القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مِهْيار الدَّيْلمِي الكل
المجموع : 4
على أيّ لائمةٍ أربعُ
على أيّ لائمةٍ أربعُ / وفي أيِّما سلوةٍ أطمعُ
وقد أُخِذَ العهدُ يوم الرحيل / أمامِيَ والعهدُ مستودَعُ
فقَصرَك يا خادعي من وفائي / لؤمت أعن كرمي أُخدعُ
ويا صاحبي والنوى بيننا / ضلالٌ فطُرقُ الهوى مَهيعُ
لأمرٍ أخوك غدَا صامتاً / على أنه الخاطبُ المِصقعُ
سقى الغيثُ بغدادَ إمّا سقى / لذكرتها جَدَّ بي المدمعُ
وحيَّا بها قمراً ما استقر / رَ بعد فراقي به مطلِعُ
رأى شَهرَ بُعدِي مَحاقاً له / فلم يُغنه العَشرُ والأربعُ
ونومٍ على الطيف عاهدتُه / وقد زار لو أنني أهجعُ
ضحكتُ أهوّن بيني عليه / وعبّس يزري بمن يَفجَعُ
أغرَّكَ بعدَ فراق الوزي / ر أنّي لضرب النوى أخضعُ
أسير وضلع الهوى عند من / تَفِرُّ لفُرقته الأضلعُ
وأسكنُ من وطني بعدَه / إلى حسرةٍ قلّما تُقلعُ
وفي ضمن فرحةِ عَودي جوىً / يدلّ على أنني موجَعُ
أكافِينا كافِيَ الحادثا / تِ سوداً لنا سُمرُها شُرَّعُ
بك انتصر الأدَبُ المستضامُ / وأنشر ميِّتُه المُضجَعُ
سفرتَ بفضلك عن وجهه / وظِلُّ الخمولِ له برقُعُ
إذا المدح ناداه شوق إليك / فناداه بُطئِيَ إذ أُسرعُ
فتحت بجودك عيناً ترى / وفودَك أو أذُناً تسمعُ
أرى مقصداً تم علي / ه عين بعود به المرجَعُ
وقد هزّني والدجى مُسبَلٌ / وأسهرني والورى هُجَّعُ
حوادثُ تغشَى صميمَ الفؤاد / لها في صميم الصفا مَصْدعُ
فلا ربعةٌ زادُها مشبِعٌ / يغذِّي ولا نهلةٌ تنقعُ
سأهجرُ دارَك لا عن قِلىً / كما يهجر المرتعَ المُربِعُ
أودّع دارك عن خبرةٍ / بأيّ غرام غداً أودَعُ
فجودُكَ بالعذرِ والعُرفِ لي / سماحان هذا وذا يُوسِعُ
سيُنسَبُ حسنٌ وقبحٌ إلي / ك حاشاك يَقبُحُ ما تَصنَعُ
ويسألُ عن رِبحيَ المبضعون / وغيرك يخسر ما أبضعُ
رحلتُ ولم أبقِ خَلقاً سواي / إذا اندفع القولُ لا يُدفَعُ
وسُقتُ إليك لسانَ العراقِ / وإنك لَلشاهِدُ المقنِعُ
لسانٌ يصرِّفه في الرجال / طريقٌ على غيره مَسبعُ
إذا هو أحمدَ فالشَّهدُ من / ه والسمُّ من ذمّه مُنقَعُ
وما ينظر الناسُ ماذا رحلتُ / ولكن يراعون ما أرجِعُ
وودَّ أوامرَك العالياتِ / فتىً حافظٌ كلَّ ما يودَعُ
يسرُّك ما اصطنعته يداك / إذا ضاعَ في غيره المَصْنعُ
تهنأ بقابل شهر الصيام / وأحصِدْه خيراً كما تزرعُ
تلابطه شِرَّةُ الظالمين / وأنت له خاشعاً تخشعُ
وسرّك منه الذي ساءَهم / لحفظك في اللّه ما ضيّعوا
ولما برزتَ تُرائي الهلالَ / مضى آيساً منه مَن يَطمَعُ
لأنهُمُ أنكروا أن يَرَوا / هلالاً على قمرٍ يطلعُ
