المجموع : 5
وناهدةٍ تَرَّبَتْ كفُّها
وناهدةٍ تَرَّبَتْ كفُّها / ترائِبَها بِسَحيقِ العَبيرِ
تصونُ على القطفِ رُمّانَةً / مِنَ النهدِ في غُصْنِ بانٍ نَضيرِ
لَها وَجنَةٌ صُقِلَتْ بِالنَّعيم / وناظرةٌ كُحِلَتْ بِالفتورِ
وَتبسمُ عَن أَقحُوانٍ تُريكَ / على نَوْرِهِ الشمسُ إشراقَ نورِ
كَأَنَّ غَدائِرها المُرسَلاتِ / أسَاوِدَ سابِحةٌ في غَديرِ
فَبِتُّ أُلاطفُ أخلاقَها / كما رُمْتُ تأنيسَ ظبيٍّ نَفورِ
وما قهوةٌ صُفّقَتْ للصَّبوح / بِمِسكٍ ذَكِيٍّ وشَهْدٍ مَشورِ
بِأَطيَبَ مِن فَمِها ريقَةً / إذا بَرَدَ الدُّرُّ فَوقَ النحورِ
قَضَتْ في الصِّبا النَّفسُ أوطارَهَا
قَضَتْ في الصِّبا النَّفسُ أوطارَهَا / وأَبلَغَها الشَّيبُ إِنذَارَها
نَعَمْ وأُجِيلَتْ قِدَاحُ الهوَى / عَلَيها فَقَسَّمْنَ أَعْشارَها
وما غَرَسَ الدَّهرُ في تُربَةٍ / غِراساً ولم يَجْنِ أثمارَهَا
فأفنيتُ في الحربِ آلاتَها / وأَعدَدتُ لِلسِّلم أَوزَارَها
كميتاً لها مَرَحٌ بِالفَتى / إِذا حَثَّ بِاللَّهوِ أَدوارَها
تَناوَلَها الكوبُ مِن دَنِّها / فَتَحسَبُهُ كانَ مِضمارَها
وساقِيةٍ زَرَّرتْ كفُّها / على عُنُقِ الظبيِ أَزرَارَها
تُديرُ بِياقُوتَةٍ دُرَّةً / فَتَغمِسُ في مائِها نَارَها
وَفِتيانِ صِدقٍ كَزُهْرِ النُّجوم / كِرامُ النَّحائزِ أَحرارَها
يُديرونَ راحاً تَفيضُ الكُؤوسُ / على ظُلَمِ اللَّيلِ أنوارها
كَأَنَّ لَها مِن نَسيجِ الحَبَاب / شباكاً تُعَقّلُ أطيارها
وَرَاهِبةٍ أَغلَقَت دَيْرَها / فَكُنّا مَعَ اللَّيل زُوّارها
هَدانا إِلَيها شَذا قَهوَةٍ / تُذيعُ لأَنفِكَ أَسرارَها
فَما فازَ بِالمِسكِ إلّا فتىً / تَيَمّمَ دارِينَ أو دارَها
كَأنَّ نَوافِجَهُ عِندَها / دنانٌ مُضَمَّنًةٌ قارَها
طَرَحتُ بِميزانِها دِرهَمي / فَأَجْرَتْ مِنَ الدّنِّ دينارَها
خَطَبنا بَناتٍ لَها أَربَعاً / لِيَفتَرِعَ اللَّهوُ أَبكارها
مِنَ اللَّائي أَعصارُ زُهْرِ النُّجوم / تكادُ تُطاوِلُ أعمارَها
تُريكَ عَرائِسُها أَيدِياً / طِوالًا تُصافِحُ أخْصَارها
تَفَرَّسَ في شَمِّهِ طيبَها / مُجيدُ الفِراسَةِ فَاختَارَها
فتىً دارَسَ الخمرَ حتَّى دَرى / عَصيرَ الخُمورِ وأَعصارَها
يَعُدّ لما شئتَ من قهوةٍ / سِنيها ويَعرِفُ خَمّارها
وَعُدنا إِلى هالَةٍ أَطْلَعَتْ / عَلَى قُضُبِ البانِ أقمارَها
يَرى مَلِكُ اللَّهوِ فيها الهُّمومَ / تثورُ فيقتلُ ثوّارَهَا
وقد سكّنَتْ حركاتِ الأسى / قيانٌ تُحَرّكُ أوتارها
فَهَذي تُعانِقُ لِي عُودها / وَتِلكَ تُقَبِّلُ مِزمَارَها
وَرَاقِصَةٍ لَقَطَتْ رِجْلُها / حسابَ يدٍ نَقَرَتْ طارَها
