المجموع : 3
سُحَيراً أَناخوا بِوادي العَقيقِ
سُحَيراً أَناخوا بِوادي العَقيقِ / وَقَد قَطَعوا كُلَّ فَجٍّ عَميقِ
فَما طَلَعَ الفَجرُ إِلّا وَقَد / رَأَوا عَلَماً لا يَخافونَ نيقِ
إِذا رامَهُ النِسرُ لَم يَستَطِع / فَمِن دونِهِ كانَ بَيضُ الأَنوقِ
عَلَيهِ زَخارِفُ مَنقوشَةٌ / رَفيعُ القَواعِدِ مِثلُ العَقوقِ
وَقَد كَتَبوا أَسطُراً أَودَعوها / أَلا مَن لَصَبَّ غَريبٍ مَشوقِ
لَهُ هِمَّةٌ فَوقَ هذا السَماكِ / وَيوطَأُ بِالخُفِّ وَطءَ الحَريقِ
وَمَسكِنُهُ عِندَ هذا العُقابِ / وَقَد ماتَ في الدَمعِ مَوتَ الغَريقِ
قَد اِسلَمَهُ الحُبُّ لِلحادِثاتِ / بِهذا المَكانِ بِغَيرِ شَفيقِ
فَيا وارِدينَ مِياهَ القَليبِ / وَيا ساكِنينَ بِوادي العَقيقِ
وَيا طالِباً طَيبَةً زائِراً / وَيا سالِكينَ بِهذا الطَريقِ
أَفيقوا عَلَينا فَإِنّا رُزِئنا / بُعَيدَ السُحَيرِ قُبَيلَ الشُروقِ
بِبَيضاءَ غَيداءَ بَهتانَةً / تُضَوَّعُ نَشراً كَمِسكٍ فَتيقِ
تَمايَلُ سَكرى كَمِثلِ الغُصونِ / ثَنَتها الرِياحُ كَمِثلِ الشَقيقِ
بِرِدفٍ مَهولٍ كَدِعصِ النَقا / تَرَجرَجَ مِثلَ سَنامِ الفَنيقِ
فَما لا مَني في هَواها عَذولٌ / وَلا لامَني في هَواها صَديقي
وَلَو لامَني في هَواها عَذولٌ / لَكانَ جَوابي إِلَيهِ شَهيقي
فَشَوقي رِكابي وَحُزني لِباسي / وَوَجدي صَبوحي وَدَمعي غَبوقي
أَضاءَ بِذاتِ الأَضا بارِقٌ
أَضاءَ بِذاتِ الأَضا بارِقٌ / مِنَ النورِ في جَوِّها خافِقُ
وَصَلصَلَ رَعدُ مُناجاتِهِ / فَأَرسَلَ مِدرارَهُ الوادِقُ
تَنادَوا أَنيخوا فَلَم يَسمَعوا / فَصِحتُ مِنَ الوَجدِ يا سائِقُ
أَلا فَاِنزِلوا ها هُنا وَاِرتَعوا / فَإِنّي بِمَن عِندَكُم وامِقُ
بِهَيفاءَ غَيداءَ رُعبَوبَةٍ / فُؤادُ الشَجِيِّ لَها تائِقُ
يَفوحُ النَدِيِّ لَدى ذِكرِها / فَكُلُّ لِسانٍ بِها ناطِقُ
فَلَو أَنَّ مَجلِسَها هَضمَةٌ / وَمَقعَدَها جَبَلٌ حالِقُ
لَكانَ القَرارُ بِها حالِقاً / وَلَن يُدرِكَ الحالِقَ الرامِقُ
فَكُلُّ خَرابٍ بِها عامرٌ / وَكُلُّ سَرابٍ بِها غادِقُ
وَكُلُّ رِياضٍ بِها زاهِرٌ / وَكُلُّ شَرابٍ بها رائِقُ
فَلَيلِيَ مِن وَجهِها مُشرِقٌ / وَيَومِيَ مِن شَعرِها غاسِقُ
لَقَد فَلَقَت حَبَّةَ القَلبِ إِذ / رَماها بِأَسهُمِها الفالِقُ
عُيونٌ تَعَوَّدنَ رَشقَ الحَشا / فَلَيسَ يَطيشُ لَها راشِقُ
فَما هامَةٌ في خَرابِ البِقاعِ / وَلا ساقُ حُرٍّ وَلا ناعِقُ
بِأَشأُمَ مِن باذِلٍ رَحَّلوا / لِيُحمَلَ مَن حُسنُهُ فائِقُ
وَيُترَكَ صَبّاً بِذاتِ الأَضا / قَتيلاً وَفي حُبِّهِم صادِقُ
هوى النجم من أوجه محرقاً
هوى النجم من أوجه محرقاً / لمن جاء يسترقُ المنطقا
وأظهر في الغرب أنواره / فصيّر مغربه مشرقا
وكلُّ وجودٍ له باطنٌ / إذا ما دجا ليله أشرقا
وكلُّ رياضٍ له ذابلٌ / إذا ما ذوى غصنه أورقا
وإن الفؤادَ إذا ما اهتدى / بأنوارِه وحيه صَدَقا
وقى الله حسادَه شرَّه / بما الله أمثاله قد وقى
إذا وجد البابَ قصادُه / لجهلهمُ دونهمُ مُغلقا
أقاموا حيارى على بابه / وما أحدٌ منهمُ حققا
وهل زي بابٍ كريم دعا / إلى بابه أحداً أطبقا
فكيف بباب الذي لم يزل / رفيقاً بنا راحماً مشفقا