المجموع : 4
يَروُحُ ويغدو علينا الحِمامُ
يَروُحُ ويغدو علينا الحِمامُ / وكلُّ النواظرِ عنه نيامُ
على شِيمَ النَّعَم الراتعا / تِ يُعقَر هذا وهذا يُسامُ
ولا فرقَ ما بيننا في القيا / سِ إلاّ العقولُ وهذا الكلامُ
كفى بالممات لنا مُفنياً / فَمن أجل ماذا تُراشُ السهامُ
وتُعتقَلُ الذابلاتُ الطِّوالُ / ويُحملُ ذو الشَّفرتَين الحُسام
كأنّا خُلقنا لرَيبِ المنونِ / شرابٌ يَلذُّ به أو طَعامُ
ستُطوَى مسافةُ مَن عمرُهُ / يسيرُ صباحٌ به أو ظلامُ
ليالٍ تمرّ كمرِّ السحا / بِ والصبحُ فيهنَّ برقٌ يشامُ
جناياتُهنَّ علينا البِلَى / وأعذارُهنَّ إلينا السَّقامُ
لها كلَّ يوم بنا وقعةٌ / فهلاَّ تناوبَ عامٌ وعامُ
نلوم الطبيبَ وما جُرمُهُ / وداءُ المنيَّة داءٌ عُقامُ
إذا فَذْلكَ العيشُ عمرَ الفتىَ / فسيّانِ ما خلفه والأمامُ
وما يعصِمُ المرءَ من حتفهِ / عِراقٌ يَحُلُّ به أو شآمُ
بأَىِّ حمىً مانعٍ يُستجارُ / إذا لم يُجِر زمزمٌ والمَقامُ
ظِباءُ البطاح لها مَصَرعٌ / وعُصْمٌ لها بالجبالِ اعتصامُ
إذا الدَّوحُ مالت به العاصفاتُ / فلا ريبَ أن سمّيلُ الثُّمامُ
وهل نافعٌ لك طولُ الجِماحِ / وفي يدِ صَرف الزمانِ الزّمامُ
يحدّثُنا بالفَناء البقاءُ / ويُخبرنا بالرحيلِ المقامُ
بهذا قضى الدهرُ في أهلهِ / تمرُّ فِئامٌ وتأتى فِئامُ
يعلّلنا برَضاع المنَى / وعمّا قليلٍ يكون الفِطامُ
تذُمُّ حذارا بلوغَ المشيبِ / كأنَّ لعصرِ التصابى ذِمامُ
وما يحذَر اليَفَنُ العُدْمُلِ / ىُّ إلا الذي يتقيه الغلامُ
عذَرنا الزمانَ بموت اللئامِ / فما عذرهُ أن يموتَ الكرامُ
علينا يحرَّمُ قتلُ النفوس / فكيف أُحِلَّ عليه الحرامُ
مَناسكُ منهوجةٌ بالوجَى / يُجَبُّ على إثرهن السَّنامُ
لعمرُك ما المرءُ إلا خَيالٌ / ولا لذّة العيش إلا منامُ
ألا أيّهذا اللبيبُ اتئدْ / ومثلُك من رامَ مالا يرامُ
ترفَّق رويدكَ إن السّلَّو / مُراحٌ إليه يعودُ الأنامُ
وعادتك الصبرُ إن قعقعتْ / صواعقَهنَّ الخطوبُ الجِسامُ
تمرُّ عليك مرورَ الريا / ح زاحمها يَذُبلٌ أو شَمامُ
تلوثُ الرداء وتُرخى الإزا / ر في موقفٍ شُدَّ فيه الحِزامُ
يعزِّيك عقلُك عمّن مضى / وعلمُك أن ما لشيء دوامُ
ونفسُك أبلغُ من واعظٍ / وأكبرُ أن يزدهيها الغرامُ
وأنت تعلِّم كيف الثبا / تُ إن زعزعتنا الخطوبُ الجِسامُ
تحمَّلُ أثقالَها مُهْوِنا / وللبزُلِ لو حَملتهْا بُغامُ
إذا الحزن لم يُعد الذاهبينَ / فما هو إلا الجوى والأثامُ
