المجموع : 4
لِمَنْ تَجمعُ الُّرومُ أبطالها
لِمَنْ تَجمعُ الُّرومُ أبطالها / وتحملُ للحربِ أثقالَها
أللجاعِلينَ نُفوسَ العبادِ / وَدائِعَ يَقْضونَ آجالَها
إذا استعجلوها ببيضِ الظُّبَى / فلن يملكَ القومُ إمهالَها
جُنودٌ تُقدِّمُ أرواحَها / وتَبذلُ في اللهِ أموالَها
لئن جاوزَتْ غايةَ العاملين / لقد بَارَكَ اللهُ أعمالها
وَمَنْ مِثلُ عُثمَانَ يَرْعَى النُّفوسَ / إذا آدَها الأمرُ أو عَالَها
كثيرُ النَّوالِ رَحِيبُ المجالِ / إذا رَامَ مَنزلةً نالَها
أبا بكرٍ اخْترتَ أبقى الثراء / وجَنَّبتَ نَفْسَكَ بَلبالَها
تَمنَّيتَها نِعمةً سمحةً / فألبَسَكَ اللَّهُ سِرْبَالَها
وإنّ لِصحبِكَ في الباذلين / مَناقِبَ نُدمِنُ إجلالَهَا
ألحَّ النِّساءُ على حَلْيهِنّ / وأقبلنَ في ضَجّةٍ يا لها
نَبِيَّ الهُدَى أتُلِمُّ الحقوقَ / فنأبَى ونُؤثِرُ إهمالَها
وتذهبُ منّا ذَواتُ الحِجالِ / تُجرجِرُ في الحيِّ أذيالَها
لقد طافَ طائِفُها بالفتاةِ / فأرَّقها ما عَنَا آلها
فما أمسكَ البُخلُ دُمْلُوجَها / ولا مَلَكَ الحِرصُ خلخَالَها
مشَى الجحفلُ الضَّخمُ في جحفلٍ / يُحِب الحُروبَ وأهوالَها
وخافَ من الحرِّ أهلُ النِّفاقِ / فقالوا البيوتَ وأظلالَها
وأهْلَكَهُمْ شَيْخُ أشياخِهم / بِشَنعاءِ يَأثَمُ مَن قَالها
بَني الأصفر استبِقوا للوغى / وخَلُّوا النُّفوسَ وآمالها
وقفتم من الرُّعبِ ما تُقدمون / وما هَاجتِ الحربُ أغوالَها
فكيف بكم بَيْن أنْيَابِها / إذا جَمَع اللَّهُ آكالَها
رأى عُمَرٌ رأيَهُ في الرَّحيلِ / فلا تُكْثِرِ الرُّومُ أوجالَها
لهم دَونَ مَهلكِهمْ مُدّةٌ / مِنَ الدّهرِ يَقضونَ أحوالَها
تَبوكُ اشْهَدِي نَزَواتِ الذّئاب / وحَيِّ الأسودَ وأشبالها
أما يَنبغِي لكِ أن تَعرفِي / شُيوخَ الحُروبِ وأطفالها
هي المِلَّةُ الحقُّ لن تَستكين / ولن يدَعَ السَّيفُ أقتَالَها
رأتْ ملّةَ الكُفرِ تغزو النُّفوس / فجاءَتْ تُمزِّقُ أوصالَها
لها من ذويها حُماةٌ شِداد / يُبيدونَ مَن رامَ إذلالَها
فلن يَعرِفَ النّاسُ أمثالَهم / ولن يَشهد الدّهرُ أمثالَها
ولن تَستبينَ سَبيلُ الهُدَى / إذا اتَّبعَ النَّاسُ ضُلَّالها
فَمَنْ كانَ يُحزِنُه أن تَبِيد / قُوَى الشّركِ فَلْيَبْكِ أطلالَها
لأهلِ المُفَصَّلِ من آيهِ / مَوَارِدُ يُسقَوْنَ سِلْسَالَها
تردُّ القُلوبَ إلى ربِّها / وتَفتحُ للنُّورِ أقفالَها
أخالدُ إنّكَ ذو نَجْدَةٍ
أخالدُ إنّكَ ذو نَجْدَةٍ / فَهيَّا إلى دُومَةِ الجندلِ
إلى معشرٍ كفروا بالكتابِ / وحَادوا عن المذهبِ الأمثلِ
دَعاكَ الرسولُ فأنت الرسول / وليس له عنك من مَعدلِ
أمامك حِصنٌ طويلُ الذُّرَى / فَخُذْهُ بِصَمصامِكَ الأطولِ
وَمُرْ بالأكيدرِ يَقذفْ به / إليك على كِبرهِ من عَلِ
قتلتَ أخاهُ وألقى إليك / جَناحَ الذليلِ فلم يُقتلِ
وجِئتَ به سيِّدَ الفاتحين / فأوغَلَ في قلبهِ المقفلِ
هَداه إلى اللَّهِ بعد الضلالِ / وبعد العَمى لم يَكَدْ يَنجَلِي
وأعطاه من عهدهِ موئلاً / يَقيهِ فيا لك من مؤئلِ
فَصبراً أُكيدرُ إنّ الزمان / سيكشفُ عن غَدِكَ المقْبلِ
سَتنقُض عهدكَ دَأْبَ الشقِيِّ / وتجمعُ في غَيِّكَ الأوّلِ
فيرميك ربُّكَ بابنِ الوليدِ / ويشفيكَ من دائِكَ المعضلِ
بصاعقةٍ مَنْ يَذُقْها يَقُلْ / كأنَّ الصّواعقَ لم تُرْسَلِ
أتفعلُ وَيْحَكَ ما لو عقلتَ / لأعرضتَ عنه ولم تفعلِ
