سُقِيتَ الحَيا أَيُّها المَنزِلُ
سُقِيتَ الحَيا أَيُّها المَنزِلُ / وَجادَتكَ أَنواؤُهُ الهُطَّلُ
وَإِن أَنتَ لَم تُبقِ بَينَ المَلامِ / وَبَينَ الغَرامِ فَتىً يَعقِلُ
تَمَنَّعتَ بُخلاً بِرَدِّ الجَوابِ / وَما زالَ يَأويكَ مَن يَبخَلُ
خَدَلَّجَةُ الساقِ رُعبُوبَةٌ / يُجَلِّلُها وَارِدٌ مُسبَلُ
تَقُولُ ذَهَلتَ غَداةَ الفِراقِ / فَقُلتُ لَها كَيفَ لا أَذهَلُ
وَلِي بَعدَكُم مَدمَعٌ سائِلٌ / وَجِسمٌ كَما شِئتُمُ يَنحَلُ
وَقَد عَذَلُونا عَلى حُبِّكُم / فَما قَبلَ العَذلَ مَن يُعذَلُ
وَما مِن ضَلالٍ جَهلِنا الصَوابَ / وَلَكِن نَلِجُّ فَلا نَقبَلُ
كَمالَجَّ في المَكرُماتِ الأَمِيرُ / فَأَقصَرَ عَن عَذلِهِ العُذَّلُ
لَهُ في أَخيرِ النَدى آخِرٌ / وَفِي أَوَّلِيِّ النَدى أَوَّلُ
إِذا أَمحَلَت بَلدَةٌ حَلَّها / فَيَحيا بِهِ البَلَدُ المُمحِلُ
أَخُو ثِقَةٍ جارُهُ لا يُضامُ / وَداعِيهِ لِلنَصرِ لا يُخذَلُ
إِذا حارَبَ القَومُ خَلّى الفِجاجَ / يَسُدُّ مَذاهِبَها القَسطَلُ
وَخَلّى الرِماحَ أَنابِيبَها / إِزا كُلِّ أُنبُوبَةٍ جَدوَلُ
كَأَنَّ السُيُوفَ وَقَد خُضِّبَت / سَنا النارِ أَوَّلَ ما تُشعَلُ
صَوارِمُ عَوَّدَها أَن تُهانَ / فَلَيسَت تُداسُ وَلا تُصقَلُ
فَوارَحمَتا لِبِلادِ العِدي / إِذا قَلِقُوا وَإِذا زُلزِلُوا
لِأَيِّ هِزَبرِ وَغىً هَيَّجُوا / وَأَيِّ سَنا جَذوَةٍ أَشعَلُوا
وَفِي قَلعَةِ الجِسرِ قَومٌ تَدُوسُ / قَرِيباً جَباهَهُمُ الأَرجُلُ
رِجالٌ تَرِفُّ مَناياهُمُ / عَلَيهِم كَما رَفرَفَ الأَجدَلُ
كَأَنّي بِهِم قُوتُ وَحشِ الفَلا / فَهُنِّيتِ رِزقَكِ يا جَيَأَلُ
فَنِعمَ الدِماءُ الَّتي تُمتَرى / وَنِعمَ اللُحُومُ الَّتي تُؤكَلُ
لَعَمرِي سَتَعلَمُ أُمُّ القَتِيلِ / غَداً أَيَّماً وَلَدٍ تَثكَلُ
تَسَنَّمتَهُم في ذُرى شاهِقٍ / يَزِلُّ عَلى مَتنِهِ المِسحَلُ
فَأَينَ الذَهابُ وَلا مَذهَبٌ / لَكُم في البِلادِ وَلا مَوئِلُ
فَلا تَطلُبُوا العَفوَ عَن جُرمِكُم / فَأَحسَنُ عَفوِكُمُ المُنصُلُ
أَبا صالِحٍ لا عَدَتكَ السُعُودُ / وَلا خانَكَ الزَمَنُ المُقبِلُ
هَنِيئاً بِما خَوَّلتَكَ السُيوُفُ / وَأَعطَتكَ أَرماحُكَ الذُبَّلُ
رَأَوكَ صَحِيحَ عُقُودِ الوَفاءِ / فِيما تَقُولُ وَما تَفعَلُ
فَما اِستَعظَمُوا فِيكَ ما خَوَّلُوا / وَلا استَكثَرُوا فِيكَ ما أَرسَلُوا
وَقَد طَوَّقُوكَ بِأَطواقِهِم / وَلَكِن إِمامِيُّها الأَفضَلُ
بَقِيتَ لَنا وَلِأَهلِ البِلادِ / وَهَذِي العِبادِ الَّتي تَسأَلُ
فَأَنتَ السِراجُ إِذا أَظلَمُوا / وَأَنتَ الرَبيعُ إِذا أَمحَلُوا
لَقَد أَدرَكُوا فِيكَ ما حاوَلُوا / وَنالُوا بِنُعماكَ ما أَمَّلُوا