المجموع : 3
جرى بين هرمس والشمس في
جرى بين هرمس والشمس في / قديم الزمان كلام طويلُ
وإخوانه وهمُ خمسة / وأختاه بين يديه حلولُ
وهرمس أقدمهم كلهم / وأكبرهم وهو شيخ نبيلُ
فقال لهم إنني قد نظرت / وفكري صحيح ورأيي أصيلُ
فلم أرَ أجدر يا شمس منك / بذا الملك وهوالمحل الجليلُ
فنحن نوليك فالطف بنا / فمن عند مثلك يرجى الجميلُ
ونرقى بك اليوم فوق الجميع / ومالي عمانراه عدولُ
وأعلم أنك لي قاتل / وآنيَ عما قليل قتيلُ
فقال له الشمس نعم القرين / لعمري أنت ونعم الخليلُ
فغن كنت مستيقنا إنني / بقربك مني حسني يزولُ
فقال له بي تزداد نسلاً / ومن قوة منك عمري يطولُ
فقال له الشمس إنّ الجميع / لي ولأمرك طوع ذلولُ
سوي آرس إنه كاره / لحكمك وهو الشقي الخدول
فقال له إنّ ذاك الجفاء / ظل يزول وحال تحولُ
إذا أنا أرضعته مدة / وداريته فهو بَرٌ وصولُ
فقال له الشمس إياك أن / تغيب عني غالتك غول
فإنك إن غبتَ عني قتلتُ / وكان لملكي وبال وبيلُ
وفرّقتَ بيني وبين الرفاق / فالعقد مني ومنهم سحيل
فقال له أحسنِ الظن بي / فبي سوف تجمع تلك الشكولُ
فقال له الشمس إن صَحَّ ذا / فحظك منيَ حظ جزيلُ
وإلا فعندي لكم كلكم / من النار والله سيف صقيلُ
فقال والله ربي حلفت / لا زلت ما عشت عما أقولُ
أقيم لديك إلى أن يصير / جسمك روحا ونعم البديل
فقال له الشمس إني حلفت / يمينا شهودي عليها عدولُ
فإن صح قولك ذا لا برحت / إلا وجسمي إليك ثقيلُ
فقالوا جميعا رضينا بذا / فكل بما نحن قلنا كفيل
فقال لهم إخوتي كلكم / يريد الإباقَ فماذا تقولُ
وأنت فتحت لهم في الإباقُ / وذلك من طبعهم مستحيلُ
فإن أنت أبَّقتَهُم لي يكن / لنسل بقاء ولا لي حويلُ
وأهلكت ملكي وأهلكتني / وأتلفت من إخوتي من يعولُ
فقال له اعمل برأيي فإني / نصيح وللنصح يرجى القبول
عليك بإغلاق ناموسنا / ففيه المبيت وفيه المقيلُ
وأحكم مغاليق أبوابه / إلى أن يسد عليه السبيلُ
ومن قيّم الأمر لا تذهلن عني / فأصل الفساد الذهولُ
لأستخرج الروح من إخوتي / فطوعي شبابهم والكهولُ
واجعله لك تاجاً به / تُباهي الملوكَ وتُسبي العقولُ
وارفع ذكرك في الغابرين / وذاك لمثلك عندي قليلُ
فيا حسن ذلك من مجلس / ويا طيب ماضمنته الفصولُ
حكيت لكم كل ما قد وعيت / وحسبيَ ربي ونعم الوكيلُ
ولما حللنا جميع الرموز
ولما حللنا جميع الرموز / ولم يبق من حلنا مشكلُ
وما قاله هرمس أولا / وجاء به آخراً هرقلُ
ورمز بليناس وهو الذي / تضمنه السَّرَب المعقلُ
وما جاء في حكم الأولين / ووافقه المحكم المنزلُ
وما رام إغماضه جابر / وهوّل فيه كما هوَلوا
سمحنا بما بخلوا كلهم / به وشرحنا الذي أجملوا
وبحنا بأسرارهم في الذي / جمعنا وجئنا بما أهملوا
مفاتيح مشحونة بالعلوم / بها يفتح القفل المعطل
قريب بها من أقاويلهم / مصابيح زاهرة تشعلُ
كما بان ما جاءنا آخر / بأمثالها لا ولا أولُ
وهذي المقاطيع فيها اختصا / ر جميع العلوم الذي طوّلوا
من الناس من لم يكن عارفاً
من الناس من لم يكن عارفاً / بسر الطريق وأحواله
فلما توسّطَ ذاك الطريقَ / عارضه بعضُ أهواله
ولو كان يعرف ما خلطُه / بألوانه أو بأشكاله
وكان له خبرة بالدواء / وانعقاده ويجراله
وكيف يدبّره بالندى / وبالشمس ضناً بأفعاله
عليما بأيام تدبيره / بأشهره أو بأحواله
وتبييضُه مثل تحميره / ولا تغفلنَّ بإغفاله
ولا تضجرنَّ بطول الزمان / فالصبرُ مفتاحُ أقفاله