المجموع : 7
إذا ما استشارك ذو كربةٍ
إذا ما استشارك ذو كربةٍ / فضيق عليه طريق الأمل
فإنَّ النُّفوسَ يؤملنَ حتَّى / ليدَخُلنَ سُمَّ الخياطِ الجَملْ
تعلمْ من الختلِ ما تنقي
تعلمْ من الختلِ ما تنقي / به كيدَ كلِّ فتىً خاتلِ
وخذ لمشيبكَ مكرَ الشبابِ / ومن حادثِ العامِ للقابلِ
وإن كانَ جُلُّ الورى في جنونٍ / فما أنتَ وحدكَ بالعاقلِ
فكنْ عالماً عاملاً بينهم / فهم خدمُ العالمِ العاملِ
تقاصرَ عمرُ الظلامِ الطويلْ
تقاصرَ عمرُ الظلامِ الطويلْ / ولا بدَّ من أجلٍ للعليلْ
وضاقَ بهِ الأفق ضيقَ القبور / فزمَّ الكواكبَ يبغي الرحيلْ
وراحَ فخفَّتْ همومُ القلوبْ / كما سار بعدَ المقامِ الثقيل
لقدْ كدتُ أبغضُ لونَ الظلامْ / لولا شفاعةُ طرفٍ كحيلْ
طوى الشمسَ فاختبأت أختها / نفورَ الغزالِة من وجهِ فيلْ
وكانتْ إذا احتجتْ قبلهْ / تجاذبها نسماتُ الأصيلْ
أرى البدرَ غارَ فأغرى بها / وكلُّ جميلٍ يعادي الجميلْ
أم الحظُّ أرسلَ لي ذا الدجى / فكانَ الرسالة وجه الرسولْ
أم الليلٌُ قد قامَ في مأتمٍ / فمنهُ الحدادُ ومنهُ العويلْ
ولم أنسَ ساعةَ أبصرتُها / وجسم النهارِ كجسمي نحيلْ
وقد خرجتْ لتعزي السماءْ / عن ابنتها إذ طواها الأفولْ
على مركبٍ أشبهتهُ البروج / تمرُّ بهِ كالبروقِ الخيولْ
إذا قابلتهُ لحاظُ العيونْ / سمعتَ لأسيافهنَّ صليلْ
وإن قاربتهُ ظنونُ النفوس / رأيتَ النفوسَ عليهِ تسيلْ
وقد أخرجتْ نفحاتُ الرياضْ / زكاةَ الرياحينِ لابنِ السبيلْ
وقد عبثَ الدلُّ بالغانياتْ / فذي تتهادى وهذي تميلْ
كأنَّ الحواجبَ قوسٌ فما / تحركَ إلا جلتْ عن قتيلْ
كأنَّ القلوبَ أضلَّتْ قلوباً / فكانتْ لحاظُ العيونِ الدليلْ
حمائمٌ في حَرَمٍ آمنٍ / بهذي الضلوعِ بناهُ الخليلْ
وما راعها غيرُ لونِ الدجى / يصدئُ لوحَ السماءِ الصقيلْ
فيا قبحَ الليلُ من قادمٍ / بوجهِ الكذوبِ ومرأى العذولْ
بغيضٌ إلينا على ذلَهِ / وشرٌّ من الذلِّ بغضُ الذليلْ
وكم عزني بالأماني التي / أرتني أنَّ زماني بخيلْ
ومن أملِ الناسِ ما لا يُنالْ / كما أنَّ في الناسِ من لا يُنيلْ
أعِرنيَ عينيكَ يا عاذلي
أعِرنيَ عينيكَ يا عاذلي / لعلي أرى الحقَّ كالباطلِ
فعيني قد انصبغتْ بالفؤاد / كمثلِ الزجاجةِ والسائلِ
كلانا يراها وهيهاتَ ما / تَوَجَّعَ بالثكلِ كالثاكلِ
ولو كانَ للصيدِ عينُ الذي / يصيدُ لما اغترَّ بالحابلِ
هويت وأطعمتَ جسمي النحول / فَويْلاهُ من شَرَهِ الآكلِ
كأني ثيابي عليَّ الربيع / كسا جانبَي بلدٍ ماحلِ
كأنَّ عيوني بموجِ الدموع / خِضَمٌّ لهُ الجفنُ كالساحلِ
كأني ودمعي في مقلتي / أرى كفني في يدِ الغاسلِ
