المجموع : 6
دَعِ اللَومَ يا عاذِلي
دَعِ اللَومَ يا عاذِلي / فَما أَنتَ بِالعادِلِ
وَلا تُكثِرَنَّ المَلام / وَأَقصِر فَهَذا الكَلام
عَلى الصَبِّ مِثلُ الكِلام / وَلَو قُمتَ في كُلِّ عام
تَلومُ إِلى القابِلِ / فَما أَنا بِالقابِلِ
عَلِمتُ مِنَ الحُسنِ ما يَجهَلُ
عَلِمتُ مِنَ الحُسنِ ما يَجهَلُ / فَلا كانَ مِن جاهِلٍ يَعذِلُ
وَقَد سَلَبَ اللَهُ عَنهُ القَبولَ / وَيَعلَمُ أَنّي لا أَقبَلُ
وَلَو كانَ لي عَزمَةٌ في السُلُوِّ / لَما كُنتُ مِن أَجلِهِ أَفعَلُ
أَجِئتَ عَلى القَلبِ مُستَأذِناً / فَقَد حَلَفَ القَلبُ لا تَدخُلُ
ثَقيلٌ عَلى القَلبِ مِنكَ السُكوتُ / وَأَنتَ إِذا قُلتَ لي أَثقَلُ
فَقُل لي وَما لَكَ مَعنىً يَصِحُّ / عَلى أَيِّ شَيءٍ تُرى تُحمَلُ
كَفاكَ الهَوى أَجَلي أَن تَراهُ / فَحَسبُكَ أَنّيَ مُستَعجِلُ
وَما الحُبُّ إِلّا الحُسامُ الصَديء / إِذا العَذلُ مَرَّ بِهِ يُصقَلُ
مِنَ الحَيِّ أَوجُهُهُم في الدُجى / تُنيرُ فَما لَيلُهُم أَليَلُ
تُرى نارُهُم لِحَريقِ القُلوبِ / فَقَد أَوقَدوها وَلَم يَصطَلوا
وَبَينَ بُيوتِهِمُ أَنصُلٌ / خِضابُ الظَلامِ بِها يَنصُلُ
أَتِلكَ الَّتي قَتَلتَ بِالعُيونِ / هُنالِكَ أُصرَعُ أَو أُقتَلُ
قَضى نَحبَهُ الصَومُ بَعدَ المِطالِ
قَضى نَحبَهُ الصَومُ بَعدَ المِطالِ / وَأُطلِقَ مِن قَيدِ فَترِ الهِلالِ
وَرَوَّحتُ كاتِبَ جَنبي اليَمينِ / وَأَتعَبتُ كاتِبَ جَنبي الشِمالِ
فَدَع ضيقَةً مِثلَ شَدِّ الإِسارِ / إِلى فُرجَةٍ مِثلِ حَلِّ العِقالِ
وَقُم هاتِها مِثلَ ثَوبِ النُضارِ / وَمَوجِ البِحارِ وَطَعمِ الزُلالِ
جَزى اللَهُ عَنّي عَروسَ الدَوالي / وَلا أَخطَأَتها كُئوسُ العَزالي
بِما أَطعَمَت مِن لَذيذِ الثِمارِ / وَما أَلبَسَت مِن نَسيجِ الظِلالِ
وَما سَلسَلَت مِن مُذابِ السُرورِ / وَما خَفَّضَت مِن جِماحِ التَقالي
فَكَم زَخرَفَت جَنَّةً لِلعَذابِ / وَكَم رَفَعَت قَبَساً لِلضَلالِ
أُغالِطُ بِالكَأسِ حُكمَ الزَمانِ / فَيَومٌ عَلَيَّ وَيَومٌ بِها لي
وَجاءَت بِما في عُيونِ النِساءِ / وَمَرَّت بِما في رُءوسِ الرِجالِ
وَأَسلو الغزالَ بِها إِذ أَرى / بِكاساتِها دَمَ ذاكَ الغَزالِ
