ألَم تنهَ قلبَك أن يعشَقا
ألَم تنهَ قلبَك أن يعشَقا / وما أنت والعشقُ لولا الشَقا
أمِن بعدِ شربِكَ كأسَ النُهى / وشمِّكَ ريحان أهلِ التُقى
عشِقتَ فأصبحتَ في العاشقي / نَ أشهَرَ من فرَسٍ أبلقا
أعاذِلُ صه لستَ من شيمتي / وإن كنتَ لي ناصِحاً مشفِقا
أراك تفرِّقني دائِباً / وما ينبغي لي أن أفرَقا
أنا ابنُ الذي شادَ لي منصِباً / وكانَ السماكَ إذا حلّقا
قريعُ العراقِ وبطريقهُم / وعزُّهُمُ المُرتجى المُتّقى
فمَن يستطيعُ إذا ما ذهَب / تُ أنطِقُ في المجد أن ينطِقا
أنا ابنُ المهلّبِ ما فوقَ ذاذ / لعالٍ إلى شرَفٍ مرتَقى
فدَعنيَ أخلَع ثيابَ الصبى / بجِدَّتِها قبل أن تخلَقا
أدُنيايَ من غمرِ بحر الهوى / خُذي بيدي قبل أن أغرَقا
أنا لكِ عبدٌ فكوني كَمَن / إذا سرَّهُ عبدهُ أعتَقا
سَقى اللَهُ دنيا على نأيِها / منَ القطرِ مُنبَعِقاً ريِّقا
ألَم أخدَعِ الناس عن حُبِّها / وقَد يخدِعُ الكيِّسُ الأحمَقا
بَلى وسَبَقتُهُمُ إنَّني / أحِبُّ إلى المجدِ أن أسبُقا
ويومَ الجنازَةِ إذ أرسَلَت / على رُقعَةٍ أن جُزِ الخندَقا
إلى السالّ فاختَر لنا مجلِساً / قريباً وإيّاكَ أن تخرَقا
فكُنّا كغُصنَينِ من بانَةٍ / رطيبَينِ حدثانَ ما أورَقا
فقالَت لتربٍ لها استنشدي / هِ من شعرهِ المحكَمِ المُنتَقى
فقُلتُ أُمِرتُ بكتمانهِ / وحُذِّرتُ إن شاعَ أن يُسرَقا
فقالَت بعَيشكِ قولي لهُ / تمنّع لعلَّكَ أن تُنفِقا