القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ حَمْدِيس الكل
المجموع : 5
دَمُ الكرمِ في الكاس أم عَنْدمُ
دَمُ الكرمِ في الكاس أم عَنْدمُ / به تُخْضَبُ الكفّ والمِعْصَمُ
أصفراءُ يَبْيَضّ منها الحباب / أمِ الشمسُ عن أنجمٍ تبسِمُ
وتلك شقيقةُ روحِ الفتى / إذا وُجِدَتْ فالأسَى يُعْدَمُ
تُلامُ على شُرْبِ مشمولةٍ / ولم يدرِ ما سرّها اللّوَّمُ
خبيئةُ دنّ سناها المنيرُ / محيطٌ به قارها المظلمُ
وَقَد كَثُر القولُ في عمرها / ولم يُدْرَ عاصرُها الأزلمُ
يقهقهُ في الصبّ إبريقُها / كما هَدَرَ البازلُ المُقْرَمُ
إذا انبعثتْ منه قال النّديم / أَيَنسابُ من فَمِهِ أَرقَمُ
يبيتُ لها سَهَرٌ في العروقِ / وأعينُ شُرّابِها نُوّمُ
كَأَنَّ لها فيْ خَفِيّ الدّبيبِ / نمالاً مساكِنُها الأعظُمُ
يطوفُ بها رشأ أحْوَرٌ / لمقلتهِ الليثُ مُستسلمُ
وتلحظُ بالسحرِ منه الجفونُ / ويلفظُ بالدّرّ منه الفمُ
بفَوّاحَةِ الزّهْرِ مُخْضَلّةٍ / تُجادُ معَ الصّبْحِ أو تُرْهُمُ
كأنّ لها في طباقِ الثّرى / بأيدي الحيا حُللاً تُرْقَمُ
على شدواتِ طيورٍ فصاحٍ / على أنّ أفْصَحَها أعْجَمُ
لهنّ أعاريضُ عند الخليل / مُهْمَلَةُ الوزنِ لا تُعْلَمُ
ترجِّعُ فيها ضروبَ اللحونِ / فَتُطْرِبُنا وَهْيَ لا تفهمُ
وأدْهَمَ يَنهَبُ عُرْضَ المدَى
وأدْهَمَ يَنهَبُ عُرْضَ المدَى / ويجري به كلّ عِرْقٍ كريم
بعيني عقابٍ وشِدْقَي غرابٍ / وأرساغ جأبٍ وساقَيْ ظليم
كأن البروقَ على جِسمِه / مَدَاوِسُ تصْقُلُ منه أديم
وتحسبُ غُرّةَ صبحٍ منيرٍ / بَدَتْ منه وَجْهِ ليلٍ بهيم
أبا هاشم هشّمتني الشفار
أبا هاشم هشّمتني الشفار / فَللَّه صبري لذاك الأوار
ذكرت شخيصك ما بينها / فلم يدعني حبّه للفرار
ليهنئ بني الإسلام أنْ أبْتَ سالما / وغادَرْتَ أنْفَ الكفرِ بالذلّ راغما
كشفتَ كروباً عن قلوبٍ كأنّما / وَضَعْتَ عَلَيْها من هواك خواتما
صبرتَ لحرّ الطعن والضربِ ذائداً / عن الدين واستصغرتَ فيه العظائما
تفسّحْتَ في صدرٍ رَحيبٍ بحيثُ لا / يلاقيك فيه القِرْنُ إلا مُصَادِما
رحمناكَ من وَقْعِ الصوارم والقَنَا / فكانَ لنا في حفظك اللّهُ راحما
وكم شَجّةٍ في حُرّ وجهك لم يَزَلْ / لك الحسنُ منها بالشجاعة واسما
أجَبْتَ الهُدى لمّا دعاكَ لِنَصْرِهِ / وجَرّدْتَ عزْماً إذ تَقَلّدتَ صارما
