أَلَمَّ الخَيالُ بِنا مَوهِنا
أَلَمَّ الخَيالُ بِنا مَوهِنا / فَأَهلاً بِهِ مِن خَيالٍ أَلَم
سَرى كاتِماً نَفسَهُ وَالضِيا / ءُ يَدُلُّ عَلى أَنَّهُ ما انكَتَم
رَعى اللَهُ طَيفَكُمُ راعِياً / لِتِلكَ العُهودِ وَتِلكَ الذِمَم
تَأَوَّبَ يَشكو إِلَينا العَنا / وَنَشكو إِلَيهِ الضَنا وَالأَلَم
خَليلي هَل تَحمِلانِ السَلا / مَ مِنّا إِلى ساكِناتِ السَلَم
وَمَن حَلَّ بِالنَشَمِ المُستَطيلِ / بِرُوحي رَبارِبُ ذاكَ النَشَم
إِذا نَزَلوا عَلَماً بِالحِجازِ / بَعَثنا السَلامَ لِذاكَ العَلَم
وَقُلنا سَقَتكَ غَوادي الجُفونِ / إِذا لَم تَجُدكَ غَوادِيَ الرِهَم
وَرُوِّضَ مَغناكَ حَتّى يَئوبَ / نَسيمُكَ أَذكى نَسيمٍ يُشَم
وَظامِئَةٍ مثلِ مَتنِ الحُسامِ / كَأَنَّ عَلَيها مِنَ الآلِ يَم
طَوَينا بِها سُرُرَ الناجِياتِ / طَيّ الأَساودِ تَحتَ الرُجَم
أَقُولُ لِصَحبي وَقَد جَفَّلوا / بِناتِ الظَليمِ بِخبطِ الظُلَم
وَنَحنُ يَكادُ السُرى أَن يَمَس / مَقادِمَ كيرانِنا بِاللِمَم
أَزيلوا النُعاسَ وَأُمُوا بِنا / وَبِالعيس أَكرَمَ خَلقِ يُؤَم
فَإِن أَوصَلَتنا الفَتى المُدرِكيّ / فَقَد أَوصَلَتنا الوفِيَّ الذِمَم
رَأَيتُ الكِرامَ فَلَمّا رَأَيت / ثِمالاً رَأَيتُ نَبِيَّ الكَرَم
أَشَمُّ يُوازِنُ شُمَّ الجِبالَ / وَلا يَبلُغُ الشُمُ وَزنَ الأَشَم
نَذُمُّ الزَمانَ وَما يُستَحَقُّ / زَمانٌ حَبانا بِهِ أَن يُذَم
كَريمٌ تَهَدَّمَتِ المَكرُماتُ / فَما زالَ حَتّى بَنى ما اِنهَدَم
وَحَطَّمَ تَحتَ العَجاجِ البَهيمِ / صُدورَ القَنا في صُدورِ البُهَم
لَقَد حَلَّ في حَلَبٍ عادِلٌ / مَحا الظُلمَ عَن أَهلِها وَالظُلَم
وَحاطَهُمُ مِن صُروفِ الزَمانِ / فَنامُوا وَراعيهمُ لَم يَنَم
إِذا عَدِموا الغَيثَ شامُوا نَداهُ / فَقامَ نَداهُ مَقامَ الدِيَم
أَبا صالِحٍ أَنتَ حُسنُ الزَمانِ / وَحُسنُ الرِداءِ بِحُسنِ العَلَم
إِذا نَظَمَ المَدحَ فيكَ امرؤٌ / وَجَدناكَ أَشرَفَ مِمّا نَظَم
أَمِنّا بِقُربِكَ صَرفَ الزَمانِ / فَنَحنُ الحَمامُ وَأَنتَ الحَرَم
كَأَنَّ المُعِزَّ لَنا كَعبَةٌ / وَراحَتُهُ الرُكنُ وَالمُستَلم
نُهنِّيهِ لَما بَرا صالِحٌ / وَذاكَ الهَناءُ لِكُلِّ الأُمَم
فَيا عَجَباً كَيفَ يُخشى السَقا / مُ عَلَيكَ وَأَنتَ شِفاءُ السَقَم
وَقَد كانَ قَطَّبَ وَجهُ الزَمانِ / فَقُلنا بَرا صالِحٌ فَاِبتَسَم
لَئِن سَرَّنا بُرؤُهُ لِلنَدى / لَقَد ضَرَّ أَعمارَ كُومِ النَعَم
لِسَفرٍ تَأَوَّبَ في لَيلَةٍ / يَبيتُ العَمودُ بِها يُلتَزَم
إِذا سَمِعَ الصَوتَ فيها البَخيلُ / تَصامَمَ وَهوَ قَليلُ الصَمَم
وَأَقبَلَ يَمشي وَفي نَفسِهِ / هُمُومٌ تُفَنِّدُهُ لا هِمَم
وَيَلقى بِها المُدرِكيّ النَجاحَ / يَشِبُّ سَنا النارِ فَوقَ الأَكَم
لِيَهدي الوُفودَ إِلى مَنزِلٍ / تَبيتُ الوُفودُ بِهِ في النِعَم
سَجِيَّةُ قَومٍ كِرامِ الوُجوهِ / كِرامِ الأُصولِ كِرامِ الشِيَم
جَزى اللَهُ خَيراً ظُهورَ الرِكاب / وَأَحسَنَ عَنِيّ جَزاءَ القَلَم
فَقَد كُنتُ أَلتَمِسُ الأَكرَمينَ / وَأَطلُبُ لِلمَدحِ أَهلَ القِيَم
فَلَمّا وَجَدتُ بَني صالِحٍ / وَجَدتُ الغِنى وَعَدِمتُ العَدَم
وَثَمَّرتُ مِن فَضلِهِم نِعمَةً / وَجاهاً وَمالاً وَلَحماً وَدَم
مُلوكٌ إِذا ما عَدَدتَ المُلوكَ / عَدَدتَ المُلوكَ لَهُم في الحشَم
خَدَمتُهُمُ في قَميصِ الشَبابِ / وَأَخدِمُهُم في قَميصِ الهَرَم
فَإِن مِتُّ قامَت بِشكري لَهُم / مُحَبَّرَةٌ مِن بَناتِ الكَلِم
تَداوَلَها ساكِنُ الخافِقينِ / إِمّا العُرَيبُ وَإِمّا العَجَم