بِعَيشِكَ عُج بي إِلى مَعرَكٍ / يَقومُ بهِ أَيُّ حَربٍ سِجالِ
إِذا مَزَجَ الماءُ مِنها الكُئوس / مَزَجنا أَسِنَّتَها بِالنِصالِ
وَإِنِّيَ فارِسُ صَفِّ النِدامِ / فَكُن أَنتَ فارِسَ صَفِّ القِتالِ
تَجَلَّت عَنِ الناسِ صَرعى الضِرابِ / وَعَنّي وَلَكِن صَريعَ الدَلالِ
وَسَكرانَ كَرَّرَ مِن سُكرِهِ / زَمانٌ عَلى كُلِّ عَقلِ مُمالي
فَسُكرُ الشَبابِ وَسُكرُ الشَرابِ / وَسُكرُ الصُدودِ وَسُكرُ الوِصالِ
فَلا تَذكُرَنَّ عُهودَ الوِصالِ / فَعَهدي بِها وَاللَيالي لَيالِ
وَلَم أَبكِ عَهداً رَجاءَ الرُجوعِ / وَلَكِن أُحادِثُهُ بِالصِقالِ
بَعَثنَ اللَيالي ببأسٍ شَديدٍ / عَلَيَّ قَديماً فَجاسَت خِلالي
فَما جاءَ عَن مِعطَفي ذَمُّ جانٍ / وَلا جاءَ عَن جَوهَري ذَمُّ حالي
وَلَم أَستَغِث تَحتَ ظِلِّ الخُطو / بِ جَرجَرَةَ البُزلِ تَحتَ الرِحالِ
فَزاحِم عَنِ الجَلَلِ المُتَّقى / تُزاحِم بِمَنكِبِ عَودٍ جُلالِ
خَشُنتَ لِحالٍ كَشَوكِ القَتادِ / وَلِنتُ لِأُخرى كَشَوكِ السِيالِ
وَلَستُ لِساناً لِذُلِّ السُؤالِ / وَما زِلتُ صَدراً لِعِزِّ السُؤالِ
حَديثٌ يُنجّي فُروعَ السَحابِ / وَأَصلٌ يُناطي أُصولَ الجِبالِ
وَلي قَلَمٌ مِنهُ عَينُ الكَلا / مِ تَجري فَتَنظُرُ عَينَ الكَمالِ
يَراعٌ تَظَلُّ رِياضُ الطُرو / سِ مِنها مُوَشَّحَةً بِالظِلالِ
كَمِثلِ الوَقيعَةِ فيها الزُلالُ / يُسيغُ الوَقيعَةَ لي في الزُلالِ
وَكُتبٌ يَفيضُ بِأَرجائِها / يَمينُ الجَدا وَلِسانُ الجِدالِ
تَقَدَّمَها الشَكلُ مِن فَوقِها / كَمِثلِ السِهامِ أَمامَ النِضالِ
وَكَم تُرِّبَت وَاِنبَرَت لِلعَدُوِّ / كَوَثبِ الشَرارِ وَهَدَّ الجِبالِ
فَيَأطِرنَهُ مِثلَ أَطرِ القِسِيِّ / وَيَبرينَهُ مِثلَ بَريِ النِبالِ
بما في بَراثِنِ أُسدِ الغِياضِ / وَما في جُفونِ ظِباءِ الرِمالِ
وَكَم قد كَسَونَ عَواري ظُباً / وَكَم قد سَلَبنَ عَواري عَوالي
تَبسَّمُ عَن مُطمِعٍ مُؤيِسٍ / بَدِيِّ المَنارِ صَفِيِّ المَنالِ
عِنانٌ تَناوَلَ ما رامَهُ / بِشَدِّ الحِضارِ وَحَلِّ العِقالِ
تُكَلِّلُ أَفلاكَ قِرطاسِها / شُموسٌ شَوامِسُ عِندَ الزَوالِ
