القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عبد الغَفّار الأَخْرس الكل
المجموع : 5
فؤاد كطرفِك أمسى عليلا
فؤاد كطرفِك أمسى عليلا / وجسمٌ كخصرِك يشكو النحولا
وأضناه حبُّكِ حتّى اغتدى / كما تبصرين ضعيفاً نحيلا
فرفقاً به إنَّه في هواك / على حالة في الهوى لن تحولا
يبيت بطرْفٍ كثير السهاد / فلم يذق الغمض إلاَّ قليلا
وشوّقه البرق جنح الدُّجى / وندب الحمامة ليلاً هديلا
فأصبح يشكو حريق الفؤاد / ويقذف من مقلتيه سيولا
وتسكرني نسمات الشمال / فأغدو كأَنّي سُقيت الشمولا
وكم شرب الصب من عبرة / بذكر الأحبَّة دهراً طويلا
فما بلَّ فيها غليل الحشا / وكيف تبلّ الدموع الغليلا
قتلتم أحبَّتنا المستهام / وكم راح مثل المعنّى قتيلا
وروَّضتموا روض هذا الهوى / وربع التصبّر أمسى محيلا
ولمَّا أخذتم بترحالكم / أخذتم فؤاديَ أخذاً وبيلا
غداةَ استقلَّت حُداة الظعون / تجوب المهامه ميلاً فميلا
فهلاَّ بعثتم إلينا النسيمَ / فكانَ النسيمُ إلينا رسولا
بَخِلْتُم بطيف يزور المحبّ / وما كنت أعهد فيكم بخيلا
سددتم سبيل خيال الكرى / فما وجد الطيف نحوي سبيلا
قفا يا خليليَّ دون الغُوَير / ولا يتركنَّ الخليل الخليلا
لنقضي حقوق ديار عفت / ونبكي الديار فنسقي الطلولا
وكانتْ بروجاً لتلك البدور / فيا ليتها لم تلاق الأُفولا
فيا دارنا لا عداك الحيا / وجرَّت عليكِ الغوادي ذيولا
لعينيك قد ذلَّ أختَ المها / فهان وكانَ عزيزاً جليلا
إلى كم أداري وأرضي الوشاة / وأسمعُ في الحبِّ قالاً وقيلا
لقد لامني في هواك العذولُ / وألقى على السمعِ قولاً ثقيلا
فضلَّ العذولُ ضلالاً بعيداً / وحاول أمراً غدا مستحيلا
إذا المرءُ ضلَّ سبيل الغنى / فأنوار عثمان تهدي السبيلا
إلى بذل نائله المستفاد / نؤمُّ إليه قبيلاً قبيلا
متى أنكرت فضله الحاسدون / أقامت عليه المعالي دليلا
وإن حلَّ نائله موطناً / ينادي الهنا بالعناء الرحيلا
سريع الإِجابة سؤّاله / وما زالَ في كلِّ خيرٍ عجولا
نما فرعُه إذ زكا أصلُه / فطاب فروعاً وطابَ أُصولا
وفيه نمتْ روضات المكرمات / ولم يرد عود الأماني ذبولا
وقد رفع الفضل بعد الخمول / فلا شهد الفضل فيه الخمولا
وجدَّ فنالَ بما قد سعى / مقاماً عليًّا ومجداً أثيلا
ولِم لا ينال العُلى ماجد / يمدُّ إلى المجد باعاً طويلا
ولما استظلَّ به الخائفون / رأوه لذلك ظلاًّ ظليلا
أخو البأس يمنع صرف الزمان / ويعطي المقلّ عطاءً جزيلا
يُنيل وإن لامه الَّلائمون / ومن يمنع الغيث أن لا ينيلا
تعشَّقْتُ علويَّ فضل العلوم / فما تبتغي بالمعالي بديلا
لقد جئت في معجزات الكمال / وها أنت تعيي بهنَّ الفحولا
وحيَّرت فيها فهوم الرجال / فأبهتَّ فيما أتيت العقولا
عزائمك الكاشفات الكروب / تكاد الجبال بها أن تزولا
ولله من هِمَمٍ في عُلاك / تعيد الحزون سريعاً سهولا
فلو رمت قلع الرَّواسي بها / أعدت الرَّواسي كثيباً مهيلا
وأفنت يمينك جمع الحطام / لكي تستحقَّ الثناء الجميلا
