أَيا مَن نَعاهُ لِسانُ القَريض
أَيا مَن نَعاهُ لِسانُ القَريض / وَكالنَدِّ يَنشُرُ مِن عرفِهِ
وَمَن كالثُريّا لَهُ هِمَّة / وَقَد عُدَّ ذَلك مِن سُخفِهِ
يَعِزُّ عَلى الدَهرِ ما أَنتَ فيهِ / وَإِن جل ذَلِكَ مِن صِرفِهِ
فَلا تقنَطنَّ فَإِنَّ الخِناقَ / يَقطِّعه الضيق من حَرفِهِ
فَقَد يَقشَع الغَيمُ بَعدَ الهُطولِ / وَإِن طبَّقَ الأَرض من وَكفه
وَباري العِبادِ لَطيفٌ بِهِم / فَلا تؤيس النَفسَ من لُطفِهِ
تَبارَكَ من عَزَّ في مُلكِهِ / وَجَلَّ المُهَيمِنُ عَن وَصفِهِ
تَوَسَّل إِلَيهِ إِذا اللَيلُ جَنَّ / فيما دَهاكَ وَفي كَشفِهِ
يريحك من سجن دار البنود / وَيَكفيك ما أَنتَ مُستَكفِهِ
من القَيدِ وَالغِلِّ في أَدهَمٍ / أَليمٌ عَذابُكَ من عُنفِهِ
يفك وثاقك من أَسرِها / وَراحة قلبك من لَهفِهِ
وَإِمّا بِشُربِ حياضِ المُنونِ / فَقَد سَئِمَ العيش من خَسفِهِ
وَضاعفَ وَجدي لما سُجنت / مَقالَة من غابَ مِن طَرفِهِ
يَقول وَبَعضُ كَلام السَفيه / يُقتِّل إِن هوَ لم يُخفِهِ
أَهَذا التِهامِيُّ من مَكَّةٍ / بِرِجلَيهِ يَسعى إِلى حَتفِهِ
أَلَم يَكفِهِ أَنَّ ثوب الحَياةِ / ضاق عَلَيهِ أَلَم يَكفِهِ
أَراد يَطير مَطار المُلوكِ / وَظَنَّ الأَسِنَّة من زَفِّهِ
وَكانَ كَقائِدٍ جيش الضَلالِ / عاين جَبريلُ في صَفِّهِ
أُصيفر يرعفُ مِن نَحرِهِ / إِذا رَعف المرء مِن أَنفِهِ
وَأَحسَبُ سَيفَ ابنَ بنتِ النَبيِّ / يُخَضِّبُ حدَّيهِ من عُرفِهِ
أَرى مَلَكُ المَوتِ يَدنو إِلَيهِ / وَهوَ يَعَضُّ عَلى كَفِّهِ
أَبا الشِعرِ وَيحك تَبغي العُلى / وَأَنتَ تُقَصِّرُ عَن وَصفِهِ
وَلَم تَكُ أَهلاً بأن تستقرَّ / عَلى منبر المُلكِ أَو طَرفِهِ
لأَنَّكَ أَبور من شاعِرٍ / عَلى خِسَّةِ الشِعر مَع ضَعفِهِ
أَرقتَ دَماً بَعدَما صُنتَهُ / وَأَشعَلتَ جَمراً وَلَم تُطفِهِ
وَأَشفَيتَ مُنتَظِراً لِلبَوارِ / وَصَدرُكَ حَرّانُ لَم تُشفِهِ
لعمرُك إِنّي لَبيبُ الرِجال / من كَفَّ أَو غَضَّ من طَرفِهِ
إِذا ما إِمام الفَتى راقَهُ / فاسبيه وانظر إِلى خَلفِهِ
إِلى اللَهِ أَشكو أُموراً جَرَت / عَلى غير قَصدٍ واستَفعِهِ
وَكَم قائِلٍ سَجَنوهُ عَلى / تطلُّبِهِ الملك مِن لَهفِهِ
أَيطَّلِبُ المُلكَ مَن لَيسَ مِنهُ / وَلا من بنيه وَلا صِنفِهِ
وَمَن كانَ ذا حِنكَةٍ بِالعُلومِ / قار بِهِ البؤس مِن حَرفِهِ
إِذا نشفَ العود مِن مائِهِ / فَذَلِكَ أَدعى إِلى قَصفِهِ
وَذو الفَضل يَنظرُ في أَمرِهِ / كَذي النَقصِ يَنظُرُ في عَطفِهِ
فَإِنَّ مُصارِعَ بغي الرِجالِ / يَختَرِمُ الأُلفَ مِن إِلفِهِ
فَلا تَغبِطَنَّ أَمرأً في غَدٍ / سيقسِمُهُ السَيف مِن نِصفِهِ
مِنَ النائِباتِ فَقَد طُفنَ بي / طَواف الغَريمِ يمن يَحفِهِ
وَكُلٌّ بِما قالَهُ آثِمٌ / سيقرا الَّذي قالَ في صُحفِهِ
وَلَيسَ سِوى نَكَباتِ الزَمانِ / وَرأيٌ يُضلُّكَ في ضَعفِهِ
عَلى أَهل مَكَّةَ مني السَلامُ / ومن ثًفني الودَّ أَو أَصفِهِ
حَياتي وَبَعدَ وَفاتي إِذا / أَريتُ من اللَحدِ في لُحفِهِ