المجموع : 4
على أيّ لائمةٍ أربعُ
على أيّ لائمةٍ أربعُ / وفي أيِّما سلوةٍ أطمعُ
وقد أُخِذَ العهدُ يوم الرحيل / أمامِيَ والعهدُ مستودَعُ
فقَصرَك يا خادعي من وفائي / لؤمت أعن كرمي أُخدعُ
ويا صاحبي والنوى بيننا / ضلالٌ فطُرقُ الهوى مَهيعُ
لأمرٍ أخوك غدَا صامتاً / على أنه الخاطبُ المِصقعُ
سقى الغيثُ بغدادَ إمّا سقى / لذكرتها جَدَّ بي المدمعُ
وحيَّا بها قمراً ما استقر / رَ بعد فراقي به مطلِعُ
رأى شَهرَ بُعدِي مَحاقاً له / فلم يُغنه العَشرُ والأربعُ
ونومٍ على الطيف عاهدتُه / وقد زار لو أنني أهجعُ
ضحكتُ أهوّن بيني عليه / وعبّس يزري بمن يَفجَعُ
أغرَّكَ بعدَ فراق الوزي / ر أنّي لضرب النوى أخضعُ
أسير وضلع الهوى عند من / تَفِرُّ لفُرقته الأضلعُ
وأسكنُ من وطني بعدَه / إلى حسرةٍ قلّما تُقلعُ
وفي ضمن فرحةِ عَودي جوىً / يدلّ على أنني موجَعُ
أكافِينا كافِيَ الحادثا / تِ سوداً لنا سُمرُها شُرَّعُ
بك انتصر الأدَبُ المستضامُ / وأنشر ميِّتُه المُضجَعُ
سفرتَ بفضلك عن وجهه / وظِلُّ الخمولِ له برقُعُ
إذا المدح ناداه شوق إليك / فناداه بُطئِيَ إذ أُسرعُ
فتحت بجودك عيناً ترى / وفودَك أو أذُناً تسمعُ
أرى مقصداً تم علي / ه عين بعود به المرجَعُ
وقد هزّني والدجى مُسبَلٌ / وأسهرني والورى هُجَّعُ
حوادثُ تغشَى صميمَ الفؤاد / لها في صميم الصفا مَصْدعُ
فلا ربعةٌ زادُها مشبِعٌ / يغذِّي ولا نهلةٌ تنقعُ
سأهجرُ دارَك لا عن قِلىً / كما يهجر المرتعَ المُربِعُ
أودّع دارك عن خبرةٍ / بأيّ غرام غداً أودَعُ
فجودُكَ بالعذرِ والعُرفِ لي / سماحان هذا وذا يُوسِعُ
سيُنسَبُ حسنٌ وقبحٌ إلي / ك حاشاك يَقبُحُ ما تَصنَعُ
ويسألُ عن رِبحيَ المبضعون / وغيرك يخسر ما أبضعُ
رحلتُ ولم أبقِ خَلقاً سواي / إذا اندفع القولُ لا يُدفَعُ
وسُقتُ إليك لسانَ العراقِ / وإنك لَلشاهِدُ المقنِعُ
لسانٌ يصرِّفه في الرجال / طريقٌ على غيره مَسبعُ
إذا هو أحمدَ فالشَّهدُ من / ه والسمُّ من ذمّه مُنقَعُ
وما ينظر الناسُ ماذا رحلتُ / ولكن يراعون ما أرجِعُ
وودَّ أوامرَك العالياتِ / فتىً حافظٌ كلَّ ما يودَعُ
يسرُّك ما اصطنعته يداك / إذا ضاعَ في غيره المَصْنعُ
تهنأ بقابل شهر الصيام / وأحصِدْه خيراً كما تزرعُ
تلابطه شِرَّةُ الظالمين / وأنت له خاشعاً تخشعُ
وسرّك منه الذي ساءَهم / لحفظك في اللّه ما ضيّعوا
ولما برزتَ تُرائي الهلالَ / مضى آيساً منه مَن يَطمَعُ
لأنهُمُ أنكروا أن يَرَوا / هلالاً على قمرٍ يطلعُ
لعلك بالشِّعبِ تعلو اليفاعا
لعلك بالشِّعبِ تعلو اليفاعا / فتؤنسَ من نار هندٍ شُعاعا
