المجموع : 5
نَجا وَتَماثَلَ رُبّانُها
نَجا وَتَماثَلَ رُبّانُها / وَدَقَّ البَشائِرَ رُكبانُها
وَهَلَّلَ في الجَوِّ قَيدومُها / وَكَبَّرَ في الماءِ سُكّانُها
تَحَوَّلَ عَنها الأَذى وَاِنثَنى / عُبابُ الخُطوبِ وَطوفانُها
نَجا نوحُها مِن يَدِ المُعتَدي / وَضَلَّ المُقاتِلَ عُدوانُها
يَدٌ لِلعِنايَةِ لا يَنقَضي / وَإِن نَفَدَ العُمرُ شُكرانُها
وَقى الأَرضَ شَرَّ مَقاديرِهِ / لَطيفُ السَماءِ وَرَحمانُها
وَنَجّى الكِنانَةَ مِن فِتنَةٍ / تَهَدَّدَتِ النيلَ نيرانُها
يَسيلُ عَلى قَرنِ شَيطانِها / عَقيقُ الدِماءِ وَعِقيانِها
فَيا سَعدُ جُرحُكَ ساءَ الرِجالَ / فَلا جُرِحَت فيكَ أَوطانُها
وَقَتكَ العِنايَةُ بِالراحَتَينِ / وَطَوَّقَ جيدَكَ إِحسانُها
مَنايا أَبى اللَهُ إِذ ساوَرَتكَ / فَلَم يَلقَ نابَيهِ ثُعبانُها
حَوَت دَمَكَ الأَرضُ في أَنفِها / زَكِيّاً كَأَنَّكَ عُثمانُها
وَرَقَّت لِآثارِهِ في القَميصِ / كَأَنَّ قَميصَكَ قُرآنُها
وَريعَت كَما ريعَتِ الأَرضُ فيكَ / نَواحي السَماءِ وَأَعنانُها
وَلَو زُلتَ غُيَّبَ عَمرُو الأُمورِ / وَأَخلى المَنابِرَ سَحبانُها
رَماكَ عَلى غِرَّةٍ يافِعٌ / مُثارُ السَريرَةِ غَضبانُها
وَقِدماً أَحاطَت بِأَهلِ الأُمورِ / مُيولُ النُفوسِ وَأَضغانُها
تَلَمَّسَ نَفسَكَ بَينَ الصُفوفِ / وَمِن دونِ نَفسِكَ إيمانُها
يُريدُ الأُمورَ كَما شاءَها / وَتَأبى الأُمورُ وَسُلطانُها
وَعِندَ الَّذي قَهَرَ القَيصَرَينِ / مَصيرُ الأُمورِ وَأَحيانُها
وَلَو لَم يُسابِق دُروسَ الحَياةِ / لَبَصَّرَهُ الرُشدَ لُقمانُها
فَإِنَّ اللَيالي عَلَيها يَحولُ / شُعورُ النُفوسِ وَوُجدانُها
وَيَختَلِفُ الدَهرُ حَتّى يَبينَ / رُعاةُ العُهودِ وَخُوّانُها
أَرى مِصرَ يَلهو بِحَدِّ السِلاحِ / وَيَلعَبُ بِالنارِ وِلدانُها
وَراحَ بِغَيرِ مَجالِ العُقولِ / يُجيلُ السِياسَةَ غُلمانُها
وَما القَتلُ تَحيا عَلَيهِ البِلادُ / وَلا هِمَّةُ القَولِ عُمرانُها
وَلا الحُكمُ أَن تَنقَضي دَولَةٌ / وَتُقبِلَ أُخرى وَأَعوانُها
وَلَكِن عَلى الجَيشِ تَقوى البِلادُ / وَبِالعِلمِ تَشتَدُّ أَركانُها
فَأَينَ النُبوغُ وَأَينَ العُلومُ / وَأَينَ الفُنونُ وَإِتقانُها
وَأَينَ مِن الخُلقِ حَظُّ البِلادِ / إِذا قَتَلَ الشيبَ شُبّانُها