وأبقيت في الدهر ذكراً حميداً / تذاكره الناس جيلاً فجيلا
بخطّك صيَّرت طرف العُلى / كحيلاً وخدّ الأماني أسيلا
أتى بقوافٍ إليك العُبَيْدُ / تجول بمدحك عرضاً وطولا
أجزني عليها الرضا بالقبول / فأقصى المنى أن أنال القبولا
أَقولُ لها يَومَ جَدَّتْ بنا
أَقولُ لها يَومَ جَدَّتْ بنا / وقَد أَوْجَبَ المجدُ ترحالَها
إلى حيث تهوى نفوس الكرام / وتبلُغٍ بالعِزّ تسآلَها
لئنْ جُزتِ بي أَثلاثِ الغُوَير / وجُبْتِ الديارَ وأطلالَها
سَقَيْتُك يا ناقُ من مائها / وقلتُ اشربي اليوم جريالَها
ونشَّقْتُك الرِّيح من حاجر / تجرُّ على الرَّند أذيالَها
رآها هذيم كأَنَّ الغرام / يقطّع بالوجد أوصالَها
متى ذكرت عهدها باللّوى / أهاج التذكُّر بلبالَها
تُؤَمِّل في ذي الغضا وقفةً / ويحرمها البين آمالَها
فقال بها والهوى جنَّة / وكم أَتْلَفَ الشَّوقُ أمثالَها
فلو صَبَرتْ عن ربوع الحمى / لكان التصبُّر أولى لها
وهل تقبل النَّفس مشغوفة / بمن هي تهواه عذَّالَها
عَرَفْتُ بآي الهوى ما بها / وأَنْتَ تقول لنا ما لَها
وقالت ومن حالها يا هُذيم / لسان يترجم أقوالَها
نعمتُ زماناً بتلك الوجوه / وقاسيتُ من بعدها أهوالَها
حَبَسْتِ بعينيك هذي الدُّموع / تريدين يا ناقُ إرسالَها
هَلُمِّي بنا نستجدّ البكاءَ / فَقَدْ حَمَّلَ العينَ أثقالَها
بَكَيْتُ الدِّيارَ وأطلالَها
بَكَيْتُ الدِّيارَ وأطلالَها / وقد بَدَّلَ البينُ تِمثالَها
وأخنى عليها خطوبُ الزمان / فما خالَها تلم من خالِها
وفي مهجتي للجوى لوعةٌ / تُقَطِّع بالوَجْد أوصالها
لقد سوَّلَتْ ليَ سَيْلَ الدموع / فما قلتُ يومئذٍ ما لَها
تذكَّرتُ عصرَ الصبا والهوى / يُهَيّجُ للنفس بلبابها
وما اختلس الدهر من لَذَّةٍ / لعهدَ الصبابة واغتالها
زمانٌ أُعاقرُ فيه العقار / وأعصي بِلَهْويَ عذّالها
وأمشي بها مَرَحاً تستميل / من السكر بالراح ميَّالَها
وكم غادةٍ في ليالي الوصال / جَمَعْتُ مع القُرط خِلخالها
وما زلتُ أرشف من ريقها / لُماها وأشْرَبُ جريالها
لئِنْ كانَ ريقك يحيي النفوس / فقد كانَ لحظُك قتّالها
وساقيةٍ عمَّها حُسْنُها / بجنحِ دُجًى قد حكى خالها
تديرُ النضار بكأس اللجين / فتحكي المصابيحَ سيّالها
كُمَيْتاً تجولُ بمضمارها / جآذرُ تَصْرَعُ أبطالها
فيا طيب معسول ذاك اللمى / إذا هَصَرَ الصَبُّ عسَّالها
ولستُ بناسٍ لها ما مضى / وإنْ كنتُ أعْمَلْتُ إهمالها
ولياليَ لم أبد تفصيلها / إذا أنا أبديتُ إجمالها
وأُبْتُ لمشبهة في المسير / زفيفَ النَّعامة أو رالها
كأنِّي تَكلَّفْتُ مَسحاً بها / عروضَ البلاد وأطوالها
طويتُ القفار وخُضْتُ البحار / ورُضْتُ الخطوبَ وأهوالها
وجرَّبْتُ أبناءَ هذا الزمان / وعَرَّفني الدهرُ أحوالها
وإنِّي لَذاكَ الَّذي تَعْرِفونَ / حَمَلْتُ المروءة أثقالها
وإنْ قلَّ ما في يدي لم أكنْ / لأشكو من العصر إقلالها
وإن أنا أتربتُ فالمكرمات / تُحدِّثُ بأنِّيَ فَعَّالَها
وحَسْبك من ذي يدٍ أصبَحْت / تطولُ ولا ذو يدٍ طالها