لعلك بالشِّعبِ تعلو اليفاعا
لعلك بالشِّعبِ تعلو اليفاعا / فتؤنسَ من نار هندٍ شُعاعا
تميميَّة لم يكن خطمها / فؤادَك بالوعد إلا خداعا
غدت نظراً لك تُروي العيونَ / وأمست أحاديث تُرعِي سماعا
حذت أمُّ ظبيةَ أمَّ النجومِ / ضياءً لطالبها وارتفاعا
ومن دونها البلدُ المقشعرُّ / يردّ ظباءَ المهارى ضباعا
إذا رمتَه شجرته الرماحُ / فسدّت عليك الثنايا اطلاعا
زرودُ وما جرَّ حبلاً زرو / دُ بيني وبينك إلا انقطاعا
أعيذ هواك وأخذي به ال / وثيقة من كاشح أن يطاعا
ووقفتَنا وهي بكرُ اللقاء / على أجأٍ أن تكون الوداعا
أسام فأُرخصُ بيعَ الصِّبا / وأُغلي بحبّكُمُ أن يباعا
نزعت الشبابَ فما زادني / مشيبيَ نحوكِ إلا نزاعا
ظلِلتُ بنجدٍ يفرُّ الغرا / مُ من أضلعي وأجدُّ اتباعا
وأنشد خرقاءَ بالعاشقين / تمد إلى القتل كفّاً صَناعا
إذا استبطأتْ من دجى ليلةٍ / صباحاً أماطت يداها القناعا
أَلاَ بكرَتْ تستطيبُ الملامَ / وتأمُلُ جاهلةً أن تطاعا
تقول مِراحَك فافطُن له / متى فات لم تستطعه ارتجاعا
تَغنَّمْ من العيش إبَّانَه / وخذ منه حظك ساعاً فساعا
وتعذُلني في اطراح الرجال / سكوناً إلى وحدتي وانقطاعا
ولم تدر أني صبغت الزما / نَ لونيهِ ضرّاً به وانتفاعا
وكاثرتُ مُتعةَ لذّاته / فلم أر ذلك إلا متاعا
ولو شئتُ ما ضاع فيَّ العتابُ / فإنكِ لا تنقلين الطباعا
وكم من أخ قلت أحرزتُه / فلما ملأتُ يدي منه ضاعا
أعالج منه على صحتي / خروقاً أكرُّ عليها الرِّقاعا
أريد لأشعَبَ أضغانَه / وتأبى الزجاجةُ إلا انصداعا
حمى اللّه قوماً على نأيهم / إذا أبطأ النصر جاءوا سراعا
تضمّ الحفيظةُ إحسانهم / على المجد أن يتركوه مُضاعا
بصائرُهم جُمَّعٌ بينهم / ولو أصبحوا بالتعادي شَعاعا
إذا كشحوا بالصدور احتموا / بألسنهم أن يخوضوا القذاعا
تُلين الضروراتُ شُمْسَ النفوس / ويأبون في الضرّ إلا امتناعا
إذا قيل عيشوا شِباعَ البطون / وفي الشِّبَع الذلُّ ماتوا جياعا
بني كلِّ معترَفٍ منكَرٍ / إذا سُلَّ راق وإن هُزَّ راعا
تَقول وليداً له أمُّه / إذا ما أكبّت عليه رَضاعا
رِدِ الموتَ أو كن عَقوقاً وعشْ / إذا أنت كنتَ جواداً شجاعا
بأبناء أيّوبَ حُطَّ السماحُ / فحَلَّ العيابَ وألقَى البَعَاعا
وجاوز أيديَهُم شاكراً / بناناً رِطاباً وبُوعاً وِساعا
كرام ترى سِرّ أعراضهم / مصوناً وسرَّ غناهم مذاعا
إذا أجدبوا خصَّهم جدبُهم / وإن أخصبوا كان خِصباً جِماعا
إذا الخطب أعجز بريَ السيو / ف جاءوه بارين فيه اليراعا
قواطع يُغمدن سِرَّ الصدور / ويُشهرن حيَّاتِ موتٍ تساعي
