القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عبد الغَفّار الأَخْرس الكل
المجموع : 3
ألا إنَّ هذا الفؤادَ اضطرمْ
ألا إنَّ هذا الفؤادَ اضطرمْ / فهلْ من خمودٍ لهذا الضَّرَمْ
وفي كلِّ جارحةٍ لوعةٌ / تثور وفي كل عضوٍ ألَمْ
وأيقَظَ وَجْدِيَ برقٌ يلوح / وقد نام عن أعينٍ لَم تَنَمْ
ولما سرى موهِناً في الدجى / بكيت له عن جوىً وابتسمْ
وباحت دموعي بسرّي المصون / وسرّ الصبابة لا يَنْكتِمْ
فللّه برق أثار الغرام / وللَّه دمع جرى وانسجم
تصامَمْتُ عن عاذلي في الهوى / وما بي ودينِ الهوى من صمم
فمَنْ مُنصفي من غرامٍ ظلوم / ومن منصفي من حَبيب ظَلَمْ
فلا سَلِمَ الصَّبرُ من مغرم / إذا ذكر الحي في ذي سَلَم
أعَلِّلُ نفسي بنيل المنى / وما لي إلي نيلها مقتحم
ومن لي بعزم الجريّ الأبيّ / فلا ينثني عزمه إن عزم
وإنِّي على شغفي بالخمول / أروم من الدهر ما لم يُرَم
وقد شَيَّبتني صروف الزمان / وصرف الزمان يشيب اللمم
فما لي أقمت بأرض العراق / ولولا خمولي بها لم أقم
وكنت ترحَّلْتُ عن موطنٍ / إذا كنت في غيره لم أُضَم
إلى قائد عسكر المسلمين / ومقدامهم في الحروب الدهم
عليّ الرضا مشرفيّ القضا / وغيث العطاء غياث الأمم
قريب النوال مجيب السؤال / منيع المنال رفيع الهمم
جَزيل الثواب مجيد الضّراب / شديد العقاب إذا ما انتقم
أذَلَّ الطغاة وأردى الكماة / وساق الصناديد سوق الغنم
إذا حارب الأُمَم الفاجرين / تصدَّعَ من شعبها ما التأم
بسيف مبيد ورأي سديد / وعزم شديد وأنفٍ أشم
حسام الدولة عبد المجيد / مليك الملوك وسيف خذم
يقدّ به الهام ممَّن عَصاه / وَيَفلق في شفرتيه القمم
وإن هالتِ الحرب يوم النزال / تصدّى لأهوالها واقتحم
وحسبك أنَّ المليك اصطفاه / وولاّه دفع الأهمَّ الأهم
فكان إذا استخون الغادرين / رأى من عليّ وفيّ الذمم
ففي مثل صدق عليّ الرضا / تَبَلَّج صُبحُ الرّضا وابتسم
فقرّبه من علاهُ المليكُ / فكان المبجَّلَ والمحتشم
وفي عدل هذا المليك العظيم / نجاة الرعية من كلِّ غم
إذا أبْعَدَته ملوك الزمان / تُقَبّلُ منه مكان القدم
به اعتصمت من جميع الخطوب / وفي مثل دولته المعتصم
بصنعٍ أجاد وفضلٍ أعاد / وقرنٍ أباد وأنفٍ رغم
وتلك المواهب بين الملوك / مواهب كانت له في القدم
تلوذ برأفته الخائفون / فتأمن من كلِّ أمرٍ مهم
ومن كانَ باباً لنيل المراد / فلا شك في بابه المزدحم
مناهله شرعة الواردين / بحيث النوال وحيث الكرم
صوارمه نقمة تُتَّقى / وأنظاره نعمة تُغْتَنَم
وقد خلق الله كلتيهما / لحتف دنا أو لرزقٍ قسم
أعاد إلى الملك شرخ الشباب / وعهد الشبيبة بعد الهرم
رقاها ببيض السيوف الحداد / فما برح الداء حتَّى انحسم