بجيشٍ تثيرُ الجردُ فيه قساطلاً / تريكَ بها وَجْهَ الغزالةِ قائما
إذا بَرَقَتْ فيه الأسنّةُ خِلْتَها / كواكبَ تجلو في السُّكاكِ غمائما
غدَتْ خلفَهُ وَحْشُ العراءِ عواسلاً / وَمِنْ فوْقِهِ طيرُ الهواءِ حوائما
كأنّ عُقابَ الجوّ هَزّتْ خوافياً / حواليكَ منه للوغى وَقَوَادِما
كأنّ زعيم الرّومِ وَيْلٌ لنفسه / أثارَ عليهِ مِنْكَ ليثاً ضُبارما
نَقَمْتَ على من آسفوك بيوسفٍ / وما زلتَ ممن خالفَ الحقّ ناقما
وآذنت عُمّار القفار بحربهم / فيا قُرْبَ ما شَقّوا إليك الخضارما
بنو الحرب غذّتْهم لَبَانَ ثُدِيّها / ولم يستطيبوا منه إلا العَلاقما
يَحُثّونَ للهَيْجاء جُرْداً سلاهباً / وَيُنْضُونَ في البيداءِ بُزلاً صَلادِما
إذا طَعَنوا بالسهريّةَ خِلْتَهُم / ضراغمَ تُغْري بالقلوب أراقما
وإن كرّ منهم ذو لثامٍ مُصَمِّمٌ / غدا لفم الهيجاء بالسيف لائما
ولما التقى بالرّوم طارتَ قلوبُهُمْ / كأنْ لم تكنْ أوكارهُنّ الحيازما
كأنّكَ حرّمْتَ الحياة عليهمُ / غداةَ الوغى لما استحلّوا المحارما
فلم تَبقَ من أهل الضّلالِ بَقِيّةٌ / لقد عادتِ الأعراسُ فيهم مآتما
جعلتَ ثيابَ المشرفيّةِ منهم / دماءً وتيجانَ الرماح جماجما
فلا عجبٌ أن قَدّتِ البيضُ هامَهُمْ / فتلك حروفُ اللين لاقتْ جوازما
أرى الفُنْشَ ولّى يومَ لاقى فوارساً / مَغافرُهُمْ لاثُوا عليها العمائما
يلومُ صليبَ العود وهو يلومه / ومن يَغْوَ لا يَعْدَمْ على الغيّ لائما
نَوى خدعةً في الحرب والحرب خَدعةٌ / فأدْبَرَ مهزوماً وقد كان هازما
ومعتادةٍ أكْلَ الكماةِ جيوشها / أعاربُ تدعو للنّزال أعاجما
إذا اختصموا في اللّه كانت قضاتُهُمْ / قواضبَ تَقْضي بينهم ولهاذما
علوجٌ حَشَوْا في الكفر بالغيظ أعيناً / وقد ملؤوا منها قلوباً سخائما
أفاضوا من الماذيّ ماءً عليهمُ / ليطفئ عنهمْ من لظى الحرب جاحما
أدَرْتَ رحاها دَوْرَةً عَرَبِيّةً / تَرَكتَ عظامَ الروم فيها هشائما
كأنّ كراتٍ وَهْيَ هامُهُمُ غَدَتْ / صوالجها بيضاً تحزّ الغلاصما
وأيدٍ بنت في القفر منها صوامعاً / وكانت لها بالمرهفات هوادما
علاهُنّ للتأذين كلّ مُكَبّرٍ / تكادُ له كفٌّ تَمَسّ الغمائما
وتحسبُها في كلّ بيداءَ عُنْصُلاً / تَرَى ناثراً فيها لهنّ وناظما
لواؤك نادى للقِرى من لحومهم / خوامعْ من آفاقها وَقَشاعِماً
كأنّ عُفاةً منهما يَوْمَ أقْبَلَتْ / بذَلْتَ لها قَتْلَ العلوجِ مكارماً
