المجموع : 4
لَكَ اللهُ أَقبِلْ أبا خَيْثَمهْ
لَكَ اللهُ أَقبِلْ أبا خَيْثَمهْ / فِللّهِ صُنْعَكَ ما أَكْرَمَهْ
قَعدتَ فلما كَرِهتَ القُعودَ / نَفرت حَثيثاً إلى المَلْحَمَهْ
دَخلتَ العَريشَ على نَعجتيك / فَسُبحانَ ربِّكَ ما أعظَمَهْ
نَعِيمٌ يَروقُ وظِلٌّ يشوقُ / وعَيشٌ يَسرُّكَ أن تَغْنَمَهْ
فذكَّرَكَ اللهُ حَرَّ الجهاد / وألهمَ قلبكَ ما ألْهَمَهْ
فقلتَ أيمضي الرسولُ الكريم / يُكابِدُ في اللَّهِ ما جَشَّمَهْ
وأبقى هُنا في هَوى نَعْجَتيّ / وَحُبِّ العريشِ كذِي الملأمَهْ
وَسِرْتَ فأدركَتَهُ في تبوك / وللجيشِ من حَوْلِهِ هَمْهَمَهْ
يقولون مَن ذا وما خطبهُ / ألا إنّه لأبو خَيْثَمَهْ
ألم يَكُ في المعشرِ القاعدين / فماذا عراهُ وما أَقْدَمَهْ
هُوَ اللَّهُ يَهدِي نُفوسَ الرجال / ويَرزقها البِرَّ والمَرْحَمَهْ
إلى طَيِّئٍ يا ابنَ عمِّ النبيِّ
إلى طَيِّئٍ يا ابنَ عمِّ النبيِّ / إلى معشرٍ يعبدون الصَّنَمْ
إلى الفلسِ في جُندِكَ الغالبين / فلن يَلبثَ الشِّركُ أن يُصطلَمْ
أضلّ العُقولَ وأعْمَى القلوب / وأشقى النُّفوسَ وهدَّ الهِمَمْ
أرى طَيِّئاً خَذلتْ ربَّها / فما من مَلاذٍ ولا مُعتصَمْ
فيا لكَ ربّاً يذوقُ الهوان / فَيُغضِي عليه ولا يَنْتَقِمْ
مضى عزُّه وانْطَوى مجدُه / فَزالَ الجَلالُ وبَادَ العِظَمْ
وأصبح تَذْرُوه هُوجُ الرياحِ / فَتلكَ تَفارِيقُه ما تُلَمّ
وهاتيك أسلابُه أُطلِقَتْ / وكانت حبائسَ منذُ القِدَمْ
سُيوفٌ بَقينَ طِوالَ العُصورِ / ودائعَ للوارثينَ الأُمَمْ
مَلَلْنَ لدى الفلسِ عهدَ الظّلامِ / فأصبحن مِيراثَ ماحِي الظُّلَمْ
أضاءَ الرَّسُوبُ به واليماني / وأشرقَ في راحَتَيْهِ الخَذمْ
وما نَظرتْ أعينُ الدَّارعين / كأدراعهِ الغالياتِ القِيَمْ
رَجعْتَ بها يا ابنَ عمِّ النبيِّ / وبالشاءِ مجلوبةً والنَّعَمْ
وبالسَّبْيِ مُغتنَماً ما رأى / حُماةَ المحارمِ إذ يُغْتَنَمْ
ومَرَّ النبيُّ بِسُفَّانَةٍ / فقامَتْ إليه تَبُثُّ الأَلَمْ
وقالت نَشدتك فامْنُنْ عليّ / فما حقُّ مِثليَ أن يُهْتَضَمْ
أنا ابنةُ مَن كانَ في قومِهِ / عَقيدَ السَّخاءِ حَليفَ الكَرَمْ
وما بِكَ في حاتمٍ رِيبةٌ / بلى إنّه للجوادُ العَلَمْ
يَفُكُّ العُناةَ ويُعطِي العُفاةَ / ويكسو العُراةَ ويَحمِي الحُرَمْ
ويُفْشِي السَّلامَ ويرعى الذِّمامَ / ويَقْرِي الضُّيوفَ وَيَشْفِي القَرَمْ
فقال لها صِفةُ المؤمنين / فلو أنّه كان فيهم رُحِمْ
كريم يُحبُّ حِسانَ الخِلال / ويَكرهُ مِن حُبّها أن يُذَمّ
مَننتُ عليك فإن تفرحي / فَغَيرُكَ أولى بِحُزْنٍ وَهَمّ
فقالت شَهِدتُ مع الشّاهدين / فذلِك دينُ الهُدى لا جَرَمْ
رأيتُ السّبيلَ فآثرتُه / وفارقتُ دِينَ العَمَى والصَّمَمْ
كَساها وأركَبها واستهلّ / عليها بغَمرٍ من المالِ جَمّ
فراحت بخيرٍ وراح الثناءُ / يَجوبُ السُّهولَ ويَطوِي الأكم
وجاءت أخاها فقالت عديُّ / أرى الحقَّ أخلقَ أن يُلتزَمْ
وإنّي استقمتُ على واضحٍ / من الأمرِ يا ابنَ أبي فَاسْتَقِمْ