فأينع في روضها ما ذوى / وشيّد من ركنها ما انهدم
حمى حوزة الدِّين في صارم / إذا صُرم الموت فيه انصرم
فتهدي الأنام لسلطانه / بحسن الثناء وطيب الكلم
دعاء لدولته يستجاب / وعهد لخدمته يلتزم
وفيتَ له يا عليّ الرضا / وهل ينفع الغادرين الندم
وقمت لدولته قائماً / لكربٍ ألمَّ وخطبٍ هجم
وللَّه دَرُّك من صادق / إذا مُيّز الصدق والمتهم
ولاحت خفايا صدور الرجال / وأصبح أمرهُمُ قد عُلم
ألا لا برحت سرور الوجود / بمن أوجد الخلق بعد العدم
عليك نعيد الثناء الجميل / وفيك البداية والمختتم
وقد نظم العبد فيك القريض / فصِلْ من قبولٍ لها من نَظَم
يَؤُمُّ جنابَ عليّ الجناب / ومن حقّ حضرته أن تُؤَم
تلوح معاليه للناظرين / ولا مثلَ نارٍ بأعلى علم
فأنطقَ بالمدح حتَّى العُجُم / وأسمع بالصيت حتَّى الأصم
محبَّتُه أُغرزت في القلوب / وشكرانه ساغ في كل فم
لقد شملتنا له نعمة / وقد أوجب الله شكر النعم
فيا ليتني كنت في ظِلّهِ / وكنت أكون كبعض الخدم
أفوز بباب عليّ الجناب / فأروي محاسن تلك الشيم
وأنْشِدُه الشعر عن أخرسٍ / يترجم عنه لسان القلم
متى يَشْتَفي كبدٌ مُؤلَمُ
متى يَشْتَفي كبدٌ مُؤلَمُ / ويَقْضي لباناتِه مُغْرَمُ
ويحظى بمطلبِهِ آملٌ / بأَحشائِهِ لوعةٌ تُضْرَمُ
لقد قَوَّضَ الرّكب يوم الخليط / فأنجدَ في قلبي المتْهِمُ
وروَّعَني ضيفُ طيفٍ سرى / يُراعُ به كبدُ مؤلم
خليليَّ هلْ وقفة في الدِّيار / يسِحّ بها المدمَع المُسَجم
فإنَّا وَقَفْنا عليها ضحًى / وكلٌّ من الرّكب مستغرم
وأَفشى بسرِّي دمع العيون / وسرّ الصَّبابة لا يُكتَم
فأَترُكُ خوف الوشاة البكا / وقد يترك المرءُ ما يلزم
إذا ما نَسينا عُهودَ الغُوَير / تذكّرنا عهدَها الأَرسمُ
فيا حبَّذا يومُنا بالعقيق / مضى وانقضى يومُها الأَلْوَمُ
بحيث تلوح شموس الطلا / ولون الدُّجى فاحمٌ أسحمُ
إلى أنْ تبدَّى كميتُ الصَّباح / وأَدْبَرَ من ليلنا الأَدهمُ
تصرَّمَ عهدُ النَّقا بالنوى / فما للتصبُّر لا يُصرمُ
أتنكر قتلي غزالَ الصَّريمِ / ويشهدُ لي خدُّك العندم
ففيمَ أرقتَ دمي عامداً / وحلَّلتَ في الحبّ ما يحرم
حَكَمْتَ عليَّ بأمر الغرام / وإنِّي لحكمك مستسلمُ
وقلتُ لمن لامَني في هواك / جَهِلْتَ ثكلتك ما أعلمُ
وأرَّقَني في الدُّجى بارقٌ / كما استُلَّ من غمده مخذم
وشوَّقني لِظِباءِ الحمى / فأَسْقَمَني والهوى يُسْقِمُ
عَجِبْتُ وكيفَ وهُنَّ الظّباء / يُصادُ بأَجفانها الضَّيغمُ
ويَسلمُ من مرهفات السُّيوف / ومن لحظهنَّ فلا يَسْلَمُ
ومن مثلهنَّ أخاف الصّدام / ويَصدِمُ مثلي ولا يُصدم
هَوَيتكُم يا أُهيل الحطيم / وهذا الهوى كلُّه منكمُ
قَضَيْتُم على صبِّكم بالبعاد / وإنَّ قضاءَ النَّوى مُبْرَمُ