إذا كذَبتْ في اللقاء الرما / حُ قاموا بها يصدُقون المِصاعا
ظُباً في الأعادي تسيء الصنيعَ / فيُحسن أربابُها الاصطناعا
إذا شهدوا قارعات الخطوب / بها خلتهم يشهدون القِراعا
معالٍ يزيد أبو طالبٍ / سَنَا شمسِها قوّةً واتساعا
ولما رأى كيف طيبُ الأصول / وَفَى مكرماً وأطاب افتراعا
فتىً ملءُ كفك إن جئته / وفاءً إذا العَضْدُ خان الذراعا
ربيع الجناب إذا ما الريا / حُ أَلصقنَ بالوَهَداتِ التِّلاعا
إذا فضَّ نافلةَ الأعطياتِ / توهّم يَقسِم حقاً مشاعا
فلو جئت تسأله نفسَه / لخالك كلَّفته ما استطاعا
إذا نفرت حسناتُ الرجال / شذوذاً أنسنَ عليه اجتماعا
فضائلُ قَرَّحهن الكمالُ / وإن عَدَّ أعوامَ عُمرٍ جذاعا
فَداك قصيرُ المعالي أشلُّ / إذا قاس فِترَ عُلاً طُلتَ باعا
تعلَّق في نسبٍ كنتَ منه / سَراةَ الأديمِ وكان الكُراعا
إذا ما عُدلتَ به لم يزن / ك مثقالَ مجدٍ ولا كال صاعا
ومختلِفِ الودّ خاللتُه / فكان هواه عدواً مطاعا
أراسلُ نابتةَ العرق منه / فضولاً ويقطع مني النخاعا
بك اعتضتُّ من كل مسلوبة / تغصَّبنيها الزمانُ انتزاعا
ودافعتُ هَجمةَ أحداثه / وما كان يملك صدّي دفاعا
فإن هو كافَى البلاء الثناءُ / ضمنتُ نهوضاً به واضطلاعا
وسيّرتُهنّ خِماص البطو / ن لا يبتغين سواك انتجاعا
يقعن بعيداً إذا ما قطعن / بأوعية الشِّعر خَرقاً وقاعا
إذا ما خطرن على روضةٍ / بعرضك زِدنَ عليها رُداعا
دعُوها ترِدْ بعد خمسٍ شُروعا
دعُوها ترِدْ بعد خمسٍ شُروعا / وراخوا علائقَها والنُّسوعا
ولا تحبسوا خُطْمَها أن تطول ال / حِياضَ وأيديَها أن تبوعا
وقولوا دعاءً لها لا عُقِرتِ / ولا امتدَّ دهرُك إلا ربيعا
فقد حملَتْ ونجت أنفساً / كرائمَ جبنَ الأماني سريعا
حملنَ نشاوَى بكأس الغرا / م كلٌّ غدا لأخيه رضيعا
أحبُّوا فُرادى ولكنَّهم / على صيحة البين ماتوا جميعا
حموا راحةَ النوم أجفانَهم / وشدّوا على الزفراتِ الضلوعا
وباتوا بأيديهِمُ يسندو / ن فوق الرحال جُنوباً وُقوعا
وفي الركبِ إن وصلوا لاحقين / عقائلُ يشعَبنَ تلك الصُّدوعا
من الراقصاتِ بحَبِّ القلو / ب حتى يكون الحليمُ الخليعا
قصائدُ لم يصطبغن المياهَ / ولم يحترشنَ اليرابيعَ جُوعا
إذا الحسبُ اعتنَّ في خِنْدِفٍ / مسحنَ ذوائبَه والفروعا
خرقن نفوساً لنا في السجوف / جعلن العيونَ عليها وُقوعا
وصافَحْنَنا بسباط البنا / ن تخضبُ حنّاؤهنّ الدموعا
هوىً لك من منظرٍ لو يدوم / ومن آمر بالمنى لو أطيعا
هبطن أُشَيَّ فظنّ العذول / وقد ذهب الوجدُ أن لا رجوعا
ولا وهواكِ ابنةَ النَّهشَلي / يِ ما زاد في البعد إلا ولوعا
سقاكِ مهاةُ مروِّي العطاشِ / وحيَّا ربوعَكِ عنّي ربوعا
