المجموع : 3
ونَيْلُوفَرٍ قَمِنٍ بالذُّبُولِ
ونَيْلُوفَرٍ قَمِنٍ بالذُّبُولِ / يَرُوقُ فيذبلُ عَمَّا قليلِ
يلاقي الصَّباحَ بيمنى جَوَادٍ / ويُخْفِي الظَّلاَمَ بيمنى بخيلِ
يُبيحُ الضُّحى مَا حَوى من نسيمٍ / ويمنعُهُ عند وقتِ الأُفُولِ
أَلَمْ يَرَ عبدَ المليكِ المليكَ / مجيبَ الرَّجاءِ ومُعْطِي الجَزيلِ
لو ازدادَتِ الأرضُ عَرْضاً بَعَرْضٍ / ولو وصل الدهرُ طولاً بطولِ
لما زال يُوسِعُ هَذَا وتلكَ / بفعلٍ كَريم وذكرٍ جميلِ
لَعَلَّكِ يَا شمسُ عند الأصيلِ
لَعَلَّكِ يَا شمسُ عند الأصيلِ / شَجِيتِ لِشَجْوِ الغرِيبِ الذَّليلِ
فكونِي شَفيعي إِلَى ابْنِ الشَّفِيعِ / وكُونِي رَسُولِي إِلَى ابن الرَّسُولِ
فإمَّا شَهِدْتِ فأَزْكى شَهيدٍ / وإِمَّا دَلَلْتِ فأَهدى دَليلِ
عَلَى سابِقٍ فِي قُيودِ الخُطُوبِ / ونجمِ سَناً فِي غُثاءِ السُّيولِ
يُنادِي النَّدى لِسقامِ الضَّياعِ / ويشكو إِلَى المُلْكِ داءَ الخُمُولِ
وعزَّ عَلَى العِلْمِ مَثوَاهُ أَرْضاً / عَلَى حُكمِ دَهْرٍ ظَلومٍ جَهولِ
ويَعجَبُ كَيْفَ دنا من عَليٍّ / وَلَمْ تنفصِمْ حَلَقاتُ الكُبولِ
وكَيْفَ تَنَسَّمَ آلَ النَّبيِّ / وأَبْطأَ عنهُ شِفاءُ الغَليلِ
وأَطودُ عِزّهِمُ مائِلاتٌ / لَهُ وَهْوَ يَرْنو بطَرفٍ كَليلِ
وأَبحُرُهُمْ زاخراتٌ إِلَيْهِ / ويَرْشُفُ فِي الثَّمَدِ المُسْتحيلِ
وَقَدْ آذَنُوهُ الخصِيبَ المَريعَ / ومَرْتَعُهُ فِي الوَخيم الوَبيلِ
تَجزَّأَ من جَنَّتَيْ مأْرَبٍ / بِخَمْطٍ وأَثْلٍ وسِدْرٍ قليلِ
غَريبٌ وكم غَرَّبَتْ رَاحَتا / هُ فِي الأَرْضِ من وَجْهِ بكْرٍ بَتُولِ
مُكَرَّمَةٍ مَا نَأَتْ عَنْ بلادٍ / ولا قَرُبَتْ من شَبيهٍ مَثيلِ
تُضيءُ لَهَا مُظلِمَاتُ النُّفُوسِ / وتُروى بِهَا ظامِئاتُ العُقُولِ
وتطلُعُ فِي زاهراتِ النُّجومِ / ومُطلِعُها جانِحٌ لِلأُفُولِ
شَريدُ السُّيوفِ وفَلُّ الحُتوفِ / يَكيدُ بأَفْلاذِ قَلبٍ مَهولِ
تهاوَتْ بِهِمْ مُصعِقاتُ الرَّوَاعِ / دِ فِي مُدْجِناتِ الضحى والأَصيلِ
بوارِقُ ظَلْمَاءِ ظُلْمٍ تُبيحُ / دُمىً مِنْ حِمىً أَوْ دماً من قَتيلِ