دَعِ الشِّركَ واذهبْ إلى يثربٍ / فثَمَّ هُدَى اللهِ باري النَّسَمْ
هُناك هُناكَ جَلاءُ العَمَى / ورِيُّ الصَّدَى وشِفاءُ السَّقَمْ
هُناكَ النبيُّ العظيمُ الجلال / هناك الرّسولُ الكريمُ الشِّيَمْ
هُناك النجاةُ لِهَلْكَى النُّفوس / فَطُوبى لمن رَامها فَاعْتَزَمْ
أَرى الأَرضَ تَرجُفُ بِالعالَمينَ
أَرى الأَرضَ تَرجُفُ بِالعالَمينَ / وَيَسبَحُ سُكّانُها في الدَمِ
وَفي مِصرَ شَعبٌ دَهاهُ القَضاءُ / فَلَم يَدرِ شَيئاً وَلَم يَعلَمِ
يَجيءُ وَيَذهَبُ في المُضحِكاتِ / كَعَهدِكَ في الزَمَنِ الأَقدَمِ
وَما يَعرِفُ الشَعبُ كُنهَ الأُمورِ / بِرَأيٍ غَوِيٍّ وَقَلبٍ عَمِ
لَقَد كَشَفَ الدَهرُ أَسرارَهُ / وَأَبدى الخَفِيَّ فَلَم يَكتُمِ
وَجاءَت مِنَ اللَهِ رُسلٌ غَضابٌ / تَصُبُّ العَذابَ عَلى المُجرِمِ
حَذارِ بَني مِصرَ مِن وَقعِها / صَواعِقَ تَعصِفُ بِالأَنجُمِ
تَناهَوا عَنِ الغَيِّ وَاِستَيقِظوا / فَقَد وَضَحَ الصُبحُ لِلنُوَّمِ
وَرُدّوا النُفوسَ إِلى رَبِّها / وَعودوا إِلى دينِهِ القَيِّمِ
عَجِبتُ لِمُستَهتِرٍ لَم يَتُب / عَنِ الفاحِشاتِ وَلَم يَندَمِ
تَقومُ القِيامَةُ في العالَمينَ / وَتَبرُزُ في هَولِها الأَعظَمِ
وَنَحنُ عَلى الشَرِّ مِن عُكَّفٍ / نُوالي الضَجيجَ وَمِن حُوَّمِ
جَعَلناهُ ديناً فَمِن مَأثَمٍ / يَهُزُّ السَماءَ إِلى مَأثَمِ
يَجودُ الغَوِيُّ بِمِلءِ اليَدَينِ / إِذا راحَ في غَيِّهِ يَرتَمي
وَيَسأَلُهُ اللَهُ أَدنى القُروضِ / فَيَأبى وَيَبخَلُ بِالدِرهَمِ
وَشَرُّ البَرِيَّةِ ذو نِعمَةٍ / يَشُنُّ الحُروبَ عَلى المُنعِمِ
وَلَو عَرَفَ القَومُ مَعنى الحَياةِ / وَماذا يُرادُ مِنَ المُسلِمِ
لَهَبّوا سِراعاً إِلى الصالِحاتِ / وَساروا عَلى السَنَنِ الأَقوَمِ
وَشَدّوا عُرى الدينِ وَاِستَمسَكوا / مِنَ اللَهِ بِالسَبَبِ المُحكَمِ
تَوَلّى القَوِيُّ بِحَقِّ الضَعيفِ / وَجارَ الغَنِيُّ عَلى المُعدِمِ
تَمَرَّدَ هَذا فَلَم يَزدَجِر / وَعَربَدَ هَذا فَلَم يرحمِ
أَخافُ عَلى القَومِ مِن نَكبَةٍ / تَبيتُ لَها مِصرُ في مَأتَمِ
أَرى الأَرضَ تَخسِفُ بِالظالِمينَ / وَأَيُّ بَني مِصرَ لَم يَظلِمِ
خَذَلنا الكِتابَ وَرَبَّ الكِتابِ / فَأَينَ الحِمى وَبِمَن نَحتَمي
وَمَن يَخذلِ اللَهُ لا يَنتَصِر / وَمَن يُهِنِ اللَهُ لا يُكرَمِ
وَمَن لا يُرِد عِندَهُ عِصمَةً / إِذا فَدَحَ الخَطبُ لَم يُعصَمِ
إلى المجد إنّا بنوه الكرامْ
إلى المجد إنّا بنوه الكرامْ / إلى المجد إنّا هُداةُ الأُمَمْ
ندينُ مدى الدّهر بين الأنامْ / بدين المعالي ودنيا الهِمَمْ
أوائلُنا زلزلوا الراسياتْ / أنرقدُ نحن مع الرّاقدينْ
بِسرِّ الوجودِ ومعنى الحياةْ / تَنزّلَ فينا الكتابُ المبينْ
أهاب الحمى بِحُماةِ الذّمارْ / فأين اللّواءُ وأين البطلْ
شبابَ البلادِ البِدارَ البِدارْ / فإنّ الحياةَ حياةُ العملْ
إلى المجد ما من سَبيلٍ سِواهْ / فنعم السَّبيلُ سبيل الفلاحْ
سلوا كلّ ذي مأربٍ هل قَضاهْ / بغير الجهادِ وطولِ الكفاحْ