تميميَّة لم يكن خطمها / فؤادَك بالوعد إلا خداعا
غدت نظراً لك تُروي العيونَ / وأمست أحاديث تُرعِي سماعا
حذت أمُّ ظبيةَ أمَّ النجومِ / ضياءً لطالبها وارتفاعا
ومن دونها البلدُ المقشعرُّ / يردّ ظباءَ المهارى ضباعا
إذا رمتَه شجرته الرماحُ / فسدّت عليك الثنايا اطلاعا
زرودُ وما جرَّ حبلاً زرو / دُ بيني وبينك إلا انقطاعا
أعيذ هواك وأخذي به ال / وثيقة من كاشح أن يطاعا
ووقفتَنا وهي بكرُ اللقاء / على أجأٍ أن تكون الوداعا
أسام فأُرخصُ بيعَ الصِّبا / وأُغلي بحبّكُمُ أن يباعا
نزعت الشبابَ فما زادني / مشيبيَ نحوكِ إلا نزاعا
ظلِلتُ بنجدٍ يفرُّ الغرا / مُ من أضلعي وأجدُّ اتباعا
وأنشد خرقاءَ بالعاشقين / تمد إلى القتل كفّاً صَناعا
إذا استبطأتْ من دجى ليلةٍ / صباحاً أماطت يداها القناعا
أَلاَ بكرَتْ تستطيبُ الملامَ / وتأمُلُ جاهلةً أن تطاعا
تقول مِراحَك فافطُن له / متى فات لم تستطعه ارتجاعا
تَغنَّمْ من العيش إبَّانَه / وخذ منه حظك ساعاً فساعا
وتعذُلني في اطراح الرجال / سكوناً إلى وحدتي وانقطاعا
ولم تدر أني صبغت الزما / نَ لونيهِ ضرّاً به وانتفاعا
وكاثرتُ مُتعةَ لذّاته / فلم أر ذلك إلا متاعا
ولو شئتُ ما ضاع فيَّ العتابُ / فإنكِ لا تنقلين الطباعا
وكم من أخ قلت أحرزتُه / فلما ملأتُ يدي منه ضاعا
أعالج منه على صحتي / خروقاً أكرُّ عليها الرِّقاعا
أريد لأشعَبَ أضغانَه / وتأبى الزجاجةُ إلا انصداعا
حمى اللّه قوماً على نأيهم / إذا أبطأ النصر جاءوا سراعا
تضمّ الحفيظةُ إحسانهم / على المجد أن يتركوه مُضاعا
بصائرُهم جُمَّعٌ بينهم / ولو أصبحوا بالتعادي شَعاعا
إذا كشحوا بالصدور احتموا / بألسنهم أن يخوضوا القذاعا
تُلين الضروراتُ شُمْسَ النفوس / ويأبون في الضرّ إلا امتناعا
إذا قيل عيشوا شِباعَ البطون / وفي الشِّبَع الذلُّ ماتوا جياعا
بني كلِّ معترَفٍ منكَرٍ / إذا سُلَّ راق وإن هُزَّ راعا
تَقول وليداً له أمُّه / إذا ما أكبّت عليه رَضاعا
رِدِ الموتَ أو كن عَقوقاً وعشْ / إذا أنت كنتَ جواداً شجاعا
بأبناء أيّوبَ حُطَّ السماحُ / فحَلَّ العيابَ وألقَى البَعَاعا
وجاوز أيديَهُم شاكراً / بناناً رِطاباً وبُوعاً وِساعا
كرام ترى سِرّ أعراضهم / مصوناً وسرَّ غناهم مذاعا
إذا أجدبوا خصَّهم جدبُهم / وإن أخصبوا كان خِصباً جِماعا
إذا الخطب أعجز بريَ السيو / ف جاءوه بارين فيه اليراعا
قواطع يُغمدن سِرَّ الصدور / ويُشهرن حيَّاتِ موتٍ تساعي
إذا كذَبتْ في اللقاء الرما / حُ قاموا بها يصدُقون المِصاعا