فأذْهَلَ مُرْضِعةً عَنْ رَضيعٍ / وأَنسى الحَمائمَ ذِكْرَ الهَديلِ
وشَطَّ الصَّريخُ عَلَى ذي الصُّراخ / وفاتَ المُعَوَّلُ ذاتَ العَويلِ
فما تهتَدي العَيْنُ فِيهَا سَبيلاً / سِوى سَبَلِ العَبَراتِ الهُمُولِ
ولا يَعْرِفُ المَوْتُ فِيهَا طَريقاً / إِلَى النَّفْسِ إِلّا بعَضبٍ صَقيلِ
رَكِبتُ لَهَا مَحْمَلاً للنَّجَاةِ / وصيَّرْتُ قصدَكَ فِيهِ عَديلي
فَرَدَّتْ عَلَى عَقِبَيها المَنونُ / بِواقٍ مُجيرٍ ورأْيٍ أَصِيلِ
وَقَدْ سُمْتُها بِنفيسِ التِّلادِ / عَلَى أَنْفُسٍ ضائِعَاتِ الذُّحُولِ
فَهِلتُ اليسارَ بيُسرى جَوادٍ / وحُطْتُ الذِّمَارَ بيُمْنى بَخيلِ
نُفُوساً حَنَتْ قَوسُ عَطفي عليها / فَكُنَّ سِهامَ قِسِيِّ الخُمُولِ
ومِنْ دوننا آنِساتُ الدِّيارِ / نِهابَ الحِمى مُوحِشاتِ الطُّلُولِ
يُهَيِّجُ فِيهَا زَفيرُ الرِّياحِ / مدامِعَ شَجوِ السَّحابِ المُخيلِ
وتلطِمُ فِيهَا أَكُفُّ البُرُوقِ / خُدُودَ عِرَاصٍ علينا ثُكُولِ
تظلَّمُ من هاطِلاتِ الغَمامِ / وتَشكو مِنَ الريحِ جَرَّ الذُّيولِ
مغاني السُّرور لَبِسنَ الحِدَادَ / عَلَى لابسَاتِ ثِيابِ الذُّهولِ
خطيباتِ خَطبِ النَّوى والمُهورِ / مَهارى عليها رِحالُ الرَّحيلِ
فَمِنْ حُرَّةٍ جُلِيتْ بِالجلاءِ / وعَذْرَاءَ نُصَّتْ بنصِّ الذَّميلِ
ولا حَلْيَ إِلّا جُمانُ الدُّموعِ / يَسيلُ عَلَى كُلِّ خَدٍّ أَسِيلِ
فَبُدِّلْنَ مِنْ بَعدِ خفضِ النَّعيم / بشَقِّ الحُزُونِ وَوعْثِ السُّهولِ
ومِنْ قِصَر اللَّيلِ تَحْتَ الحِجال / بِهَوْلِ السُّرى تَحْتَ ليلٍ طويلِ
وَمِنْ عَلَلِ الماءِ تَحْتَ الظِّلالِ / صِلاءَ القُلوبِ بحَرِّ الغليلِ
ومن طيب نفحٍ بنَوْر الرِّياضِ / تَلظِّيَ لفحٍ بنار المَقيلِ
ومن أُنسِها بَيْنَ ظِئْرٍ وتِربٍ / سُرى لَيْلها بَيْنَ ذيبٍ وغوْلِ
ومن كُلِّ مَرْأَىً مُحيَّا جَميلٍ / تَلقِّي الخُطُوبِ بصبْرٍ جميلِ
لَعَلَّ عواقِبَهُ أَنْ تَتِمَّ / فَيُهدى الغريبُ سَواءَ السَّبِيلِ
إِلي الهاشِميّ إِلَى الطَّالِبيِّ / إِلَى الفاطِميِّ العَطُوفِ الوَصُولِ
إِلَى ابنِ الوَصِيِّ إِلَى ابن النَّبيِّ / إِلَى ابن الذَّبيح إِلَى ابن الخَليلِ