وَأَينَ مِنَ الرِبحِ قِسطُ الرِجالِ / إِذا كانَ في الخُلقِ خُسرانُها
وَأَينَ المُعَلِّمُ ما خَطبُهُ / وَأَينَ المَدارِسُ ما شَأنُها
لَقَد عَبَثَت بِالنِياقِ الحُداةُ / وَنامَ عَنِ الإِبلِ رُعيانُها
إِلى الخُلقِ أَنظُرُ فيما أَقولُ / وَتَأخُذُ نَفسِيَ أَشجانُها
وَيا سَعدُ أَنتَ أَمينُ البِلادِ / قَدِ اِمتَلَأَت مِنكَ أَيمانُها
وَلَن تَرتَضي أَن تُقَدَّ القَناةُ / وَيُبتَرَ مِن مِصرَ سودانُها
وَحُجَّتُنا فيهِما كَالصَباحِ / وَلَيسَ بِمُعييكَ تِبيانُها
فَمِصرُ الرِياضُ وَسودانُها / عُيونُ الرِياضِ وَخُلجانُها
وَما هُوَ ماءٌ وَلَكِنَّهُ / وَريدُ الحَياةِ وَشِريانُها
تُتَمِّمُ مِصرَ يَنابيعُهُ / كَما تَمَّمَ العَينَ إِنسانُها
وَأَهلوهُ مُنذُ جَرى عَذبُهُ / عَشيرَةُ مِصرَ وَجيرانُها
وَأَمّا الشَريكُ فَعِلّاتُهُ / هِيَ الشَرِكاتُ وَأَقطانُها
وَحَربٌ مَضَت نَحنُ أَوزارُها / وَخَيلٌ خَلَت نَحنُ فُرسانُها
وَكَم مَن أَتاكَ بِمَجموعَةٍ / مِنَ الباطِلِ الحَقُّ عُنوانُها
فَأَينَ مِنَ المَنشِ بَحرُ الغَزالِ / وَفَيضُ نِيانزا وَتَهتانُها
وَأَينَ التَماسيحُ مِن لُجَّةٍ / يَموتُ مِنَ البَردِ حيتانُها
وَلَكِن رُؤوسٌ لِأَموالِهِم / يُحَرِّكُ قَرنَيهِ شَيطانُها
وَدَعوى القَوِيِّ كَدَعوى السِباعِ / مِنَ النابِ وَالظُفرِ بُرهانُها
تُسائِلُني كَرمَتي بِالنَهارِ
تُسائِلُني كَرمَتي بِالنَهارِ / وَبِاللَيلِ أَينَ سَميري حَسَن
وَأَينَ النَديمُ الشَهِيُّ الحَديثِ / وَأَينَ الطَروبُ اللَطيفُ الأُذُن
نَجِيُّ البَلابِلِ في عُشِّها / وَمُلهِمُها صِبيَةً في الفَنَن
فَقُلتُ لَها ماتَ وَاِستَشعَرَت / لَيالي السُرورِ عَلَيهِ الحَزن
لَئِن ناءَ مِن سِمَنٍ جِسمُهُ / فَما عَرِفَت روحُهُ ما السِمَن
وَما هُوَ مَيتٌ وَلَكِنَّهُ / بَشاشَةُ دَهرٍ مَحاها الزَمَن
وَمَعنىً خَلا القَولُ مِن لَفظِهِ / وَحُلمٌ تَطايَرَ عَنهُ الوَسَن
وَلا يَذكُرُ المَعهَدُ الشَرقِيُّ / لِأَنوَرَ إِلّا جَليلَ المِنَن
وَما كانَ مِن صَبرِهِ في الصِعابِ / وَما كانَ مِن عَونِهِ في المِحَن
وَخِدمَةُ فَنٍّ يُداوي القُلوبَ / وَيَشفي النُفوسَ وَيُذكي الفِطَن
وَما كانَ فيهِ الدَعِيَّ الدَخيلَ / وَلَكِن مِنَ الفَنِّ كانَ الرُكُن
وَلَو أَنصَفَ الصَحبُ يَومَ الوَداعِ / دُفِنتَ كَإِسحاقَ لَمّا دُفِن