فلم يَصفُ لي بعدكم مشربٌ / ولا لذَّ لي بعدكم مطعمُ
وأصبرُ في مُعْضلات الخطوب / وصَبرُ الفتى للفتى أسلمُ
وعِرضِي نقيٌّ وأنفي حميٌّ / وبأسي كعزميَ لا يُثلم
ولولا مكارم مفتي العراق / وما غيره المُكْرِمُ المنعِمُ
لما اعتذرَ الدَّهرُ من ذنبه / ولا استغفر الزَّمَنُ المجرم
مناقبُ محمود محمودةٌ / وفوق جباه العُلى تُرقَمُ
رقيق الحواشي كريم الطّباع / فهذا هو الأَكرم الأَشيمُ
يُنَبِّي عن خَلقِه خُلقُه / ويُؤْذِنُ في سيبه المَبْسَمُ
فَمَنْ أَمَّل الفضل من كفِّه / وجودَ أياديه لا يحرمُ
لأَيديهِ في كلِّ عنقٍ يدٌ / ومنها أُفيضَتْ لنا أنعُم
ببأسك أُقسِمُ لا حانثاً / وفي غير بأسك لا أُقسمُ
لأنتَ الفريدُ بهذا الزَّمان / ومنهجُك المنهجُ الأَقوم
وأَنْتَ الفخارُ ومنك الفخارُ / بمثلك فَلْيَفْتَخر آدم
بَنَيْتَ بنفسك بيت العُلى / إلى أبد الدَّهر لا يُهدمُ
فَهِمْتَ الرّموز من المشكلات / وغيرُك من ذا الَّذي يفهم
كَشَفْتَ غوامضَ إشكالها / وفي كَشفِكَ اتَّضح المبهَمُ
وإنَّ لك الحُجَجَ البالغاتِ / يُقِرُّ لها المؤْمِنُ المسلم
جوابُك يا سيِّدي مُسْكِتٌ / ونُصْحُكَ يا سيِّدي مُفْحِمُ
يمرُّ بسَخْطك حلوُ المذاق / ويحلو بنائِلك العلقم
إذا ما كتبتَ فإنَّ اليراع / بأَنْمُلِكَ السَّيفُ واللّهذم
ونثرُكَ يُزري بعِقْد الجمان / فَدُرُّ المعاني بها تُنظم
قليلٌ بحقّكَ ما نِلتَه / وقَدركُ أَكبر بل أَعظم
نَشَرْتُ بحقِّك طيَّ المديح / وفي مدحك الدين والدرهم
لأنِّي بحضرتك المستجير / وإنِّي بحبلك مستعصم
وفيك أَسُرُّ الوليَّ الحميمَ / وفيكَ أُنُوف العِدى أُرغم
أُهنِّيك بالعيد يا عيدَنا / فأَنتَ الهناءُ لنا الأَعظم
بفَضلِكَ رغماً يُقِرُّ الحسُود / وينطِقُ في مَدْحِكَ الأَبكم
أجِزني رضاك فثَمَّ الغنى / لأنَّ رضاك هو المغنم
تذكَّر بالخَيْفِ عَهْداً قديما
تذكَّر بالخَيْفِ عَهْداً قديما / وشاهَدَ في الرَّبْع تلكَ الرُّسوما
فظلَّ يُكفكفُ دمعاً كريماً / وباتَ يُعالجُ وجداً لئيما
سقى الله دار اللّمى بالحيا / فرامة فالمنحنى فالغميما
وحيَّى منازلنا بالعقيق / وأَلقى عليهنَّ غيثاً عميما
وقفنا عليها ضحًى والهوى / يُذيب القلوب ويُفني الجسوما
وكم وقفة لي بتلك الدِّيار / أُداري بهنَّ الأَسى والهموما
تَنمّ عليَّ دموع العيون / ولمْ أرى كالدَّمع شيئاً نموما
تَقَضَّى عليَّ لنا زمنٌ بالحمى / ولئنْ قضى الله أنْ لا يدوما
وجَارَتْ علينا صروف الزَّمان / وكانَ الزَّمان ظلوماً غشوما
وكانوا بجمع وكانَ الكئيب / فحلّوا الغُوَير وحلَّ الحَطيما
ومَرَّتْ نسائم عيش المحبّ / وعادتْ عليه برغمٍ سموما
لياليَ مرَّت مرور الخيال / وكانت نعيماً فصارتْ جحيما
