أما والهوى وَهْوَ إحْدَى المِلَلْ
أما والهوى وَهْوَ إحْدَى المِلَلْ / لقد طَالَ قَدُّكَ حتى اعتدلْ
وأَشرَقَ وجْهُكَ للعاذلاتِ / حتَّى رأتْ كيفَ يُعْصى العَذَلْ
ولم أَرَ أفتكَ من مُقْلَتَيْهِ / على أنَّ لي خِبْرَةً بالمُقَل
كحلتَهُما بهوىً قاتِلٍ / وقلت الهوى خَتْلُهُ في الكَحَل
وأني وإن كنت داهنتني / لأعلم كيف تكون الحبل
ولستُ أُسائِلُ عينيك بي / ولكنْ بعهد الرِّضي ما فعل
ولم أرَ أبْعَدَ من مَطْلَبٍ / إذا أُبْتَ عنه بحظٍّ قَتَلْ
سَقَتْكَ ولو بدما مُهْجَتي / نجومُ الوَغى أو نجومُ الكِلَل
فقد كَذَبَتْني نُجُومُ السماءِ / أو كَذَّبَ الثورُ عنها الحمل
ارى الحبُّ أوَّلُهُ شهوةٌ / تُسَلَّطُ أو غِرَّةٌ تُهتَبَل
وآخِرُهُ سَقَمٌ مُدْنِفٌ / هو الموتُ أو هو مِنْهُ بَدَل
ألهفِي على زَمَنٍ راهقٍ / سَرضتْ لحظاتُكَ فيه عِلَل
ولهفي على نظرةٍ بالكثيبِ / أَعْطَيْتُ غيّي بها ما سَأل
أَبتْ أن ترد عليَّ الشبابَ / وردتْ عليَّ الهَوَى والغزل
وَوَصْلث الكواعبِ بَعْدَ المشيبِ / مَرضامٌ تُقَصّرُ عنه الحِيَل
أُعَلَّلُ فيكَ بما لا يكون / وأُغْبَطُ مِنكَ بما لمْ أنَلْ
أمَا بيننا حَكَمٌ عادل / ولو أنّه زمني مَا عَدل
أيُنْصِفُ منكَ وأنت الحياةُ / وَيُعْدِي عليكَ وأنت الأَجَل
ولكنْ تهحاملَ لما ضعفتُ / فهلاَّ وَفَى وَلَهُ مُحْتَمَلْ
ويا ضيعتا بين رَبْعٍ عَفَا / وخلٍّ جفا وَشَبَابٍ رَحَل
وبي معشرٌ حَسَدُوني العُلا / صُدُورُهُمُ كصدورِ الأسَل
تَقَطعُ دونيَ ألحاظُهُمْ / فما تستطيعُ رياحُ السَّبَل
إذا ما رأونيَ لم ينبسوا / وإن غبت ضجُّوا بهلاَّ وَهَلْ
وغضبانَ إن سُؤتُهُ حالني / إليك وإن العلا لم تحل
وقد عرَفَ المجدَ لا شك فيه / ولكن تبالَهْ كي لا يُبَلْ
تمنَّى وسَامَحَني في الطِّلابِ / وقال وأفْرَدَني بالعمل
قَسمنا الحظوظ وَحَاكَمْتُهُ / إلى المجدِ روَّى بنا وارتجَلْ
فأصبحتُ كالناجِ تحتَ الجبين / وأصبح كالفَقْعِ تحت الأظَل
أجِدَّك ما يستفيقُ العذولُ / ميتَ العزائمِ حيَّ الأمل
تَوَانَى فلما شأتْهُ العُلاَ / صَبَا في تَعَنُّتِه أو شُمِل
وليس بِثَانِيْهِ عن شَأْوِهِ / ولو أنَّهُ في مَداهُ الزَّلَل
ارى الدهر جهَلَني ما علمتُ / على حينَ عَلَّمْتُهُ ما جَهِل
لَوَانشي وأقسمتُ لا أقْتَضيه / إلاّ بسيفِ الأميرِ الأجل
وقد بَرِئَتْ منهُ تلكَ الجفونُ / تَلَدَّدُ بينَ الطُّلى والقُلَل
وقد جالَ موتٌ يُسَمَّى الفرنْدَ / عللا مَتْنُهُ وكأنْ لم يَجُل
وَسَالتْ عليه نفوسُ الكماةِ / فأشكلَ أكثرَ مما اشْتَكَل
كوشمِ عِذَارٍ على وَجْنَةٍ / إذا لاح مَاراكَ فيه الخجل
تتايَهَ ظاهرُه بِالحُلِيِّ / وقد جُنَّ باطنُهُ بالعَطَل
وللشمسِ سُلْطانُها بالهجيرِ / وإن حَسُنَت في الضّحى والأصُل
وقد تَضْحَكُ الراحُ بعد المزاجِ / عنِ الحُسْنِ بين الحُلَى والحُلَل
ولكن تَحَنَّى بها قَبْلَهُ / ولو مَزَجُوها بِخَلْسِ القُبَل