ضمنتُ لهنّ فلم آلهن / نَ قلباً مروعاً وعيناً دَموعا
وقمتُ أناشدُهنَّ العهو / دَ لو يستطعنَ الكلامَ الرجيعا
أسكّان رامةَ هل من قِرىً / فقد دفع الليلُ ضيفاً قَنوعا
كَفاه من الزاد أن تَمهَدوا / له نظراً وحديثاً وسيعا
وأُخرَى وويلُ امّها لو يكو / ن فيها الشبابُ إليكم شفيعا
ألا لا تلُمْ أنت يا صاحبي / ودَعْ كلَّ رائعة أن تروعا
وهبنا لهذا المشيبِ النزا / عَ لا عن قلىً وأطعنا النزوعا
وأورى لنا الدهرُ من مدلهم / مِ ليل الصبابة فجراً صديعا
فليت بياضِيَ أعدى الحظوظَ / فبدَّل أسودَها لي نصيعا
حلفت بها كشقاق القسي / يِ تحسَبُ أعناقَهنّ الضّلوعا
نَواصلُ من بَزِّ أوبارها / سناماً حليقاً وجنباً قريعا
نواحل كلِّ نجاةٍ ألحّ / عليها القطيعُ فصارت قطيعا
يُبحن السُّرى أظهراً في الحبا / ل شامخةً ورقاباً خضوعا
أسلن الرُّبَى في بطون الوها / دِ حتى وصلنَ خُفوضاً رُفوعا
عليهنَّ شحبٌ رقاق الجلو / دِ قد بُدِّلوا بالبياضِ السُّفوعا
تراهم على شعفاتِ الجبا / ل قبلَ الركوع بجَمع ركوعا
رعَوا يَبَس العيش أو كثَّروا / على منسَك الخيف تلك الجموعا
لأتعبَ سعيُ عميد الكفاة / سُرى النجم أو عاد عنه ظليعا
فتى الحرب أين لقيتَ الخطوبَ / بآرائه انصعن عنه رُجوعا
حديدُ الفؤاد وسيعُ الذراع / إذا الناس ضاقوا صدوراً وبوعا
كريم الإباء حليم الصِّبا / تمطَّق بالمجد فوه رضيعا
أصمّ عن الكلم المقذعات / إذا الغِمر كان إليها سميعا
حمى النومَ أجفانَه أن تلَذ / ذَ دون انتهاء المعالي هُجوعا
وكُلِّفَ كبرَى المساعي فقا / م يحملها قبلَ أن يستطيعا
جرت يدهُ سلسلاً في الصدي / ق عذباً وبين الأعادي نجيعا
وأعطى وغار على عرضه / فعُدَّ بذاك وهوباً منوعا
من النَفر البيض تمشي النجو / مُ حيرى إذا واجهوها طلوعا
ميامين يعترضون السنين / عجافاً يدرّون فيها الضُّروعا
إذا أجدبوا خصَّهم جدبهم / وإن أخصبوا كان خِصباً مَريعا
طِوال السواعد شمّ الأنو / ف طابوا أصولاً وطالوا فروعا
رشاقٌ فإن ثأروا مختفين / رأيتهمُ يملأون الدروعا
بنىَ لهم الملكُ فوق السِّماك / على أوّل الدهر بيتاً رفيعا
زليقاً ترى حائماتِ العُيوب / ولو طرن ما شئن عنه وقوعا
بناه على تاجه أردشير / جناباً مَريعاً وجاراً منيعا
وجاء فأشرف عبدُ الرحي / م قُلَّته وبنُوه طلوعا
فداؤك كلُّ أشلِّ الوفاء / إذا كان منّى السرابَ اللموعا
وَصولٌ على العسر من دهره / فإن صافح اليسرَ ولَّى قَطوعا
وكلُّ مصيبٍ على الغِلِّ في / ك قلباً كتوماً ووجهاً مذيعا
خبَى لك من حسدٍ في حشا / ه أفعى فلا مات إلا لسيعا
