المجموع : 6
فَدَتكَ الجَوانِحُ مِن نازِلٍ
فَدَتكَ الجَوانِحُ مِن نازِلٍ / وَأَهلاً بِطَيفِكَ مِن واصِلِ
بَذَلتَ لَهُ الجَفنَ دونَ الكَرى / وَمَن بِالكَرى لِلشَجِيِ الباذِلِ
وَقُلتُ أَراكَ بِرُغمِ العَذول / فَنابَ السُهادُ عَنِ العاذِلِ
فَوَيحَ المُتَيَّمِ حَتّى الخَيالُ / إِذا زارَ لَم يَخلُ مِن حائِلِ
يَحِنُّ إِلَيكَ ضُلوعٌ عَفَت / مِنَ البَينِ في جَسَدٍ ناحِلِ
وَقَلبٌ جَوٍ عِندَها خافِقٌ / تَعَلَّقَ بِالسَنَدِ المائِلِ
وَمِن عَبَثِ العِشقِ بِالعاشِقين / حَنينُ القَتيلِ إِلى القاتِلِ
غَفِلتُ عَنِ الكَأسِ حَتّى طَغَت / وَلي أَدَبٌ لَيسَ بِالغافِلِ
وَشَفَّت وَما شَفَّ مِنّي الضَميرُ / وَأَينَ الجَمادُ مِنَ العاقِلِ
يَظَلُّ نَديمي يُسقى بِها / وَيَشرَبُ مِن خُلُقي الفاضِلِ
أُبِدِّدُها كَرَماً كُلَّما / بَدَت لِيَ كَالذَهَبِ السائِلِ
جَعَلتُ حُلاها وَتِمثالَها
جَعَلتُ حُلاها وَتِمثالَها / عُيونَ القَوافي وَأَمثالَها
وَأَرسَلتُها في سَماءِ الخَيالِ / تَجُرُّ عَلى النَجمِ أَذيالَها
وَإِنّي لِغِرّيدُ هَذي البِطاحِ / تَغَذّى جَناها وَسَلسالَها
تَرى مِصرَ كَعبَةَ أَشعارِهِ / وَكُلِّ مُعَلَّقَةٍ قالَها
وَتَلمَحُ بَينَ بُيوتِ القَصيد / حِجالَ العَروسِ وَأَحجالَها
أَدارَ النَسيبَ إِلى حُبِّها / وَوَلّى المَدائِحَ إِجلالَها
أَرَنَّ بِغابِرِها العَبقَرِيُّ / وَغَنّى بِمِثلِ البُكا حالَها
وَيَروي الوَقائِعَ في شِعرِهِ / يَروضُ عَلى البَأسِ أَطفالَها
وَما لَمَحوا بَعدُ ماءَ السُيوف / فَما ضَرَّ لَو لَمَحوا آلَها
وَيَومٍ ظَليلِ الضُحى مِن بَشنَسَ / أَفاءَ عَلى مِصرَ آمالَها
رَوى ظُلُّهُ عَن شَبابِ الزَمانِ / رَفيفَ الحَواشي وَإِخضالَها
مَشَت مِصرُ فيهِ تُعيدُ العُصورَ / وَيَغمُرُ ذِكرُ الصِبا بالَها
وَتَعرِضُ في المِهرَجانِ العَظيمِ / ضُحاها الخَوالي وَآصالَها
وَأَقبَلَ رَمسيسُ جَمَّ الجَلالِ / سَنِيَّ المَواكِبِ مُختالَها
وَما دانَ إِلّا بِشورى الأُمورِ / وَلا اِختالَ كِبراً وَلا اِستالَها
فَحَيّا بِأَبلَجَ مِثلِ الصِباحِ / وُجوهَ البِلادِ وَأَرسالَها
وَأَوما إِلى ظُلُماتِ القُرونِ / فَشَقَّ عَنِ الفَنِّ أَسدالَها
فَمَن يُبلِغُ الكَرنَكَ الأَقصُرِيَّ / وَيُنبِئُ طَيبَةَ أَطلالَها
وَيُسمِعُ ثَمَّ بِوادي المُلوكِ / مُلوكَ الدِيارِ وَأَقيالَها
وَكُلَّ مُخَلَّدَةٍ في الدُمى / هُنالِكَ لَم نُحصِ أَحوالَها
عَلَيها مِنَ الوَحيِ ديباجَةٌ / أَلَحَّ الزَمانُ فَما اِزدالَها
