خُذُوا قَودِي مِنْ أَسيرِ الكِلَلْ
خُذُوا قَودِي مِنْ أَسيرِ الكِلَلْ / فَواعَجباً لأَسيرٍ قَتَلْ
وَقُولوا عَليّ إذا نُحْتمُ / قَتيلَ العيُونِ جَريحَ المُقَلْ
وَلي جَلدٌ عِنْدَ بِيضِ الظُّبَى / وَبِالأعْيُنِ النُّجْلِ ما لي قِبلْ
وَلي قَمرٌ ما بَدا في الدُّجَى / وَأَبصرَهُ البَدْرُ إلّا أَفلْ
فيا خَجْلةَ الظَّبْي لَمّا بَدا / شَبيهاً لَهُ في اللَّمَى وَالكَحَلْ
وَيا خَجْلةَ الشَّمْسِ لمّا بَدتْ / ألم ترَ فيها احْمِرارَ الخَجلْ
يُضِلّ بِطُرَّتِهِ مَنْ يَشا / وَيْهدِي بِغُرَّتِهِ مَنْ أضَلْ
وَقَدْ عَدَلَ الحُسْنُ في خَلْقهِ / على أَنَّهُ جَارَ لَمّا عَدَلْ
فَعُمَّتْ مَعاطِفهُ بالنَّشاطِ / وَخُصَّتْ رَوادِفُه بِالكسَلْ
وَقَدْ عَلمَ النّاسُ أَنّي امْرُؤٌ / أحِبُّ الغَزالَ وَأهْوَى الغَزل
فَلا تُنْكِرُ اليَوْمَ يا عَاذِلي / فَلسْتُ أميلُ إلى مَنْ عَذَلْ
فَألحَفْتُ قامَتَهُ بالعناقِ / وَأَذْبلتُ مَرْشفهُ بِالقُبَلْ
وَكمْ تُهْت في غَوْرِ خَصْرٍ لهُ / وَأَشْرَفْتُ مِنْ فَوْقِ ذاك الكَفَلْ
وَأذَّنْتُ حِينَ تَجَلَّى الصَّباحُ / بِحيّ على خَيْرِ هذا العَملْ
وَها أثَرُ المِسْكِ في رَاحَتِي / هَداه فَمِي فيهِ طَعْمُ العَسَلْ
دَعاني إلى رَشْفِ تِلْكَ القُبلْ / غَرامٌ صحيحٌ وَما لي قِبَلْ
إذا فَتكتْ فِيَّ ألحاظُهُ / بِقَدٍّ يَقُدُّ فكيفَ العَملْ
هُناكَ تَرى أَدمعي المنُحْني / وَقلْبي برمْي الجِمارِ اشْتعَلْ
وَدْمعِي مِنَ الشَّوْقِ يا ما جَرى / عَقيقاً وَباللّه عَقْلي ذَهلْ
فما ضَرَّهُ لو سَمح بِالكَرى / وَلوْ ساعةً بَعْدَ ما قَدْ فَعلْ
وَسَكَّنْتَهُ في لَظَى مُهْجَتي / وَذاكَ لَعَمْرِي جَرا مَنْ قَتلْ
وَمِنْ عَجبٍ زارَ في لَيْلةٍ / وَعمَّا جَرى بَيْننَا لا تَسلْ
فَصِرْتُ أشاهِدُ تِلْكَ الرّياضِ / على وَجْنَتَيْهِ أنا في خَجَلْ
وَأَقْطفُ وَرْداً بأغْصانِه / وَلم يَكُ هذَا بغَيْرِ المُقَلْ
فَلِلَّه دَرَّك مِنْ لَيْلَةٍ / تُعادِلُ أَرْواحَنا بَلْ أجلْ
تُريكَ إذا أَسْفَرتْ بَهْجَةً / وَرَوْض السُّرورِ بها قَدْ حَصَلْ
وَلا عَيْبَ فِيها سِوَى أَنَّها / خَلتْ مِنْ رَقيبٍ لنَا أَو عَذلْ
ألا فَلَّلَ اللّه سَيْف المُقلْ / فَكَمْ ذَا تَعدَّى وَكَمْ ذا قَتلْ
وَما مِنْ قتيلٍ لأَهْلِ الهَوى / سِوى أَلْف راضٍ بما قَدْ فَعلْ
لقد نَصرَ اللّهُ جَيْشَ الملاحِ / بِبدْرٍ لنا حُسْنُه قَدْ كَملْ
وما بَطلٌ في الوَغى فارسٌ / إذا قابلَ الغِيدَ إلّا بَطلْ
إذا قَاتلتْني عُيونُ الظِّبا / فَوا فَرحِي لَوْ بَلغْتُ الأملْ
رَعى اللّهُ ليلةَ زَارَ الحبيبُ / وَغَابَ الرقيبُ إلى حَيْث أَلْ
فَخَبأْتُه في سَوادِ العُيونِ / وَقْد غَسلَ الدَّمْعُ ذَاكَ المَحَلْ
وَأَلصَقْتُ خَدّي بِأَقْدامِه / وَأَذْبلْتُ أخْمَصهُ بِالقُبَلْ
فَرَقَّ وَمالَ بِأَعْطَافهِ / فَدبَّتْ بِرُوحِي ذاك الميَلْ
وَعَانَقْتُهُ وَخَلعْتُ العِذارَ / وَمزَّقْتُ ثَوْبَ الحيَا وَالخَجلْ
وَما زلْتُ أُشْغِلهُ بِالحديثِ / وَسِتْرُ الظلامِ عَليْنا انْسَدلْ
إلى أنْ غَفا جَفْنهُ بالمنامِ / وَعنِّي تَغافل أو قَدْ غَفَلْ
وَخلَّيْتُ عَنْ خَصْرِه بَنْدَهُ / وَأَجْفَيْتُ عَنْ مِعْطَفيْهِ الحُلَلْ
وَبتُّ أُشاهِدُ صُنْعَ الإلهِ / تَباركَ رَبُّ البَرايا وَجَلْ
فَظُنَّ بِنَا الخَيْرَ أَوْ لا تَظُنَّ / فَلا تَسْأَلِ اليَوْمَ عَمَّا حَصَلْ