وَقَفْتَ تُجدِّد آثارَها
وَقَفْتَ تُجدِّد آثارَها / وتُنْشِرُ للعُرْب أشْعَارَها
وتَرْجِعُ بَغْدادَ بعد الفَنَاءِ / تُحدِّثُ للنَّاسِ أَخْبارَها
وتَبْعَثُ حَسَّان من رَمْسِهِ / وتُحيِي عُكاظَ وسُمَّارها
بشِعْرٍ له نَبَراتٌ تَهُزُّ / نِياطَ القُلوبِ وأوْتَارها
أطاعَتْ قوافِيه بَعْد الشِّماسِ / جَرِيءَ القريحةِ جَبَّارَها
ونَظْمٍ له نَفَحَاتُ الرِّياضِ / إذَا نَقَّط الطَّلُّ أزهارَها
فمِن حِكمةٍ عَلَّمتْها السِّنُونَ / حِوارَ النفُّوسِ وإِسْرَارَها
لها صَفْحَةُ الْكَوْن مَنْشورةٌ / يُتَرْجم بالشّعر أَسْطارَها
وتَشْبِيبِ لاهٍ لَعُوبِ الشَّبابِ / يُناجي السّماءَ وأقْمارَها
تراه وَظِلُّ الصِّبَا وارفٌ / جَموحَ العَرِيكةِ مَوَّارَها
يُغنى كمَا صَدَحت أيْكةٌ / وقد نَبَّةَ الصبحُ أطْيارها
ويَبْكِي فَيُبكي رُسومَ الديارِ / حَنَاناً عَليه وآثارها
ويَنْسَبُ حتى يَلينَ الهَوَى / وتَقْضي الصّبَابةُ أوْطارها
وتنْسَى الكواعبُ آيَ الحِجابِ / وتَبْكِي العَجائزُ أعمارَها
وتَصْويرِ طَبٍ صنَاع اليَدَيْن / حَبَتْه الطَّبيعةُ أَسرارها
كأنَّ رُفائيلَ في كَفِّهِ / يُعيدُ الفُنونَ وأَعْصارها
يُريك إذا خَطَّ في طِرْسِه / حياةَ القُرون وأدْوَارها
ويَرْسُم أندُلُساً باليَرَاعِ / فتلمِسُ كفُّك أَسْوارها
وإِن وَصَف الحربَ خِلْتَ الْحِرابَ / تَسُدُّ من الأرض أقطارها
فتُمْسِكُ جَنْبك ذُعراً تخافُ / قَناها وتَرْهَبُ بتَّارها
أشَوْقيِ وأنت طَبيبُ النُّفوسِ / وَضَعْت عن النفس آصارَها
نَصَرْتَ الفَضيلةَ مِن بَعْدِ أنْ / طَوَاها الزمانُ وأنْصَارَها
وجِئْتَ لمِصْرَ كعيسى المسيحِ / تُفَتِّحُ للنّورِ أَبْصَارَها
بآيٍ تُفَصِّلَها مُحْكَمَاتٍ / كأنَّ مِنَ الوَحْيِ أَفْكارَها
تَرُدُّ الشبِيبَةَ للصالحاتِ / وتَرْجِعُ للدِّين هَتَّارها
جَزَيْتُ بِشِعْرِك شعراً وهل / تُجازِي الخمائلُ أمطارَها
فكنتَ شَريفَ قَوافي البَيانِ / وكنتُ بِفَضْلك مِهْيارَها
فَغرِّد كما شِئْتَ لا فُضّ فُوكَ / وعِش بَطَلَ الضّادِ مِغْوارها