ظُباً في الأعادي تسيء الصنيعَ / فيُحسن أربابُها الاصطناعا
إذا شهدوا قارعات الخطوب / بها خلتهم يشهدون القِراعا
معالٍ يزيد أبو طالبٍ / سَنَا شمسِها قوّةً واتساعا
ولما رأى كيف طيبُ الأصول / وَفَى مكرماً وأطاب افتراعا
فتىً ملءُ كفك إن جئته / وفاءً إذا العَضْدُ خان الذراعا
ربيع الجناب إذا ما الريا / حُ أَلصقنَ بالوَهَداتِ التِّلاعا
إذا فضَّ نافلةَ الأعطياتِ / توهّم يَقسِم حقاً مشاعا
فلو جئت تسأله نفسَه / لخالك كلَّفته ما استطاعا
إذا نفرت حسناتُ الرجال / شذوذاً أنسنَ عليه اجتماعا
فضائلُ قَرَّحهن الكمالُ / وإن عَدَّ أعوامَ عُمرٍ جذاعا
فَداك قصيرُ المعالي أشلُّ / إذا قاس فِترَ عُلاً طُلتَ باعا
تعلَّق في نسبٍ كنتَ منه / سَراةَ الأديمِ وكان الكُراعا
إذا ما عُدلتَ به لم يزن / ك مثقالَ مجدٍ ولا كال صاعا
ومختلِفِ الودّ خاللتُه / فكان هواه عدواً مطاعا
أراسلُ نابتةَ العرق منه / فضولاً ويقطع مني النخاعا
بك اعتضتُّ من كل مسلوبة / تغصَّبنيها الزمانُ انتزاعا
ودافعتُ هَجمةَ أحداثه / وما كان يملك صدّي دفاعا
فإن هو كافَى البلاء الثناءُ / ضمنتُ نهوضاً به واضطلاعا
وسيّرتُهنّ خِماص البطو / ن لا يبتغين سواك انتجاعا
يقعن بعيداً إذا ما قطعن / بأوعية الشِّعر خَرقاً وقاعا
إذا ما خطرن على روضةٍ / بعرضك زِدنَ عليها رُداعا
دعُوها ترِدْ بعد خمسٍ شُروعا
دعُوها ترِدْ بعد خمسٍ شُروعا / وراخوا علائقَها والنُّسوعا
ولا تحبسوا خُطْمَها أن تطول ال / حِياضَ وأيديَها أن تبوعا
وقولوا دعاءً لها لا عُقِرتِ / ولا امتدَّ دهرُك إلا ربيعا
فقد حملَتْ ونجت أنفساً / كرائمَ جبنَ الأماني سريعا
حملنَ نشاوَى بكأس الغرا / م كلٌّ غدا لأخيه رضيعا
أحبُّوا فُرادى ولكنَّهم / على صيحة البين ماتوا جميعا
حموا راحةَ النوم أجفانَهم / وشدّوا على الزفراتِ الضلوعا
وباتوا بأيديهِمُ يسندو / ن فوق الرحال جُنوباً وُقوعا
وفي الركبِ إن وصلوا لاحقين / عقائلُ يشعَبنَ تلك الصُّدوعا
من الراقصاتِ بحَبِّ القلو / ب حتى يكون الحليمُ الخليعا
قصائدُ لم يصطبغن المياهَ / ولم يحترشنَ اليرابيعَ جُوعا
إذا الحسبُ اعتنَّ في خِنْدِفٍ / مسحنَ ذوائبَه والفروعا
خرقن نفوساً لنا في السجوف / جعلن العيونَ عليها وُقوعا
وصافَحْنَنا بسباط البنا / ن تخضبُ حنّاؤهنّ الدموعا
هوىً لك من منظرٍ لو يدوم / ومن آمر بالمنى لو أطيعا
هبطن أُشَيَّ فظنّ العذول / وقد ذهب الوجدُ أن لا رجوعا
ولا وهواكِ ابنةَ النَّهشَلي / يِ ما زاد في البعد إلا ولوعا
سقاكِ مهاةُ مروِّي العطاشِ / وحيَّا ربوعَكِ عنّي ربوعا