فَغُيِّبتَ في المِسكِ لا في التُرابِ / وَأُدرِجتَ في الوَردِ لا في الكَفَن
وَخُطَّ لَكَ القَبرُ في رَوضَةٍ / يَميلُ عَلى الغُصنِ فيها الغُصُن
وَيَنتَحِبُ الطَيرُ في ظِلِّها / وَيَخلَعُ فيها النَسيمُ الرَسَن
وَقامَت عَلى العودِ أَوتارُهُ / تُعيدُ الحَنينَ وَتُبدي الشَجَن
وَطارَحَكَ النايُ شَجوَ النُواحِ / وَكُنتَ تَئِنُّ إِذا النايُ أَن
وَمالَ فَناحَ عَلَيكَ الكَمانُ / وَأَظهَر مِن بَثِّهِ ما كَمَن
سَلامٌ عَلَيكَ سَلامُ الرُبا / إِذا نَفَحَت وَالغَوادي الهُتَن
سَلامٌ عَلى جيرَةٍ بِالإِمامِ / وَرَهطٍ بِصَحرائِهِ مُرتَهَن
سَلامٌ عَلى حُفَرٍ كَالقِبابِ / وَأُخرى كَمُندَرِساتِ الدِمَن
وَجَمعٍ تَآلَفَ بَعدَ الخِلافِ / وَصافى وَصوفِيَ بَعدَ الضَغَن
سَلامٌ عَلى كُلِّ طَودٍ هُناكَ / لَهُ حَجَرٌ في بِناءِ الوَطَن
مَضى الدَهرُ بِاِبنِ إِمامِ اليَمَن
مَضى الدَهرُ بِاِبنِ إِمامِ اليَمَن / وَأَودى بِزَينِ شَبابِ الزَمَن
وَباتَت بِصَنعاءَ تَبكي السُيوفُ / عَلَيهِ وَتَبكي القَنا في عَدَن
وَأَعوَلَ نَجدٌ وَضَجَّ الحِجازُ / وَمالَ الحُسَينُ فَعَزَّ الحَسَن
وَغَصَّت مَناحاتُهُ في الخِيامِ / وَغَصَّت مَآتِمُهُ في المُدُن
وَلَو أَنَّ مَيتاً مَشى لِلعَزاءِ / مَشى في مَآتِمِهِ ذو يَزَن
فَتىً كَاِسمِهِ كانَ سَيفَ الإِلَه / وَسَيفَ الرَسولِ وَسَيفَ الوَطَن
وَلُقِّبَ بِالبَدرِ مِن حُسنِهِ / وَما البَدرُ ما قَدرُهُ وَاِبنُ مَن
عَزاءً جَميلاً إِمامَ الحِمى / وَهَوِّن جَليلَ الرَزايا يَهُن
وَأَنتَ المُعانُ بِإيمانِهِ / وَظَنُّكَ في اللَهِ ظَنٌّ حَسَن
وَلَكِن مَتى رَقَّ قَلبُ القَضاءِ / وَمِن أَينَ لِلمَوتِ عَقلٌ يَزِن
يُجامِلُكَ العُربُ النازِحون / وَما العَرَبِيَّةُ إِلّا وَطَن
وَيَجمَعُ قَومَكَ بِالمُسلِمينَ / عَظيمَ الفُروضِ وَسَمحُ السُنَن
وَأَنَّ نَبِيَّهُمُ واحِدٌ / نَبِيُّ الصَوابِ نَبِيُّ اللَسَن
وَمِصرُ الَّتي تَجمَعُ المُسلِمينَ / كَما اِجتَمَعوا في ظِلالِ الرُكُن
تُعَزّي اليَمانينَ في سَيفِهِم / وَتَأخُذُ حِصَّتَها في الحَزَن
وَتَقعُدُ في مَأتَمِ اِبنِ الإِمامِ / وَتَبكيهِ بِالعَبَراتِ الهُتُن
وَتَنشُرُ رَيحانَتَي زَنبَقٍ / مِنَ الشِعرِ في رَبَواتِ اليَمَن
تَرِفّانِ فَوقَ رُفاتِ الفَقيدِ / رَفيفَ الجِنى في أَعالي الغُصُن
