أتتْ هندُ تشكو إلى أمها
أتتْ هندُ تشكو إلى أمها / فسبحان من جمع النيّرَيْنْ
فقالت لها: إن هذا الضحى / أتاني وقبَّلَني قُبلتينْ
وفرَّ، فلما رآني الدجى / حباني من شَعره خصلتينْ
وما خافَ يا أمُّ بل ضمَّني / وألقى على مَبْسَمي نجمتينْ
وذوَّبَ من لونِهِ سائلاً / وكحَّلَني منه في المقلتينْ
وجئتُ إلى الروضِ عند الصباح / لأحجبَ نفسيَ عن كل عينْ
فنادانيَ الروضُ يا روضتي / وهمَّ ليفعلَ كالأوَّلَيْنْ
فخبأتُ وجهي ولكنَّه / إلى الصَّدْرِ يا أمُّ مَدَّ اليدينْ
ويا دهشتي حين فتَّحتُ عيني / وشاهدتُ في الصدرِ رمانتينْ
ومازال بي الغُصْنُ حتى انحنى / على قَدَمي ساجداً سجدتينْ
وكان على رأسِهِ وردتانِ / فقدَّمَ لي تَيْنِك الوردتينْ
وخِفْتُ من الغصن إذ تمتمتْ / بأُذْنيَ أوراقهُ كِلْمَتَينْ
فرُحْتُ إلى البحر للإبتراد / فحمَّلَني ويحه موجتينْ
فما سرت إلا وقد ثارتا / بردفي كالبحر رجراجتينْ
هو البحرُ يا أمُّ كمْ من فتىً / غريقٍ وكم من فتى بين بينْ
فها أنا أشكو إليك الجميع / فبالله يا أمُّ ماذا تريْنْ؟
فقالت، وقد ضحكت أمها / وماست من العُجب في بُردتينْ
عرفتُهُمُ واحداً واحداً / وذقتُ الذي ذقتِهِ مرتينْ!!