القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ناصِحُ الدين الأَرَّجاني الكل
المجموع : 2
رَميْنَ القلوبَ بأشواقِها
رَميْنَ القلوبَ بأشواقِها / ظِباءٌ تَصيدُ بأَحداقِها
تَحيَّر من حُسْنِها الطَّرْفُ بَيْنَ / حَبيسِ الدُّموعِ ومُهْراقها
رمَتْ بالهوى قلبَ كُلِّ امْرئٍ / عليلِ الجوانحِ خَفّاقها
فلِمْ لا تَرِقُّ لأشباهها / عيونٌ مِراضٌ كعُشَاقها
وما زال من شِيَمِ الغانيات / مَع الإلْفِ قِلَّةُ مِيثاقها
شِعارُ الضَّنى جِسْمُ مُرْتادِها / ونَهْبُ الجَوى قَلْبُ مُشتاقها
فللّهِ لو سَلِمَتْ أَنفُسٌ / قَضاها الهوَى غيرَ أَرماقها
وممَّا شَجاني وقد وَدَّعوا / بُكاءُ الحمامِ على ساقها
تَنوحُ على بُعْدِ أُلاّفها / وتُظْهِرُ مَكْتومَ أَشْواقها
وضاقَتْ صُدوراً بأنفاسِها / فَفرَّجْنَ حَلْقةَ أَطْواقها
لَبِسْنَ حِداداً ومَزَّقْنَه / فلم يَمتسِكْ غيرُ أَزْياقها
وقد نزفَتْ في الهَوى دَمعَها / فلم يَبْقَ ماٌ لآماقها
أَتَتْ غُدوةَ البَيْنِ حتّى روَتْ / من الشّجْوِ أَشعارَ نُعّاقها
وقد لَحّنتْ كُلَّ أَبياتِها / كفِعْلِ الفُحولِ وحُذّاقها
قوافٍ على القافِ مَبنيّةٌ / لِوَصْفِ الفراقِ بمُنْساقها
تَلقَّتْ على عَجَلٍ حِفْظَها / لتَجْويدِها ولإفْلاقها
وقد خَطّأَتْ فَتْحَ حَرْفِ الرَّويِّ / فَضَمّتْ أَواخِرَ إطلاقها
فَقُدَّتْ لها من رداء الغُرابِ / تَمائمُ تُلْوَى بأعناقها
فيالَكِ مُشتاقةً ما تَزا / لُ تُعدي الرّجالَ بتَشْواقها
وخُطْباً علَتْ فوقَ أَعوادِها / وقد خَطَبتْ مِلْءَ أشْداقها
أَطالَتْ من الوجْدِ تَشْبيهَها / بإطْنابِها وبإغْراقها
وكان التّخلُّصُ في إثْرِها / ثَناءً على آلِ إسْحاقها
كرامِ الخلائقِ مُذْ لم تَزَلْ / كذاك جَرى حُكْمُ خَلاّقها
وفي كلِّ أيّامِ عَصْرٍ هُمُ / إلى المجدِ أَوّلُ سُبّاقها
فضَضْنا ختامَ لآلي الزّمانِ / فكانوا نَفائسَ أَعْلاقها
فإن طابَ منها ثِمارُ الفُروعِ / فمِن مُقتضَى طِيبِ أَعراقها
هُمْ أَنجُمٌ لسماء العُلا / وعُثْمانُ شَمْسٌ لآفاقها
إذا ما تَجلّتْ جلَتْ بالضِياءِ / من الأرضِ قاتمَ أَعماقها
وإن أَشرقَتْ شَرِقَتْ عُصبَةٌ / من الحاسدِينَ بإشْراقها
ردَدْنا أَحاديثَ أَهلِ النّدى / فجاءتْ يَداهُ بمِصْداقها
ومَلَّ الطُّلَى هامَ أَعدائه / فطارَ الحديدُ بأفلاقها
وضَجّ العُناةُ إلى كَفِّه / فمَنّتْ عليهمْ بإعْتاقها
يَكادُ إذا مَسَّ أَقلامَه / تَعودُ إلى خُضْرِ أَوراقها
فليت ليالٍ صَحِبْنَ الكرامَ / تَعلّمْنَ من حُسْنِ أَخلاقها
ألا أَيُّها المَلِك المُرتَجى / لفَتْحِ ثُغورٍ وإغْلاقها
مضَتْ بالعزائمِ منكَ الظُّبَى / مَضاءَ السِّهامِ بأفواقها
وأَزرَتْ يَمِيناكَ يومَ النّدى / بهطّالِ مُزْنٍ ودَفّاقها
ومَدّتْ إلى بابِك الرّاغبو / نَ أعناقَ عِيسٍ بإعناقها
ولمّا رأيتَ كَسادَ العلومِ / عُنيتَ بتَنْفيقٍ أسواقها