تَكادُ وَإِن هِيَ لَم تَتَّصِل / بِروحٍ تُحَرِّكُ أَوصالَها
وَما الفَنُّ إِلّا الصَريحُ الجَميلُ / إِذا خالَطَ النَفسَ أَوحى لَها
وَما هُوَ إِلّا جَمالُ العُقولِ / إِذا هِيَ أَولَتهُ إِجمالَها
لَقَد بَعَثَ اللَهُ عَهدَ الفُنونِ / وَأَخرَجَتِ الأَرضُ مَثّالَها
تَعالَوا نَرى كَيفَ سَوّى الصَفاةَ / فَتاةً تُلَملِمُ سِربالَها
دَنَت مِن أَبي الهَولِ مَشيَ الرَؤومِ / إِلى مُقعَدٍ هاجَ بَلبالَها
وَقَد جابَ في سَكَراتِ الكَرى / عُروضَ اللَيالي وَأَطوالَها
وَأَلقى عَلى الرَملِ أَرواقَهُ / وَأَرسى عَلى الأَرضِ أَثقالَها
يُخالُ لِإِطراقِهِ في الرِملِ / سَطيحَ العُصورِ وَرَمّالَها
فَقالَت تَحَرَّك فَهمَ الجَماد / كَأَنَّ الجَمادَ وَعى قالَها
فَهَل سَكَبَت في تَجاليدِهِ / شُعاعَ الحَياةِ وَسَيّالَها
أَتَذكُرُ إِذ غَضِبَت كَاللُباةِ / وَلَمَّت مِنَ الغيلِ أَشبالَها
وَأَلقَت بِهِم في غِمارِ الخُطوبِ / فَخاضوا الخُطوبَ وَأَهوالَها
وَثاروا فَجُنَّ جُنونُ الرِياحِ / وَزُلزِلَتِ الأَرضُ زِلزالَها
وَباتَ تَلَمُّسُهُم شَيخَهُم / حَديثَ الشُعوبِ وَأَشغالَها
وَمَن ذا رَأى غابَةً كافَحَت / فَرَدَّت مِن الأَسرِ رِئبالَها
وَأَهيَبُ ما كانَ يَأسُ الشُعوبِ / إِذا سَلَّحَ الحَقُّ أَعزالَها
فُوادُ اِرفَعِ السِترَ عَن نَهضَةٍ / تَقَدَّمَ جَدُّكَ أَبطالَها
وَرُبَّ اِمرِئٍ لَم تَلِدهُ البِلادُ / نَماها وَنَبَّهَ أَنسالَها
وَلَيسَ اللَآلِئُ مِلكَ البُحورِ / وَلَكِنَّها مِلكُ مَن نالَها
وَما كَعَلِيٍّ وَلا جيلِهِ / إِذا عَرَضَت مِصرُ أَجيالَها
بَنَوا دَولَةً مِن بَناتِ الأَسِنَّ / ةِ لَم يَشهَدِ النيلُ أَمثالَها
لَئِن جَلَّلَ البَحرَ أُسطولُها / لَقَد لَبِسَ البَرُّ قِسطالَها
فأَمّا أَبوكَ فَدُنيا الحَضا / رَةِ لَو سالَمَ الدَهرُ إِقبالَها
تَخَيَّر إِفريقيا تاجَهُ / وَرَكَّبَ في التاجِ صومالَها
رِكابُكَ يا اِبنَ المُعِزِّ الغُيوثُ / وَيَفضُلنَ في الخَيرِ مِنوالَها
إِذا سِرنَ في الأَرضِ نَسَّينَها / رِكابَ السَماءِ وَأَفضالَها
فَلَم تَبرِحِ القَصرَ إِلّا شَفيتَ / جُدوبَ العُقولِ وَإِمحالَها
لَقَد رَكَّبَ اللهُ في ساعِدَيكَ / يَمينَ الجُدودِ وَشيمالَها
تَخُطُّ وَتَبني صُروحَ العُلومِ / وَتَفتَحُ لِلشَرقِ أَقفالَها
أَحَيثُ تَلوحُ المُنى تَأفُلُ
أَحَيثُ تَلوحُ المُنى تَأفُلُ / كَفى عِظَةً أَيُّها المَنزِلُ
حَكَيتَ الحَياةَ وَحالاتِها / فَهَلّا تَخَطَّيتَ ما تَنقُلُ