ضمنتُ لهنّ فلم آلهن / نَ قلباً مروعاً وعيناً دَموعا
وقمتُ أناشدُهنَّ العهو / دَ لو يستطعنَ الكلامَ الرجيعا
أسكّان رامةَ هل من قِرىً / فقد دفع الليلُ ضيفاً قَنوعا
كَفاه من الزاد أن تَمهَدوا / له نظراً وحديثاً وسيعا
وأُخرَى وويلُ امّها لو يكو / ن فيها الشبابُ إليكم شفيعا
ألا لا تلُمْ أنت يا صاحبي / ودَعْ كلَّ رائعة أن تروعا
وهبنا لهذا المشيبِ النزا / عَ لا عن قلىً وأطعنا النزوعا
وأورى لنا الدهرُ من مدلهم / مِ ليل الصبابة فجراً صديعا
فليت بياضِيَ أعدى الحظوظَ / فبدَّل أسودَها لي نصيعا
حلفت بها كشقاق القسي / يِ تحسَبُ أعناقَهنّ الضّلوعا
نَواصلُ من بَزِّ أوبارها / سناماً حليقاً وجنباً قريعا
نواحل كلِّ نجاةٍ ألحّ / عليها القطيعُ فصارت قطيعا
يُبحن السُّرى أظهراً في الحبا / ل شامخةً ورقاباً خضوعا
أسلن الرُّبَى في بطون الوها / دِ حتى وصلنَ خُفوضاً رُفوعا
عليهنَّ شحبٌ رقاق الجلو / دِ قد بُدِّلوا بالبياضِ السُّفوعا
تراهم على شعفاتِ الجبا / ل قبلَ الركوع بجَمع ركوعا
رعَوا يَبَس العيش أو كثَّروا / على منسَك الخيف تلك الجموعا
لأتعبَ سعيُ عميد الكفاة / سُرى النجم أو عاد عنه ظليعا
فتى الحرب أين لقيتَ الخطوبَ / بآرائه انصعن عنه رُجوعا
حديدُ الفؤاد وسيعُ الذراع / إذا الناس ضاقوا صدوراً وبوعا
كريم الإباء حليم الصِّبا / تمطَّق بالمجد فوه رضيعا
أصمّ عن الكلم المقذعات / إذا الغِمر كان إليها سميعا
حمى النومَ أجفانَه أن تلَذ / ذَ دون انتهاء المعالي هُجوعا
وكُلِّفَ كبرَى المساعي فقا / م يحملها قبلَ أن يستطيعا
جرت يدهُ سلسلاً في الصدي / ق عذباً وبين الأعادي نجيعا
وأعطى وغار على عرضه / فعُدَّ بذاك وهوباً منوعا
من النَفر البيض تمشي النجو / مُ حيرى إذا واجهوها طلوعا
ميامين يعترضون السنين / عجافاً يدرّون فيها الضُّروعا
إذا أجدبوا خصَّهم جدبهم / وإن أخصبوا كان خِصباً مَريعا
طِوال السواعد شمّ الأنو / ف طابوا أصولاً وطالوا فروعا
رشاقٌ فإن ثأروا مختفين / رأيتهمُ يملأون الدروعا
بنىَ لهم الملكُ فوق السِّماك / على أوّل الدهر بيتاً رفيعا
زليقاً ترى حائماتِ العُيوب / ولو طرن ما شئن عنه وقوعا
بناه على تاجه أردشير / جناباً مَريعاً وجاراً منيعا
وجاء فأشرف عبدُ الرحي / م قُلَّته وبنُوه طلوعا
فداؤك كلُّ أشلِّ الوفاء / إذا كان منّى السرابَ اللموعا
وَصولٌ على العسر من دهره / فإن صافح اليسرَ ولَّى قَطوعا
وكلُّ مصيبٍ على الغِلِّ في / ك قلباً كتوماً ووجهاً مذيعا
خبَى لك من حسدٍ في حشا / ه أفعى فلا مات إلا لسيعا