حملتَ المعالي بسِنّ الفتى / ولم يك حملاً لها مستطيعا
إذا شال في الفخر ميزانهُ / وزنتَ مثاقيلَ أو كلتَ صوعا
زحمتَ بجودك صدرَ الزمان / على ضعف جنبي فأقعى صريعا
وعوَّذتُ باسمك حظّي الأبيَّ ال / حرونَ فأصحَبَ سهلاً مطيعا
كفَيتَ المهمّة من حاجتي / وأعذرتني أن أداري القُنوعا
وسدَّدتَ أكثر خَلّاتِيَ ال / رِغاب فلو قد سددت الجميعا
لعلك مُغنِيَّ عن موردٍ / أرى ماءه الطَّرْق سمّاً نقيعا
جنابٌ ذليل سحبتُ الخمو / لَ عمراً به وارتديتُ الخضوعا
وأغمدتُ فضليَ فيه وكن / تُ أُشهرُ منه حساماً صنيعا
ولو أنصف الحظُّ لم أرضَه / نصيباً ولا قاد مثلي تبيعا
وفي يدكم أن تغاروا عليَّ / وأن تحفظوا فيَّ حقّاً أُضيعا
ظفِرتُ بحقّ المنى فيكُمُ / فما ليَ أرعى الخيالَ الخَدوعا
وغاليتُ أهلَ زماني بكم / فلا تُرخصوا ببياني البيوعا
وضمّوا قَلوصِي إلى سَرحكم / وضُنُّوا على الدهر بي أن أَضيعا
فإنّ سحابةَ إقبالكم / تعيدُ إلى جدب أرضي الربيعا
وكن أنتَ واليَها نعمةً / ومبتدئاً غَرسَها والصنيعا
فقد شهِد المجدُ إلا شبيهاً / لفضلك فيهم وإلا قريعا
وخذ من زمانك كيف اقترح / تَ عمراً بطيئاً وحظّاً سريعا
وعش للتهاني وللمأثُرا / تِ ما ولد الليلُ فجراً صديعا
نشدتُكِ يا بانةَ الأجرعِ
نشدتُكِ يا بانةَ الأجرعِ / متى رفعَ الحيُّ من لعلع
وهل مرَّ قلبيَ في التابعي / ن أم خارَ ضعفاً فلم يَتبَعِ
لقد كان يُطمعني في المُقام / ونيّتُه نيّةُ المزمعِ
وسِرْنا جميعاً وراء الحمُول / ولكن رجعتُ ولم يرجِعِ
فأنّتُه لكِ بين القلوب / إذا اشتبهت أنة الموجَعِ
وشكوى تدلُّ على سقمه / فإن أنتِ لم تُبصري فاسمعي
وأبرحُ من فقده أنّني / أظنُّ الأراكةَ عنّي تعِي
يلوم على وطني وافرُ ال / جوانج ملتئمُ الأضلعِ
يبارح طيرَ النوى لا يفال / بأبترَ منها ولا أبقعِ
وقال الغرام مدىً لا يُرام / فخذْ منه شيئاً وشيئاً دعِ
تصبَّرْ على البين واجزعْ له / ولو كنتُ أصبرُ لم أجزعِ
وفي الركب سمراءُ من عامرٍ / بغير القنا السُّمرِ لم تُمنَعِ
أغيلمةُ الحيِّ من دونها / تجرُّ الذوابل أو تدَّعي
تطول عرانينُهم غَيْرةً / إذا ما استعير اسمها وادُّعي
رجالٌ تقوم وراءَ النساء / فيحمِي اللثامُ عن البُرقُعِ
أدرْ يا نديميَ كأسَ المدام / فكأسيَ بعدهُمُ مدمعي
فإن كان حدُّك فيها الثلاثَ / فإنيَ أشرب بالأربَعِ
وزَورٍ ولسنا بمستيقظينَ / ببطن العقيقِ ولا هُجَّعِ
تُرفِّعنا جاذباتُ السُّرى / وتخفضنا فترةُ الوُقَّعِ
سَرَى يتبعُ النَّعفَ حتى أطابَ / حثيثَ الترابِ على ينبُعِ
فبلَّ الغليلَ ولم يُروِه / وأعطَى القليلَ ولم يمنعِ