وَقَضبٍ مِنَ الشَّمعِ مُصْفَرّةٍ / تُريكَ مِنَ النَّارِ نُوَّارَها
كأنّ لها عمداً صُفّفَتْ / وَقَد وَزَنَ العَدلُ أَقطارَها
تُقِلُّ الدَّياجي عَلَى هامِها / وَتَهتِكُ بِالنُّورِ أَستَارَها
كَأنَّا نُسلِّطُ آجالَها / عَلَيها فتَمحَقُ أَعمارَها
ذَكرتُ صِقِلِّيَّةً والأسى / يُهَيِّجُ لِلنَّفسِ تِذكَارَها
وَمَنزِلَةً للتَّصابي خَلَتْ / وَكَانَ بَنُو الظَّرفِ عُمَّارَها
فَإِن كُنتُ أُخرِجتُ مِن جَنَّةٍ / فَإِنِّي أُحَدِّثُ أَخبَارَها
وَلَولا مُلوحَةُ ماءِ البُكا / حَسِبْتُ دُموعِيَ أَنهَارَها
ضَحِكتُ ابنَ عِشرينَ مِن صَبوَةٍ / بَكيتُ ابنَ ستِّينَ أَوزارها
فَلا تَعظُمَنَّ لَدَيكَ الذُّنوب / فَما زالَ رَبُّكَ غَفَّارها
وَصَفراءُ كَالشَّمسِ تَبدو لَنا
وَصَفراءُ كَالشَّمسِ تَبدو لَنا / مِنَ الكأسِ في هالَةٍ مُستَديرَه
يُلاعِبُها الماءُ في مَزْجِهَا / فَيُضحِكَها عن نُجُومٍ مُنيرَه
إِذا جارَ هَمُّ الفَتى وَاعتَدى / رَأَيتَ بِها نَفْسَهُ مُستَجيرَه
فَتُرْوي صَداهُ وَتُدني مُنَاه / وتُرْدي أساه وَتُحْيي سُرورَه
زُجاجٌ وخَمرٌ وماءٌ كَما / تَقولُ هَيُولى وَنَفْسٌ وصُورَه
أَطِرْ عَنكَ نَوْمَكَ وانظُرْ إِلى / نَهارٍ أَفاضَ على اللَّيل نُورَه
كَأَنَّ دُجَى اللَّيلِ لمَّا استَرق / نَمومٌ مِنَ الصُّبحِ يُفْشي سَريرَه
شَرِبْنَا على وَجْهِ بَدرِ السّماءِ / وَنُسْقى على وجه شَمْسِ الظَهيرَه
بفوّاحةِ النَّوْر مُكّاؤها / يُرَجّعُ في كلّ غُصْنٍ صَفيرَه
مَرَت فَوقَها حَلَبَ المُعْصِرات / رِياحٌ لِكُلِّ سَحابٍ مُثيرَه
كَأَنَّ الفَرَزدَقَ في طَيرها / يُجيبُ عَلى كُلِّ شِعرٍ جَريرَه
قَصَرْنا بها طولَ ليلِ التّمامِ / بِعَيشٍ هَنيءٍ عَدِمْنَا نَظيرَه
كَأنَّ الكؤُوسَ بِأَيدي السَّقاةِ / خُيولٌ عَلى الهَمِّ مِنَّا مُغيرَه
وَطِيبُ النَّعيمِ لَهُ ساعَةٌ / تُعَدُّ وإِن هِيَ طالتْ قَصيرَه
حسانٌ تديرُ بسحرِ الهَوى
حسانٌ تديرُ بسحرِ الهَوى / عيُونَ المها في وُجوهِ البُدورِ
طِوالُ الفروعِ قِصارُ الخطا / ثقالُ الروادفِ هِيفُ الخصورِ
تُطيِّبُ أفواهُهُنَّ الحديثَ / بحُمْرِ الشفاهِ وَبِيضِ الثغورِ
كما مرّ بالوردِ والأقحوانِ / نسيمٌ مشوبٌ بِرَيّا العبيرِ
أَرى الشَّيْخَ يَكْرَهُ في نَفسِهِ
أَرى الشَّيْخَ يَكْرَهُ في نَفسِهِ / مَشِيباً أفاضَ عَلَيهِ النهارا
وضَعفاً يَهُدُّ قُوَى جِسْمِهِ / ويَنقُلُ مِنهُ خُطاهُ قصارا
فَكَيفَ يُجَشِّمُها طِفلةً / يطير بها القلبُ عنه نِفارا
وعارٌ على الشَّيخِ تقريبُهُ / فتاةً ترى قُرْبَةً منه عارا
وقد جُبِلَ الغانياتُ الصّغارُ / على بُغْضِهِنّ الشيوخَ الكبارا