حملتَ المعالي بسِنّ الفتى / ولم يك حملاً لها مستطيعا
إذا شال في الفخر ميزانهُ / وزنتَ مثاقيلَ أو كلتَ صوعا
زحمتَ بجودك صدرَ الزمان / على ضعف جنبي فأقعى صريعا
وعوَّذتُ باسمك حظّي الأبيَّ ال / حرونَ فأصحَبَ سهلاً مطيعا
كفَيتَ المهمّة من حاجتي / وأعذرتني أن أداري القُنوعا
وسدَّدتَ أكثر خَلّاتِيَ ال / رِغاب فلو قد سددت الجميعا
لعلك مُغنِيَّ عن موردٍ / أرى ماءه الطَّرْق سمّاً نقيعا
جنابٌ ذليل سحبتُ الخمو / لَ عمراً به وارتديتُ الخضوعا
وأغمدتُ فضليَ فيه وكن / تُ أُشهرُ منه حساماً صنيعا
ولو أنصف الحظُّ لم أرضَه / نصيباً ولا قاد مثلي تبيعا
وفي يدكم أن تغاروا عليَّ / وأن تحفظوا فيَّ حقّاً أُضيعا
ظفِرتُ بحقّ المنى فيكُمُ / فما ليَ أرعى الخيالَ الخَدوعا
وغاليتُ أهلَ زماني بكم / فلا تُرخصوا ببياني البيوعا
وضمّوا قَلوصِي إلى سَرحكم / وضُنُّوا على الدهر بي أن أَضيعا
فإنّ سحابةَ إقبالكم / تعيدُ إلى جدب أرضي الربيعا
وكن أنتَ واليَها نعمةً / ومبتدئاً غَرسَها والصنيعا
فقد شهِد المجدُ إلا شبيهاً / لفضلك فيهم وإلا قريعا
وخذ من زمانك كيف اقترح / تَ عمراً بطيئاً وحظّاً سريعا
وعش للتهاني وللمأثُرا / تِ ما ولد الليلُ فجراً صديعا
نشدتُكِ يا بانةَ الأجرعِ
نشدتُكِ يا بانةَ الأجرعِ / متى رفعَ الحيُّ من لعلع
وهل مرَّ قلبيَ في التابعي / ن أم خارَ ضعفاً فلم يَتبَعِ
لقد كان يُطمعني في المُقام / ونيّتُه نيّةُ المزمعِ
وسِرْنا جميعاً وراء الحمُول / ولكن رجعتُ ولم يرجِعِ
فأنّتُه لكِ بين القلوب / إذا اشتبهت أنة الموجَعِ
وشكوى تدلُّ على سقمه / فإن أنتِ لم تُبصري فاسمعي
وأبرحُ من فقده أنّني / أظنُّ الأراكةَ عنّي تعِي
يلوم على وطني وافرُ ال / جوانج ملتئمُ الأضلعِ
يبارح طيرَ النوى لا يفال / بأبترَ منها ولا أبقعِ
وقال الغرام مدىً لا يُرام / فخذْ منه شيئاً وشيئاً دعِ
تصبَّرْ على البين واجزعْ له / ولو كنتُ أصبرُ لم أجزعِ
وفي الركب سمراءُ من عامرٍ / بغير القنا السُّمرِ لم تُمنَعِ
أغيلمةُ الحيِّ من دونها / تجرُّ الذوابل أو تدَّعي
تطول عرانينُهم غَيْرةً / إذا ما استعير اسمها وادُّعي
رجالٌ تقوم وراءَ النساء / فيحمِي اللثامُ عن البُرقُعِ
أدرْ يا نديميَ كأسَ المدام / فكأسيَ بعدهُمُ مدمعي
فإن كان حدُّك فيها الثلاثَ / فإنيَ أشرب بالأربَعِ
وزَورٍ ولسنا بمستيقظينَ / ببطن العقيقِ ولا هُجَّعِ
تُرفِّعنا جاذباتُ السُّرى / وتخفضنا فترةُ الوُقَّعِ
سَرَى يتبعُ النَّعفَ حتى أطابَ / حثيثَ الترابِ على ينبُعِ
فبلَّ الغليلَ ولم يُروِه / وأعطَى القليلَ ولم يمنعِ
