الروضِ هُونا
وإنَّ ممنَ الشّعْر وهو الخيالُ / عروشاً وأنهمُ المالكونا
خليليَّ إنَّ ادكارَ الصبّا / يُهَيّجُ من عيشنا ما نَسينا
هَلُمّوا رفاقي فهذا الضياء / سينشرُ أعمالَنا إنْ طُوينا
ابن أيُّها البدرُ كيفَ النَّجاة / وأين اقتنْصنا وأني رُمينا
وكيفَ استحالَ صفاءُ الربيع / هموماً تصاحِبنا ما بَقينا
وكيفَ اختفائيَ تحتَ الظلال / زمانَ صِبايَ مع اللاعبينا
وكيف إذا البدرُ حتى الوِهاد / نَخِفُّ لطلعتهِ أجمعونا
نسير على خُطُواتِ الشّعاع / كأنا إلى غايةٍ سائرونا
وكيف السَّلامُ عَقيبَ الصِدّام / وكيفَ التمازجُ ماء وطينا
أعيدوا الطفولةَ لي إنَّها / تُعيدُ النواهةَ لي والقينا
وليلٍ أراني دبيبُ السَّنا / بهِ كيف تحيا أمانٍ بَلينا
وقد ذهب الَّليلُ إلاَّ ذَماً / كما ردَّدَ النَّفَس َ الجارضونا
وآذنَ بالصبحِ صوتُ الهَزار / كما هيَّجَ النَّغَمَ العازفونا
صُداحٌ هو الشّعر زاهي البيان / يُكذِّبُ ما زخرفَ المُدَّعونا
وكم هاجَ في شدوهِ الأعجمي / خواطرَ أعجزتِ المُفصحينا
يهبُّ على نَسَماتَ الصْباح / إذا ما استهانَ بها الرّاقدونا
خليليَّ روح الحياة النَّسيم / فلولا انتشاقُ الصَّبا ما حيينا
ويوم ٌتضاحكَ فيه الرَّبيع / وحيَّتْ ورودُ الرُّبى المجتلينا
تمشَّى على الروض روحُ الاله / فمالَ ومِلْنا له ساجدينا
حدائقُ خَطَّ عليها الجمال / قصائدَ أعْجَزَتِ النَّاظمينا
كأن جلالَ الهوى شَّفها / ففاضتْ دموعاً وسالتْ عيونا
وساقيةٍ باتَ قلبُ الدُّجى / يُعيد عليها الصَّدى والأنينا
جرتْ وأجرَّتْ دموع الغرام / فلا عَذُبَ الوِرْدُ للشاربينا
عليها رياضٌ كساها الرّبيع / مَطارفَ يَعيا بها المُبدعونا
أُحِبُ الحقولَ لأنَّ الجمال / تجمَّعَ فيها فنوناً فنونا
فيا ساكني فَجَواتِ البطاح / هنيئاً لكمْ أُيُّها الخالدونا
نعيماً فلا الريحُ خاوي المهبّ / ولا الرُّوحُ ذلَّلها الطَّامعونا
خليليَّ أُفٍ لهذي المروج / إذا ما استبدَّ بها المالكونا
وليتَ الفداء لكوخ الفقير / قصورٌ أنفَ بها المْترَفونا
إذا ما استدارتْ خطوبُ الزَّمان / ستعلمُ أيُّهُمُ الخاسرونا
فانَّ الهبوطَ بَقدْرِ الصعّود / فانْ شئتَ فَوْقاً وإنْ شئتَ دونا
وَمنْ في البسطةِ يَفدي البسيط / ويفدي ذَوُو الجَشعِ القانعيا
ألا هَلْ أتى نوَّماً في العراقِ / أنَّا للأجلِهِمُ ساهرونا
أحبَّتنَا إنَّ همسَ البحار / زفيرُ الأحَّبةِ لو تعلمونا
