المجموع : 3
أَيا ظبيةً في رُبى جاسِمِ
أَيا ظبيةً في رُبى جاسِمِ / سُقيتِ حَيا واكفٍ ساجِمِ
طلعتِ لنا في خلالِ الهضابِ / فبُحتِ بسرِّ اِمرئٍ كاتِمِ
تناهَى العواذلُ في عَذْلهِ / وأعيا على رُقْيَةِ اللّائِمِ
فللّهِ حلمُكَ يا ابنَ الحسي / نِ يوم اِلتَقينا على واقِمِ
وقد ضمّنا موقفٌ للوداع / خلا للمحبّين من زاحِمِ
كأنّي أُجيلُ لفقد اليقي / نِ في صَحْنِهِ مُقْلَتَيْ حالِمِ
وَبيض الوجوه سباط الأكف / فِ في السِّرِّ والبيتُ من هاشمِ
سَرَوْ يخبطون الدّجى والظّلا / مَ غمد الفتى البطلِ الصارمِ
أقول وقد بشّروا بالوزيرِ / ألا مرحباً بك من قادمِ
وردتَ ورودَ زُلالِ السّحا / بِ شُنَّ على كَبِدِ الحائمِ
وكنّا وأنتَ بعيدُ المَزا / رِ نثراً فرادى بلا ناظمِ
نُصانعُ فيك عيونَ العُداةِ / ونحذر من قبضةِ الظّالمِ
فمن مظهرٍ شوقَهُ بائحٍ / ومن كاتمٍ وجْدَه كاظمِ
إِذا اِضطرَب الشوق في قلبهِ / تمايلَ كالغُصُنِ النّاعمِ
أطِلْ عَجَباً من خطوب الزّمان / ودُنياً تَلاعَبُ بالعالمِ
ولا تحسَبَنْ أنّ صرْفَ الزّما / ن تنبو ظُباهُ عن الحازمِ
فلو كان نَصْفاً أنامَ القيام / وقام بكلّ فتىً نائمِ
وكم فيه من عادمٍ عائمٍ / ومن واجدٍ للغِنى آجمِ
وإنّي أُشيرُ برأيٍ يضمُّ / إلى النُّصْحِ تَجْرِبَةَ العالمِ
أقِمْ حيث يُشجى بك الحاسدون / وخلِّ الهوادَةَ للنّادِمِ
وكن غُصّةً في لَهاةِ العدوِّ / ورغماً على مَعْطِسِ الرّاغمِ
ولا تبعُدَنْ عن نداءِ الصّريخِ / وعن هبّةِ الثّائرِ العازِم
فلا بدّ من وثْبٍة للذّئا / بِ طُلْساً إلى الغنمِ السّائمِ
ولستُ بمستبطئٍ للزّمان / وقد ضمنوا سرعةَ السّالمِ
ولولاك كنتُ نَفورَ الجَنا / نِ لا أستنيمُ إلى رائِمِ
ولمّا بلَوْتُ الورى أنكرتْ / وَما ظلمتْ إصبعي خاتمي
بلغتَ المُنى في جَميعِ المَرامِ
بلغتَ المُنى في جَميعِ المَرامِ / وَبُقّيتَ كَهفاً لِهَذي الأنامِ
وَحوشيتَ مِن عَثراتِ الزمانِ / وَبوعدتَ عَن طُرُقاتِ الحمامِ
وَلا زِلت في كل مطلوبةٍ / مِنَ العزّ فَوق الذرا والسنامِ
وَهنّيتَ بِالعيدِ عيد السعودِ / وَكيد الحسودِ ورغم المسامي
فَقَد جاءَ يُخبِرنا فيك بال / بقاءِ وَما ترتجي مِن دوامِ
وَإنّ الّذي بكَ من نعمةٍ / تعلّ وتَنهلُ درَّ التّمامِ
وإِنَّكَ تنفذُ في كلِّ ما / تُشيرُ إِليه نفوذَ السّهامِ
ولمّا فَضلت جميع الملوك / دَعَوناك فينا همام الهمامِ
وَما ضلّ عَن مأثُراتٍ أَقمت / عَلى الناسِ في النّاس غير النيامِ
وَكَم لَكَ مِن زَورةٍ في العدو / وِ والحرب مشبوبة كالضرام