فراقُ الشقيقة أشجى فراقٍ / أذيلت عليه الدموعُ السِّجامُ
وفقدُ الفتى صِنوَه فادحٌ / على الحزن في مثله لايلامُ
ولكن يريك الثنايا الجليدُ / وفي حبّة القلب منه ضِرامُ
وعينُك إن غلِطتْ بالبكاء / فقد علّمتها يداك الغمامُ
فسَقياً لمودَعةٍ في الصَّعيدِ / تُعزَّى الخدورُ بها والخِيامُ
ولم نر دُرًّا ولا زهرةً / من التُّرب أصدافُها والكِمامُ
أنلتمس السُّحبَ تسقى ثرِاك / وجُود أخيك الغيوثُ الرِّهامُ
وتُسَحب فيه ذيولُ النسيم / ومن عَرفِه تَستَمِدُّ المُدامُ
لِفقدانها ما تحنُّ القِلاصُ / وتندبُ فوق الغصون الحمَامُ
فيا جبل الطُّورِ لا فارقتكَ / سحائبُ يُشفَى بهنَّ الأُوامُ
يَقِفْنَ حوافلَ في عرصتي / ك حتى تُساوى الوِهادَ الإِكامُ
تخصُّك بالماخضاتِ العشارِ / وغير رباكَ لهنَّ الجَهامُ
ولو كنتِ آثبةً بالخصام / لما عزَّ فينا الخميسُ اللُّهامُ
وخيلٌ تَكدَّسُ بالدارعين / مقابرُ فُرسانهنَّ القَتامُ
ولكنها حالةٌ فرضُها / علينا تحيّتُنا والسلامُ
أيا بؤسَ قومٍ حسانِ الشخو
أيا بؤسَ قومٍ حسانِ الشخو / صِ لكن حُشُوا بطباع النَّعَمْ
يزينيهمُ في جفون الغبىِّ / حُلِىُّ الغِنىَ وثياب النِّعَمْ
حدوناهمُ بفصيح القريِض / فما استحسنوا منهُ غيرَ النغمْ
وكان الذي خاض أسماعَهم / سواءً ونقراتُ زِير وبَمّْ
وقد جعلوا عذَر حرماننا الثَّ / وابَ خلَّوهُمُ من فَهمْ
وهبْ أنهم جهِلوا ما نقولُ / فأين السخاءُ واينَ الكَرمْ
أغرَّعمُ كَتبُنا في الرِّقا / عِ نحنُ العبيدُ ونحنُ الخدَمْ
ومن دون ذلك تُشوَى الوجوهُ / وتُقذَى العيونُ ويُفرَى الادَمْ
فإن هم أنابوا ببذل النوالِ / وصلنا الثناءَ كوصل الرِحمْ
وإن هم أصرُّوا على لؤمهم / وهبنا ثناياهمُ للندّمْ
إذا جاوزوا الحدّ في منعهم / خلعنا الحياء وجزنا اللَّمَمْ
بعينيك إضرامُهم للأكمْ
بعينيك إضرامُهم للأكمْ / بحمُرِ القِبابِ وحُمرِ النَّعَمْ
تَخَيّلها الضيفُ نارَ القِرىَ / وما هي إلا قلوبُ الأممْ
ورقَّ الحُداةُ لإنصاتِهم / فأبدلْنَها بالسياطِ النَّغَمْ
لقد كذَب الفالُ لما زجرتُ / ظباءَ سُليمٍ بوادى السَّلمْ
فما كنَّ إلا الجوى والسى / وطولَ السهادِ وفرطَ السَّقَمْ
أترجو لمن قد هَوِى صحّةً / وما علَّة الحبِّ إلا لَمَمْ
ولما رأى البُرءَ في عَذْله / رماه الهوى بالعمى والصَّمَمْ
تظنُّ السحائبَ أجفانَهُ / لو أنَّ السحائبَ تهِمى بدمْ
ولولا الغرامُ لما شاقَه / حَمامٌ دَعَا أو غزالٌ بَغَمْ
شَككتُ وقد زارنى غَلطةً
شَككتُ وقد زارنى غَلطةً / أفى يقْظةٍ ما أرى أم مَنامْ