يدٌ نصعتْ لسوادِ الظلام / ومن لك بالأسودِ الأنصعِ
تبَرَّعَ من حيث لم أحتسبْ / بها وسقَى حيث لم أشرَعِ
رأى قلقي تحتَ أرواقه / فدلَّ الخيال على مضجعِي
نذيريَ من زمنٍ بالعتا / ب عن خُلْقِه غيرِ مسترجعِ
ومن حاكم جائرٍ طينُه / على طابع الحق لم يُطبَعِ
يميلُ على الحُمُر المقرَباتِ / ويغضب للأسمرِ الأجدعِ
يكاثرني واحداً بالخطوب / ويحملُ منّي على أَضلَعِ
ويأكلني بتصاريفه / فها أنا أفنَى ولم يشبعِ
وكم قام بيني وبين الحظوظِ / وقد بلغتني فقال ارجعي
ولاحظني في طريق العلا / أمُرُّ على الجَدَدِ المهيعِ
فقال لشيطانه قم إلي / ه فاحبس به الركب أو جعجعِ
فلا هو في عَطَني ممسكي / ولا تاركي سارحاً أرتعي
أبغداد حُلتِ فما أنتِ لي / بدارِ مَصيفٍ ولا مَربعِ
صفِرتِ فما فيك من دَرَّةٍ / يقوم بها رمقُ المرضَعِ
ودفَّعَت البَصرةُ المجدَ عن / ك حتّى ضعُفتِ فلم تدفعي
فمال إليها فشلَّ الصلي / فَ عنكِ وملتفَتَ الأخدعِ
فخلِّي لنا نحوها طرفَنا / وطِيرِي لنا حَسداً أو قَعي
إلى كم يُزخرَفُ لي جانباك / خداعاً ولو شئتُ لم أُخدعِ
وكم أسترقّ على شاطئيك / بمغربِ شمسك والمطلِعِ
وتهتفُ دِجلةُ بي والفراتُ / حذارِ من الآجن المنقعِ
وتربة أرضِك لا تسمحنَّ / بحمرائها للثرى الأسفعِ
ويرتاح وجهي لبَرد النسيم / ونارُ الخصاصةِ في أضلعي
وما أنتِ إلا وميضُ السراب / على صفحة البلد البلقعِ
وما ليَ أقمحُ مِلحَ المياه / إذا كنتُ أشربُ من أدمعي
وهل قاتلي بلدٌ أن أقيم / إذا خُطَّ في غيره مصرعي
حفِظتُكِ حتى لقد ضِعتُ فيكِ / فخفَّض حبُّكِ من موضعي
ولو كنتُ أنصفتُ نفسي وقد / قنعتُ بأهلكِ لم أقنعِ
غداً موعدُ البين ما بيننا / فما أنتِ صانعة فاصنعي
عسى اللّه يجعلها فُرقةً / تعود بأكرم مستجمَعِ
وتأوي لهذي الأماني العِطاشِ / فتأوي إلى ذلك المشرعِ
ويسعدها الحظّ من ظل ذي ال / سعادات بالجانب الممرِعِ
فيرعى الوزيرُ لها ابنُ الوزي / رِ ما ضاع عندكِ لمّا رُعي
سيعصِفُ حادي القوافي لها / هُبوباً إلى الملِكِ الأروعِ
فتُنصَرُ بالمحتمَى المتَّقَى / وتُجبَرُ بالرازق الموسِعِ
فتىً عشق المجدَ لما سَلاَ / وعاش به الفضلُ لما نُعِي
وجمَّع من فِرَقِ المكرماتِ / بدائدَ لولاه لم تُجمَعِ
غلامٌ أنافَ بآرائه / على كلّ كهلٍ ومستجمِعِ
ومدّ بباع ابن ستين وهو / بباع ابن عشرين لم يذرَعِ
ودلّ بمعجزِ آياتِهِ / على قدرة الخالق المبدعِ
نوافرُ قرّت له لم تجزْ / بظنٍّ ولم تمش في مطمعِ
رأى اللّهُ تكليفَه شرعَها / فقال له بهما فاصدَعِ
سقى كلّ ضدّين ماء الوفاقِ / بكأسِ سياسته المترَعِ