يَصُوْرُ العيونَ إليها النحولُ / إذا نَبَتِ العينُ عَنْ مَن نَحَل
فكم من رفيقٍ تَخَطّيْتُهُ / ولو عَزَمَ الأمْرَ يوماً لحل
وقد تقتضي هذه المفرداتُ / معانيَ تَقْصُرُ عنها الجُمَل
إذا صُلْتَ يوماً نبا المَشْرفيُّ / وإلا فإنَّ العُلا لم تَصُل
هل الموتُ تَرْمي به أو تَرُدُّ / فَمَنْ شاءَ عَزَّ وَمَنْ شاءَ ذل
أيا فارسَ الخيلِ والبأسُ ظَنٌّ / يُرَجَّمُ أو ظِنَّةُ تُنْتَحل
وقد شَمَّر الموتُ عن ساقِهِ / على ما حسبتَ به من كسل
وأعربتِ الحربُ عن حالِها / فماتَ الجبانُ وعاشَ البطل
وأومضتِ البيضُ في عارضٍ / من الموتِ ما عنَّ حتى رَحَل
سَقَى الأَرْضَ أكثرَ منْ رِيِّها / على أنَّه ليس فيه بَلَل
وَسَدَّ على الشمسِ آفاقَها / ولو ضَحَيتْ لم تَجِدْ فيه ظل
ليهنِ الجزيرةَ إهلالها / إلى دولة عَبَدتَهْا الدول
هببتَ إليها مع المشرفيّ / وكنتض أحَقَّ بِسَبْقِ العَذَل
وقد راغَ قومٌ عن المكرماتِ / ولكنهم خُلِقُوا من عجل
فَسَحْتَ لها والنوى غَرْبَةٌ / تضيقُ الرِّحالُ بها والرِّحَل
وقد علمتُ حين لبيتها / بأيِّ قُوَى ماجدٍ تَنصل
هو الجدُّ لا غَفَلاتُ الملوكِ / بين الأَناةِ وبين العَجَل
ولا خَوْضُهُمْ غمراتِ المُحَالِ / يستنجدونَ عسى أو لعل
فَسَعْدَكَ يستنجحُ الطالبونَ / وإن رَغِمَ المُشْترِي أو زُحَل
وإيَّاكَ يمتدحُ المادحونَ / شَتَّى المآربِ شَتَّى السبل
وأنت أخذتَ العلا بالسيوفِ / جادَ الزمان بها أو بخل
طلعتَ عليهم طُلُوع المنونِ / فألْقَوْا بأيدي الوَنَى والفَشَل
بعزم كظنِّ الأديبِ الأريبِ / وجيشٍ كَذَيْلِ الأَياةِ الخَصِل
وهمة أَلْوَى إذا ضَمّنُوْهُ / وَفَى وإذا حَمّلُوهُ حَمَل
تُقَسَّمُ أمْوَالُهُ في العُفَاةِ / فإن فَضَلَتْ فَلَهُ ما فَضَل
وتنهلُ أسيافُهُ في العداةِ / فإن ظَمِئَتْ فَعليه العَلَل
سلِ البحْرَ عن جُودِهِ إذ طما / وَشَطَّيْهِ عن بَأْسِهِ إذ أطَل
تَجَلَّى له بين حاليهما / فَسَلْهُ أبحرٌ رَأى أمْ جبل
وقد كان باراه جَهْلاً به / فلما رآهُ نَبَا أو نَكَل
وَعَمْداً تَجَافَى له عَنْ مَدَاهُ / ليعتزَّ أو لِيَرى منْ أذَل
أبا بكرٍ اقتضِ تلك الديونَ / فقد أبأَسَ الدهرُ مما مَطَل
تَوَخَّ العُلا في ظلالِ الرِّماحِ / فقد أعوزتْ في ظِلالِ الكِلل
وَصُنْ حَرَمَ الملك أنْ يُسْتَباح / فسيما الممالكِ أنْ تُبْتَذَل
أرى كلَّ جيشٍ يحبُّ الغِلاَبِ / فمنْ أين قصَّر عَنْهُ الرجل
شَكَرْتُكَ شُكْرَ الرياضِ الحيا / تَعَاهَدَها بين وَبْلٍ وَطَل
أطَلْتُ بذكرِكَ غَمَّ الحسودِ / فلو ماتَ ما زادَ أو ما عضل
يسيرُ غليّ على فَتْرَةٍ / هي الذُلُّ وهو يَراها الكَسَل
تَدَارَكْ أبا بكرٍ المسلمينَ / فقد نَهِلَ الضيمُ منهمْ وَعَل
تَغَلْغَلْتَ في طُرُقِ المَكْرُماتِ / ضخمَ الدَّسَائع رَحْبَ المحل
فقامَ بكَ الدهر طيبَ النَّدى / وسار بك الجودُ سَيْرَ المثل