ليَ اللهُ هل أنا إلا فتىً / أجدُّ ودهريَ كالهازلِ
ومن سادَ في قومهِ الجاهلون / أضرَّتْ بهِ شيمةُ العاقلِ
كأنَّ الزمانَ بقايا دُجىً / أنا فيهِ كالقمرِ الآفلِ
نزلتُ على حكمهِ طاعةً / لوحي على مهجتي نازلِ
ومن كانَ قاضيهِ من يحب / رأى جائرَ الحكمِ كالعادلِ
يعيبونَ فيها نحولي فَلمْ / يُرى النجمُ في الأُفْقِ كالناحلِ
وكيفَ يُعابُ الحسامُ الصقيل / أرقَّتْ شَباهُ يدُ الصاقلِ
مُهَفْهَفَةٌ فكانَ الهوى / يحاربنا بالقنا الذابلِ
وأعجبُ من أملي وصلها / وبعضُ المنى قاتلُ الأملِ
لها مهجتانِ تحبُّ وتسلو / وما تحتَ ضدينِ من طائلِ
نسيتم ودادي فلم
نسيتم ودادي فلم / تزوروا ولم تسألوا
وسيانَ عندي فلا / أقولُ اهجروا وأوصلوا
ومن كانَ بي جاهلاً / فإني بهِ أجهلُ
يطولُ لحيتهُ كالحبال
يطولُ لحيتهُ كالحبال / فيا ليتَ عمري من طولها
كمروحة الخيشِ في العارضينِ / نطري الهواءَ بتبليلها
وقد لقبوها بستِّ اللحى / لتعظيمها ولتبجيلها
ألستَ تراها تجرُّ الذيولَ / فيحظى الصغارُ بتقبيلها
وكم بحثَ الناسُ في أصلها / وأي الوبا كانَ في جيلها
وكم حكموا انها علةٌ / وما علةُ غيري تعليلها
لئن منعوكَ سلكَ المنام
لئن منعوكَ سلكَ المنام / ما انفكَ ما بيننا ينقلُ
أراها وقد جعلتْ تمطلُ / ذكاءٌ تضيءُ ولا تنزلُ
يضنُّ الجمالُ بأربابهِ / وأهلُ الجمالِ بهِ أبخلُ
وسيانَ في الطيرِ عصفورةٌ / إذا انفلتتْ منكَ والبلبلُ
فيا من جعلتُ لهُ خاتماً / متى تلبسُ الخاتمُ الأنملُ
تدوسينَ فوقَ الثرى مهجتي / وطيفكِ في أعيني يرفلُ
فمنكِ إليَّ ومني إليكِ / كلانا لصاحبهِ يحملُ
وذو الشوقِ يسعى على عينهِ / إذا قعدتْ بالهوى الأرجلُ
سلي الصبحَ كيفَ أراقَ الكرى / وعيني ما أوشكتْ تثملُ
رمى الفجرَ فانفجرتْ عينهُ / دماً فأتى بالندى يغسلُ
وأضرمَ من شمسهِ شعلةً / فجفَّ على حرِّها المقتلُ
كذاكَ أرى الناسَ في غدرهم / تساوى الأواخرُ والأولُ
أصالحُ قل لي متى نلتقي / فبعضيَ عن بعضهِ يسألُ
أراكَ تؤيّدني في البيانِ / كما اتحدَّ الفلبُ والمِقْوَلُ
ولولا الفؤادُ وميزاتهُ / لمالَ اللسانُ فلا يعدلُ
ألا أنذرَ الفئةَ الحاسدين / سيوفاً منا ضربتْ تفصلُ
وقل للعصافيرِ لا تبرحي / ولا تمرحي قد هوى الأجدلُ
عجبتُ لهمْ وعجيبٌ إذا / عجبتُ لمن لم يكنْ يعقلُ
وما يستوي الجفنُ فيه الغبار / وإن أشبهَ الكحلَ والأكحلُ
هم نخلوني فماذا رأوا / اَأَمسكَ نورَ الضُّحى المنخلُ
وثارَ الغبارُ فيا أفقُ هلْ / جلا لكَ مرآتكَ الصيقلُ
وأقبلَ فار فما للجبال / لم يلقَ عاليها الأسفلُ
وكيفَ يخيفُ الهلالَ الدجى / ويرهبُ عنترةَ المنصلُ
رأوا ليَ في حكمتي ثانية / كما ينظرُ الواحدَ الأحولُ