إذا كنت في الحب لا اقبل
إذا كنت في الحب لا اقبل / فقل للعذول لمن تعذل
فما أنت ثان أخا صبوة / يغطي عليه هوىً أولُ
رقاك تلين صلاب الصفا / ولكنها فيه لا تعمل
وسحرك يهزأ من بابل / ولكنه عنده يبطل
أجيراننا بهضاب الغوير / سقاكم حيا ديمة تهطل
منازلكم بصميم الفؤاد / إذا ما نبا بكم منزل
وفي الجفن أمواهكم لا تغور / وفي الصدر نيرانكم تشعل
وتسمية العين عيناً يدل / حقاً على أنها منهل
وسمركم مثل سمر القنا / تميد وأطرافها الانصل
وكنت أؤمل عدل القنا / ة لو أن معتدل يعدل
ألم تر أن طوال الرماح / بحسن استقامتها تقتل
وفي الركب دمية حسن تضل / عقولاً وما ضمها هيكل
تود لورد على خدها / مدى الدهر لو أنها تخجل
ترى الورد يذبل مهما يشم / وهذا يشم ولا يذبل
وأشراكها إذ تصيد القلوب / ذوائب من خلفها تسبل
وما خلت ألحاظها أسهما / وأن النفوس لها مقتل
إلى أن رأيت بها العاشقين / مدى الدهر تؤسر أو تقتل
فذكرني ذاك آل النبي / غداة بكى لهم الجندل
وسال من الصخر غيضاً لهم / دم فاض لم يجره منصل
ولم يجدوا في الورى غير من / يمالي على القوم أو يجذل
دعتهم هنالك أطفالهم / كما قد دعت أسدها الأشبل
وقد جادهم صيب السها / م من كل ناحية يرسل
فشمر في الجبهات الأكف / فكم نصل سهم بها ينصل
وكم نحر طفل صغيراً غدا / يحمر ما بيض الصيقل
أآل الهدى لم يكن في العباد / ولا في البلاد لكم موئل
وما ضركم معهم غير ان / جدكم المصطفى المرسل
ووالدكم فيهم قد ابيد / به جحفل بعده جحفل
وكان ببدر وأُحد له / عليهم مواقف لا تجهل
فجازاه من بعد حين يزيد / بما كان في قومه يفعل
وساق بنيه حفاة عراة / تدمى الثرى منهم الأرجل
إذا ما اشتكوا العري غطاهم / عجاج لخيل العرى مسدل
من الجرد يحمل طول الطريق / بغياً عليهم بمن تحمل
وإن حضيت من نزوح البلاد / فمن دمهم أبدا تنعل
وأول من سن هذا الفعال / منهم ببيعته الأول
تلقتها فلتة لا تجوز / عند العقول ولا تقبل
وأطمع تاليه جهراً بها / فمدت له نحوها الأحبل
ووطا لثالثهم بعد أن / أهل النفاق له أميل
فخلط فيها إلى أن أصيب / بالقتل واللّه لا يغفل
وقامت مخالفة للرسول / هاتيك في مرطها ترفل
هي الأمر لا سترها مسبل / عليها ولا بابها مقفل
على جمل فعلت في العراق / ما لا يليق ولا يجمل
فلله واللّه يجزي به / من المكر ما يحمل المحمل
وكم طعنت قبل هذا عليه / فيما تقول وما تفعل
وقطع أوصاله وهو في / الحياة لسان لها مفصل
إذا وصل الأمر بثته في / المحافل خطبتها الفيصل
وما غاظها غير أن الامام / علياً علا جده المقبل
ولم يك للناس عن خيرهم / وأفضل من فيهم معدل
ومن عجب أن فضل الوصي / يخفي على الخلق أو يثكل
وإن الزمان يرى الناس فيه / حيناً وأعلاهم الأسفل
وما برح الدهر ذا حالتين / مذ قط كلتيهما تثقل
فحلى بزينته بقعة / واخرى إلى جنبها تعطل
فؤاد بفرحته ممرع / دواء بترحته ممحل
ولو لم يكن هكذا لم يكن / به خالص الشهد والحنظل