بدا من محياه ضوء الشفق
بدا من محياه ضوء الشفق / وبرق الحيا من سناه ائتلق
غزال غزا باللحاظ القلوب / ومرَّ بها حبه فاعتلق
ذكت جذوة الحسن في خدّه / لذا عنبرُ الخال فيها احترق
عليه الجمال جرى جدولاً / طغى فعلاه حباب العرق
كأن خمائل روض الخدود / يسيل بها منه ماءٌ غدق
حمى وردها بسهام الجفون / فمن رام يقطف منها رُشِق
ودبَّت عقارب أصداغه / على الخد تحرس ورداً أنق
علاقة حب له في الفؤاد / تسعر في القلب منها حرق
يميس على نسقٍ قدُّه / فيعطفه الدلُّ عطف النسق
إذا أسدل الفرع فوق الجبي / نِ يريك ذكاء بداجي الغسق
ويرنو بمقلة ريم النقا / وما اللحظ إلا حسام ذلق
فلو نفث السحر من طرفه / لما زاد هاروت إلا رهق
يجيل النطاق على ناحل / كجسم المتيم لا بل أدق
كأن روادفه المثقلا / ت قوى الخصر حتى وهى واسترق
نفور حكى الريم في مقلة / وجيد يزين حليَّ العنق
أتاني مستتراً بالظلام / فنمَّ عليه شذاه العبق
لئن خرس الحجل في ساقه / ففي الخصر عقد النطاق نطق
فسلَّمَ ثم انثنى للوداع / فما خلت إلا خيالاً طرق
وراح وأقراطه في قلق / فعاد الفؤاد به ذا قلق
خفوق فؤادي يحكي الوشاح / على الكشح مهما تثنى خفق
كأن فلق الصبح من وجهه / فمذ كشف الفرع عنه انفلق
فلو شامه عاذلي في هواه / تلا قل أعوذ بربِّ الفلق
بروحي أفديه من شادن / لطيف التثني بديع الخلق
أدار علينا كؤوس المدام / وأسكرنا منه سحر الحدق
يشوب الطلى برضاب اللمى / ويجلو الكؤوس فيجلي الغسق
مشعشعة عتقت في الدنان / قديمة عصر وعهد سبق
تشابه وجنته والكؤوس / فلم يدر أصفاهما والأرق
فقم واصطبح في رياض السرور / بقرقف كاس الهنا واغتبق
ألست ترى الروض في بهجة / تبسم عن نوره المؤتلق
مطارفه فوَّفتها الغمام / فمن أحمر وبياض يقق
تضوع منه أريج العبير / وفاح شذاه لمن ينتشق