هَجَرتُ الهَوى أيما هَجْرَه
هَجَرتُ الهَوى أيما هَجْرَه / وعفت الغواني والخَمْرَهْ
لَوَتْني عن وصلها سَكْرة / بكأس الضنا أيّما سكْرَهْ
وبنتُ المنية تنتابني / هدوّاً وتطرقني سُحْرهْ
إذا وردتْ لم تَزَعْ وردَها / عن القلب حجبٌ ولا سترهْ
كأن لها ضرماً في الحشى / وفي كل عضو لها جَمْرهْ
إذا لم تَرُحُ أصلا في العشى / فأقصى مواعدها بكرهْ
لها قدرة في جسوم الأنام / حباها بها اللّه ذو القدرهْ
فقد سلبت أعظمي نَحْضَهَا / ولم تَترِكْ من دمي قطرهْ
تَعَلَّلْت باسم سواها لها / كأنْ ليس لي باسمها خبرهْ
فطوراً القّبها سخنة / وَطَوراً ألقّبها فترهْ
وقد أعقبْت خُلقي حدّةً / وأورثني إلفها ضجرهْ
فللعبد إن غاظني لطمة / وللحُسرَ إن ساءني زَجْرهْ
أسَائلُ أهلي عن سحنتي / وأمنهم نظرةً نظرهْ
فأجزع إن قيل لي حمرة / وأشفق إن قيل لي صفرهْ
وصرتُ إذا جُعْتُ يوماً ظللت / كأن على كبدي شفره
ويربو الطحال إذا ما شَبعت / فتعلو الترائب والصدرهْ
فأمسي كأني من معدتي / لبست الثياب على زُكرَهْ
إذا ما رأيت امرأً مطْلَقا / له الأكل تخنقني العَبرهْ
وقالوا شفاؤك في حْمَيةٍ / تعود عليك بها النضرهْ
كأني في منزلي مخْصِبا / ببلقعة جدبة قفرهْ