تَدارَكْتَ آخِرَ حَوْبائها / وأَبْدَيْتَ جِدّةَ أخْلاقها
وَوكَّلْتَ كفّاً بها سَمْحةً / بأذْهابها وبأوراقها
كما يَعْتلي عارِضٌ مُطبِقٌ / بإمطارِها وبإبراقها
فألّفتَ شاردَ أبنائها / وشَرّدتَ آلِفَ مُرّاقها
وَوُرِّثتَها سُنّةً عن أبيكَ / فما طِبْتَ نفْساً بإخْلاقها
جمَعْتَ الأئمةَ مثْلَ النُّجو / مِ تَهْدي السّبيلَ لِطُرّاقها
وأصبحتَ يا شمسُ ما بَيْنَها / طَلوعاً تُنيرُ بإطْباقها
ومن عجَبٍ أنْ تُضيءَ النُّجومُ / إذا الشّمسُ ألقَتْ بأَرْواقها
بَقِيتَ ظَهيراً لدينِ الهُدَى / تَذودُ العِدا دونَ إرهاقها
ودُمْتَ جَمالاً على دَولةٍ / تُدِلُّ عليكَ بإشْفاقها
وكنتَ من النّصرِ في مَعْقِلٍ / متى كشَفَ الحَرْبُ عن ساقها
إذا خفَقتْ رايةٌ أيقنَتْ / نُفوسُ عِداكَ بإخْفاقها
كفيلٌ يداكَ لكلِّ الورَى / بآجالِها وبأرزاقها
بيُمناك تُغْلَقُ أعناقُها / ويُسراكَ مِفْتاحُ أَغلاقها
قليلٌ لهمْ أن يَحِنَّ المَشوقُ
قليلٌ لهمْ أن يَحِنَّ المَشوقُ / وهاهيَ حَنّتْ إلى الحَيِّ نُوقُ
أيعلَمُ حاديهمُ أنّه / يَسوقُ فؤاديَ فيمَنْ يَسوق
ويا قَلبُ أنتَ معَ الظّاعنِينَ / تُسايِرُهمْ فإلى مَن تَتوق
وما البَينُ أوّلُ ما شاقَني / ولا هو أوّلُ دَمعٍ أُريق
وقد كنْتُ أبكي زمانَ الوِصالِ / فأينَ الغُرابُ وأين النَّعيق
ولي غُلّةٌ كمَنَتْ في الحشا / فليس لدَمْعٍ إليها طَريق
وما كنتُ أُنكرُ فضْلَ الدُّمو / عِ لوْ وقَعَ الماءُ حيثُ الحَريق
تَضيقُ بأدمُعِها مُقْلتي / وقَلبي بساكِنه لا يَضيق
ويَنقُضُ عَهْدي أُناسٌ صَحِبْتُ / وَعقْدُ فؤادي عليهمْ وَثيق
فكانوا صديقاً كما يَزْعُمون / ولكنْ تَعذَّر منهمْ صَدوق
تَشابَه أسماؤنا والكُنَى / وتَقْطَعُ بينَ المَعاني فُروق
خُلِقْتُ كما لا يَسُرُّ الحَسودَ / وإن كان للدَّهْرِ وَجْهٌ صَفيق
وإن جُنَّ في جانبي صَرْفُه / فلا غَرْو أن يُصِلحَ السَّهمَ فُوق
وما زلتُ مُرتَشِفاً بالقلوبِ / يُنافِسُ فيَّ الصَّبوحَ الغَبوق
وماذا الّذي يَعْتري مَعْشَراً / من التِّيه وهْو بمثْلي يَليق
فلا عجَبٌ أن يَتيهَ المُدلُّ / وأن يَمرَحَ العَربِيُّ العَتيق
ينَفُضُ لِبْدَتَه ضَيغَمٌ / ويَنظرُ في عِطْفِه سوذَنيق
ولكنّه عَجَبٌ أن يَنا / لَ بالذّمِّ فائقَ قومٍ مَفوق
هجَرْتُ ملوكاً وأبوابَها / وتَعمُرُ بي وبصَحْبي خُروق
ومُشتَبِهاتٌ تَعسَّفْتُها / ولا زادَ إلاّ الفَلا والفَنيق
وعاينْتُ دونَ العُلا صَعْبةً / يُجانبُ فيها الشّقيقَ الشّقيق
فلو سفَر اللّيلُ عن هَوْلها / لَما جَدّ فيه لِطَيْفٍ طُروق
ولابُدّ من هَبْوةٍ في الزّمانِ / يُسائلُ عنها الأسيرَ الطّليق
ولا يَستهينُ بصَرْفِ الزَّمانِ / منَ النّاسِ إلاّ الجوادُ المُطيق
وأبناءُ فارسَ فوقَ الجِيادِ / يَروعُ العِدا منهمُ ما يَروق
وما أنا مِن وادعٍ هَمَّه / صَبوحٌ يُعلِّلِهُ أو غَبوق
