ألا أيها القلبُ لا تيأسِ
ألا أيها القلبُ لا تيأسِ / وأيتها النفسُ لا تيأسي
أَئِنْ نفرُّوا الظبيَ لم تأنسا / لوحشةِ ليلي فلم آنسِ
وضاقتْ بي الأرضُ حتى كأني / من الضيقِ أمسيتُ في محبسٍ
دعاهُ يُحَجَّبْه داجي الهموم / فما تطلعِ الشمسُ في الحِندِسِ
وإلا تُعينا على سلوةٍ / فصبراً على الأعينِ النُعسِ
عهدتكما طائري بانةٍ / وعودكما خَضِرٌ مكتسي
فأيبسهُ حرُّ هذا الهوى / وماء الصبا فيهِ لم ييبسِ
وسامكما الشوقُ هذا الهوان / وساءكما في الهوى ما يُسي
وإني ليحزنني بعدَ ذاكَ / أن يذهبَ الحبُّ بالأنفسِ
فيا أنسَ اللهُ أهل الهوى / ومن يخلقونَ بلا مؤنسِ
ترى الصبَّ تحسبهُ ميتاً / ضجيعاً على القبرِ لم يُرمسِ
وحسبُ بني الشوقِ أن يعرفوا / بذلَ رؤسهمُ النُّكسِ
لقد ضلَّ بينَ الهوى والعيونِ / رأيُ الفتى الحازم الأكيسِ
كما ضيعَ العقلُ أهلَ العقولِ / بينَ المدامةِ والأكؤسِ
فيا كوكبَ الصبحِ إما بزغتْ / تألق تاجاً على الأرؤسِ
ويا طلعةَ البدرِ إما سفرتِ / كما تسفرُ الخودُ في المجلسِ
ويا غادةَ الروضِ إما جررتِ / ذيولَ الحرائرِ والسندسِ
ويا أُذُنَ الريحِ إما وعيتِ / سلامَ ذوي الكلفِ البؤَّسِ
ويا شفةَ الوردِ إما لثمتِ / عيوناً تفتحُ في النرجسِ
ويا لمةَ الآسِ فينانة / كُلَمَّةِ ذي الصَّيِّدِ الاشوسِ
ويا قضبَ البانِ مياسةٌ / ترنحُ كالأهيفِ المحتسي
خذي للمحجبِ عني السلامَ / وقولي نسيتَ فتىً ما نسي