يدٌ نصعتْ لسوادِ الظلام / ومن لك بالأسودِ الأنصعِ
تبَرَّعَ من حيث لم أحتسبْ / بها وسقَى حيث لم أشرَعِ
رأى قلقي تحتَ أرواقه / فدلَّ الخيال على مضجعِي
نذيريَ من زمنٍ بالعتا / ب عن خُلْقِه غيرِ مسترجعِ
ومن حاكم جائرٍ طينُه / على طابع الحق لم يُطبَعِ
يميلُ على الحُمُر المقرَباتِ / ويغضب للأسمرِ الأجدعِ
يكاثرني واحداً بالخطوب / ويحملُ منّي على أَضلَعِ
ويأكلني بتصاريفه / فها أنا أفنَى ولم يشبعِ
وكم قام بيني وبين الحظوظِ / وقد بلغتني فقال ارجعي
ولاحظني في طريق العلا / أمُرُّ على الجَدَدِ المهيعِ
فقال لشيطانه قم إلي / ه فاحبس به الركب أو جعجعِ
فلا هو في عَطَني ممسكي / ولا تاركي سارحاً أرتعي
أبغداد حُلتِ فما أنتِ لي / بدارِ مَصيفٍ ولا مَربعِ
صفِرتِ فما فيك من دَرَّةٍ / يقوم بها رمقُ المرضَعِ
ودفَّعَت البَصرةُ المجدَ عن / ك حتّى ضعُفتِ فلم تدفعي
فمال إليها فشلَّ الصلي / فَ عنكِ وملتفَتَ الأخدعِ
فخلِّي لنا نحوها طرفَنا / وطِيرِي لنا حَسداً أو قَعي
إلى كم يُزخرَفُ لي جانباك / خداعاً ولو شئتُ لم أُخدعِ
وكم أسترقّ على شاطئيك / بمغربِ شمسك والمطلِعِ
وتهتفُ دِجلةُ بي والفراتُ / حذارِ من الآجن المنقعِ
وتربة أرضِك لا تسمحنَّ / بحمرائها للثرى الأسفعِ
ويرتاح وجهي لبَرد النسيم / ونارُ الخصاصةِ في أضلعي
وما أنتِ إلا وميضُ السراب / على صفحة البلد البلقعِ
وما ليَ أقمحُ مِلحَ المياه / إذا كنتُ أشربُ من أدمعي
وهل قاتلي بلدٌ أن أقيم / إذا خُطَّ في غيره مصرعي
حفِظتُكِ حتى لقد ضِعتُ فيكِ / فخفَّض حبُّكِ من موضعي
ولو كنتُ أنصفتُ نفسي وقد / قنعتُ بأهلكِ لم أقنعِ
غداً موعدُ البين ما بيننا / فما أنتِ صانعة فاصنعي
عسى اللّه يجعلها فُرقةً / تعود بأكرم مستجمَعِ
وتأوي لهذي الأماني العِطاشِ / فتأوي إلى ذلك المشرعِ
ويسعدها الحظّ من ظل ذي ال / سعادات بالجانب الممرِعِ
فيرعى الوزيرُ لها ابنُ الوزي / رِ ما ضاع عندكِ لمّا رُعي
سيعصِفُ حادي القوافي لها / هُبوباً إلى الملِكِ الأروعِ
فتُنصَرُ بالمحتمَى المتَّقَى / وتُجبَرُ بالرازق الموسِعِ
فتىً عشق المجدَ لما سَلاَ / وعاش به الفضلُ لما نُعِي
وجمَّع من فِرَقِ المكرماتِ / بدائدَ لولاه لم تُجمَعِ
غلامٌ أنافَ بآرائه / على كلّ كهلٍ ومستجمِعِ
ومدّ بباع ابن ستين وهو / بباع ابن عشرين لم يذرَعِ
ودلّ بمعجزِ آياتِهِ / على قدرة الخالق المبدعِ
نوافرُ قرّت له لم تجزْ / بظنٍّ ولم تمش في مطمعِ
رأى اللّهُ تكليفَه شرعَها / فقال له بهما فاصدَعِ
سقى كلّ ضدّين ماء الوفاقِ / بكأسِ سياسته المترَعِ
