عزاءً فما يصنع الجازعُ
عزاءً فما يصنع الجازعُ / ودَمعُ الأسى أبدا ضائعُ
بكَى الناسُ من قبلُ أحبابَهم / فهل منهُمُ أحدٌ راجعُ
عرفنا المصائبَ قبلَ الوقوع / فما زادنا الحادثُ الواقعُ
ولكنَّ ما ينظر الناظرو / نَ ليس كما يسمعُ السامعُ
يُدَلَّى ابنُ عشرين في لحدِه / وتِسعون صاحبُها راتعُ
وفي رأس ذا اسودٌ حالكٌ / وفي فرعِ ذا أبيضٌ ساطعُ
ليعلم من شكَّ أن المنو / نَ هوجاءُ ما عندها شافعُ
وإن هُنَيدةَ من عاشَها / لفى عيشةٍ بعدها طامعُ
فقل لىَ ما السرُّ في ذى الحيا / ة تُهوى وطائُرها واقعُ
يهيم عليها الكسوبُ الحريصُ / ويعشقها الساجدُ الراكعُ
وللمرء لو كان يُنجى الفر / ر في الأرض مضطرَبٌ واسعُ
ومَن حتُفه بين أضلاعه / أيمنعه أنّه دارعُ
وكلُّ أبىٍّ لداعى الحِمام / متى يدْعُه سامعٌ طائعُ
يسلِّم مهجتَهُ سائما / كما مدَّ راحتَه البائعُ
وحى الضَّيْزن عن متنهِ / وحسَّانُ اسلمه فارعُ
وهبَّت على تُبّع نفحةٌ / فلم يبقَ من رهطهِ تابعُ
ولو أنّ من حَدَثٍ سالما / لما خَسَفَ القمرُ الطالعُ
ولا صِيدَ في شَرَكِ النائباتِ / فتىً لشروطِ القتَى جامعُ
غلامٌ كأنبُوبةِ السمهر / ى تُعي إذا رامها الصادعُ
شمائُلهُ مثلُ نَوْر الرّيا / ضِ نَمنمَها باكرٌ هامعُ
تكاد تبكّى عليه الغصونُ / إذا ناح قُمرِيُّها الساجعُ
عجبتُ لذاك الحُلِىِّ المصوغِ / لنا كيف يُفسِده الصانعُ
تخرَّمه ورُواءُ الشبا / بِ لم يدرِكم طولُه الذارعُ
على حين أُفرغَ في قالَب ال / جمال ورونقُه الطابعُ
وكيف توقِّى الفتى ما يخافُ / إذا كان حاصدَه الزارعُ
ومن فوقهِ ظُلَلٌ كالغمامِ / ومن تحته جبلٌ مانعُ
وأقرانُ فضلانَ في عزِّةٍ / يدور بها الفلَكُ السابعُ
ولو شاء قصَّر باعَ الردى / فلم يرمِهِ الساعدُ النازعُ
ولكنَّه جاءه سائلا / فجاد به صدرُه الواسعُ
أأسرفتَ في الجودِ حتى استما / حَ أحبابَك الزمنُ الخادعُ