هو البدرُ فِي فَلَكِ المَجْدِ دارا
هو البدرُ فِي فَلَكِ المَجْدِ دارا / فما غَسَقَ الخطبُ إِلّا أَنارَا
تَجَلَّى لَنَا فَأرَتْنَا السُّعودُ / غُيُوبَ المُنى فِي سناهُ جِهارا
وأَوْفَى فكادَتْ صَوَادِي القُلوبِ / تفوتُ العُيونَ إِلَيْهِ بِدارا
وحَلَّ فَحَلَّتْ جِسامُ الفُتُو / حِ تَبْأَى اخْتِيالاً وتُزْهى افْتِخارا
وحَقَّ لَهُ اليومَ رِقُّ الكرا / مِ طَوْعاً ورِقُّ العُداةِ اقْتِسارا
فَيا رُبَّ غايَةِ مَجْدٍ شَأَوْتَ / إِلَى فَخْرِها مُعْجِزاً أَنْ تُجارى
ومن يَسْمُ فِي ذِرْوَتَيْ حِمْيَرٍ / ويَحْتَلَّ من يَمَنِ المُلْكِ دارا
يُنازِعْ إِلَى شِبْهِ ذَاكَ السَّناءِ / وتَنْحُ مساعِيهِ ذَاكَ النِّجارا
وحَسْبُ الخليفةِ إِيثارُهُ / لكُمْ دونَ هَذَا الأَنامِ اقْتِصارا
تَنَقَّاكُمَا عامِرِيَّيْنِ قاما / بأَعبائِهِ فاسْتَجَدَّا الفَخارا
فلَمْ يَأْلُ بحبوحَةَ الملكِ حَظّاً / ولا ادَّخَرَ المسلمينَ اختيارا
رمى بكَ بَحرَ الأَعادِي وأَدْنى / من المُلْكِ حاجِبَهُ مُسْتَشارا
فكانَ الحسامَ وكُنْتَ السِّنانَ / وَكَانَ الشِّعارَ وكنتَ الدِّثارا
ولأْلأَ منهُ عَلَى الدِّينِ نُوراً / وأَضْرَمَ منكَ عَلَى الشِّرْكِ نارا
فأَوْلَيْتَ نُعْماهُ فِي اللهِ عَزْماً / ترى النَّصْرَ يَقْدُمُهُ حَيْثُ سارا
فصُنْتَ العُلا وأَبَحْتَ النَّدى / وحُطْتَ الهُدى وحميتَ الذِّمارا
فأَصبحَ سيفُكَ للدينِ حِصْناً / وأَمسى سِنانُكَ لِلْثَّغْرِ جارا
وَفِي شَنْتِ ياقُبَ أَوْرَدْتَها / شوارِبَ يَبْغِينَ فِي البحرِ ثارا
فسِرْتَ هِلالاً تُبارِي الهِلالَ / إِلَيْها وبَحْراً يخوضُ البِحارا
وشمساً تَطَلَّعُ بالمَغْرِبَيْنِ / بحيثُ تُوافِي ذُكاءُ الغُبارا
فما رِمْتَ حَتَّى عَلَتْ جانِباها / بأَيدِي المَذَاكِي عَجاجاً مُثارا
تهُبُّ بِهَا فِي الهواءِ الرِّيا / حُ إِمَّا دُخاناً وإِما غُبارا
وَلَمْ يَسْتَطِعْ ياقُبٌ نَصْرَها / ولا دَفَعَ الخَسْفَ عنهُ انْتِصارا
لَئِنْ غَوَّرَتْ فِي شَغافِ الشّمالِ / لقد أَنْجَدَ الفَتْحُ مِنْها وغَارا
وأَخْلَفَ بِرمُنْدَ منها الرَّجاءُ / وَمَا زادَهُ الشِّرْكُ إِلّا تَبارا
أَطَرْتَ إِلَى ناظِرَيْهِ عَجاجاً / تركتَ بِهِ عَقْلَهُ مُسْتَطارا
فما يعرفُ العَهْدَ إِلّا امْتِراءً / ولا يُوقِنُ العهدَ إِلّا ادِّكارا
ولما ادَّرَعْتَ إِلَيْهِ اليَقِي / نَ لَمْ يَدَّرِعْ منكَ إِلّا الفِرارا
وشامَ غِرَارَيْ حُسامِ المنايا / فما يَطْعَمُ النَّوْمَ إِلّا غرارا
ولَنْيُوشُ أَمْطَرْتَها صائباتٍ / تُصِيبُ النفوسَ وتَعْفو الدِّيارا
هَزَزْتَ إِلَيْها رِماحاً طِوالاً / تُصَيِّرُ أَعمارَ قومٍ قِصارا
فغادَرْتَها فِي ضَمانِ الإِلهِ / ويَمَّمْتَ أعلى وأَنْأَى مَزَارا
وَقَدْ يَفْرِسُ الليثُ أَرْوى الهِضابِ / ويُهْمِلُ حَرْشَ الضِّبابِ احْتِقارا
وخَلَّفْتَ فِيهَا مُبِيدَ الضَّلالِ / يُقَرِّبُها لَكَ ثوباً مُعَارا
يُكَفكِفُ أَدْمُعَ عَيْنٍ سِجاماً / ويُبْرِدُ أَحشاءَ صَدْرٍ حِرَارا
فَإِنْ أَخْطَأَتْهُ كُؤوسُ المنايا / لقد خَلَّدَتْ فِي حَشاهُ خُمارا
وعمَّ بِهَا فتحُكَ الأَرضَ نُوراً / كَمَا ذَرَّتِ الشمسُ فِيهَا النَّهارا
فَعَرِّجْ عَلَى الحَجِّ بالمسلمينَ / بِعُقْبِ اصْطِلامِكَ حَجَّ النَّصارى
فقد نَشَرَتْ مِصْرُ والقيروانُ / ومَدَّتْ عيونُ الحجازِ انْتِظارا