تروَّحَ من وَجرةَ الظاعنونا
تروَّحَ من وَجرةَ الظاعنونا / فكان الذي ساءَني أن يكونا
يميناً لَعَزَّ مرامُ السلو / وِ أن تتركوا جنبَ خَبتٍ يمينا
هوًى بعدَهم أَمَم لا يَري / م يسألُ عنهم مَزارا شَطونا
رميتُ بطَرفي ومِنْ مثلِ ما / جنَى تتشكَّى القلوبُ العيونا
وراءَ الحُمول إلى أن قتل / تُ شكَّ الفراقِ بعيني يقينا
وقد مات إنسانُها حَيرةً / فغادرتُه في دموعي دفينا
وفي الركب معرفةُ الإنتساب / إذا ما القدود ادَّعين الغصونا
إذاَ شعشعتْ قبسَيْ وجهِها / عنت لهما بقرُ الرمل عِينا
تشير إليَّ بأُسروعةٍ / تكاد وما أفصحتْ أن تُبينا
إذا خشِيتْ ظمأً لم يزل / لها مددٌ من دمِ العاشقينا
أناملُ يُبسَطْنَ رُسْلَ الوفاءِ / إلىَّ ويُقبَضْنَ للكاشحينا
فتاةٌ رأت خطَلاً في القناة / فألقتْ عليها اعتدالا ولينا
تنغَّصُ بالوَردِ في خدّها / إذا لم تجدْنِيَ في المجتنينا
إذا قلَّبتْ قَدَما أو يداً / تمنَّت يَدِي قُلُباً أو بُرِينا
وتحت الرحالِ صعابُ الخُطا / يدُسنَ سهولَ الفيافي حُزُونا
سواءٌ عليهن يومَ الوداع / حُذِينَ دَماً أو لبينٍ حُدِينا
إذا ما افتلين جِمام الريا / ض أجممنها واجتررن البطونا
ذوَى البقلُ من حرِّ أنفاسهنَّ / كأنِّيَ أعديتُهنّ الحنينا
حَمَى اللهُ والعربيُّ الذما / مِ عهدا على وجرةٍ أن يمينا
وحيَّا وُجوها تميميَّةً / صرائحَ ما كان حسنٌ هجينا
مزجنَ الجمالَ بماء الحيا / ءِ لو رَفَق المزجُ بالشاربينا
وأَرهفنَ قبلُ نُصولَ العيون / فقَدَّتْ ولم تتخاذلْ طعينا
ألا طرَباً يا مغنِّي القِلاصِ / بهم وهيْ تصعُبُ حتى تلينا
أعدْ إنّ ذكرَهُمُ عُوذَةٌ / ولا تحسب الحبَّ إلا جُنونا
حنتني الخطوبُ فمالي ألوم / على سرعة الهَرَمِ الأربعينا
وأعجبُ من قبلها كيف شب / تُ والشيبُ لا يستشير السنينا
لئن أكثَرتْ عثَراتُ الخطوب / بحظِّي جرائحَها والوهُونا
فقد فرَّ منّي لجَاجَ الزما / نِ قارحُ عشرٍ أبيّاً حَرونا
سلِ الحادثاتِ على ما غمز / ن جنبِيَ هل وَجَد الغمزُ لينا
وهل سمعتْ لي إلى أن بَعث / تُ في أهل ودِّي لشكوى أنينا
فياليتها قنِعتْ في الخطوب / بنفسي ورفَّهت الآخَرينا
وياليتَها حين لم تنتفع / بحربيَ تجنحُ للسّلم حينا
وقد جرَّبتْنِيَ قِرْنا فما / وفَتْ بي فهلَّا اجتبتني قرينا
وفيتُ بدهري وأيامِه / ولكن عجزتُ عن الحاسدينا
وكيف يصحُّ بياضُ الوفا / ءِ يوما على كثرة الصابغينا
إذا كشفَ الخُبْرُ عيبَ الرجال / فدامْج ودعْ كلَّ عيبٍ ظُنونا
لَحا اللهُ كلَّ أجبِّ الحفاظ / بعيدا من الرشد عقلا ودينا
يعُدُّ الكرامةَ وجهَ النفاق / ويرضَى بأفعاله أن يهونا
تكلَّم حلوا وتحت الضلو / عِ حنظلةُ الشرِّ للماضغينا
إذا بتَّ تأمنُ وثْباتهِ / لقَاءً خَبَا لك خبْئا كمينا
كصلِّ الحَمَاطة يطوي الحِما / مَ صعبا ويُعطيك باللمس هُونا
يبيتُ يراقبُ أنَّى تَعِنُّ / له هفوةٌ منك حتى يخونا
تعلَّمتُ من غدره باسما / بأنّ الوفاءَ مع القاطبينا
عقاربُ أطمَعها لسبُها ال / حُفاةَ فدبَّتْ إلى الناعلينا
علا حظُّهم ووهَى مجدُهم / فقد وأَلوا من فمي سالمينا
ولم أكُ مع غضَبي إن غضِبتُ / لأهتِكَ إلَّا حريما مصونا
وقد كنتُ أمضُغهم بالهجا / ء لو أكلَ الشعرُ منهم سمينا
أصون لساني عن الغادري / ن صونَ طِلابي عن الباخلينا
حرامٌ عليَّ اجتداءُ الرجا / ل لا مانعين ولا باذلينا
إذا أنا يوما سألتُ الجوادَ / حَرَصتُ غداً فسألتُ الضنينا
بلَى إنَّ في آل عبدِ الرحيم / مكارمَ تُفسَحُ للراغبينا
وبينَ بيوتهمُ للضيوفِ / جِفاناً عِماقا وسَرْحا لَبونا