هناك ثنيتَ الكفرَ خزيانَ باكياً / نعم ورددت الدينَ جذلانَ باسما
حلمتمْ مراجيحاً وَجُدْتُمْ أكارماً / وسدتمْ بهاليلاً وصلتمْ ضراغما
سكنتمْ قلوبَ العارفينَ محبّةً / كما سكنَ الزهرُ الذكيّ الكمائما
نَذرْتُ نذوراً فاقتضاني قضاءها / إيابُكَ من يوْمِ العروبة سالما
ولمّا وجدتُ الوفرَ أعوزَ راحتي / سجدتُ لربّي ثمّ أصبحْتُ صائما
رَعى مِن أخي الوجدِ طيفٌ ذماما
رَعى مِن أخي الوجدِ طيفٌ ذماما / فَحَلّلَ من وَصْلِ سلمى حرَاما
تَحَمّلَ منها بريّا العبير / ومنْ أرْضِها بأريجِ الخزامى
تَعَرّضَهُ سُورُ قَصْرٍ فَطارَ / وَسَاوَرَهُ مَوْجُ بَحْرٍ فَعاما
مَشى بالتواصلِ بَيْنَ الجُفونِ / وَداوَى السليمَ وأهدى السلاما
وَمَثّلَ للصّبّ في نومِهِ / ضجيعاً إذا أرّقَ الصّبَّ ناما
ومن صُوَرِ الفكر محبوبةً / يعودُ عليلاً بها مستهاما
لها عَنَمٌ في غُصُونِ البنان / يَعُلّ نَدى أُقحُوانٍ بشاما
ترى نَضْرَةَ الحُسْنِ في خَدّها / تَمَيّعُ ماءً وتُذْكى ضِرَاما
تَرَنّحُ بالبدرِ غُصْناً رطيباً / وترتجّ في السيرِ دِعْصاً ركاما
فأمسيتُ منها بماءِ اللمى / أُرَوّي أُواماً وأشْفي سقاما
حلا لي وأسكرني ريقها / فهل خامرَ الأرْيُ منْهُ المداما
تلاقتْ صواعِدُ أنْفاسِها / فمازَجَ منها السلوُّ الغراما
ولا عَجَبٌ أنّ ضَمّاتنا / جَبَرْنَ القلوبَ وَهِضْنَ العظاما
بأرضٍ دحاها الكرى بيننا / ننالُ الأمانيّ فيها احتكاما
فلا بَسَطَ الصبحُ فيها الضّياءَ / ولا قَبَضَ الليلُ عنها الظلاما
فلو عاينَ الأمرَ حلَّ الجوادَ / وشدّ الحزامَ وسلّ الحساما
وأقبلَ بالرّيحِ نحوَ السّحابِ / يظنّ سنَا البرق منها ابتساما
ولما أتانا من الإنتباهِ / دخلنا له بالوصال المناما
جعلنا تزاوُرَنا في الكَرى / فما نَتّقي من مَلومٍ مَلاما
وَمَرّتْ لطائفُ أرْواحِنا / بِلَغْوِ الهَوَى حيثُ مَرّتْ كراما
وطامٍ كجيشِ الوَغَى لا تخوضُ / به غمرةُ الموتِ إلا اقتحاما
تُباري عليه الدَّبورُ الصَّبا / مُنَاقَضَةً والشمالُ النعامى
إذا ما ارتمى فيه قَرْمُ الرّدَى / ركبنا له وهو يرغُو سناما
وردنا فُراتاً يُنيلُ الحياة / ومن كفّ يحيى انتجعنا الغماما
لدى مَلِكٍ جادَ بالمكرمات / تلاقيه في كلّ فَضْلٍ إماما
أشَمُّ قديمُ تراثِ العُلى / يراجِحُ بالحلم منه شَماما
إذا قَرّ في دَسْتِهِ جالساً / رأيتَ الملوكَ لديه قياما