وإنْ أعْضَلَتْ مشكلاتُ الأمور / أزال وفسَّر إشكالها
وقافية من شرود الكلام / بأخبار سلمان قد قالها
وأرْسَلَها مثلاً في الثناء / وخَصَّ بمن شاءَ إرسالها
فتًى يقتفي إثرَ آبائه / وحاكَتْ مزاياه أفعالها
تنال من الله نعمَ الثوابُ / وتُنْفِقُ لله أموالَها
تَفَجَّر من راحتيه النَّدى / وأوْرَدَ من شاءَ سلسالها
من السَّادة النُجُبِ الطاهرين / تَزينُ العصورَ وأجيالها
لقد طهَّر الله تلك الذوات / وأجرى على الخير أعمالها
بني الغَوثِ غوث فحول الرجا / ل إذا اشتدَّ بالناس ما هالها
وأفعالُها في جميع الصَّنيع / من البِرِّ تَسْبِقُ أقوالها
فما زلتُ أذكر تفضيلها / وما زلت أشكر إفضالها
بكم يُستغاث إذا ما الخطوب / أهالت على الخلق أهوالها
فكنتُم من النَّاس أقطابها / وكنْتُم من النَّاس أبدالها
فَلَو خَلَتِ الأرض من مثلكم / لزُلْزِلَتْ الأرض زلزالها
أبا مصطفى أَنْتَ صوبُ الغمام / ويا ربَّما فُقْتَ هطالها
وقد نَفَقَتْ فيك سوق القريض / وكان نوالُك دَلاّلها
ولما بَلَغْتُ المنى في العُلى / وبَلَّغْتُ نفسي آمالها
أتَتْك النقابة تسعى إليك / تجرُّ من التيه أذيالَها
وألْقَتْ إليكَ مقاليدها / وأبْدَتْ لعزّك إذلالها
وراثة آبائك الطاهرين / فما أحَدٌ غيرهم نالها
عليكم وفيكم ومنكم نرى / وجوهَ السَّعادة إقبالها
إذا لم تكنْ أَنْتَ أهلاً لها / من الأنجبين فمن ذا لها
فقد نلتَ ما لم ينله سواك / فضائل نشكر أفضالها
كلامك يشفي صدور الرِّجال / ويرضي الملوكَ وعمّالها
وحيثُ أخلَّت بها خُلَّةٌ / سَدَدْتَ برأيك إخلالها
وكم يدٍ لك في الصالحات / سَبَقْتَ من البرّ أمثالها
وإنْ أغْلَقَتْ بابها المكرمات / فإنَّك تَفْتَحُ أقفالها
كفاني المهماتِ عبدُ الغنيّ
كفاني المهماتِ عبدُ الغنيّ / وذلك مِنْ بَعض أَفضالِهِ
فإنْ نِلْتُ مالاً فمن جاهِهِ / وإنْ نِلْتُ جاهاً فمن مالِهِ
حَلَفْتَ بتربةِ آبائها
حَلَفْتَ بتربةِ آبائها / ظوامي السُّيوف دوامي العوالي
وكلّ فتًى من بني عمِّها / قريب النوال بعيد المنال
بأنّي كما يَزْعُم العاذلون / على صَبوتي بالهوى غير سالي
وقلتُ لها إنَّ نار الغرام / تَشُبُّ وقلبي بها اليوم صالي
وعندي من الوجد داءٌ عضال / فهلْ من دواءٍ لدائي العضال
ومَن لي بصبر يريح الفؤاد / وما يخطر الصَّبر يوماً ببالي
وإنِّي لأسأل ظبيَ الصريم / وما عن سواك يكون سؤالي
وأنْشُقُ منه نسيماً يَهُبُّ / وأعْرِفُه بأريج الغوالي
وما زلتَ حتَّى خلبت القلوب / وحتى سحرتَ عقول الرِّجال
تُرينَ أخا الوجد لينَ الكلام / فيطمعُ منك بأمر محال
وتَلوينَ بالدَّين حتَّى يقال / نجاز الغواني كثير المطال
بَخلتِ وما منكم الباخلون / فهلاّ سَمَحْتِ ولو بالخيال
ومن أين يخفى عليك الهوى / وقد بان ما بي وأبْصَرْتِ حالي
أما صحّ عندك قول الوشاة / فماذا التجافي وماذا التغالي
ولا شيء عندي وحقّ الهوى / أمرُّ من الهجر بعد الوصال

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025