أُكيدرُ ليس لنفسٍ وَقاء / إذا ما ابتلى اللَّهُ مَن يبتلي
أَعيدوا الحَديثَ وَقولوا أَجَلْ
أَعيدوا الحَديثَ وَقولوا أَجَلْ / أَجابَ الرَجاءُ وَلَبّى الأَمَلْ
أَجَل هَكَذا فَليُنادي المُلوكُ / بِحَقِّ الشُعوبِ وَأَمرِ الدُوَلْ
أَجَل هَكَذا فَليَجِلّ المَقامُ / وَيَسمُ المَرامُ وَيَعلُ المَثَلْ
أَرى الشَرقَ يَهتَزُّ مِمّا رَأى / كَما اِهتَزَّ ذو النَشواتِ الثَمِلْ
تَخايَلَ فيهِ بَريدُ المُلوكِ / يُقِلُّ المَمالِكَ فيما حَمَلْ
يُقِلُّ الكِنانَةَ في عِزِّها / وَأُبَّهَةِ الفاتِحينَ الأُوَلْ
تَسيرُ مَواكِبُها فَخمَةً / تَهِلُّ البِقاعُ لَها وَالسُبُلْ
مَواكِبُ مُطلَقَةٌ حُرَّةٌ / تَعافُ الحِجالَ وَتَأبى الكَلَلْ
مُلوكَ الكِنانَةِ سيروا بِها / فَقَد نَشَطَت بَعدَ طولِ المَلَلْ
وَما نَكَبَت عَن مَعالي الأُمورِ / عَلى الرَيثِ مِن أَمرِها وَالعَجَلْ
أَضيئوا الشِعابَ وَروضوا الرِكابَ / إِذا نَدَّ جامِحُها أَو جَفَلْ
فَنِعمَ السَبيلُ السَوِيُّ الأَمينُ / وَنِعمَ المَطِيُّ السِماحُ الذُلُلْ
وَخَيرُ العَتادِ لَها هِمَّةٌ / يَذوبُ لَها الخَطبُ أَو يَضمَحِلْ
وَرَأيٌ يُسَدِّدُ مِنها الخُطى / وَيُمسِكُ أَقدامَها أَن تَزَلْ
سَكَتُّم وَضَجَّت تُنادي الشُعوبُ / فَكانَ السُكوتُ لِأَمرٍ جَلَلْ
فَمَن يُنكِرُ اليَومَ أَو مَن يَقولُ / بِلادٌ هَواءٌ وَشَعبٌ هَمَلْ
نُعيدُ الحَديثَ إِذا ما اِمتَرى / وَنُسهِبُ فيهِ إِذا ما جَهِلْ
جَعَلناهُ دَعوَتَنا في الصَلاةِ / إِذا خَرَّ ساجِدُنا يَبتَهِلْ
أَقولُ لِمِصرَ وَمِصرُ الحَياةُ / حَياةُ الغَدِ الدائِمِ المُتَّصِلْ
لَقَد جَدَّ شَعبُكِ في شَأنِهِ / فَما يَتَوانى وَما يَتَّكِلْ
قَضى اللَهُ رَبُّكِ أَن تَخلَعي / قُيودَ الهَوانِ وَأَن يَستَقِلْ
هو الجِدُّ لا عُذْرَ للهازلين
هو الجِدُّ لا عُذْرَ للهازلين / ولا حقَّ إن غَلَب الباطلُ
ولا خيرَ في العيش إن لم يَفُزْ / على الجاهلِ الكيِّسُ العاقلُ
حياةُ البلادِ بِنُوَّابِها / وآفتُها النّائبُ الجاهلُ
تهزّ الزلازلُ أقطارها / وَمقْعَدُهُ نائمٌ غافلُ
إذا جَدَّ أمرٌ تولَّى به / من الهزل شُغلٌ له شاغلُ
جبانُ اللّسانِ جبانُ الجَنان / على أنّه البطلُ الباسلُ
خُذوا الأمرَ يا قومُ أَخْذَ الرجال / فهذا هو الموقفُ الفاصلُ
دَعوا جانباً نَزَعاتِ الهوى / فما في اتّباعِ الهوى طائلُ
أَعن حقِّ مصرَ ودستورِها / ننامُ وقد نشط الواغل
أيبقى الفسادُ فلا حاجزٌ / يهدُّ قُواهُ ولا حائلُ
أَلا فاهدموا النفَر الأرذلين / فخيركم الهادمُ الخاذلُ
بناهم لحاجته مُفسِدٌ / له مأربٌ سيّئٌ سافلُ
تردَّى به الغَيُّ إذ قدّسوه / وطاح به الخَبلُ الخابلُ
بَلَتْهُ المقاديرُ تلهو بهِ / وجرَّبَهُ الزَّمنُ الهازلُ
فلا رأيُه راجحٌ حازمٌ / ولا حُكمُه صالحٌ عادلُ
عَرَفناهُ يركبُ أهواءَه / ويركبُه الجاهلُ العاطلُ
يُريد فيذهبُ مِلءَ الفجاج / كما يذهبُ الجامح الجافلُ
ويُومِي فيهوي هُوِيَّ الفراش / تخطّفَهُ القدر النّازلُ
لئن بات يبكي بُكاءَ النّساء / لقد هاجه عهدُه الزّائلُ
وإن أكلَتْه عوادي الذّئاب / ففي عِرضِه وَقعَ الآكلُ
يقول الغواةُ إذا ابتاعهم / فيفضحه منهمُ القائلُ
أنحن قتلنا الرئيسَ الجليلَ / غداةَ هوى نجمُه الآفلُ
لقد كذب القومُ كم من قتيل / سوى نفسِه ما له قاتلُ