فخيسُ الأسودِ كناسُ الظبا / ء والماءُ والنارُ في موضعِ
وجمَّاء من سَرح أمّ اليتي / م تنهَلُ والذئبَ من مكَرعِ
وسدّ بهيبته في الصدور / مسَدَّ الظُّبا والقنا الشُّرَّعِ
فلو لطم الليثَ لم يفترِسْ / ولو وطِىء الصِّلَّ لم يَلسَعِ
سل البَصرةَ اليومَ من ذا دعا / لها وبأيّ دُعاءٍ دُعِي
وكيف غدا جَنّةً صيفُها / وكانت جحيماً على المرتعِ
ومن ردّها وهي أمّ البلا / د أُنساً على وحشة الأربُعِ
محرَّمة أن يحومَ الزمانُ / عليها بأحداثه الوُقَّعِ
وكانت روائعُ أخبارها / متى يَروِها ناقلٌ يُفزِعِ
طلولاً تَناعبُ غربانُها / إذا الديك أَصبحَ لم يَصْقَعِ
يرى المرء من دمه في قميصِ / أخيه صبائغَ لم تنصَعِ
فكم رِحمٍ ثَمَّ مقطوعةٍ / ولو ربَّها الحزمُ لم تُقطَعِ
ومن طامعٍ في الموَلَّى عليه / ولو سيس بالعدل لم يطمَعِ
رأى اللّهُ ضيعتها في البلاد / فأودعَها خيرَ مستودَعِ
وردّ لها الشمسَ بعد الغروبِ / بغيرِ عليٍّ ولا يُوشَعِ
فبلِّغ ربيعةَ إن جئتَها / وسعداً وأسمعْ بني مِسْمَعِ
ضعي أهَبَ الحرب واستسلمي / لمالكِ أمرك واستضرعي
ويكفيكِ منتقِعاً في الحدي / د أن تأبُري النخلَ أو تزرعي
فقد منع السَّرحَ ذو لِبدتين / متى ما يُهَجْهَجْ به يُوقعِ
وسَدّت عليك مَجازَ الطري / ق مسحبةُ الأرقمِ الأدلعِ
وضمَّ عراقَكِ من فارس / شريفُ المغارس والمَفرَعِ
بطيء عن السوء ما لم يُهَجْ / فإن ير مَطعمةً يُسرعِ
من القوم تعصِف أقلامُهم / لواعب بالأسلِ الزعزعِ
وتقضي على خرزات الملوك / عمائمُهم وهي لم توضَعِ
ويقعَص بالبطل المستميت / لسانُ خطيبهم المِصقعِ
إذا ادّرعوا الرَّقْمَ والعبقرِيَّ / سطَوا بالترائك والأدرعِ
لهم في الوزارة ما للبرو / ج في الأفْق مِن مطلِعٍ مطلِعِ
مواريثُ مذ لبسوا فخرَها / على أوّل الدهر لم يُنزَعِ
هُمُ ومنابتُ هذي الملوك / من النبع والناسُ من خِروعِ
تصلصلَ من طينها طينُهُم / كما الماءُ والماءُ من مَنبَعِ
قُرِنتم بهم في شبابِ الزمانِ / قرينةَ عادٍ إلى تُبَّعِ
فمن قال آلُ بويه الملوكُ / هُمُ آلُ عباسَ لم يُدفَعِ
تنوط وزارتُكم ملكَهم / مناطَ المعاصمِ بالأذرعِ
فيا ابن الوزيرين جدّاً أباً / وأثلِثْ إذا شئت أو أربِعِ
إلى حيث لا يجِدُ الناسبون / وراءَ المجرّة من مَرفعِ
بحقٍّ مكانُك من صدرها / وكلّهُمُ غاصبٌ مدّعي
وإني لأعجبُ من عاجزٍ / متى تتصدَّ لها يَطمعِ
ومن مستطيلٍ لها عرقُهُ / إلى غير بيتك لم ينزِعِ
يمدّ لها يدَه أجذَماً / وأين السّوارُ من الأقطعِ
أيا حاميَ الذود ما للعرا / ق أُهمِلَ بعضٌ وبعضٌ رُعي
فمن جانبٍ بلدٌ جُرحُه / بعدلك أُلحمَ لمّا رُعي