ومن وقفةٍ في مضيق القرا / عِ وَالجيشُ مشتعلٌ بِاِنهِزامِ
تُديرُ كُؤوسَ المَنايا كَما / تُديرُ السُّقاةُ كؤوسَ المدامِ
وَوجهُكَ في ظُلُماتِ القَتامِ / كَبدرٍ يُضيء سَواد الظلامِ
وَأَنتَ عَلى ظَهرِ عالي التلي / لِ عَبلِ القوائمِ وافي الحزامِ
كَأنّك مِنهُ عَلى يذبلٍ / وَإِلّا عَلى هَضبةٍ مِن شمامِ
يُخوّضهُ مُمتَطيهِ البحورَ / وَيُعثِرهُ مِن كماةٍ بهامِ
فَيا اِبنَ القلالِ قلالِ الجبالِ / علاءً ويا اِبنَ البحورِ الطوامي
وَقَومٍ مَضوا لَم يَقولوا الخنا / وَلَم يَسمَعوا كَلِمات الملامِ
نَقيّينَ مِن كلّ ما شانهمْ / بَريئين من كلِّ عارٍ وذامِ
وليِدُهُمُ في حِجىً كالكهولِ / وواحِدُهمْ مثلُ جيشٍ لُهامِ
يُرَوْن نِحافاً وأيديهمُ / مُحكَّمَةٌ في الأمورِ الجِسامِ
كرامٌ ولكنّهم بَذلةٌ / لأموالهم برّحوا بالكِرامِ
أُحِبُّك حبَّ النّفوسِ الحياةِ / وَحبّ الشِّفاءِ خلالَ السَّقامِ
وما إنْ أُبالِي إذا كنتَ مِنْ / ورائي إذا جاءني من أمامي
وكنتُ نفوراً شديد الإباءِ / فَقادتْ بَنانُك منّي زمامي
وإنِّيَ ذاك الّذي ترتضيهِ / وَجرّبتَه في الأمور العِظامِ
كأنّي سِنانُك يومَ الطّعانِ / وماضي لسانِك يومَ الخِصامِ
وإنْ كنتَ منتقماً مرّةً / بكفّي أرَيْتُك كيف اِنتقامي
وإمّا ضربتَ بحدّي الرؤوس / ضربتَ بغير البَليدِ الكَهامِ
وإنّ لسانِيَ في الذَّبَّ عن / ك يجري متى شئتَ مجرى حسامي
فَخُذها فَكَمْ كَلِمٍ قد قَصُرْ / نَ أغنيننا عن طويلِ الكلامِ
كأنّ نَشاها نَشا روضةٍ / وَإِلّا فَرائحةٌ من مُدامِ
لَها رَتَكٌ في جميعِ البلادِ / كما أرْتَكَتْ جائلاتُ النّعامِ
فلا تستمعْ إنْ سَمعتَ القريضَ / سِوى ما أنظّمهُ من كلامي
سَلامٌ وَلا زلتَ ملآنَ مِنْ / تحيّتنا أبداً والسَّلامِ
أقول لصحبي وقد هوّموا
أقول لصحبي وقد هوّموا / أصُبحٌ بدا لكُمُ أمْ ضَرَمْ
أضاء الظّلامَ ولم يُدْنِهِ / صباحٌ وأنَّى تضيءُ الظُّلَمْ
بريقٌ يعرّفني بالعقيق / ولو لم يَلُحْ لَمْعُهُ لم أنَمْ
كأنّ تخاطيطَه في السّواد / تخاطيطُ وارِسَةٍ أوْ عَنَمْ
كأنّ الرّياحَ شَنَنّ النُّضار / وإمّا نَضَحْنَ سماءً بدَمْ
أوِ الصّبحُ يقلُصُ ظلّ الظّلامِ / أو النّارُ ساريةٌ في فَحَمْ
وإمّا جوادٌ بهيمٌ بَدَتْ / لمُبصرِهِ غُرَّةٌ أو رَثَمْ
فيا حبّذا وَمْضُهُ لو أراك / وأنتَ بيَبْرين أهلَ العَلَمْ
أُناساً يدارون سُقْمَ السّقيم / ومن أجلِهِمْ دَبَّ ذاك السَّقَمْ
وكم ضِيمَ وسْطَ مغانِيهِمُ / فتىً قبل حبّهِمُ لم يُضَمْ
ولا خيرَ في بارقٍ لم يكنْ / رسولَ الحَيا وبشيرَ الدِّيَمْ