أصيخوا ولَوْ لاهْتزازِ القلوب / فليسِ من العدلِ أنْ تُوحدونا
إذا ما وردتمْ نميرَ الحياة / وراقَ لكمْ وِرْدُه فاذكرونا
وإن لاحَ صبحٌ لكمْ فاذكُروا / بأنَّا بليلِ العمى خابطونا
وإنَّ عُضالاتِ هذا المحيط / نقائصُ أعوزها المصلحونا
هياكلُ أخنى عليها الجمود / فغيرََ الذي وجدوا لن يكونا
هنا يرقدان وخضْرُ الجبالِ
هنا يرقدان وخضْرُ الجبالِ / تَبُلُّ الينابيعُ أرادانَها
بحيث البحيرةُ تُنسيهُما / عناءَ الحياةِ وأدرانها
وحيثُ الرُعاةُ تُغنِّيهما / إذا شَعْشَع الفجرُ ألحانها
وحيثُ يَهيج نسيمُ الصباحِ / غرامَ العَذارى وأشجانها
هنا يرقُدان بحيثُ السماءُ / تَصْبِغ بالوردِ ألوانها
يَبُّثهما الزَهرُ أشواقَهُ / وتُعطي الخمائِلُ عُنوانها
مَلِلتُ مُقاميَ في لندنا
مَلِلتُ مُقاميَ في لندنا / مُقامَ العَذارى بدور الزِنا
مُقام المسيح بدارِ اليَهودِ / مُقام العذابِ مُقام الضَنى
"رفائيلُ " دارُك قد أشَرقَتْ
"رفائيلُ " دارُك قد أشَرقَتْ / بأسعدَ داغرَ والمازِني
ففَذٌّ يناضلُ عن أمةٍ / وفَذٌّ لآدابها حاضِن
وإني لمستأذنٌ أسعداً / بما قد يشِقُّ على الآذِن
اذا ما خَصَصْتُ فتى مازنٍ / بضربٍ من الكَلِمِ الفاتِن
فإنّ السياسةَ قد حَجَّبتْ / فتى مصرَ بالبرقُعِ الداكِن
وطبعُ السياسيِّ جمُّ الغُموض / فلا بالصريح ولا الداهن
أأسعدُ إنَّ حديثي إليكَ / حديثُ مقيمٍ إلى ظاعِن
حديثُ أخٍ لك مستأنسٍ / للطفِ مسامِره راكن
أخاف السياسةَ خوفَ اللديغ / من أرقمٍ نافخٍ شاحِن
وما زال جدعٌ بليغُ الوضوح / منها يَلوحُ على مارني
فقبلَك طاوعتُ من أهلِها / صديقاً إلى مَصرَعي قادني
أرانيَ مظهرَ ذي نخوةٍ / كفيلٍ بما أرتجي ضامن
وأسلَمَني عند جِدِّ الخطوبِ / كأني قلتُ له عادِني
فما كنتُ بالمصطفي وُدَّه / ولا كنتُ للنفس بالصائِن
وها أنا أرزحُ في كَلكَلً / مُنيخٍ على نَفسَي رائِن
فعُذراً فما أنا إذ أتّقي / رجالَ السياسة بالمائن
غموضُ السياسة يبدو عليك / في مظهر الهادئ الساكن
على حينَ قد وَضَح المازني / وضوحَ السماوات للكاهن
نظرتُ بعينيكَ إذ يشرُدان / ووجهِك ذي الدَعَة الآمِن
فأنكرت قولك : ما صاغَنى / قبيحاً سوى عبثِ الماجن
وطالعتُ آثارَك الناطقاتِ / بما فيك من جوهرٍ كامِن
وظاهِر لفظٍ رقيقِ الروُاءِ / لطيفٍ يَدُلّ على الباطن
لقد شبَّه العُربُ حسنَ البيانِ / والشعر في الزمنِ البائِن
يَرْدِ النَمير وصَفو الغديرِ / يمرَان بالعاطشِ الساخِن