ولا نشَّقَتْني الصّبا بعدهم / أريجاً ذكيًّا ومسكاً شميما
وممَّا شجانيَ وُرْقُ الغُوَير / تُرَدّدُ في الدَّوح صوتاً وخيما
على أنَّني إنْ بدا بارق / نَثَرْتُ من الدَّمع دُرًّا نظيما
فتفضحُني عبرتي في الهوى / ولن ترى صبًّا لسرٍّ كتوما
وإنَّ غريمي غزال اللّوى / فجُوزيت بالخير ذاك الغريما
رماني بعينيه ظبي الصَّريم / فأمسى فؤاد المعنَّى صريما
رماني ولم يخشَ فرح / تُ قتيلاً وراحَ بقَتْلي أثيما
وأنتِ مهاةَ قطيع المها / أبيتُ لأجلك أرعى النُّجوما
وكنتُ ألومُ بك العاشقين / فأصْبَحْتُ يا ميّ فيك الملوما
وأثْقَلَني حملُ هذا الغرام / وحَمَّلَني الوجدُ عبئاً عظيما
وها أنا أَشكو فؤاداً عليلاً / وجسماً كطرف أُميمٍ سقيما
ولله قلبٌ بها المستهام / وما منع القلب أن لا يهيما
ومن بعد تلك الثَّنايا العِذاب / إلى كم أُعاني العذاب الأَليما
وأسْلمني للمنون المنى / كأَنَّني أبيتُ الدَّياجي سليما
ولولا رجائي بمفتي العراق / لأصْبحَ حالي قبيحاً ذميما
قطعت العلائق عن غيره / كما قطع المشرفيُّ الأَديما
كريمٌ أُؤَمِّل منه الجميل / وقد خابَ من لا يرجّى الكريما
ويولي بنائله الطالبين / فيُغني الفقير ويُثري العديما
ويهدي المضلَّ ويعطي المقلّ / ويرفع في البأس خطباً جسيما
أحاديثُه مثل زهر الرّياض / فهل كانَ إذ ذاك روضاً جميما
لطيفٌ رقيق حواشي الطّباع / لو جُسِّمَتْ لاسْتحالت نسيما
فسبحانَ من جعلَ الفضلَ في / عُلاك إلى أن عَلَوْتَ النجوما
فأوْضَحْتَ بالحقِّ للعالمين / صراطاً إلى ربّها مستقيما
وأصبحَ معوَجّ أمر الأَنام / بأحكام حكمك عدلاً قويما
وتغضَبُ لله لا للحظوظ / وما زلتَ في غير ذاك الحليما
وأَحْيَيْتَ رمَّةَ علم النبيّ / وقبلك كانتْ عظاماً رميما
كَشَفْتَ بعلمك إشكالها / فحَيَّرْتَ فيما كَشَفْتَ الفهوما
وصَيَّرتَ رُشدَك صبحاً منيرا / يَشُقُّ من الغيِّ ليلاً بهيما
لقد نِلْتَ ما أَعجز الأَوَّلين / وأَصْبَحْتَ في كلّ علمٍ عليما
فطَوْراً هُماماً وطَوراً إماماً / وطوراً عليماً وطوراً حكيما
وأَنْتَ أجلُّ الورى رُتبةً / وأعظمُ قدراً وأَشرفُ خِيما
وقد نَتَجَتْ بك أُمُّ العُلى / ومن بعد ذلك أضْحَتْ عقيما
فيا مَن به أَقْلَعُوا النائبات / كما تقلع المرسلاتُ الغيوما
تَرَحَّمْ على عبدك المستهام / فإنِّي عهدتُك برًّا رحيما
وإنِّي لأجلب فيك السُّرور / وإنِّي لأكشف فيك الغموما
فلا تُشْمِتَنَّ بي الحاسدين / فتطمع فيَّ العدوَّ المشوما
ولا تترُكنِّي لقًى للهموم / فتتركني في الزَّوايا هشيما
وأَلسنَة الخصم مثل الصَّوارم / تُسقى الدماء وتفري اللّحوما
فنَاْ سيِّدي أُنسَ عيدٍ جديد / وحُزْ في صيامك أجراً عظيما

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025