أَمِن جُنحِ لَيلٍ إِلى فَجرِهِ / حِمىً يَزدَهي وَحِمىً يَعطُلُ
وَذَلِكَ يوحِشُ مِن رَبَّةٍ / وَذَلِكَ مِن رَبَّةٍ يَأهَلُ
أَجابَ النَعيُّ لَدَيكَ البَشيرَ / وَذاقَ بِكَأسَيهِما المَحفِلُ
وَأَطرَقَ بَينَهُما والِدٌ / أَخو تَرحَةٍ لَيلُهُ أَليَلُ
يَفيءُ إِلى العَقلِ في أَمرِهِ / وَلَكِنَّهُ القَلبُ لا يَعقِلُ
تَهاوَت عَنِ الوَردِ أَغصانُهُ / وَطارَ عَنِ البَيضَةِ البُلبُلُ
وَراحَت حَياةٌ وَجاءَت حَياة / وَأَظهَرَ قُدرَتَهُ المُبدِلُ
وَما غَيرُ مَن قَد أَتى مُدبِرٌ / وَلا غَيرُ مَن قَد مَضى مُقبِلُ
كَأَنّي بِسامي هَلوُعِ الفُؤادِ / إِذا أَسمَعَت هَمسَةٌ يَعجَلُ
يَرى قَدَراً يَأمُلُ اللُطفَ فيهِ / وَعادي الرَدى دونَ ما يَأمُلُ
يُضيءُ لِضيفانِهِ بِشرُهُ / وَبَينَ الضُلوعِ الغَضى المُشعَلُ
وَيُقريهُمُ الأُنسَ في مَنزِلٍ / وَيَجمَعُهُ وَالأَسى مَنزِلُ
فَمِن غادَةٍ في مَجالي الزِفافِ / إِلى غادَةٍ داؤُها مُعضِلُ
وَذي في نَفاسَتِها تَنطَوي / وَذي في نَفائِسِها تَرفُلُ
تَقَسَّمَ بَينَهُما قَلبُهُ / وَخانَتهُ عَيناهُ وَالأَرجُلُ
فَيا نَكَدَ الحُرِّ هَل تَنقَضي / وَيا فَرَحَ الحُرِّ هَل تَكمُلُ
وَيا صَبرَ سامي بَلَغتَ المَدى / وَيا قَلبَهُ السَهلَ كَم تَحمِلُ
لَقَد زُدتَ مِن رِقَّةٍ كَالصِراطِ / وَدونَ صَلابَتِكَ الجَندَلُ
يَمُرُّ عَلَيكَ خَليطُ الخُطوبِ / وَيَجتازُكَ الخِفُّ وَالمُثقَلُ
وَيا رَجُلَ الحِلمِ خُذ بِالرِضى / فَذَلِكَ مِن مُتَّقٍ أَجمَلُ
أَتَحسَبُ شَهِدا إِناءَ الزَمانِ / وَطينَتُهُ الصابُ وَالحَنظَلُ
وَما كانَ مِن مُرِّهِ يَعتَلي / وَما كانَ مِن حُلوِهِ يَسفُلُ
وَأَنتَ الَّذي شَرِبَ المُترَعاتِ / فَأَيُّ البَواقي بِهِ تَحفِلُ
أَفي ذا الجَلالِ وَفي ذا الوَقارِ / تُخيفُكَ ضَرّاءُ أَو تُذهِلُ
أَلَم تَكُنِ المُلكَ في عِزِّهِ / وَباعُكَ مِن باعِهِ أَطوَلُ
وَقَولُكَ مِن فَوقِ قَولِ الرِجالِ / وَفِعلُكَ مِن فِعلِهِم أَنبَلُ
سَتَعرِفُ دُنياكَ مَن ساوَمَت / وَأَن وَقارَكَ لا يُبذَلُ
كَأَنَّكَ شَمشونُ هَذي الحَياةِ / وَكُلُّ حَوادِثِها هَيَكلُ
أَمَنسُ إلى كم تضل السبيلا
أَمَنسُ إلى كم تضل السبيلا / فُتنت وحيرت فيك العقولا
أبحث البراز بهذى البلاد / وكان البراز بها مستحيلا
وتوشك تجعله ديدنا / وتدعو الفضالي إليه فضولا
فلم تخش بالأمس رب اللواء / ولا هِبت رب القوافي خليلا
أمن أجل حادثة تنقضى / بأدنى العتاب تدق الطبولا
وتدعو الشهود إلى الملتقى / وتبعد والخصم عن مصر ميلا