وأحسِنْ بتشبيه قومٍ بُداة / تعيش على طرق آسن
فحاولت تشبيهها بالجديدِ / يُؤخَذُ من وضعنا الراهن
بكأسٍ تَرُدّ شرورَ الجمام / لذي سَفرٍ مُتعَبٍ واهن
وذائبِ زَهرٍ على سَلْسَلٍ / يصبُّ على رَهَلٍ بادِن
سهولُ العراق وكثبانُهُ
سهولُ العراق وكثبانُهُ / وروحُ العراقِ وريحانُهُ
ودجلةُ خمراً وشُهداً تسيلُ / وزهوُ الفُراتِ وطُغيانه
وصَفصافهُ وظِلالُ النخيل / على ضَفَّتَيه ورُمانه
تحييكَ جذلانةً طلقةً / وخيرُ الهوى الصِدقِ جذلانه
يحييك جَوٌّ وطيّارةٌ / وبحرٌ ركبت وربانه
تكاد ل" لندن ِ " شوقاً تطيرُ / لترجعَ بالضيف " بَغدانه "
ولو تستطيعُ نُهُوضاً سَعَت / قُراه اللِطافُ وبُلدانه
يحييك " فخر شباب العراق " / شِيبُ العراق وشُبّانه
قدومُك " غازي " يَزين الأوانَ / وكم قادمٍ زانَه آنه
على حينَ عَجَّت لنأي المليكِ / حُداة البيانِ ورُكبْانه
سلمت فهذا أوانُ القَريض / ويومُ الشُعور ومَيدانه
وما أنا مَن سِيمَ في شعرِه / ولا أنا مَن ضيمَ وجدانه
ولكنه نَفَسٌ طاهرٌ / قديمُ القصائد بُرهانه
"حسين " و" قبرصُه " يعرفانِ / و " عبد الاله " و "عَمّانه "
مَن الشاعرُ المستثيرُ الشجونَ / اذا هزَّت الصدرَ أشجانه
اذا ما " دواويننا " نُشِّرت / فكلٌّ وما ضَمَّ " ديوانه "
فديتُك خَلِّ الأسى راقداً / فقد يَقتُلُ المرءَ يَقظانه
ولا تَستَثرْ شاعراً إنه / مَخوفٌ إذا جاشَ بُركانه
فلو كلُّ ما الحرُّ يدري يقول / لضاقَتْ على الحرِّ أوطانه
لقد فَقَدَ العُرْبُ حريةٍ / كما الروحُ خلاّه جُثمانه
زمانُ الوفود مضَى وانقضَى / وما قال كِسرى ونُعمانه
وإذ سيِّدُ العَرَبِ الأولينَ / يتمِّمُ بالسيف نُقصانه
وهذا زمانٌ يُلينُ اللسانَ / على وَغَر القلبِ إنسانه
اريدُ سرورَك والقلبُ فيه / ما لا يَسُّرك إعلانه
مليكٌ وتكفيهِ أتعابهُ / وشَعبٌ وتكفيه أحزانه
فحدِّثْ فقد أذنِنت بالسَماع / لحلو حديثِك آذانه
عن العلم في الغرب ِ ما بالهُ / وعن رجلِ الغرب ما شأنه
وهل في الشدائد أحقادهُ / تُعينُ عليه وأضعانه
وهل للدسيسةِ بين الصفوف / تَلاقَت .. تُسخِّرُ أديانه
تباهي بمثلِك أكفاؤهُ / ولاةُ العهودِ و" أقرانه"
وحسبُك مُنطلقاً منشأً / نشأتَ وضمَّتْكَ أحضانه
رعايهُ جدّك نثور النَّبي / وبيتُ الالهِ وأركانه
ولا خيرَ في المُلك ما لم يُشَدْ / على أُسُسِ العلمِ بُنيانه

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025