بنادٍ تَرَى فيه سَمْتَ الوقارِ / يَزِينُ عظيماً أبيّاً هُماما
يقلل في الجفن عنه اللحاظَ / ويبعثُ بالوزن فيه الكلاما
تَعَلّمَ عِفّتَهُ سيفُهُ / فليس يُريقُ نجيعاً حراما
وما زالَ دينُ الهدى في الخطوبِ / يشدّ عليه يديه اعتصاما
ولا عَجَبٌ أنّ صَرْفَ الزّمان / تُصَرّفُ يُسْرَاهُ منه زماما
أما مَهّدَ الملكَ يحيى أما / أرَاكَ لكلّ اعوجاج قَوَاما
أما نَشَأتْ منه سُحْبُ النّدى / سواكبَ تهمي وكانت جهاما
أما ذِكْرُهُ ذِكْرُ من يُتّقى / يداً ويكون كلامٌ كِلاما
يبيد العدا بِلُهامٍ يريك / رداءً على منكبيه القَتاما
بعزْمٍ يُجَرّدُ منه السيوفَ / ورأيٍ يفوّقُ منه السهاما
يَعُدّ من الصِّيد آبائِهِ / كُفاةً حُفاةً وَغُرّاً كراما
مجالسُهُمْ في الحروبِ السروجُ / إذا قَعَدَ الموتُ فيها وقاما
تُحَمّرُ حِمْيَرُ أرْضَ الوَغَى / وَتَفْلُقُ بالبِيضِ بَيْضاً وهاما
تَكَهّلَ مُلكُهُمُ والزمانُ / يُصَرَّفُ بين يديه غلاما
وجيشٍ يجيشُ بأبطاله / كما ماجَ موجُ العباب التطاما
بنقعٍ يُريكَ نجومَ السماء / إذا الجوّ منه على الشمس غاما
إذا همّ بالفتكِ فيه الشجاعُ / وحامَ على نفسه الموتُ خاما
غدا ابن تميم به قَسْوَراً / وقد لَبِسَ البدْرُ منه التماما
فيا مَنْ تسامى بهمّاتِهِ / فنالَ بها للثريّا مَصَاما
ملأتَ الزمانَ على وُسْعِهِ / أناةً وبطشاً فراضا الأناما
وحلماً مفيداً وروعاً مبيداً / وعيشاً هنيئاً وموتاً زؤاما
وَقُضْباً بضربِ الطّلى مقطرات / وَقُبّاً على الهامِ تعدو هياما
جعلتَ لكلّ مقالٍ فَعَالاً / ولم تَحْتَقِبْ في صنيعٍ أثاما
ليهنك عودةُ عيدٍ مَشَى / إليك على جَمْرَةِ الشوْق عاما
وأوْدَعَ في كلّ لحظٍ رنا / إليك وفي كلّ لفظٍ سلاما
وحجّ بربعك بيتَ العلى / وطافَ به لا يملّ الزحاما
ومن لَثْمِ يمناك لولا النّدى / رأى حَجَرَ الركن يُغْشَى استلاما
حَمَيْتَ حِمى المُلْكِ بالمُرْهَفاتِ / وَدُمْتَ له في المعالي دواما
وحمّامِ سوءٍ وخيمِ الهواءِ
وحمّامِ سوءٍ وخيمِ الهواءِ / قليلِ المياه كثيرِ الزّحامِ
فما للقيامِ قعودٌ به / ولا للقعود به مِنْ قيامِ
حنيّاتُهُ قانصاتٌ لنفسي / وَقَطْرَاتُهُ صائباتُ السهامِ
ذكرْتُ بهَ النّارَ حتى لقدْ / تخيلتُ إيقادَها في عظامي
فيا رَبّ عَفْوَكَ عن مُذنبٍ / يخافُ لقاءَكَ بَعْد الحِمامِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025