فخار الملوك بأعوانها
فخار الملوك بأعوانها / وخير البلاد بعمرانها
وما ثبّت الله من دولة / بغير عدالة سلطانها
ألست ترى دولة المسلمين / وما كانَ من آل عثمانها
وما رفع الله من قدرها / وما عظّم الله من شأنها
وما بلغت فيه من قوة / تضاف لقوة إيمانها
فدان الأنامُ إلى حكمها / ولا حكم إلاَّ بقرآنها
فكان الفتوح على عهدها / وسعد البلاد بأزمانها
فيا لك من دولة أسِّسَتْ / قواعد أركان بنيانها
بما شرع الله بين العباد / وأبطل سائر أديانها
وما جاءنا سيّد المرسلين / وقام الدليل ببرهانها
إلى عهد أيام عبد العزيز / مجدّد أحكام إتقانها
فولّى الأمور لأربابها / وأهدى السيوف لأجفانها
فنعم الرجال ونعم الكمال / بأفكارها وبأذهانها
فلم تر يوماً كآرائها / ولا للحروب كشجعانها
صناديد أبطالها في الوغى / وأبطال أقيال فرسانها
وقد صدقته بما عاهدت / عليه العلى جهد إيمانها
ومن نعمة شكرت للمليك / وقد أوجبت حق شكرانها
أحال العراق إلى نامقٍ / ليصلح ما شان من شانها
فذلّل منها صعاب الأمور / وقاد المعالي بأرسانها
إذا افتخرت دولة بالرجال / وباهت محاسن أقرانها
فمن فخر دولتنا نامق / بحسن المزايا وإحسانها
وما زال نائله مَنْهلاً / لصادي الحشاشة ظمآنها
أباد الطغاة وأفنى العصاة / ودمّرها بعد عصيانها
وألبَس بغداد تاج الفخار / وقرّب أشراف قطانها
فكانت إليه أحبَّ الديار / وحبّ الديار لسكانها
ومكّنه الله من عِزَّةٍ / من الأمن غاية إمكانها
فلاحت عليه سطور الهنا / قرأنا السرور بعنوانها
وكم فتنة أوقدت قبله / فكان الخمود لنيرانها
أحلّ رعيته في أمان / أقرّ الجميع بأوطانها
وكلٌّ له منه ما يستحق / بوزن الرجال ورجحانها
لدولته صارم باتر / يبت الخطوب بإيمانها
وحزب من الله في عونها / وذلك أكبر أعوانها
ومنذ تولى أمور العراق / وكفَّ يَدَيْ ظلم عدوانها
أراح البلاد وسرّ العباد / وكان جلاءً لأحزانها
وفي البصرة الآن سعد السعود / يلوح لها من سليمانها
أميرٌ عليها رؤوف بها / حريص على جلب أعيانها
محبَّته مُزِجَت بالقلوب / مزاج النفوس بجثمانها
تريك فصاحة ألفاظه / مجاني فصاحة سحبانها
وإنَّ البلاغة حيث انتمت / إليه قلائد عقيانها
وتعرف من لفظه حكمةً / تُفَسِّرُ حكمة لقمانها
عقول الرجال بأقلامها / وفضل العقول بعرفانها
كأنَّ ترسله خمرةٌ / تطوف النوادر في حانها
ويبعث إملاؤه نشوةً / فيهدي السرور لنشوانها
وإنَّ القوافي لدى فضله / تباع بأنفس أثمانها
فمن ثمَّ يقطف نوارها / ويجني أزاهير بستانها
وفي البصرة الفصل في حكمه / لعهد المسرة إبانها
ولما أراد بها أنْ تكون / كروح الجنان وريحانها
تسبّب في حفر أنهارها / ومنع خبائث جيرانها
وعادت هنالك ماءً طهوراً / وعذباً فراتاً لعطشانها
وكانت لعمرك فيما مضى / تشاب بأقذار أدرانها
عسى أنْ تكون لسلطانها / مليك الملوك وخاقانها
إليها برأفته لفته / بسد المياه وطغيانها
فحينئذ لم نجد آفةً / بدفع مضرة طوفانها