وتطعن مطران في أنفه / وما أنف مطران شيئا قليلا
طعنت الأشم الأبىّ العيوف / الأنوف السميك العريق الطويلا
طعنت الصحافة في أنفها / طعنت الرصيف الحصيف النبيلا
طعنت الجوائب في ربها / ولم تخش جورجي بها أو مشيلا
خليلىَ مطران نلت الشفاء / ولا ذقت بعد لمنس دويلا
فأنت تهز صقيل اليراع / ومنس يهز الحسام الصقيلا
وأنت المقدّم في بعلبك / ومنس المقدّم في أهل لِيلا
ومالك في السيف عند البراز / فبارز رسائله والفصولا
وعلمه كيف يصول اليراع / فتخجل منه الظبا أن تصولا
ويا أنف مطران أنف الإباء / عزاء جميلا وصبرا جميلا
بكت لجراحك عيني دما / وفرض على دمها أن يسيلا
فإن شئت خذ نورها مرهما / وخذ هدبها للتداوى فتيلا
أنلني يدا خلقت للقبل
أنلني يدا خلقت للقبل / فمن نالها بالسماك اتصل
أقبلها قبلة للجلال / وأخرى لنائلها المرتجل
تضاءل عن جودها حاتم / ونالت من الحمد مالم ينل
وكم في الجديد من الطيبات / وإن ضربوا بالقديم المثل
تُجدّد في الناس آى المسيح / تميت القنوط وتحيى الأمل
إذا منعت فضلها سابق / وإن منحت فضلها لم يزل
وطالع شاكرها المشترى / وطالع كافرها في زحل
علمت ويعلم من في الوجود / إذا قال مولاى قولا فعل
أخو عزمة وعده والوعيد / هما الرزق في سيره والأجل
تمرّ الوعود كمرّ السحاب / ووعدك كالبحر يمشي المهل
يعم العباد ويغشى البلاد / إذا الغيث في أرض قوم نزل
ويارب ريث أفاد الجزيل / أذا ما أفاد اليسير العجِل
أمولاى إن تك أكرمتني / جميلك من قبلُ عند وصل
وفضل أبيك على كاهلي / وعن بر جدّك بي لا تسل
وأنتم بناة العلى بالنوال / وآونة بالظُبَى والأسل
أحاديثكم ملء سمع الزمان / إذا ما حديث الكرام أنتقل
طلعتم على الشرق كالنيرات / فزنتم سماواته من عطل
هنيئا لك العيد والتهنئات / من العصر أملاكه والدول
وعشت لأمثال أمثاله / إليك الهناء ومنك الجذل
خصيب الرحاب رهيب الجناب / إذا ما أمرتَ الزمان امتثل
ويا لطَّف الله بالمسلمين / وكان لنا العون فيما نزل
سألت حبيبيَ في قبلة
سألت حبيبيَ في قبلة / فما نعنيها بحكم الخجل
فلازمت صبرىَ حتى غفا / وملت على خدّه بالقبل
فنضّى عن الجفن ثوب الكرى / وعما جرى بيننا لا تسل
وقال جرحت بوقع الشفاه / خدودي وذنبك لا يحتمل
فقلت أنت جرحت الحشا / وأدميته بسهام المُقَل
وفي الشرع أن الجروح قصاص / جُرح بجرح حكم عدل
فأبدى الحبيب ابتسام الرضا / ومال كغصن النقا واعتدل
وقال وحق سواد العيو / ن التي علمتك رقيق الغزل
لتستهدفنَّ لنبل اللحاظ / إذا عدت يوما لهذا العمل