ومن جانبٍ بلدٌ لا يرى / لخُرق الصِّبا فيه من مَرتَعِ
وما مِثلُ شمسك ممّا تَخُصُّ / فَعُمَّ البلادَ بها واجمعِ
وبغداد دارُ حقوقٍ عليك / متى ترعَ أيسرها تقنعِ
فسلطانُ عزّك لم يقهر ال / عدا في سراها ولم يقمعِ
وجعفرُ ما جعفر المكرما / تِ لم يسلُ عنها ولم ينزِعِ
وكم جذع منك أقرحته / ومُثَّغرٍ بعد لم يجذَعِ
وأنت وإن كنتَ جنِّبتها / فلم ترعَ فيها ولم ترتعِ
فعندك منها الذي لا يُرَى / محاسنُ تبصَرُ بالمَسمَعِ
فجرِّدْ لها عزمةً كالحسام / متى ما يجِدْ مفصِلاً يقطعِ
فإن الطريق إليها علي / ك غيرُ مُشيك ولا مُسبِعِ
متى رمتها فهي من راحتي / ك بين الرواجب والأشجعِ
بنا ظمأٌ إن جفانا حياك / وواصلنا الغيث لم ينقعِ
فغوثاً فما زلت غوث اللهيف / متى يدع مستصرخاً تسمعِ
ولو لم يكن غير أني أراك / فيفزع فضلي إلى مَفزَعِ
فإن يجمع اللّه هذا الثناءَ / وتلك المكارمَ في مجمعِ
وإن لم أسِرْ فانتشلني إليك / وقُدْني بحبل الثنا أتبعِ
ورِشْ بالنوال جَناحي أطرْ / وبالإذنِ في مَهَلي أُسرِعِ
فما تطرح الأرضُ وفداً إلي / ك أحسنَ عندك من موقعي
ولو ساعد الشوقَ طَولٌ إليك / طلعتُ به خيرَ مستطلَعِ
فغيبةُ مثليَ عن موضعٍ / وإن عزَّ عمرٌ على الموضعِ
وإني لقعدةُ مستفرِهٍ / بصيرٍ ومتعةُ مستمتِعِ
شهابٌ على أنديات الملوك / متى يُقتبَسْ بالندى يلمعِ
وإن لم يبِنْ شبحٌ ذابلٌ / على طودِ ملككم الأتلعِ
فإن القُلامةَ في ضعفها / تعان بها بطشةُ الإصبعِ
لكم في يدي وفمي صارمانِ / بصيرانِ في القول بالمقطعِ
ومن دون ذلك رأيٌ يسد / دُ ناحيةَ الحادثِ المُفظِعِ
ومفضَى الأمانة مني إلى / صفاةٍ من الحفظِ لم تُقرَعِ
فإما علمت وإلا الخبيرُ / فسلْهُ فمثليَ لا يدّعي
بقيت لمعوز هذا الكلام / متى أدعُ عاصيَهُ يَبخَعِ
وحيداً أُحيَّا بها إن حضرتُ / مُدحتُ وإن غبتُ لم أُقذعِ
وهل نافعي ذاك بل ليت لا / يضرّ إذا هو لم ينفعِ
سمعتُ الكثير وما إن سمعتُ / بأكسدَ منّي ولا أضيعِ
لعلك تأوي لها قصةً / إلى غير بابك لم تُرفَعِ
ومَن كنتَ حاكمَ أيّامه / متى يطلب النَّصفَ لا يُمنعِ
متى تصطنعني تجد ما اقترحت / مكان اغتراسك والمصنَعِ
وعذراء سقتُ لكم بُضعَها / ولولا رجاؤك لم تُبضعِ
من المالكات قلوبَ الملو / ك لم تتذلّل ولم تخشعِ
تصلّي القوافي إلى وجهها / فمن ساجداتٍ ومن رُكَّعِ
أقمتُ وقدّمتُها رائداً / فشفِّع وسيلتها شفِّعِ
عصتني الحظوظُ فيا بدر كن / دليلاً على حظّيَ الطيِّعِ
فلا غرو أن أقهرَ الحادثاتِ / ورأيُك لي ولساني معي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025