فخيسُ الأسودِ كناسُ الظبا / ء والماءُ والنارُ في موضعِ
وجمَّاء من سَرح أمّ اليتي / م تنهَلُ والذئبَ من مكَرعِ
وسدّ بهيبته في الصدور / مسَدَّ الظُّبا والقنا الشُّرَّعِ
فلو لطم الليثَ لم يفترِسْ / ولو وطِىء الصِّلَّ لم يَلسَعِ
سل البَصرةَ اليومَ من ذا دعا / لها وبأيّ دُعاءٍ دُعِي
وكيف غدا جَنّةً صيفُها / وكانت جحيماً على المرتعِ
ومن ردّها وهي أمّ البلا / د أُنساً على وحشة الأربُعِ
محرَّمة أن يحومَ الزمانُ / عليها بأحداثه الوُقَّعِ
وكانت روائعُ أخبارها / متى يَروِها ناقلٌ يُفزِعِ
طلولاً تَناعبُ غربانُها / إذا الديك أَصبحَ لم يَصْقَعِ
يرى المرء من دمه في قميصِ / أخيه صبائغَ لم تنصَعِ
فكم رِحمٍ ثَمَّ مقطوعةٍ / ولو ربَّها الحزمُ لم تُقطَعِ
ومن طامعٍ في الموَلَّى عليه / ولو سيس بالعدل لم يطمَعِ
رأى اللّهُ ضيعتها في البلاد / فأودعَها خيرَ مستودَعِ
وردّ لها الشمسَ بعد الغروبِ / بغيرِ عليٍّ ولا يُوشَعِ
فبلِّغ ربيعةَ إن جئتَها / وسعداً وأسمعْ بني مِسْمَعِ
ضعي أهَبَ الحرب واستسلمي / لمالكِ أمرك واستضرعي
ويكفيكِ منتقِعاً في الحدي / د أن تأبُري النخلَ أو تزرعي
فقد منع السَّرحَ ذو لِبدتين / متى ما يُهَجْهَجْ به يُوقعِ
وسَدّت عليك مَجازَ الطري / ق مسحبةُ الأرقمِ الأدلعِ
وضمَّ عراقَكِ من فارس / شريفُ المغارس والمَفرَعِ
بطيء عن السوء ما لم يُهَجْ / فإن ير مَطعمةً يُسرعِ
من القوم تعصِف أقلامُهم / لواعب بالأسلِ الزعزعِ
وتقضي على خرزات الملوك / عمائمُهم وهي لم توضَعِ
ويقعَص بالبطل المستميت / لسانُ خطيبهم المِصقعِ
إذا ادّرعوا الرَّقْمَ والعبقرِيَّ / سطَوا بالترائك والأدرعِ
لهم في الوزارة ما للبرو / ج في الأفْق مِن مطلِعٍ مطلِعِ
مواريثُ مذ لبسوا فخرَها / على أوّل الدهر لم يُنزَعِ
هُمُ ومنابتُ هذي الملوك / من النبع والناسُ من خِروعِ
تصلصلَ من طينها طينُهُم / كما الماءُ والماءُ من مَنبَعِ
قُرِنتم بهم في شبابِ الزمانِ / قرينةَ عادٍ إلى تُبَّعِ
فمن قال آلُ بويه الملوكُ / هُمُ آلُ عباسَ لم يُدفَعِ
تنوط وزارتُكم ملكَهم / مناطَ المعاصمِ بالأذرعِ
فيا ابن الوزيرين جدّاً أباً / وأثلِثْ إذا شئت أو أربِعِ
إلى حيث لا يجِدُ الناسبون / وراءَ المجرّة من مَرفعِ
بحقٍّ مكانُك من صدرها / وكلّهُمُ غاصبٌ مدّعي
وإني لأعجبُ من عاجزٍ / متى تتصدَّ لها يَطمعِ
ومن مستطيلٍ لها عرقُهُ / إلى غير بيتك لم ينزِعِ
يمدّ لها يدَه أجذَماً / وأين السّوارُ من الأقطعِ
أيا حاميَ الذود ما للعرا / ق أُهمِلَ بعضٌ وبعضٌ رُعي