وأنديةً تسَعُ السامعين / قِرىً ووجوها تَضيف العيونا
وسيبا يبَرُّ له المقسِمو / ن لا وَرَدوا الماءَ إلا مَعينا
ذَعَرتُ زماني بأسمائهم / فكنَّ من الدهر دوني حصونا
وفرَّق عزُّهمُ النائبا / تِ عنّي وقد بِتنَ حولي عِزينا
وحمَّلتُ ثِقلي عميدَ الكفا / ةِ منهم فكان القويَّ الأمينا
من القومِ تُشرِق نيرانُهم / على النجم إن طامنَ الموقدونا
وتأرَجُ أرواحُ أبياتهم / رسائلَ عنهم إلى الطارقينا
إذا ما رأيتَ ازدحامَ الحقوق / عليهم عجبتَ لهم ثابتينا
ومَن أُذكِيتْ نارُه باليفا / عِ في القُرِّ زاحمَه المصطلونا
مساميحُ لم يَعْرُقُوا بالعِضا / ضِ أيديَهم في ندىً نادمينا
ولم يدفعوا في صدورِ الحقوق / بعذرٍ وإن كان عذرا مبينا
يبيتون يعتلكون السيا / طَ غَرْثَى وهم يطرُدون السنينا
طِوالُ الحمائلِ شُمُّ الأنوفِ / يُهابون رؤيا ويُستحسَنونا
إذا ركِبوا مسَحوا بالسحاب / وإن نزلوا خلتَهم راكبينا
تفرَّعَ من شَرَفَيْ عِيصهم / مصابيحُ مجد تضيء الدجونا
وكلُّ غلامٍ له حكمُه / على الناس راضين أو كارهينا
إذا سكتَ انتظروا ما يقولُ / وإن قال دانَ له الناطقونا
تألَّقَ ينعتُ حُسنا أباه / وميضَ السيوف يصفْن القُيونا
عميم الحيا كعميدِ الكفاةِ / ولا يسِمُ الأرضَ إلا هَتونا
لك اللهُ مبتدِئا سؤدداً / تراجعَ عن شأوِه المنتهونا
ومقتبل السِّنِّ فاق الكهولَ / فجاءوا على عَقْبه يحتذونا
فدىً لك كلُّ قصير الفخا / رِ يهرُب من ألسن الناسبينا
له حسَبٌ في العلا أكمهٌ / أَضلّتْ محجَّتُه المهتدينا
إذا أَيْتَم البخلُ سؤَّالهُ / فيكفيك فينا أبو السائلينا
وكلُّ ابنِ نقصٍ تمنَّى أبو / ه أنّ البنات له بالبنينا
إذا ما رأى منك مِلءَ العيون / رأى منه مِلءَ مُنَى الشامتينا
لئن دبَّ دهرٌ إلى مجدكم / بنقصٍ يُخافُ على الفاضلينا
ومدَّ إليكم غَداةَ الصَّفاح / شِمالا وكان يمدّ اليمينا
ونازعكم عن مقرّ العَلا / ء غصباً وأنتم له مالكونا
فقِدْماً رآكم لأخلاقه / بحسن خلائقكم فاضحينا
يصيب فتجبُرُ أيمانُكم / مصابَ إساءته محسنينا
ويأخذ منَّا وتُعطوننا / ويجلُب فينا فتُستَنجَدونا
ولا بدّ للمجدِ من عُوذةٍ / إذا تمَّ تطرِفُ عنه العيونا
وقد يُغمد السيفُ حتى يُشام / ويَستتر البدرُ حتى يبينا
يظنُّ العدا أنكم تخشعون / وقد كذَّب اللهُ فيك الظنونا
ولا أبعد اللهُ غير التِّلاد / إذا العرضُ أضحى منيعا مصونا
لئن سرَّ حاسدَكم أن يرى / وفودَكُمُ مرَّةً مُخفِقينا
فكم ليلةٍ دونكم أنقبت / خوافي المناسم حتّى دَمينا
ويوم سَمومٍ يردّ القطا / على الماء كُدْراً وقد كُنَّ جُونا
حملنا إليكم على الكره فيه / جوادا أقبَّ وعَنْسا أَمونا
فردّ نوالُكم اليعملا / تِ تُعيي كَراكِرُهن المتونا
مواقرَ من جودكم لا تكاد / تُقِلُّ قلائدَها والعُهونا
كأنّا إذا أُشرعت للورود / نحطُّ إلى الماء منها سَفينا
فتلتُ من الناس حَبْليِ بكم / وقلت لنفسي هم العالمونا
وبعتكُمُ مهجتي طائعا / فَوَ المجدِ ما كان بيعا غَبِينا
ولم أك حاشاي في الغادرين / بكم إن نبا الدهرُ والمارقينا
لساني لكم ذاك والنفسُ تلك / مُضِيقين في المال أو مُوسِعينا
وأعلمُ أنّي لكم سالمٌ / وأعلمُ أنكُمُ تعلمونا
وكم ليَ من مَثَلٍ سائرٍ / تظلُّ العداةُ له آذنينا
لكم منه داعيةٌ في البلادِ / ويعطيكمُ إمرةَ المؤمنينا
أقومُ لكم بقوانينه / وأنطِقُ ما دمتمُ تسمعونا
فلا عدِم الوفدُ ناديكُمُ / ولا استَوْحشتْ سُبُلُ الرائدينا
وكان لكُمْ من عِثار الزمانِ / لعاً يومَ يعثُر بالغافلينا
ولا راعنا قدَرٌ فيكُمُ / فإنَّ بكم نعمةَ الله فينا