إِلَى المُستجَار من المُستَجيرِ / إِلَى المُستَقَال مِنَ المُستَقِيلِ
إِلَى المُستضاف المَلِيكِ العزيزِ / من المُسْتَضيفِ الغريب الذليلِ
سلامٌ وأَنتَ ابنُ بَدْءِ السَّلا / مِ منْ ضيفِهِ المكرَمِينَ الدُّخولِ
غَدَاةَ يُضيِّفُ أَهْلَ السَّماءِ / إِلَى منزِلٍ آلفٍ للنَّزيلِ
فَرَدَّ سَلامَ حَليمٍ مُنيبٍ / وجاءَ بعِجْل كريمٍ عَجولِ
وأَعطانُهُ مَأْلفٌ للضُّيوفِ / ومَوْطِنُ ذي عَيْلَةٍ أَوْ مُعيلِ
شرائِعُ خَلَّدَها فِي الأَنَا / مِ من كُلِّ أَرْضٍ وَفِي كلِّ جيلِ
وَمَا زَالَ من آلِهِ حافِظٌ / معالِمَها حِفظَ بَرٍّ وَصُولِ
بأنفُسِ مَجدٍ سِرَاعٍ إليها / وأَيدٍ عليها شُهودٍ عُدُولِ
فسُمِّيَ جدُّكَ عَمْرَو الكِرام / بهَشمِ الثريد زَمانَ المُحُولِ
و شَيْبَةُ ساقي الحَجيجي الكَفيل / بمأوى الغريب وقوت الخليلِ
وضيَّفَ حَتَّى وحوش الفَلاةِ / وأَهْدى القِرى لهِضَاب الوُعُولِ
وإِنَّ أَبا طالِبٍ للضُّيوفِ / لأَطْلَبُ من ضَيفِهِ للحُلولِ
ولا مِثلَ والِدِكَ المُصطَفى / لِرَكْبٍ وُفودٍ وَحَيٍّ حُلُولِ
يبادِرُهُمْ بابْتِناءِ القِبابِ / ويُكرِمُهُمْ بدُنُوِّ النُّزُولِ
ويَخْلَعُ عن مَنكِبَيهِ الرِّدَاءَ / سُروراً وفَرْشاً لضَيفِ القُيولِ
يروحُ عَلَيْهِم بغُرِّ الجِفانِ / ويغدو لهم بالغَريضِ النَّشيلِ
قِرىً عاجِلاً يقتَضي شربهُ / من الكَوْثَرِ العَذْبِ والسَّلْسَبيلِ
فأَنتُمْ هُدَاةُ حياةٍ ومَوْتٍ / وأَنْتُمْ أَئِمَّةُ فِعلٍ وقيلِ
وساداتُ من حَلَّ جَنَّاتِ عَدْنٍ / جميع شبابهِمُ والكُهُولِ
وَأَنْتُمْ خلائِفُ دُنيا ودينٍ / بحُكْم الكِتابِ وحُكْم العُقولِ
ووالِدكُم خاتَم الأَنبياءِ / لكُم منه مجدُ حَفِيٍّ كَفيلِ
تَلَذُّ بحَمْلِكُمُ عاتِقاهُ / عَلَى حَمْلِهِ كُلَّ عِبءٍ ثقيلِ
ورحْبٌ عَلَى ضَمِّكُمْ صَدْرُهُ / إِذَا ضاقَ صَدْرُ أَبٍ عن سَليلِ
ويطرُقُهُ الوحيُ وَهنَاً وأَنتُم / ضَجيعَاهُ بَيْنَ يَدَيْ جِبرَئيلِ
وَزَوَّدَكُم كُلَّ هَدْيٍ زَكِيٍّ / وأَوْدَعَكمْ كُلَّ رَأْيٍ أَصِيلِ
غَريبٌ تَحلَّتْ بآدابِهِ
غَريبٌ تَحلَّتْ بآدابِهِ / بِلادٌ تَوَاصَتْ بِتَعْطِيله