فمن جانبٍ بلدٌ جُرحُه / بعدلك أُلحمَ لمّا رُعي
ومن جانبٍ بلدٌ لا يرى / لخُرق الصِّبا فيه من مَرتَعِ
وما مِثلُ شمسك ممّا تَخُصُّ / فَعُمَّ البلادَ بها واجمعِ
وبغداد دارُ حقوقٍ عليك / متى ترعَ أيسرها تقنعِ
فسلطانُ عزّك لم يقهر ال / عدا في سراها ولم يقمعِ
وجعفرُ ما جعفر المكرما / تِ لم يسلُ عنها ولم ينزِعِ
وكم جذع منك أقرحته / ومُثَّغرٍ بعد لم يجذَعِ
وأنت وإن كنتَ جنِّبتها / فلم ترعَ فيها ولم ترتعِ
فعندك منها الذي لا يُرَى / محاسنُ تبصَرُ بالمَسمَعِ
فجرِّدْ لها عزمةً كالحسام / متى ما يجِدْ مفصِلاً يقطعِ
فإن الطريق إليها علي / ك غيرُ مُشيك ولا مُسبِعِ
متى رمتها فهي من راحتي / ك بين الرواجب والأشجعِ
بنا ظمأٌ إن جفانا حياك / وواصلنا الغيث لم ينقعِ
فغوثاً فما زلت غوث اللهيف / متى يدع مستصرخاً تسمعِ
ولو لم يكن غير أني أراك / فيفزع فضلي إلى مَفزَعِ
فإن يجمع اللّه هذا الثناءَ / وتلك المكارمَ في مجمعِ
وإن لم أسِرْ فانتشلني إليك / وقُدْني بحبل الثنا أتبعِ
ورِشْ بالنوال جَناحي أطرْ / وبالإذنِ في مَهَلي أُسرِعِ
فما تطرح الأرضُ وفداً إلي / ك أحسنَ عندك من موقعي
ولو ساعد الشوقَ طَولٌ إليك / طلعتُ به خيرَ مستطلَعِ
فغيبةُ مثليَ عن موضعٍ / وإن عزَّ عمرٌ على الموضعِ
وإني لقعدةُ مستفرِهٍ / بصيرٍ ومتعةُ مستمتِعِ
شهابٌ على أنديات الملوك / متى يُقتبَسْ بالندى يلمعِ
وإن لم يبِنْ شبحٌ ذابلٌ / على طودِ ملككم الأتلعِ
فإن القُلامةَ في ضعفها / تعان بها بطشةُ الإصبعِ
لكم في يدي وفمي صارمانِ / بصيرانِ في القول بالمقطعِ
ومن دون ذلك رأيٌ يسد / دُ ناحيةَ الحادثِ المُفظِعِ
ومفضَى الأمانة مني إلى / صفاةٍ من الحفظِ لم تُقرَعِ
فإما علمت وإلا الخبيرُ / فسلْهُ فمثليَ لا يدّعي
بقيت لمعوز هذا الكلام / متى أدعُ عاصيَهُ يَبخَعِ
وحيداً أُحيَّا بها إن حضرتُ / مُدحتُ وإن غبتُ لم أُقذعِ
وهل نافعي ذاك بل ليت لا / يضرّ إذا هو لم ينفعِ
سمعتُ الكثير وما إن سمعتُ / بأكسدَ منّي ولا أضيعِ
لعلك تأوي لها قصةً / إلى غير بابك لم تُرفَعِ
ومَن كنتَ حاكمَ أيّامه / متى يطلب النَّصفَ لا يُمنعِ
متى تصطنعني تجد ما اقترحت / مكان اغتراسك والمصنَعِ
وعذراء سقتُ لكم بُضعَها / ولولا رجاؤك لم تُبضعِ
من المالكات قلوبَ الملو / ك لم تتذلّل ولم تخشعِ
تصلّي القوافي إلى وجهها / فمن ساجداتٍ ومن رُكَّعِ
أقمتُ وقدّمتُها رائداً / فشفِّع وسيلتها شفِّعِ
عصتني الحظوظُ فيا بدر كن / دليلاً على حظّيَ الطيِّعِ
فلا غرو أن أقهرَ الحادثاتِ / ورأيُك لي ولساني معي