قَضى واجِباً فَقَضى دونَهُ / فَتىً خالِصَ السِرِّ صافي العَلَن
تَطَوَّحَ في لُجَجٍ كَالجِبالِ / عِراضِ الأَواسي طِوالِ القُنَن
مَشى مِشيَةَ اللَيثِ لا في السِلاحِ / وَلا في الدُروعِ وَلا في الجُنَن
مَتى صِرتَ يا بَحرُ غُمدَ السُيوفِ / وَكُنّا عَهِدناكَ غِمدَ السُفُن
وَكُنتَ صِوانَ الجُمانِ الكَريمِ / فَكَيفَ أُزيلَ وَلِم لَم يُصَن
ظَفِرَت بِجَوهَرَةٍ فَذَّةٍ / مِنَ الشَرَفِ العَبقَرِيِّ اليُمُن
فَتىً بَذَلَ الروحَ دونَ الرِفاقِ / إِلَيكَ وَأَعطى التُرابَ البَدَن
وَهانَت عَلَيهِ مَلاهي الشَبابِ / وَلَولا حُقوقُ العُلا لَم تَهُن
وَخاضَكَ يُنقِذُ أَترابَهُ / وَكانَ القَضاءُ لَهُ قَد كَمَن
غَدَرتَ فَتىً لَيسَ في الغادِرينَ / وَخُنتَ اِمرأً وافِياً لَم يَخُن
وَما في الشَجاعَةِ حَتفُ الشُجاعِ / وَلا مَدَّ عُمرَ الجَبانِ الجُبُن
وَلَكِن إِذا حانَ حَينُ الفَتى / قَضى وَيَعيشُ إِذا لَم يَحِن
أَلا أَيُّها ذا الشَريفُ الرَضي / أَبو السُجَرِ الرَماحِ اللُدُن
شَهيدُ المُروءَةِ كانَ البَقيعُ / أَحَقَّ بِهِ مِن تُرابِ اليَمَن
فَهَل غَسَّلوهُ بِدَمعِ العُفاةِ / وَفي كُلِّ قَلبِ حَزينٍ سَكَن
لَقَد أَغرَقَ اِبنَكَ صَرفُ الزَمانِ / وَأَغرَقتَ أَبناءَهُ بِالمِنَن
أَتَذكُرُ إِذ هُوَ يَطوي الشُهورَ / وَإِذ هُوَ كَالخِشفِ حُلوٌ أَغَن
وَإِذ هُوَ حَولَكَ حَسَنُ القُصورِ / وَطيبُ الرِياضِ وَصَفوُ الزَمَن
بَشاشَتُهُ لَذَّةٌ في العُيونِ / وَنَغمَتُهُ لَذَّةٌ في الأُذُن
يُلاعِبُ طُرَّتَهُ في يَدَيكَ / كَما لاعَبَ المُهرُ فَضلَ الرَسَن
وَإِذ هُوَ كَالشِبلِ يَحكي الأُسودَ / أَدَلَّ بِمِخلَبِهِ وَاِفتَتَن
فَشَبَّ فَقامَ وَراءَ العَرينِ / يَشُبُّ الحُروبَ وَيُطفي الفِتَن
فَما بالُهُ صارَ في الهامِدينَ / وَأَمسى عَفاءً كَأَن لَم يَكُن
نَظَمتُ الدُموعَ رِثاءً لَهُ / وَفَصَّلتُها بِالأَسى وَالشَجَن
وهب لي ريالين تحت الحساب
وهب لي ريالين تحت الحساب / وبعد غد نلتقى ههنا
بعد أن ينظر أمامه انتظر ياجمال / بربك فالحظ قد أحسنا
فهذا أخو زيَنب مقبلا / فسر حيث شئت ودعنى أنا
رأيتُ على صخرة عقربا
رأيتُ على صخرة عقربا / وقد جعلت ضربَها ديدنا
فقلت لها إنها صخرة / وطبعَك من طبعها أليَنا
فقالت صدقتَ ولكنني / أردت أعرِّفها من أنا