يقول الزّجاجةُ ثَغْرُ الحبي / بِ والبابِليّةُ في الثَّغْرِ ريق
ولو جَدّ في طلَبِ المأْثُراتِ / لَما عُنِيَتْ بالهمومِ الرَّحيق
ولكنَّ أدنَى خَليليَّ مَنْ / تَصرُّفُه بالمَعالي رَقيق
وأهَيفُ مُنتَطِقٌ بالعُيونِ / كما يتَراءى الهِلالُ المَحيق
سقَى طَرفه ما سقَى عاشِقيه / فلا يَستفيقُ ولم يَستفيقوا
غَلَبْتُ فؤادي على حُبِّه / فكان فِدىً للكريمِ العَشيق
لأروَعَ يُسفِرُ عن غُرّةٍ / سَناها بسِرّ المَعالي نَطوق
عَليُّ المكانِ عَريقُ العَلاء / ولا يَعرِفُ المَجدَ إلاّ العريق
تَسامَى فأين تَظُنُّ الفُروعَ / وقد ضَربَتْ في السّماء العُروق
أيا شرفَ المُلْكِ والدّينِ والنْ / نَدى والمعالي بكُلٍّ تَليق
ويا قَمِناً عَهْدُه بالوفَاء / إذا ما اشْرأَبّتْ إليه حُقوق
نَداكَ يَغيظُ قلوبَ الغَمامِ / فما البرق فيهنّ إلاّ خَفوق
وذكرُك بَشْجَى به الحاسدون / جديرٌ بكَبْتِ الأعادي خَليق
وتَرجِعُ مَثلومةً بالبِعا / دِ عَيْنٌ إلى غايتَيْهِ رَموق
وكيف وقد فاتَ مَرْقَى الظنونِ / تَحمَّلُ سَعْياً إليه لَحوق
وتلك أنامِلُك العادياتُ / يُقَلِّبُها بالمعالي لَبيق
إذا حُبِسَتْ لَعِبَتْ بالعيونِ / كما يتألّقُ بَرْقٌ أَنيق
وإن وهَبتْ مطَرتْ للعُفا / ةِ حتّى تَقومَ على الحَمْدِ سُوق
فليس يَمينُك إلاّ السّحابُ / ففيها القطار وفيها البُروق
يَدِقُّ الحسابُ وما عندَها / إذا نفَحتْ بالعَطايا دَقيق
فيا مَنْ يَذمُّ عِداهُ الزّمانَ / إذا ما بدا لِعُلاه عَقرق
ويا مَن يُحييّ به الطّارقي / نَ خُلْقٌ كريمٌ وَوجْهٌ طَليق
تَركْتَ الزّيارةَ عندَ المُقامِ / فأقصرَ عنكَ الفُؤادُ العَلوق
وألْمَمْتَ عند اقْترابِ الرَّحيلِ / وخَدّي بواكِفِ دَمْعي غَريق
لأنّكَ شمسٌ متَى عايَنو / كَ أَلْوَى بحَدِّ العيونِ البَريق
فكَلّفتُ عينَي مَدَّ النّها / رِ من لَحْظِ وجْهِك ما لا تُطيق
فلمّا نَشْرتَ لواءَ الأصي / لِ نالَتْكَ عيني وفي الوقتِ ضيق
فيا شمسُ لا عَدِمَتْها البِلادُ / ولا عَلِقَتْ من عُلاها عَلوق
ولا بَرِحَتْ في سماء العُلاء / لها بعْدَ كُلِّ مَغيبٍ شُروق
لك اللهُ من راحِلٍ صاحِبٍ / وواقيةُ اللهِ نعْمَ الرَّفيق
وللهِ أنتَ كريماً يَسيرُ / ويَصحَبُه من فؤادي فَريق
سيُسْرِعُ بي ما بقَلْبي إليكَ / ولو أنّ حَدَّ الحُسامِ الطّريق
وما أنا إلاّ كطَيْفِ الخيالِ / إذا شاقَ بَرْحُ الهَوى مَن يَشوق
يَصُدُّ إذا كان قُرْبَ الدّيارِ / ويُدْنيهِ منك المَزارُ السّحيق
فما كان إلاَّ زماناً يَسوقُ / إليك الفؤادَ ولكنْ يَعوق
فخُذْها كحاشيةِ الأتْحمِيّ / يَرِفُّ عليها النِّظامُ الرَّقيق
وإن أَخَّرتْها صُروفُ الزّما / نِ عنكَ وأَصفىَ الشّرابُ العَتيق
فلا زلتَ والسّوءُ بالحاسِدين / عليك لدَهْرِك قَلْبٌ شَفيق

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025