فَلا أَقصَرَ النَومُ غَيرَ الطِوالِ / وَلا حَسَمَ الداءَ غَيرَ العُضالِ
وَرَفِّه عَلَيكَ فَأَدنى السُؤا / لِ يَأخُذُ مِنِّيَ أَعلى النَوالِ
وَأَمّا عَدُوّي فَلا نِمتُ إِن / تَسَرّاهُ في النَومِ طَيفُ الخَيالِ
وَما راعَ سَمعي رُغاءُ الفُحولِ / فَكَيفَ يَروعُ ثُغاءُ السِخالِ
حَديثٌ كَما طَنَّ خافي الذُبابِ / وَقَدرٌ كَما طارَ عافي الذُبالِ
وَإِنَّ القَماءَةَ أَخفَتهُمُ / فَخَفّوا فَما خَطَروا لي بِبالِ
وَلا غَروَ لَو ضَلَّ مَن قَد هَدَيتَ / ضَلالُ الدَليلِ دَليلُ الضَلالِ
سَيَكفي عَلى الرَسمِ في مِثلِهِ / أَواخِرَكُم مَن كَفاني الأَوالي
وَما رِبحُ أَحسَنتُ إِلّا لِمَن / غَدا يَشتَري القَولَ مِن رَأسِ مالِ
وَكَم قيلَ عَن قائِلٍ إِنَّهُ / وَإِنَّ وَإِنَّ وزادَ التَغالي
فَجِئتُ إِلى مائِهِ غَيرَ آلٍ / فَلَم أَرَ في قَفرِهِ غَيرَ آلِ
رَجاءٌ يُشيرُ بِشَدِّ المَطِيِّ / وَيَأسٌ يُشيرُ بِحَطِّ الرِحالِ
وَحالٌ لَها حِليَةٌ بِالحَديثِ / تَغُرُّ وَمَحصولُها غَيرُ حالِ
وَصَدِّيَ عَنك صُدودُ العِتابِ / وَصَدُّكَ عَنّي صُدودُ المَلالِ
إِذا كُنتَ مالي الَّذي في يَدي / فَإِنِّيَ مالٍ إِلى غَيرِ مالِ
نَبا سَمعُ صَبري عَلى وَعدِهِم / فَلا تَختَدِعهُ بِقيلٍ وَقالِ
وَلَجتُ مِنَ اللُطفِ سَمَّ الخِياطِ / وَأَشكو مِنَ الحَظِّ ضيقَ المَجالِ
عَلى نَفسِهِ بَخِلَ الباخِلُ
عَلى نَفسِهِ بَخِلَ الباخِلُ / فَيُظلَمُ إِن ذَمِّهُ السائِلُ
اضيَبخَلُ عَنها وَيُجي عَلَي / كَ لَقَد جَهِلَ الآمِلُ الجاهِلُ
وَما هُوَ ذاخِرُ ما في يَدَيهِ / وَلَكِن إِلى غَيرِهِ حامِلُ
فَبُشرايَ قَد صَحَّت الكيميا / ءُ بِأَنّي إِلى بابِهِ واصِلُ
أَلَستَ تَرى يَومَنا يَومَ طَل
أَلَستَ تَرى يَومَنا يَومَ طَل / وَدَينَ الكُئوسِ عَلى الشَربِ حَل
فَإِن طُلَّ فيهِ دَمٌ لِلسَحابِ / فَقُل في دَمِ الكَرمِ لَم لا يُطَل
فَهاتِ فَإِنَّ الهُمومَ الحُروبُ / فَنازِل هُمومي بِكَأسٍ بَطَل
فَما يُظلِمُ الهَمُّ مَهما أَضاءَ / وَلا يَنزِلُ الهَمُّ مَهما نَزَل
وَأَوقِع عَلى وَتَر وَالغِناءَ / حَديثَ التَواقيعِ وَالمُستَعَل
وَلَيسَ سُكوتي رِضاً عَنهُمُ
وَلَيسَ سُكوتي رِضاً عَنهُمُ / وَلَكِنَّهُ غَضَبٌ عاقِلُ