أماطت بذات الخمار الخمارا
أماطت بذات الخمار الخمارا / وصيرت الليل منها النهارا
وجاءت تشمر عن أبلج / كما طلع البدر حين استنارا
وتبسم عن أشنب واضح / كزهر الاقاح إذا ما استنارا
وقد حلك الليل عنا انطوى / ونور الصباح لدينا استنارا
تناول صهباء قانيّة / كأنا نقابل منها شرارا
مشعشة ارجوانية / تدب النفوس اليها افتقارا
كأن النديم إذا عبها / يقبل في طخية الليل نارا
ولم أنس مجلسنا عندها / جلسنا صحاوى وقمنا سكارى
تميل بنا عذبات المدام / ونحن نميس كلانا حيارى
فقامت وقد عاث فيها الهوى / تستر بالعنم الجلنارا
تريع كما ريع ظبي النقا / توجهه خيفة واستتارا
إذ البدر أبصرها والقضيب / تيبس هذا وهذا توارى
سقتنا إلى حين بان الصباح / وفر الدجا من ضياها فرارا
كما فر جيش العدا بالنزال / عن الطهر حيدرة حين غارا
وصي النبي وزوج البتول / حوى في الزمان الندى والفخارا
فياراكبا يمتطي جسرة / تبيد السهول وتفري القفارا
إذا ما انتهى السير نحو الحمى / وجئت من البعد تلك الديارا
وواجهت بعد سراك الغري / فلا تذق النوم إلا غرارا
وقف وقفة البائس المستذل / وسر في الغمار وشم الغبارا
وعفر خدودك في أرضه / وقل يا رعى الله مغناك دارا
فثم ترى النور ملء السما / يعم الشعاع ويغشى الديارا
وقل سائلا : كيف يا قبره / حويت الزمان وحزت الفخارا
وأبلغه يا صاح ! من عبده / سلام محب تنائى ديارا
وأظهر عناك بأبوابه / معفر خديك فيه احتقارا
فمن كان مستأثرا في البلا / سوى حيدر لا يفك الاسارى
دعاه البلا وجفاه الزمان / وفيك من الحادثات استجارا
أبت نفسه الذل إلا لديك / وبعد المهيمن فيك استجارا
فأنت وإن حلت النازلات / فتى لا يضيم له الدهر جارا
أبى أن يباح حماه كما / أبى أن يرى في الحروب الضرارا
وليس المعول إلا عليه / ولا غيره كان لي مستجارا
فان الذي ناط اثقاله / به كلها ووقاه العثارا
خلاصة أهل التقى والوفا / وركن الهدى ودليل الحيارى
علي الذي شهد الله في / فضيلته وارتضاه جهارا
يحل النديّ به حيث حل / ويرحل في إثره حيث سارا
فتى قل بتعظيمه ماتشا / سوى ما ادعته بعيسى النصارى
فدى أحمدا بمبيت الفراش / وصاحبه حيث جاء المغارا
وواخاه أمرا غداة الغدير / من الله نصا به واختيارا
أعز الورى وأجل الملا / محلا وأزكى قريش نجارا
ويا فلك نوح ونار الكليم / وسر البساط الذي فيه سارا
متى ما أضا بارق واختفى / بليل وما حادي العيس سارا